المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بن جبير (1) ، وموسى بن طلحة (2) ، وإبراهيم النخعي (3) وغيرهم. وقيل: يجوز للمرأة، - موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط ٢ - جـ ٣

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ خطة البحث

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأولفي تعريف الفطرة

- ‌دليل من قال الفطرة: الخلقة

- ‌دليل من قال: الفطرة: البداءة، والفاطر البادئ

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل من قال: الفطرة السنة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال الفطرة هي الإسلام

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌دليل من قال الفطرة الميثاق والعهد

- ‌الراجح من هذه الأقوال:

- ‌فرعمناسبة تسمية هذه الخصال خصال الفطرة

- ‌المبحث الثانيذكر خصال الفطرة

- ‌الباب الأولفي الختان

- ‌الفصل الأولفي تعريف الختان

- ‌تعريف الختان في اللغة:

- ‌الختان في الاصطلاح:

- ‌الفصل الثانيفي كيفية الختان

- ‌الفصل الثالثذكر أول من اختتن

- ‌الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الفصل الرابعفي وقت الختان

- ‌أدلة القائلين من سبع إلى عشر

- ‌أدلة القائلين بالاستحباب في اليوم السابع

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل القائلين بكراهة اليوم السابع

- ‌دليل القائلين بأنه يحرم ختانه قبل عشر سنين

- ‌دليل من قال: لا يجب الختان إلا بالبلوغ

- ‌دليل من قال: يجب على الولي أن يختن الصغير قبل البلوغ

- ‌الراجح من الخلاف

- ‌الفصل الخامسفي حكم الختان

- ‌المبحث الأولفي ختان الذكر

- ‌دليل القائلين بأن الختان سنة

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل القائلين بالوجوب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌الدليل التاسع:

- ‌المبحث الثانيفي ختان المرأة

- ‌دليل القائلين بأنه سنة

- ‌دليل القائلين بأنه واجب في حق المرأة

- ‌دليل القائلين بأنه مستحب وليس بسنة

- ‌شبهة وردها:

- ‌فرعفي أنواع الخفاض

- ‌المبحث الثالثفي ختان الخنثى

- ‌دليل القائلين بأنه يختن ولكن من أمته أو زوجته

- ‌دليل القائلين بأن على الإمام أن يزوجه امرأة ختانة

- ‌دليل القائلين لا يجوز ختانه مطلقاً

- ‌دليل من قال يجب ختان فرجيه بعد البلوغ

- ‌الراجح:

- ‌فرعحكم ما لوكان للرجل ذكران

- ‌المبحث الرابعفي حكم ختان الميت

- ‌دليل من قال لا يختن مطلقاً

- ‌التعليل الأول:

- ‌التعليل الثاني:

- ‌التعليل الثالث:

- ‌دليل من قال يختن مطلقا

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل من قال يختن إن كان كبيراً

- ‌الفصل السادسفي من يولد وهو مختون

- ‌دليل من قال يجب إمرار الموسى

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال لا يجب

- ‌فرع

- ‌فرع آخر

- ‌الفصل السابعفي موانع الختان

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌السادس:

- ‌السابعة:

- ‌الفصل الثامنفي عبادة الأقلف

- ‌المبحث الأولفي طهارة الأقلف

- ‌المبحث الثانيفي إمامة الأقلف

- ‌دليل من قال تصح إمامته

- ‌دليل من قال تكره إمامته

- ‌دليل من قال لا تصح صلاته

- ‌المبحث الثالثفي ذبيحة الأقلف

- ‌دليل من قال لا تحل ذبيحته

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال يجوز أكل ذبيحته

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل من قال بالكراهة

- ‌المبحث الرابعفي حج الأقلف

- ‌المبحث الخامسفي شهادة الأقلف

- ‌دليل من قال تقبل شهادته

- ‌دليل من قال ترد شهادته

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الفصل التاسعإجابة الدعوة في وليمة الختان

- ‌دليل من قال بالسنية

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌دليل من قال بالكراهة

- ‌دليل من قال بالإباحة

- ‌الراجح

- ‌الفصل العاشرفي ضمان ما أتلف بالختان

- ‌مذهب الحنفية

- ‌مذهب المالكية:

- ‌المذهب الشافعي:

- ‌المذهب الحنبلي:

- ‌الفصل الحادي عشرفي فوائد الختان

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌السادس:

