الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي مثلما فعله النبي بهم صلى الله تعالى عليه وسلم وذكر الدمياطي كابن سعد أن اللقاح كانت خمس عشرة وأنها لقاح المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم، وفي رواية أنها إبل الصدقة، قال المنذري والروايتان صحيحتان ووجه الجمع أن المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم كان له إبل من نصيبه من الغنم يشرب لبنها وكانت ترعى مع إبل الصدقة فأخبر عن إبله، ومرة عن إبل الصدقة، وقوله وما رواه ابن جرير إلخ. هو بفتح الجيم والطبري أي من كون المرسل في اثر اللقاح جرير بن عبد الله البجلي، فأردده من أجل وهنه أي ضعفه بأن إسلام جرير كان بعد هذه السرية بنحو أربع سنين انتهى. المراد من المناوي ثم
بعث عمرو بن أمية
الضمري بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم ليقتل أبا سفيان أي يقتله غفلة وسببها أن أبا سفيان قال لنفر من قريش ألا أحدا يغتر محمدا؟ أي يقتله خفية فإنه يمشي في الأسواق. فأتاه أعرابي فقال قد وجدت أجمع الرجال قلبا وأشدهم بطشا وأسرعهم شدا فإن أنت قويتني خرجت إليه حتى أغتاله ومعى ختجر مثل خافية النسر، قال أنت صاحبنا فأعطاه بعيرا ونفقة فقال أطوا أمرك فخرج ليلا وصبح الحرة صبح سادسة فعقل راحتله ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومعه خنجر بفتح المعجمة وكسرها فنون فجيم مفتوحة وخافية النسر ريشة صغيرة فلما رءاه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أصدقني بهمزة وصل وضم الدال. قل وأنا آمن؟ قال نعم فأخبره بخبره وقال با محمد والله ما كنت أفرق الرجال بفتح الراء أي أخافهم فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي ثم اطلعت على ما هممت به ولم يعلمه أحد، فخلي سبيله صلى الله تعالى عليه وسلم فخرج ولم يسمع له بذكر؛ قال البرهان ولا أعرف اسمه.
وبعث عليه السلام عمر بن أمية ومعه جبار بفتح الجيم وشد الموحدة ابن
صخر الأنصاري السلمي العقبي ويقال سلمة بن أسلم بن حريس بحاء مهملة فراء مكسورة فتحتية ساكنة فسين مهملة الأنصاري البدري إلى أبي سفيان وقال إن أصبتما منه غرة بكسر المعجمة أي غفلة فاقتلاه ثم دخلا مكة ليلا فقل جبار لعمرو لو أنا طفنا بالبيت فقال عمرو أن القوم إذا تعشوا جلسوا بأفنيتهم وإنهم إن رأوني عرفوني وإني أعرف بمكة من الفرس الأبلق فقال كلا قال عمرو فأبي أن يطيعني فخرجنا فطفنا فقال رجل من أهل مكة عمرو بن أمية فوالله إن قدمها إلا لشر، وفي رواية أن الرجل الذي عرفه معاوية بن سفيان، فأخبر قريشا بمكانه فخافوه وكان فاتكا في الجاهلية فتجمعوا له فهرب عمرو وسلمة وجبار فلقي عمرو عبيد الله بن مالك بن عبيد الله القرشي التيمي فقلته وقتل رجلا من بني الديل سمعه يتغنى ويقول:
(ولست بمسلم ما دمت حيا
…
ولست أدين دين المسلمينا)
ولقي رسولين لقريش بعثتهما عينا إلى المدينة فقتل أحدهما وأسر الآخر فقدم به المدينة فجعل عمرو يخبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بخبره وهو يضحك ثم دعا له بخير وللعراقي:
(فبعث عمرو بن أمية إلي
…
قتل أبي سفيان فيما فعلا)
(من كونه جهز أعرابيا
…
فراح عمرو معه صحابي)
(جبار أو سلمة بن اسلما
…
وقدر الله له أن يسلما)
(فلم يطيقا قتله وقتلا
…
عمرو ثلاثة وءاسر رجلا)
قوله فيما فعل أي بسبب ما فعل، وقوله فأسلم الأعرابي يعني الذي جاء لغدره، عليه السلام، وقوله فراح عمرو أي لقتل أبي سفيان، وجبار بدلا من قوله صحابي، وقوله أو سلمة أو لتنويع الخلاف أي وقيل هو سلمة، وقوله وقدر الله له أي لأبي سفيان أن يسلم بفتح أوله وثالثه أي من القتل أو بضم أوله وكسر ثالثة وقوله وقتل عمرو أي ورفيقه في طريقة انظر المناوي.
