الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليست مُسْتَخْلَصَة منها.
فإذا كانت هكذا فلا حَرَج في استعمالها إن شاء الله تعالى، فليس فيها نجاسة، وليست ممَّا يُسكِر.
[من فتاوى العصر - قيس آل الشيخ (ص 131)]
* * *
* وانظر: فتوى رقم (1091)
* * *
خامساً: الجيلاتين:
حُكْمُ الجِيلَاتِينِ
(999) السؤال: يسألُ كثير من المسلمين عن حُكْم الجِيلاتين والموادَّ الدُّهْنيَّة الحيوانيَّة الموجودة في الكثير من المأكولات لهذه البلاد
؟ نرجو من حضرتكم الجواب.
الجواب: تَضمَّن السؤال طلب الحكم في مادَّتين مختلفتين: الجيلاتين والموادُّ الدُّهنيَّة الحيوانيَّة. والمقصود بهما الموادُّ التي قد تُستَخْرج من حيوانات غير مأكولة اللَّحم، كالمَيْتَة، والحيوانات غير المُذَكَّاة والخنزير.
والجيلاتين مادَّة غذائيَّة بروتينيَّة غنيَّة بالحُموض الأَمِينِيَّة تدخل في كثير من الصناعات الغذائيَّة؛ كالمعجَّنات، وأغذية الأطفال، وفي صناعة اللَّبَن الرَّائب، والأَجْبَان، والمُثلَّجات، كما تدخل في الصناعة الدَّوائيَّة؛ كصناعة المَحافِظ الدوائيَّة
(كبسولات capsules)، وقد تُستَعْمَل كمادَّة بديلةٍ للبلاسْمَا الدَّمويَّة في معالجة حالات مَرَضِيَّة مختلفة.
لا يوجد الجيلاتين أو الغِرَاء الحيواني حُرًّا في الطبيعة؛ إنَّما ينشأ من معالجة الغِرَاء الحيواني collahene الموجود في جُلود الحيوانات وأحشائها وعِظامها. وتطرأ على الكولاجين تحوُّلات فيزيائيَّة وكيميائيَّة تُغيِّر من بِنْيَتِه الكيميائيَّة تَغيُّراً كاملاً حينما يتحوَّل إلى جيلاتين.
فإن كان الجيلاتين من مصدرٍ حيوانيٍّ مأكولِ اللَّحم؛ كالماعِز والشَّاة والبقر وما شابه، فهو حلالٌ، ولا حرج من استعماله في الغذاء والدَّواء.
وإن كان من مصدرٍ حيوانيٍّ مُشْتَبهٍ به؛ كأن يكون غير مُذكًّى، أو من حيوان غير مأكول اللَّحم، فإنَّ الاستحالة التي طرأت على الأصل -أي الكولاجين- تجعلُ المُرَكَّب الناتج -أي الجيلاتين- طاهراً يجوز أَكْلُه.
جاء في (البحر الرائق): من الأمور التي يكون بها التطهير انقلابُ العَيْن. ومضى إلى أن قال:
وإن كان في غيره -أي الخَمْر-؛ كالخنزير، والمَيْتَة تقع في المُمَلِّحَة فتصير مِلْحاً يُؤْكَل، وَالسِّرْقِين
(1)
، وَالْعَذِرَة تَحْتَرِق فتصير رَمَادًا [تَطْهُرُ] عند محمَّد. (البحر الرائق 1/ 239).
وفي (فتح القدير): «العصيرُ طاهرٌ فيصير خَمْراً ويصير خلًّا فيَطْهرُ، فعرفنا أنَّ استحالة العَيْن تَسْتَتْبِع زوال الوَصْف المُرَتَّب عليها. وعلى قول محمَّد فرَّعوا الحكم بطهارة صابونٍ صُنِعَ من زيتٍ نَجِسٍ» . (شرح فتح القدير 1/ 200)، وانظر (الحاشية لابن عابدين 1/ 315 - 317).
وذهب المالكيَّة إلى أنَّ ما استحال إلى صالحٍ فهو طاهرٌ، وأنَّ ما استحال
(1)
السِّرقين: مُعَرَّف، أصله سِرْجين، وهو زبل الدواب، تدمل به الأرض، ويُسمَّى سماداً. انظر: تهذيب اللغة (9/ 293)، القاموس المحيط (ص 289).
إلى فسادٍ فهو نَجِسٌ.
جاء في (الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه): «مِنَ الطاهِر: لَبَنُ الآدميِّ ولو كان كافراً؛ لاستحالته إلى الصلاح» . (الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1/ 50).
ثمَّ جاء في موضع آخر: «إذا تغيَّر القَيءُ -وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المَعِدَة- كان نَجِساً، وعِلَّة نجاسته الاستحالة إلى فساد، فإن لم يتغيَّر كان طاهراً» . (الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1/ 57).
وعليه؛ فإنَّ انقلاب العَيْن النَّجِسَة الى عَيْن أخرى؛ كأن احترقت فصارت رماداً أو دُخاناً فهي طاهرةٌ؛ قياساً على طهارة الخَمْر بتخلُّلِها، وسواء في ذلك انقلبت بنَفْسِها أو بفِعْل فاعل. وعلى هذا؛ فإنَّ أيَّة نجاسةٍ عَيْنيَّة إذا تحوَّلت إلى عَيْن أخرى بخصائص تركيبيَّة مُخالِفَة، فإنَّها تُعتبر طاهرةً؛ كانتقال عظام المَيْتَة بعد حَرْقها إلى أعيان جديدة من دُخان ورَمادٍ. (أسهل المدارك ج 1/ 40، وانظر: القوانين/34).
وقد وافق ابن تيمية ما ذهب إليه المالكيَّة والأحناف، فقال:«وهذا هو الصواب المقطوع به، فإنَّ هذه الأعيان لم تتناولها نصوص التحريم، لا لفظاً ولا مَعْنىً، فليست مُحرَّمة، ولا في معنى التحريم، فلا وجه لتحريمها، بل تتناولها نصوص الحِلِّ، فإنَّها من الطيِّبات، وأيضاً في معنى ما اتُّفِق على حِلِّه، فالنصُّ والقياس يقتضي تحليلها، وعلى هذا استحالة الدَّم أو المَيْتَة أو لحم الخنزير، وكُلُّ عَيْن نَجِسَةٍ استحالت إلى عَيْن ثانيةٍ» . (مجموع الفتاوى لابن تيمية ج 21/ 68).
ويقول ابن تيمية في موضع آخر: «وإذا وَقَعَت النجاسة -كالدَّم، أو المَيْتَة، أو لحم الخنزير- في الماء أو غيره واستُهلِكَت، لم يَبْقَ هناك دَمٌ ولا لحم خنزير أصلاً؛ كما أنَّ الخَمْر إذا استحالت بنَفْسِها وصارت خلًّا،