الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2)
أن نعلم أنَّ ضرورته تزول به.
ولهذا إذا كان الإنسان يخاف الموت، فله أن يأْكُل مَيْتةً لتوفُّر الشَّرْطَين السابقين، أمَّا هؤلاء فليس هناك ضرورة تدفعهم لفعل هذا الشيء المُحرَّم.
[لقاءات الباب المفتوح - ابن عثيمين (رقم 40)]
* * *
نَقْلُ الدَّمِ بَيْنَ البَشَرِ لِلضَّرُورَةِ
(1065) السؤال: هل يجوزُ تَزْويد دَمِ المسلم بدَمِ غيره من بني الإنسان إذا احتيج لذلك؛ كما في حالة النَّزيف، أو الإصابة بالجِراح، ونحو ذلك، أم لا
؟
الجواب: الجواب على هذا السؤال يستدعي الكلام على ثلاثة أمور:
الأوَّل: من هو الشخص الذي يُنْقَل إليه الدَّم؟
الثاني: من هو الشخص الذي يُنْقَل منه الدَّم؟
الثالث: من هو الشخص الذي يُعْتمَدُ على قوله في استدعاء نَقْل الدَّم؟
أمَّا الأوَّل: فهو أنَّ الشخص الذي يُنْقَل إليه الدَّم هو من توقَّفَت حياته -إذا كان مريضاً أو جريحاً- على نَقْل الدَّم. والأصل في هذا قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173]، وقال سبحانه في آية أخرى:{فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3]، وقال تعالى:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119].
وجه الدلالة من هذه الآيات: أنَّها أفادت أنَّه إذا توقَّف شفاء المريض أو الجريح وإنقاذ حياته على نَقْل الدَّم إليه من آخر؛ بأن لا يوجد من المباح ما يقوم مقامه في شفائه وإنقاذ حياته، جاز نقل هذا الدَّم إليه، وهذا في الحقيقة من باب الغِذاء لا من باب
الدَّواء.
وأمَّا الثاني: فالذي يُنْقَل منه الدَّم هو الذي لا يترتَّب على نَقْلِه منه ضررٌ فاحش؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ).
وأمَّا الثالث: فهو أنَّ الذي يُعتَمَد على قوله في استدعاء نَقْل الدَّم هو الطبيب المسلم، وإذا تعذَّر فلا يظهر لنا مانعٌ من الاعتماد على قول غير المسلم يهوديًّا كان أو نصرانيًّا، إذا كان خبيراً بالطبِّ، ثقة عند الإنسان، والأصل في ذلك ما ثبت في الصحيح:(أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا هَاجَرَ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا مُشْرِكاً هَادِياً خِرِّيتاً -ماهراً-).
قال ابن القَيِّم في كتابه (بدائع الفوائد) ما نصُّه: «في استئجار النبيِّ صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أُرَيقِط الديلي هادياً في وقت الهجرة وهو كافر، دليلٌ على جواز الرجوع إلى الكافر في الطبِّ والكُحْل والأدْوية والكتابة والحساب والعيوب ونحوها، ما لم يكن ولاية تتضمَّن عدالة. ولا يلزم من مجرَّد كونه كافراً ألَّا يوثق به في شيء أصلاً، فإنَّه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق، ولا سيما في مثل طريق الهجرة» .
وقال ابن مفلح في كتابه (الآداب الشرعيَّة) نقلاً عن شيخ الإسلام ابن تيميَّة ما نصُّه: «إذا كان اليهودي والنصراني خبيراً بالطبِّ، ثقة عند الإنسان، جاز له أن يَسْتَطِبَّه، كما يجوز له أن يودعه مالَهُ وأن يعامِلَه، كما قال تعالى:{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: 75]، وفي الصحيح:(أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا هَاجَرَ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا مُشْرِكاً هَادِياً خِرِّيتاً -ماهراً-، وَائْتَمَنَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ. وَكَانَتْ خُزَاعَةُ عَيْبَةً لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ) العَيْبةُ: موضع السِّرِّ.
وقد رُوِيَ (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَنْ يُسْتَطَبَّ الحَارِثُ بْنُ كِلْدَةَ، وَكَانَ