ثم بعث إبان بن سعيد بن العاصي الأموي إلى نجد في جمادي الأخيرة
سنة سبع وللعراقي:
(بعث ابان بن سعيد نجدا
…
من بعد فتح خيبر قد عدا)
قال الحافظ ولا أعرق ف هذه السرية وإبان هذا هو الذي أملى مصحف عثمان على زيد بن ثابت بأمر عثمان، قاله المناوي.
ثم سرية عمر الفاروق في شعبان سنة سبع ومعه ثلاثون رجلا إلى تربة بضم الفوقية وفتح الراء وبالموحدة وتاء تأنيث واد قرب مكة يريد طائفة من هوازن كانوا بتربة فكان يسير اللسل ويكمن النهار فأتاهم الخبر فهربوا فجاء عمر إلى محالهم فلم يلق منهم أحدا فرجع إلى المدينة. وللعراقي:
(ثم إلى تربة بعث عمر
…
نحو هوازن أتاهم الخبر)
(فهربوا لم يلق منهم أحد
…
وعاد راجعا لنحو أحمدا)
ثم سرية أبي بكر الصديق إلى بني كلاب بنجد، بناحية ضرية بفتح المعجمة وكسر الراء وشد التحتية ويقال أن ضرية أسم امرأة بنت ربيعة بنت نزار سمى بها الموضع وكانت في شعبان سنة سبع ويقال إلى بنى فزارة فسبى منهم جماعة وقتل آخرين وفي صحيح مسلم أنه بعث صلى الله تعالى عليه وسلم أبا بكر إلى فزارة وهو الصحيح والصواب قاله في المواهب وقد مر هذا في سرية أم قرفة وللعراقي في كتابة المسمى ب:«الدرة السنية في سيرة خير البرية» "
(بعث أبي بكر إلى كلاب
…
يعقبه ومر في كتاب)
(بأن بعثه إلى فزارة .... في مسلم وصح مع زيادة)
قوله يعقبه بفتح التحتية أوله أي يعقب بعث عمر فقتل ناسا من المشركين وسبى ناسا وقوله مر في كتاب يعني بعث أم قرفة حيث قال:
(وصح في مسلم الطريق
…
بإنما أميرها الصديق)
وفزارة بفتح الفاء، أنظر المناوي، ثم سرية بشير بفتح الموحدة بن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي البدري والد النعمان في شعبان سنة سبع إلى بني مرة بضم الميم وشد الراء بفدك ومعه ثلاثون رجلا فساق النعم
فخرج الصريخ فأخبرهم فأدركه منهم عدد كبير فوقع القتل في الصحابة وارتث بشير وقدم عليه بضم العين المهملة وسكون اللام فموحدة بن زيد الأوسي بخبرهم على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثم قدم بعده بشير بن سعد بعد أن أقام أياما عند يهود حتى ارتفع من الجراح وفي «الدرة السنية» :
(فبعثه بشيراً الأنصاري
…
لفدك فساق في انحدار)
(شتاء لهم ونعما وأدركوا
…
أصحابه فقتلوا وسفكوا)
(وأخذوا أموالهم وسلما
…
من بعدما ارتث بشير قدما)
وبشير هو بن سعد بن ثعلبة بن جلاس بضم الجيم مخففا، وقوله ونعما أي إبلا وبقرا وانحدار بهم نحو المدينة وقوله فقتلوا أي أصحاب بشير وسلم بشير من بعد ما جرح جراحاً كثيرة وظنوا أنه قد مات فتركوه فتحامل حتى انتهى إلى فدك فقام عند يهود أياما فلما أشتأ أي دخل عليه الشتاء قدم المدينة جريحا انتهى من المناوي.