- ‌السابع:

- ‌الثامن:

- ‌الباب الثانيفي الاستحداد

- ‌تمهيدفي تعريف الاستحداد

- ‌ الاستحداد: لغة

- ‌الاستحداد اصطلاحاً:

- ‌الفصل الأولحكم الاستحداد

- ‌دليل الجمهور على الاستحباب

- ‌دليل القائلين بالوجوب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الراجح من الخلاف:

- ‌فرعإذا قلنا بأن الاستحداد سنة فهل له أن يجبر زوجته على الاستحداد

- ‌الفصل الثانيفي وقت الاستحداد

- ‌دليل من وقت بالأربعين

- ‌وأجاب القائلون بعدم التوقيب عن هذا الحديث

- ‌الفصل الثالثفي كيفية الاستحداد

- ‌دليل من قال السنة الحلق ويكره النتف للجنسين

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌دليل من قال يزيل الشعر بأي شيء

- ‌دليل من قال الحلق للرجل والنتف للمرأة

- ‌الراجح:

- ‌الفصل الرابعفي حلق شعر الدبر

- ‌دليل من قال بالاستحباب

- ‌دليل من قال لا يشرع

- ‌دليل من قال بالإباحة

- ‌الراجح

- ‌الفصل الخامسفي حلق شعر عانة الميت

- ‌دليل من قال بالتحريم

- ‌دليل من قال بالكراهة

- ‌دليل من قال بالجواز أو الاستحباب

- ‌التعليل الأول:

- ‌التعليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الراجح من الخلاف:

- ‌الفرع الأولإذا قيل بجواز حلق عانة الميت فكيف تؤخذ

- ‌الفرع الثانيهل يدفن مع الميت ما أخذ من شعره وظفره

- ‌الفرع الثالثلا يلي حلق العانة أجنبي

- ‌الفرع الرابعفي استخدام النورة

- ‌الباب الثالثفي تقليم الأظفار

- ‌[تمهيد]

- ‌المبحث الأولتعريف تقليم الأظفار

- ‌المبحث الثانيالدليل على أن تقليم الأظفار من سنن الفطرة

- ‌الفصل الأولفي حكم تقليم الأظفار

- ‌الفرع الأولهل يجبر الزوج زوجه على تقليم الأظفار

- ‌الفرع الثانيتوفير الأظفار في الحرب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الفصل الثانيهل يستحب تقليم الأظفار يوماً معيناً

- ‌دليل من قال يستحب التقليم يوم الجمعة

- ‌الدليل الأول

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌دليل من قال: يستحب تقليم الأظفار يوم الخميس

- ‌دليل من قال لا توقيت في تقليم الأظفار والمعتبر طولها

- ‌الفصل الثالثفي كيفية تقليم الأظفار

- ‌دليل الشافعية على تقديم المسبحة ثم الوسطى

- ‌دليل استحباب المخالفة بتقديم الخنصر ثم الوسطى ثم الإبهام

- ‌الخلاصة:

- ‌الفصل الرابعفي إزلة الوسخ التي تحت الظفر

- ‌دليل من قال تجب إزالته ولا يصح الوضوء معه

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌دليل من قال: لا تجب إزالته

- ‌دليل من قال يعفى عن يسير النجاسة في الظفر وغيره

- ‌الراجح

- ‌الفصل الخامسفي دفن الظفر والشعر

- ‌دليلهم على هذا الاستحباب

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الفصل السادسفي من قلم أظفاره هل يعيد الوضوء

- ‌دليل من قال ليس عليه شيء

- ‌دليل من قال عليه الوضوء أو مسحه بالماء

- ‌الراجح

- ‌فرعفي غسل رؤوس الأصابع بعد القص

- ‌الباب الرابعفي نتف الإبط

- ‌الفصل الأولحكم نتف الإبط والتوقيت فيه

- ‌الفصل الثانيفي كيفية نتف الإبط

- ‌الفصل الثالثالوضوء من نتف الإبط

- ‌الباب الخامسفي الشارب

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولحكم قص الشارب

- ‌دليل القائلين بالوجوب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل القائلين بأن قص الشارب سنة

- ‌الفصل الثانيهل يقص الشارب أو يحلق

- ‌دليل من قال: السنة قص الشارب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌الدليل التاسع

- ‌الدليل العاشر

- ‌الدليل الحادي عشر:

- ‌الدليل الثاني عشر:

- ‌الدليل الثالث عشر:

- ‌الدليل الرابع عشر:

- ‌دليل من قال: السنة الحلق

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌دليل من قال بالتخيير بين الحلق والقص

- ‌جواب القائلين بأن السنة القص

- ‌جواب القائلين بالحلق

- ‌الراجح

- ‌فرعكلام أهل العلم في السبالين

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال بقص السبالين

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الفصل الثالثفي التوقيت في قص الشارب

- ‌الباب السادسفي أحكام اللحية

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولما جاء في أن إعفاء اللحية من الفطرة

- ‌الفصل الثانيفي حكم إعفاء اللحية

- ‌المبحث الأولفي تحريم حلق اللحية

- ‌دليل تحريم حلق اللحية

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌دليل من قال بجواز حلق شعر الخدين

- ‌دليل من قال: حلق اللحية مكروه

- ‌المبحث الثانيحكم الأخذ من اللحية

- ‌دليل من كره أن يأخذ من اللحية شيئاً إلا في النسك

- ‌أدلة القائلين بالأخذ من اللحية

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌الدليل التاسع:

- ‌الدليل العاشر:

- ‌الراجح من الأقوال:

- ‌الأدلة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان كثيف اللحية

- ‌الفصل الثالثحلق ما تحت الذقن

- ‌الفصل الرابعفي نتف الشيب

- ‌دليل من قال بالكراهة

- ‌دليل من قال بالتحريم

- ‌دليل من قال بالجواز

- ‌الفصل الخامسفي تغيير الشيب

- ‌المبحث الأولتغيير الشيب بغير السواد

- ‌دليل من قال بالسنية

- ‌الدليل الأول

- ‌الدليل الثاني:

- ‌دليل من قال يباح تغيير الشيب وليس بسنة

- ‌دليل من قال لا يسن تغيير الشيب

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌المبحث الثانيتغيير الشيب بالسواد

- ‌دليل القائلين بالتحريم

- ‌الدليل الأول

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌الدليل السابع:

- ‌الدليل الثامن:

- ‌الدليل التاسع:

- ‌دليل القائلين بكراهة الخضاب بالسواد

- ‌دليل من قال يجوز تغيير الشيب بالسواد

- ‌الدليل الأول:

- ‌الدليل الثاني:

- ‌الدليل الثالث:

- ‌الدليل الرابع:

- ‌الدليل الخامس:

- ‌الدليل السادس:

- ‌دليل القائلين بأنه يجوز للمرأة دون الرجل

الفصل: بن جبير (1) ، وموسى بن طلحة (2) ، وإبراهيم النخعي (3) وغيرهم. وقيل: يجوز للمرأة،

بن جبير

(1)

، وموسى بن طلحة

(2)

، وإبراهيم النخعي

(3)

وغيرهم.

وقيل: يجوز للمرأة، ولا يجوز للرجل، وهو قول إسحاق

(4)

، واختاره الحليمي

(5)

.

‌دليل القائلين بالتحريم

.

‌الدليل الأول

(609 - 173) ما رواه مسلم في صحيحه، قال: حدثني أبو الطاهر، أخبرنا عبد الله بن وهب، عن ابن جريج، عن أبي الزبير،

عن جابر بن عبد الله، قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة، ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد

(6)

.

= إبراهيم، عن أبي سلمة أنه كان يخضب بالسواد.

(1)

روى ابن أبي شيبة (5/ 183) قال: حدثنا وكيع، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن موهب، قال: رأيت نافع بن جبير يختضب بالسواد.

(2)

روى ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 183) حدثنا وكيع، عن عمرو بن عثمان، قال: رأيت موسى بن طلحة يختضب بالوسمة.

وإسناده صحيح، وعمرو بن عثمان هو عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب ثقة.

(3)

روى ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 183) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، قال: لا بأس بالوسمة، إنما هي بقلة.

(4)

جاء في كتاب الوقوف والترجل للخلال (ص: 139): " أخبرنا عبد الله بن العباس، حدثنا إسحاق بن منصور، قال: قلت لإسحاق، قال - يعني ابن راهوية - الخضاب بالسواد للمرأة؟ قال: لا بأس بذلك للزوج أن تتزين له.

(5)

فتح الباري (6/ 499).

(6)

صحيح مسلم (2102).

