الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالمرجو من سيِّدنا تحقيق الحقِّ فيها؛ فلقد كَثُرَ النِّزاعُ في حقيقتها في دمشق الشَّام، حتَّى زَعَمَ أكثرُ أهلِها أنَّها حريرٌ، وأنَّ لابِسَها مُرتَكِبٌ لإثمٍ كبيرٍ، وحملوا لابِسِيها على تَرْكِها.
الجواب: الذي عَلِمْنا من بعض تُجَّار البلاد التي يُصَدَّرُ منها هذا الصِّنْف المُسمَّى بالسَّكروتة أنَّها مادَّة نباتيَّة، وهي ليست بحريرٍ؛ بل هي كالكَتَّان والقُطْنِ، ويوجد صنفٌ آخر ربما أُطْلِقَ عليه هذا الاسم «سكروته» ، إلَّا أنَّه من دودِ القَزِّ، ويَمتازُ عن الأوَّل بكونِه أبيض ناصعاً، وهذا حريرٌ.
وعلى كُلِّ حالٍ: فإنَّ الثِّياب المأخوذة من دودِ القَزِّ هي حريرٌ، ويجري عليها أحكام استعمال الحرير، وأمَّا المأخوذة من النَّبات فإنَّها ليست بحريرٍ، ولا يترتَّب على استعمالها شيءٌ، والمَرْجِعُ في تمييز هذا من ذلك أهلُ الخِبْرَة العُدول. والله أعلم.
[فتاوى الشيخ بخيت المطيعي (2/ 55
1)]
* * *
(1159)
السؤال:
…
ما قولكم يا فضيلة الأستاذ في هذه الثياب المعروفة التي تسمَّى بالسَّكروته، وما حكم لُبْسِها مع اختلاف الناس فيها؛ أهي حريرٌ أم من نباتٍ
؟ فبعضُهم يقول: إنَّها من حَريرِ الدُّودَةِ المُحَرَّم. وبعضُهم يقول: إنَّها أليافٌ نباتيَّة تنبتُ بأرض الهند؛ كالتِّيل
(1)
والكَتَّان. واختلف النَّاسُ في شأنه كثيراً، وقد أصبح النَّاسُ يلبسونها كثيراً، وخصوصاً عُلماء الدِّين، فلا تجد واحداً منهم إلَّا وهو يقتني منها ثوباً أو أثواباً، بل ربما يُديمُ لُبْسَها طول الصَّيف، ويُفتي النَّاس بحِلِّها بناء على أنَّها نباتيَّة، ويقول ذلك ويُقرِّرُه بجراءة غريبة، وقد وقع النَّاس
(1)
التِّيل: شيء شبه الكَتَّان يخرج من البحر بعد أن يُعطَّن، ثم يفرش في الشمس يجف، وهو معروف في الريف المصري. انظر: المعجم العربي لأسماء الملابس (ص 98).
الآن في شأنها كثيراً في بلدة دمياط، واهتمُّوا بهذا الموضوع اهتماماً ذا بال؛ فنرجو فضيلتكم إجابتنا بما تَرَوْنَه في ذلك مُنْطَبِقاً على دين الله، وما تعلمونه عن حقيقة مادَّة السَّكْروتَه هذه، مع ذِكْر مسألة الحرير وتحريمه في الدِّين، وحِكمَةِ التَّحريم، ورأيكم الخاصِّ في ذلك؛ فإنَّ الخلاف فيه قديم بين الجمهور وقليل من السلف. واقبلوا مزيد الاحترام.
الجواب: من اعتقد من الرِّجال أنَّ النَّسيج المُسمَّى بالسَّكْروتَه حريرٌ حَرُمَ عليه لُبْسُه، ومن لم يعتقد ذلك لم يَحْرُم عليه. والمتبادر من التَّسمية أنَّ السَّكْروته غير الحرير.
وقد سألتُ تاجراً مُسلماً سوريًّا يَتَّجِر بهذا الصنف في «شنغاي» من مواني الصِّين، فقال: إنَّ الذي يعلمه هو أنَّ السَّكْروته من نَسْج دودٍ غير الحرير؛ أي: فلهذا وُضِعَ لها اسم غير الحرير. وتُفارِقُ الحَريرَ في أخصِّ صِفاته؛ وهي النُّعومة. ولا يمكن أن يُقال: إنَّ جميع ما تَنْسِجُه الحشرات حريرٌ؛ فقد كان نَسْجُ العنكبوت معروفاً عند العرب، ولم يُسَمِّه أحدٌ حريراً، وبَلَغَنا أنَّ الإفرنج يتَّخِذون منه قفافيز وغيرها.
والحِكْمَة في تحريم السُّنَّة لُبْسَ الحرير الخالص على الرِّجال: هو كونه مبالغة في التَّرَف والنَّعيم المُضْعِفَيْن للرُّجوليَّة، والمُفْسِدَيْن لبأْس الأُمَّة، وكان ولا يزال عند أكثر الأُمَم من خصائص النِّساء؛ ولمثل هذه العِلَّة وَرَدَ النَّهيُ في السُّنَّة عن لُبْس المُعَصْفَر والمُزَعْفَر؛ إذ كان من زينة النِّساء خاصَّة. فما نعلم من حِكمَة تحريم الحرير لا يوجد في السَّكْروته.
نعم؛ إنَّ الرَّقيق من السَّكْروته إذا كُوِيَ بالمِكْواة يكون له لمعانٌ كالحرير، ولكثيرٍ من نسيج القُطْن والكَتَّان مثل ذلك. فالظَّاهر لنا أنَّ لُبْس السَّكْروته