الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[موسوعة فتاوى دار الإفتاء المصرية وفتاوى لجنة الأزهر (رقم
17)]
* * *
(1082)
السؤال: وَرَدَنا سؤالٌ يقول فيه صاحبه ما حاصله ترجمةً:
يقول كاتبٌ في مجلَّة (YOUNG TLMES) اللَّندنيَّة: إن هناك الكثيرين ممَّن يتبعون العلاج بالبول، ويَسْرُد الكاتب آراء بعض الأطبَّاء البريطانيِّين، وكذلك آراء باحثين أُستراليِّين، ظهر لهم جميع
اً بأنَّه يحتوي على علاج يعمل في تنظيم الأنظمة الداخليَّة لجسم الإنسان (ليس فقط بول الإنسان، بل كذلك بَوْل الحيوان)، وهنالك من يقول: إنَّ العلاج لا يقتصر فقط على مسح الجسم بالبَوْل، بل كذلك شربه، وخصوصاً بَوْل الصباح الباكر.
هذا؛ ويعتقد الكثير منهم أنَّه ليس بقَذِرٍ أو نَجِسٍ، وأنَّه يَتحوَّل إلى مُعَقَّمٍ حال خروجه من الجسم، ويستندون بذلك على أنَّه وسيلة نافعة جدًّا في تشخيص حالة الجسم العامَّة عند إجراء عمليَّة التحليل الطبِّي.
ويوصي الطبيب «آرثر لينكولن» باستخدامه كجرعات دوائيَّة علاجيَّة لمرضاه؛ حيث إنَّه يقول: إنَّه مستمرٌّ على العلاج به منذ عشرين سنةً، حيث إنَّه لا يشربه فقط، بل إنَّه يستخدمه كبديلٍ عن الصابون، ويوصي الطبيب «ياولز» بأن يمسح به الجسم كُلُّه، وكذلك مَسْح الشَّعْر. ويقول: إنَّ هذا الاعتقاد بأنَّه نَجِسٌ أو قَذارَةٌ خطأٌ، وبالحقيقة هو شرابٌ ربَّانيٌّ، ويمكنك أن تشربه مع الفواكه. وهو مهمٌّ لعلاج الجِلْد، ويساعد في سرعة التئام الجروح. وكذلك يمكن استخدامه كعلاج للأطفال والحيوان الذين لا يمكنهم أن يُغَذُّوا أجسامهم بالكافايين والكُحول، أو أيِّ دواءٍ آخر، وبذلك يمكننا جميعاً أن نستخدم البَوْل كعلاج للأمراض، ولكن ما نحتاجه هو الجرأة على ذلك. فما رَدُّ عُلماء الشَّرْع على ذلك؟
الجواب: إنَّ بَوْل الآدميِّ من النجاسات المُجْمَع عليها، وقد أُمِرنا باجتناب الأَرْجاس والأَنْجاس بنَصِّ القرآن الكريم، كما قال سبحانه:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]، ولذلك اتَّفق الفقهاء على عدم جواز التَّداوي بالمُحرَّم والنَّجِس من حيث الجملة لحديث:(إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ)، كما أخرجه البخاري من حديث ابن مسعود موقوفاً، ومثله لا يقال بالرَّأي. وذلك لأنَّ الشِّفاء هو بيد الله تعالى؛ فهو الشَّافي سبحانه، كما قال جلَّ شأنه فيما يقُصُّه عن سيِّدنا إبراهيم عليه السلام:{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80]، ولا يُلْتَمَس ما عند الله تعالى بما حَرَّم على عباده؛ فقد أخرج أبو داود من حديث أبي الدَّرْداء رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّواء، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، فَتَدَاوَوْا عِبَادَ الله، وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ)؛ وذلك لأنَّ النَّجِسَ لا دواءَ فيه، بل إنَّ الله تعالى سَلَب ما فيه من المنافع، ولو كان فيه منفعةٌ لابن آدم راجحة لما حَرَّمه الله تعالى على عِبادِه؛ لأنَّ الله تعالى أحَلَّ لعباده الطيِّبات، وحَرَّم عليهم الخبائث. ومن أخبث الخبائث البَوْل والغائط. فإنْ تَعَيَّن النَّجِسُ للنَّفْع؛ كشُرْب الخَمْر للغصَّة، جاز للضرورة؛ لأنَّ (الضَّرورات تُبيحُ المَحْظورات)، كما قال سبحانه:{إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]، وكذا لو قرَّر الطبيب العَدْل تَعُيُّنه لنوع مرضٍ -كما حَدَث للعُرنيِّين-؛ فيجوز عندئذٍ للضرورة كما ذكرنا.
وعلى المسلم أن يتَّبعَ الشرع الشريف وعُلماءَه، لا أن يتَّبع الكَفَرَة الذين لا يُفَرِّقون بين الحلال والحرام، ولا بين الطيِّب والخبيث؛ لتبَلُّد أحاسيسهم ومشاعرهم، ودناءة نفوسهم، ولا يَحْجزهم وازعُ شَرْعٍ،