ص: 411

[الحديث صحيح، واختلف في قوله: وجنبوه السواد]

(1)

.

(1)

هذا الحديث مداره على أبي الزبير، عن جابر.

يرويه عن أبي الزبير زهير بن معاوية، وابن جريج، وليث بن أبي سليم، وعزرة بن ثابت، والأجلح، وأيوب السختياني.

فرواه زهير بن معاوية، وعزرة بن ثابت عن أبي الزبير، عن جابر، ولم يقولوا: وجنبوه السواد، ورواية زهير صريحة أن أبا الزبير لم يذكرها أصلاً في الحديث.

ورواه الباقون بذكرها، والحديث له شواهد سنأتي على ذكرها أثناء تخريج الحديث إن شاء الله تعالى.

والحديث كما سبق مداره على أبي الزبير، عن جابر، ويرويه عنه جماعة كالآتي:

الطريق الأول: زهير بن معاوية عن أبي الزبير.

أخرجه الطيالسي (1753) حدثنا زهير، عن أبي الزبير، قال: قلت له: أحدثك جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي قحافة: غيروا، وجنبوه السواد؟ قال: لا.

وهذه الرواية مختصرة، والنفي في الحديث المقصود به أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل: وجنبوه السواد، وأما الأمر بالتغيير فهو ثابت من طريق زهير فقد أخرجه أحمد (3/ 338)، قال: ثنا حسن وأحمد بن عبد الملك، قالا: ثنا زهير، عن أبي الزبير، عن جابر، قال أحمد في حديثه: ثنا أبو الزبير،

عن جابر، قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي قحافة - أو جاء عام الفتح - ورأسه ولحيته مثل الثغام أو مثل الثغامة. قال حسن: فأمر به إلى نسائه، قال: غيروا هذا الشيب. قال حسن: قال زهير: قلت لأبي الزبير: أقال جنبوه السواد؟ قال: لا.

وأخرجه مسلم (2102) حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو خيثمة، عن أبي الزبير،

عن جابر قال: أتي بأبي قحافة أو جاء عام الفتح أو يوم الفتح، ورأسه ولحيته مثل الثغام، أو الثغامة، فأمر أو فأمر به إلى نسائه قال: غيروا هذا بشيء.

وأبو خيثمة: هو زهير بن معاوية.

وأخرجه ابن الجعد في مسنده (2652) من طريق شبابة، نا أبو خيثمة به.

وأخرجه الطبراني في الكبير (9/ 41) رقم 8327 من طريق عمرو بن خالد الحراني، =

ص: 412

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ثنا زهير به.

واختلف على زهير بن معاوية، فرواه عنه من سبق:

1 -

يحيى بن يحيى عند مسلم.

2 -

أبو داود الطياليسي في مسنده.

3 -

حسن بن موسى عند أحمد.

4 -

أحمد بن عبد الملك عند أحمد.

5 -

شبابة كما في مسند ابن الجعد.

6 -

عمرو بن خالد كما عند الطبراني، ستتهم رووه عن زهير بن معاوية، عن أبي الزبير عن جابر، وليس فيه ذكر السواد، بل في بعضها التصريح على أنها ليست في الحديث.

وخالفهم إبراهيم بن إسحاق بن مهران، فرواه ابن عبد البر في الاستيعاب (1773) من طريق إبراهيم بن إسحاق بن مهران، عن شيخ مسلم يحيى بن يحيى، عن زهير بن معاوية به بذكر:" وجنبوه السواد "، ولا شك أن هذا وهم في رواية زهير بن معاوية، فلو خالف إبراهيم مسلماً وحده لكان ذلك علة، فكيف وقد خالف ستة رواة ممن رووه عن زهير بدونها.

الطريق الثاني: عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير.

أخرجه النسائي في الكبرى (5/ 416) وفي الصغرى (5242) قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالد-وهو ابن الحارث - قال حدثنا عزرة - وهو ابن ثابت - عن أبي الزبير، عن جابر قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بأبي قحافة، ورأسه ولحيته كأنه ثغامة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: غيروا - أو اخضبوا. اهـ هذا لفظ الصغرى، ولفظ الكبرى:" غيروا هذا، خضبوا لحيته "

ولم يقل: وجنبوه السواد. ورجاله إلى أبي الزبير كلهم ثقات أثبات. وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 173) من طريق خالد بن الحارث، ثنا عزرة بن ثابت به.

