الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوراقٍ تُشْبِه أوراق النَّشَّاف، ثُمَّ تُغْمَر في أحواض الصودا الكاوية المُخفَّفة، وبعد بُرْهَةٍ تُعْصَر وتُقَطَّع قِطَعاً صغيرةً، ثُمَّ يُضاف إليها مادَّةٌ أخرى لتحويلها إلى نوع آخر من «السيلولوز» يذوب في الصُّودا الكاوية، ويُطْلَق عليه «الفيسكو» ، ويكون في هذه الحالة سائلاً لَزِجاً في لون عَسَل النَّحْل، ويُمرَّر في ثقوبٍ صغيرةٍ جدًّا داخل «حمض كبريتيك» ، فتتكوَّن من ذلك فَتْلَةُ الحرير، ثُمَّ تُبَيَّض وتُغْسَل وتُجفَّف؛ لتكون مُعَدَّة للنَّسْج، هذا هو الحرير الصناعيُّ ومادَّته وصناعته كما وَقَفْنا عليه من المُخْتَصِّين، وهو نوعٌ من المَنْسُوجات مُستَحْدَثٌ في الصناعة، وغير معروفٍ في الصَّدْر الأَوَّل، ومُغايرٌ في المادَّة للحرير الطبيعيِّ الذى تُخْرِجُه الدُّودة المعروفة بدُودَة القَزِّ.
ويُسمَّى الإبريسم والدِّيباج والقفز، والذي وَرَدَت نصوص الشارع بتحريم لُبْسِه على الرِّجال،
وظاهرٌ أنَّ هذه المَنْسُوجات لا تُسمَّى في عُرْف الشارع حريراً، وإن سُمِّيت حريراً في العُرْف المُستَحْدَث على سبيل التَّشبيه فقط بالحرير الطبيعيِّ، ولا تشملها نصوص التحريم، فيجوز لُبْسُها للرِّجال كسائر الثِّياب القُطْنِيَّة والكَتَّانيَّة. والله أعلم.
[فتاوى شرعية، حسنين مخلوف (ص
100 - 101)]
* * *
(1163)
السؤال: سمعتُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ لَبِسَ الحَريرَ فِي الدُّنْيا، لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ)؛ فهل هنالك فَرْقٌ بين الحرير الطبيعيِّ والصناعيِّ؟ وهل ما يُطْرَح الآن في الأسواق من أقمشةٍ رِجاليَّةٍ تُشْبِه الحرير الص
ناعيَّ حَرامٌ على الرِّجال؟
الجواب: النصُّ في الحرير الطبيعيِّ، وإذا كان هناك حريرٌ صناعيٌّ، وكان
له تأثيرٌ مثل تأثير الحرير الطبيعيِّ من النُّعومة والرَّخاوة التي من أجلها مُنِعَ الذُّكور من استعمال الحرير، فإنَّه إنَّما حُرِّم لما فيه من النعومة والرخاوة، ولما يَكْسَبُه لابِسُه من التَّكَسُّر والتأنُّث، إذا كان الحرير الذي يُسمَّى الصناعيَّ يلتقي مع الحرير الطبيعيِّ في هذا، فإنَّه لا ينبغي، وإن كان يختلف عنه ولا يتَّفق معه بكيفيَّته، وأَثَرِه، ومَنْظَرِه، ومَلْمَسِه، فحينئذٍ يختلف الحُكْم باختلاف سببه وعِلَّتِه؛ لأنَّ عِلَّة تحريم الحرير معقولة، إذ الحرير قماشٌ ناعمٌ لا تصلح نعومته ورطوبته وليونته إلَّا للنِّساء، ولا تصلح للرِّجال، فإنَّ للرِّجال من الأخلاق والطِّباع والصِّفات، ما يختلفون به عن ما هو مطلوبٌ من المرأة، والرَّجُل مطلوبٌ منه أن يكون قويًّا وشديداً، وله من الخشونة، والرُّجولة والبُعْد عن أسباب التأنُّث والتكسُّر والنعومة ما يجعله كما خَلَقَه الله رَجُلاً؛ ولذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم له لحيةٌ كَثَّة، وقد أَمَرَ بإعفاءِ اللِّحية، وإرخائها، وعدم الأَخْذ منها؛ وأُبِيحَ الذَّهَب للمرأة، وحُرِّم على الرَّجُل؛ لأنَّ الذَّهَب لا يصلح إلَّا للمرأة التي تريد التَّجمُّل والتحلِّي به، وهو لائق لها، ومناسبٌ لها ولطبيعتها وما تحتاج إليه، وفي الحديث:(لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)، ويُروى عن عمر رضي الله عنه قوله:(وَإِيَّاكُمْ، وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ الْعَجَمِ، وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ، فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ، وَاخْشَوْشِنُوا، وَاخْلَوْلِقُوا، وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ، وَانْزُوا نَزْوًا).
هذا كُلُّه من خِصال الرِّجال، تُعوِّد الرِّجالَ الصَّبْر، والجَلَد، والقوَّة، وكَوْن الرَّجل يبقى بقوَّته، ويبقى أيضاً بصلابته، وصلابة عُودِه، وتَحمُّل المشاقِّ والمتاعب.
وإذا كان الحرير المسؤول عنه يقوم مقام الحرير الطبيعي، ويؤثِّر تأثيره،