الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذي يقال له «يَشْب»
(1)
؛ لأنَّه ليس بحَجَرٍ؛ إذ ليس له ثِقَلُ الحَجَر، وإطلاق الجواب في الكتاب يدلُّ على تحريمه، قال في (شرح العناية) على قول (الهداية):«ومن النَّاس من أطلق» ما نصُّه: منهم شمسُ الأئمَّة السَّرخسيُّ رحمه الله، فقال: الأصحُّ أنَّه لا بأس به كالعَقيق؛ فإنَّه مباركٌ، تختَّم به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولأنَّه ليس بحَجَرٍ؛ إذ ليس له ثقل الحَجَر، وإطلاق جواب الكتاب -يعني (الجامع الصغير) - يدلُّ على تحريمه، ولأنَّه يُتَّخَذ من الأصنام؛ فأشبه الصُّفْر الذي هو منصوص عليه». اهـ.
وممَّا تقدَّم يُعلَم أنَّ التختُّم بالفِضَّة حلالٌ للرِّجال بالحديث، وبالذَّهَب والحديد والصُّفْر حَرامٌ بالحديث، وبالحَجَر حلالٌ على ما اختاره شمسُ الأئمَّة السَّرخسيُّ، وصحَّحه قاضي خان، وهو الذي لا يُعدَلُ عنه في مثل هذا المقام. والله أعلم.
[فتاوى الشيخ بخيت المطيعي (2/ 539، 544 - 550)]
* * *
حَشْوُ الأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ
(1168) السؤال:
…
هل يجوزُ حَشْوُ الأَسْنَان المُسَوَّسَة بأيِّ شيءٍ أو تركيب غِطاءٍ لها بمَعْدِنٍ من المعادن؛ كالذَّهَب والفِضَّة والبلاتين
؟
الجواب:
…
أمَّا استعمال الذَّهَب والفِضَّة والبلاتين ونحو ذلك في حَشْو الأسنان والأضراس أو غطائها فجائز للضرورة، فقد ثبت (أَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ سَعْدٍ الكِنَانِيَّ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الكِلَابِ، فَاتَّخَذَ أَنْفَاً مِنْ فِضَّةٍ فَأَنْتَنَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَتَّخِذَ أَنْفاً مِنْ ذَهَبٍ). وأنَّ كثيراً من الأئمَّة قد شدَّ أسنانه بالذَّهَب؛ مثل موسى بن طَلْحَة، وأبي رافع، وثابت البُناني، وإسماعيل
(1)
اليَشْبُ: نوع من الأحجار الكريمة؛ يميل إلى الصُّفرة؛ يُتَّخذ منه خاتم، ويُجعل في حمالة السيف. انظر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 397).
ابن زيد بن ثابت، والمغيرة بن عبد الله، ورخَّص فيه الحسن البَصْريُّ، والزُّهريُّ والنَّخَعِيُّ، وأئمَّةُ الحنفيَّة. وفي (التتارخانية):«إذا جُدِعَ أنفه أو أذنه أو سقط سِنُّه فأراد أن يتَّخِذ سِنًّا أُخرى، فعند الإمام يتَّخِذ ذلك من الفِضَّة فقط، وعند محمَّدٍ من الذَّهَب أيضاً» اهـ.
فقد أُبيح من الذَّهَب والفِضَّة ما دعت الضرورة إليه، بل روى العَلَّامة ابن قُدامَة عن أصحاب الإمام أحمد إباحة يسير الذَّهَب، ويقاس الذَّهَب على الفِضَّة، وأنَّه يُباح من الفِضَّة للرَّجُل: الخاتَم، وحِلْيَة السَّيْف، والمِنْطَقَة، ومثلها الخُوذَة، والحمائل
(1)
، وما أشبهها، للحاجة.
وفي (البخاريِّ): (أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْكَسَرَ فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشِّعْبِ مِنْهُ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ)، وأنَّه أباحَ من الذَّهَب للرَّجُل ما دَعَت إليه الضرورة؛ كالأَنْف في حقِّ من قُطِعَ أنفُهُ، ورَبْط الأسنان التي يُخشَى سُقوطها، ورَخَّص الإمام أحمد في حِلْية السَّيف.
ا هـ بتصرف.
وفي (فتح القدير) و (الزيلعيِّ) ما يُفيدُ الترخيص في استعمال قليل الذَّهَب والفِضَّة إذا كان تابعاً لغيره؛ فأجازوا الشُّرْب في الإناء المُفَضَّض، والرُّكوب على السَّرْج المُفَضَّض، والجلوس على الكُرْسيِّ المُفَضَّض، والسَّرير المُفَضَّض، إذا كان يَتَّقِي مَوْضِع الفِضَّة في الاستعمال، وكَرِه ذلك أبو يوسف.
وعلى هذا الخلاف: الإناءُ المُضَبَّب بالذَّهَب والفَضَّة، والكُرْسِيُّ المُضَبَّبُ بهما، وكذلك إذا جَعَلَ ذلك في السَّيْف، والمِشْحَذ، وضِلَفَةُ المرآة، أو جعل المصحف مُذَهَّباً أو مُفَضَّضاً، أو كُتِبَ على الثوب بذَهَبٍ أو فِضَّةٍ. اهـ ملخصاً.
(1)
الحمائل: جمع مِحْمَل، وهي عِلاقَةُ السَّيْف. انظر: مختار الصحاح (ص 167).