فهنا ثقتان زهير بن معاوية، وعزرة بن ثابت يرويانه عن أبي الزبير، عن جابر بدون وجنبوه السواد. وفي طريق زهير ينقل عن أبي الزبير أنه يصرح أن قوله:" وجنبوه السواد" ليست في الحديث. =

ص: 413

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ويشهد له ما روه أحمد (6/ 349) وابن حبان (7208) والطبراني في الكبير (24/ 88) رقم 236 من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جدته أسماء وفيه:" غيروا هذا من شعره " ولم يقل: وجنبوه السواد، وسوف يأتي الكلام على هذا الطريق إن شاء الله تعالى.

الطريق الثالث: ابن جريج، عن أبي الزبير.

أخرجه مسلم (2102) قال: حدثني أبو الطاهر، أخبرنا عبد الله بن وهب، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة، ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد.

وأخرجه أبو داود (4204)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (7/ 310) قال: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح وأحمد بن سعيد الهمداني، قالا: ثنا ابن وهب به.

وأخرجه النسائي (5076) قال: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن وهب به.

وأخرجه ابن حبان (12/ 285) رقم 5471 من طريق أبي الطاهر بن السرح، قال: حدثنا ابن وهب به.

وأخرجه البيهقي في الكبرى (7/ 310) وفي شعب الإيمان (5/ 215) من طريق بحر بن نصر، وأبي الطاهر بن السرح عن ابن وهب به.

وأخرجه أبو عوانة (2/ 74) من طريق يونس بن عبد الأعلى وبحر بن نصر كلاهما، عن ابن وهب به.

الطريق الرابع: ليث بن أبي سليم، عن جابر.

أخرجه عبد الرزاق (11/ 154) قال: أخبرنا معمر، عن ليث، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: أتي بأبي قحافه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح كأن رأسه ثغامة بيضاء، فقال: غيروه، وجنبوه السواد.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد (3/ 322)، وأبو عوانة (5/ 514)، والطبراني في الكبير (9/ 40) رقم 8324.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 182) رقم 25000 ومن طريقه أخرجه ابن =

ص: 414

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ماجه (3624) ثنا إسماعيل بن علية، عن ليث به.

وأخرجه أحمد أيضاً (3/ 316) قال: ثنا إسماعيل - يعني ابن علية - به.

الطريق الخامس: الأجلح، عن أبي الزبير.

أخرجه أبو يعلى في مسنده (1819) قال: حدثنا أبو بكر، حدثنا شريك، عن الأجلح، عن أبي الزبير،

عن جابر قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة أتي بأبي قحافة، ورأسه ولحيته كأنهما ثغامة، فقال: غيروا الشيب، واجتنبوا السواد به. وهذا إسناد فيه ضعف من أجل شريك بن عبد الله.

ومن طريق شريك أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 14) رقم 5658، وفي الصغير (483)،

الطريق السادس: أيوب السختياني، عن أبي الزبير.

أخرجه أبو عوانة في مسنده (5/ 513) حدثنا أحمد بن إبراهيم أبو علي القهستاني، قال: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك، قال: ثنا عبد الوارث، عن أيوب، عن أبي الزبير،

عن جابر قال: أتي بأبي قحافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح، وكان رأسه ولحيته مثل الثغامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابعثوا به إلى عند نسائه، فليغيرنه، وليجنبنه السواد.

وهذا إسناد صحيح إلى أبي الزبير.

أحمد بن إبراهيم أبو علي له ترجمة في تاريخ بغداد، قال عنه الخطيب: أحاديثه مستقيمة حسان تدل على حفظه وتثبته. تاريخ بغداد (4/ 9).

وعبد الرحمن بن المبارك من رجال التهذيب، ثقة روى له البخاري. وبقية الإسناد مشهورون.

وأخرجه الطبراني في الكبير (9/ 41) رقم 8326 ثنا يحيى بن معاذ التستري، ثنا يحيى بن غيلان، ثنا عبد الله بن بزيغ، عن روح بن القاسم، عن أيوب السختياني به.

الطريق السابع: مطر بن طهمان الوراق، عن أبي الزبير.

أخرجه الطبراني في الكبير (8325) حدثنا الحسن بن علوية القطان، ثنا إسماعيل بن عيسى العطار، ثنا داود بن الزبرقان، عن مطر الوراق وليث بن أبي سليم، عن أبي الزبير به. =

ص: 415

فقيل: إنها ليست من الحديث، لأن أبا الزبير أنكرها من رواية زهير ابن معاوية عنه، ولم يذكرها عزرة بن ثابت عن أبي الزبير، وإذا اختلف في ثبوتها عن أبي الزبير فإن المرجع هو أبو الزبير، وقد صرح أنها ليست في الحديث.

وثانياً: أن ابن جريج كان يصبغ بالسواد، وهو ممن روى الحديث عن أبي الزبير.

وأجيب:

أولاً: أنه قد رواه جملة من الرواة غير زهير بن معاوية بإثبات: "وجنبوه السواد " منهم ابن جريج وهو في مسلم، وأيوب السختياني عند أبي عوانة بسند صحيح. وليث بن أبي سليم، وأجلح وفي إسناديهما ضعف منجبر، فلا يتصور وقوع إدراج في الحديث؛ لأن الإدراج يحتمل وروده من الواحد، أما من الجماعة فبعيد

وعليه فيكون نفي أبي الزبير محمولاً على نسيانه لها، وهذا قد يحدث

= وهذا إسناد ضعيف جداً، فيه داود بن الزبرقان، وهو متروك، وفيه مطر بن طهمان الوراق كثير الخطأ.

وقد اختلف فيه على مطر بن طهمان.

فرواه داود بن الزبرقان عنه كما سبق.

وأخرجه الطبراني في الكبير (9/ 41) رقم 8328 قال: حدثنا خلف بن عمرو العكبري، ثنا الحسن بن الربيع البوراني، ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، عن مطر بن طهمان الوراق يكنى بأبي رجاء، عن أبي رجاء العطاري،

عن جابر بن عبد الله قال: جيء بأبي قحافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأسه ولحيته كأنها ثغامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهبوا إلى بعض نسائه يغيرنه، قال: فذهبوا به فحمروها.

ص: 416

لبعض الحفاظ الكبار كما هو معروف.

قلت: ليست العلة في الحديث إدراج لفظة: " وجنبوه السواد " إنما علته تردد أبي الزبير، فتارة يثبتها، وتارة ينفيها، ولو كان أبوالزبير يشك في ثبوتها أو يتردد لقيل: من حفظ مقدم على من لم يحفظ، وإذا اختلف على الراوي فتارة يذكرها، وتارة ينفيها كان هذا سبباً في إضعاف روايته، ولا أحمل على أحد من الرواة عن أبي الزبير، وإنما الحمل عليه هو. وأبو الزبير ليس بالمتقن

(1)

.

(1)

قال الخطيب في الكفاية (ص: 138): " ما قولكم فيمن أنكر شيخه أن يكون حدثه بما رواه عنه؟

قيل: إن كان إنكاره لذلك إنكار شاك متوقف، وهو لا يدرى هل حدثه به أم لا فهو غير جارح لمن روى عنه، ولا مكذب له، ويجب قبول هذا الحديث والعمل به؛ لأنه قد يحدث الرجل بالحديث وينسى أنه حدث به، وهذا غير قاطع على تكذيب من روى عنه، وإن كان جحوده للرواية عنه جحود مصمم على تكذيب الراوي عنه، وقاطع على أنه لم يحدثه، ويقول: كذب على فذلك جرح منه له، فيجب أن لا يعمل بذلك الحديث وحده من حديث الراوي، ولا يكون هذا الإنكار جرحاً يبطل جميع ما يرويه الراوي؛ لأنه جرح غير ثابت بالواحد، ولأن الراوي العدل أيضا يجرح شيخه، ويقول: قد كذب في تكذيبه لي، وهو يعلم أنه قد حدثني، ولو قال: لا أدرى حدثته أولا؟ لوقفت في حاله، فأما قوله: أنا أعلم أنى ما حدثته، فقد كذب وليس جرح شيخه له أولى من قبول جرحه لشيخه، فيجب إيقاف العمل بهذا الخبر، ويرجع في الحكم إلى غيره، ويجعل بمثابة ما لم يرو ".

وقال ابن كثير في مختصر علوم الحديث المطبوع مع الباعث الحثيث (1/ 310): " مسألة: وإذا حدث ثقة، عن ثقة بحديث، فأنكر الشيخ سماعه بالكلية:

فاختار ابن الصلاح أنه لا تقبل روايته عنه لجزمه بإنكاره، ولا يقدح ذلك في عدالة الراوي عنه فيما عداه، بخلاف ما إذا قال: لا أعرف هذا الحديث من سماعي، فإنه تقبل روايته عنه، وأما إذا نسيه فإن الجمهور يقبلونه ". اهـ =

ص: 417

قالوا: وأما كون ابن جريج يصبغ، فليس بحجة في قوله ولا في فعله، فالحجة في روايته، فكيف تبطلون ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم بفعل تابعي غير معصوم؟!!!

ثانياً: أن الإمام أحمد قد جاء عنه ما يدل على تصحيحه لهذه اللفظة،

(610 - 174) جاء في كتاب الترجل والوقوف: أخبرني عصمة بن عصام، حدثنا حنبل، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: وأكره السواد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: وجنبوه السواد "

(1)

.

وجَزْمُ إمام أهل السنة بنسبة الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يدل على ثبوته عنده، فلو كان الاختلاف على أبي الزبير مؤثراً لأعله إمام أهل السنة، فإنه في العلل سل به خبيراً.

قلت: فأما كراهيته للسواد فهذا ثابت عن أحمد، لا نزاع في ثبوته عنه، ولا يلزم من كراهيته له أن تكون زيادة:" وجنبوه السواد ثابتة "؛ لأن الإمام قد يأخذ به فقهاً لإمور ودواع أخرى مما يوافق أصوله، ولا يراه ثابتاً من

= لكن يعكر عليه قوله في (ص: 283): " إن أهل العلم كافة اتفقوا على العمل باللفظ الزائد في الحديث إذا قال راويه: لا أحفظ هذه اللفظة، وأحفظ أني رويت ما عداها. الخ

إلا أن يقال: إن قوله: " لا أحفظ ليس بمثابة قوله: أحفظ أني لم أروها، لأن هناك فرقاً بين النفي والإثبات، والله أعلم. وعلى كل حال قد يختلف الحال من راو لأخر، وقد يوجد إنكار لفظة من طريق تثبت من طريق آخر، فكل حالة لها حكم خاص أشبه بزيادة الثقة والشذوذ، ومنه يتبين هل يكون إنكار راويه يبطلها أو لا يبطلها، وقد يعرف من أين أتى الخطأ من الشيخ أو من التلميذ حال تتبع الحكم على الزيادة من جميع الطرق والشواهد، والله أعلم.

(1)

الوقوف والترجل (ص: 138).

ص: 418

ناحية الإسناد، فهذا حديث التسمية في الوضوء يرى الإمام أحمد أنه لا يصح في الباب شيء، ومع ذلك يراه فقهاً، وأمثلة هذا كثيرة.

وأما نسبة الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فجاء من طريق عصمة بن عصام، عن حنبل بن إسحاق، عن أحمد، فلا أظنها تثبت عنه

(1)

.

ثالثاً: أن الإمام مسلماً قد أخرجها في صحيحه، وهو أصح كتاب بعد البخاري، وقد تلقته الأمة بالقبول، وإخراجها في كتابه تصحيح لها، وهذا يدل على أن الحديث ثابت عنده، وكفى بذلك تصحيحاً.

(1)

عصمة بن عصام، له ترجمة في تاريخ بغداد وذكر عنه أنه يروى عن حنبل، ولم يذكر راوياً عنه سوى الخلال، ولم يذكر فيه شيئاً من جرج أو تعديل. تاريخ بغداد (12/ 288).

وأما حنبل فهو وإن كان ثقة في نفسه، إلا أنه تكلم فيما ينفرد به عن أحمد،

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (16/ 405): " وحنبل ينفرد بروايات يغلطه فيها طائفة كالخلال وصاحبه ".

وقال ابن رجب عن رواية حنبل في شرحه للبخاري (2/ 367): " وهو ثقة، إلا أنه يهم أحياناً، وقد اختلف متقدموا الأصحاب فيما تفرد به حنبل عن أحمد، هل تثبت به رواية عنه أم لا؟

وقال أيضاً (7/ 229): " كان أبو بكر الخلال وصاحبه لا يثبتان بما تفرد به حنبل عن أحمد رواية ". اهـ

ومن أخطائه ما نسبه إلى أحمد، وهو غير معروف عنه من مذهبه: من تأويل قوله تعالى: {وجاء ربك} الفجر، آية: 22، قال: وجاء أمر ربك، وهذا خلاف مذهب السلف.

ونسب أيضاً للإما أحمد أن الإمام يتحمل عن المأموم تكبيرة الإحرام في حال السهو، قال ابن رجب: وهذه رواية غريبة عن أحمد، لم يذكرها الأصحاب، والمذهب عندهم أنها لا تجزئه، كما لا تجزئ عن الإمام والمنفرد، وقد نقله غير واحد عن أحمد. والله أعلم. وانظر زاد المعاد (5/ 392).

ص: 419

وأجيب:

لا يلزم من إيراد مسلم له في صحيحه أن يكون قد صحح هذه الزيادة، فقد قال لي بعض الإخوة في المذاكرة: إذا ساق مسلم الحديث بلفظ، ثم أعقبه بلفظ آخر يخالفه كان ذلك منه تنبيهاً على علته، ولو لم يصرح، وقد أكثر من هذا أبو داود في سننه.

وهذا يمكن أن يقبل لو نص عليه إمام، أوكان نتيجة للدارسة والسبر، فإن كان هذا مسلماً فذاك، وإن كان غير مسلم، فإنه قد انتقدت بعض الأحاديث في البخاري ومسلم، وسُلِّم للدارقطني وغيره بعض الإعتراضات على بعض الأحاديث، وما انتقده العلماء ليس داخلاً في تلقي الأمة له بالقبول، وهذا الحديث منها، والله أعلم.

ثم وجدت من نص على هذه الحقيقة، وقد أثبت ذلك من خلال دراسته لصحيح مسلم

(1)

.

(1)

وقد أجاد الدكتور حمزة بن عبد الله المليباري في كتابه القيم: عبقرية الإمام مسلم في ذكر هذه الخاصية للإمام مسلم، واستنبطها من مقدمة مسلم، فقد قال مسلم في كتابه:

إنه قسم الأحاديث إلى ثلاثة أقسام:

قال مسلم: " فأما القسم الأول فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث، وإتقان لما نقلوا، ولم يوجد في روايتهم اختلاف شديد، ولا تخليط فاحش، كما قد عثر فيه على كثير من المحديثن، وبان ذلك في حديثهم".

فتبين أن مسلم يقدم الحديث الأنقى، ثم يعقبه بالحديث الذي أقل منه درجة، وقد يكون في الحديث الثاني علة، فيكون ذلك كالتنبيه عليها، فجزى الله الشيخ حمزة خيراً، وإني أنصح بقراءة كتب الشيخ لاهتمامه بطريقة المتقدمين من المحدثين، والله أعلم.

ص: 420

جواب آخر ذكره أبو حفص الموصلي:

قال: والجواب عن حديث وجنبوه السواد من وجهين:

الأول: أن أحاديث مسلم لا تقاوم أحاديث البخاري!!

يقصد حديث أبي هريرة في الصحيحين: إن اليهود والنصارى لايصبغون فخالفوهم، فأمر بالصبغ وأطلق ولم يقيد بشيء.

والجواب: أحاديث البخاري أقوى من أحاديث مسلم بالجملة هذا مسلم، ولا نحتاج إلى الترجيح إلا حيث يوجد التعارض بحيث لا يمكن العمل بكلا الدليلين، وحديث البخاري لا يعارض هنا حديث مسلم، لأن مطلق حديث أبي هريرة بالأمر بالصبغ مقيد بحديث جابر في تجنيب السواد، والمطلق لا يعارض المقيد، كما أن العام لا يعارض الخاص، وهذا الجواب قوي لو صح الحديثان، فالمقيد يقدم على المطلق إذا كانا صحيحين، وإلا فلايقيد الحديثَ الصحيحَ حديثُ ضعيفُ، والله أعلم.

الوجه الثاني: قال: إن الحسن والحسين وسعد بن أبي وقاص قد صبغوا بالسواد، فلو كان حراماً لما فعلوه، وكذلك كانوا في زمان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فلو كان حراماً لأنكروا عليهم

(1)

.

وأجيب:

بأن العصمة إنما هي للوحي، وكم من حديث صحيح ثابت خالفه أفراد من الصحابة، فنعتذر للصاحب بأنه لا يتعمد الخطأ، لكن لا نبطل النص الشرعي لمخالفة بعض الصحابة، والله أعلم.

(1)

جنة المرتاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب (ص: 477، 487).

ص: 421