قال الزرقاني بعد كلام فعلم من هذا أن بني مرة لم يكونوا بفدك فتسامحوا في قولهم بفدك لمجاورتها وكونها من أعمالها ثم سرية غالب عبد الله الليثي الكناني في رمضان سنة سبع إلى أهل الميفعة بكسر الميم وسكون التحتية وفتح الفاء فعين مهملة بناحية نجد وأهلها هم بنو عوال بضم المهملة ابن عبد بن ثعلبة وسببها أنه عليه السلام قال له مولاه يسار الحبشي وليس هو يسار الذي قتله العرينيون قبل هذه السرية فإن ذلك نوبي وهذا حبشي كما في الزرقاني، يا نبي الله إني قد علمت غرة من بني عبد بن ثعلبة فأرسل معي إليهم فأرسل إليهم غالبا في مائة وثلاثين راجلا وكان يسار دليلهم فهجموا عليهم وسط محالهم جمع محلة بفتح الحاء وهي المكان ينزله القوم فقتلوا من أشرق لهم واستاقوا نعما وشاء إلى المدينة وفي هذه السرية قال ابن إسحاق وأبن سعد وغيرهما قتل أسامة بن زيد مرداس، ابن نهيك بفتح النون وكسر الهاء وسكون التحتية وبالكاف الضمري على الأرجح وقيل إنه
أسلمي وقيل غطفاني وأما من قال أنه نهيك بن مرداس فهو مقلوب كما في الإصابة بعد أن قال لا إله الله محمد رسول الله، فقال صلى الله تعالى عليه وسلم يا أسامة من لك بلا إله إلا الله فقال يا رسول الله إنما قالها تعوذا من القتل، قال ألا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب فقال أسامة لا أقاتل أحدا يشهد أن لا إله إلا الله وللحاكم أن أسامة فعل ذلك في سرية كان هو أميرها سنة ثمان. وفي البخاري ما يوافقه فإنه قال باب بعث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات ثم روى عن أبي ظبيان بفتح الظاء المعجمة وكسرها وسكون الموحدة فتحتية فألف فنون حصين مصغر ابن جندب قال سمعت أسامة يقول بعثنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الحرقة بضم الحاء وفتح الراء المهملتين وبالقاف وتاء تأنيث من جهينة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناهم بكسر الشين المعجمة قال لا إله إلا الله فكف الأنصاري عنه وطعنته برمحي حتى قتله فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله قلت كان متعوذا فمازال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.
وروى ابن حاتم أنه عليه السلام أمر لأهل مرداس بدية، ورد ماله إليهم، قيل وقال له أعتق رقبة انتهى.
ملخصا من المواهب وشرحها.
وللعراقي:
(فبعثه الليثي غالبا إلى
…
ميفعة من أرض نجد قتلا)
(قوما وساق نعما وشاء
…
لهم ولم يستأسرن من جاء)
(قيل بها أسامة بن زيد .... قتل من نطق بالتوحيد)
(قال له النبي هلا قلبه
…
شققت عنه هل تحس كذبه)
(وفي البخاري بعثه أسامه
…
للحرقات ساق ذا تمامه)
وضبط المناوي ميفعة بفتح الميم وهو مخالف لما مر عن الزرقاني
وتحس بضم الفوقية ويستاسرن بنون التوكيد الخفيفة وتمامه منصوب بنزع الخافض أي بتمامه.
ثم سرية بشير بن سعد الخزرجي ثانية في شوال سنة سبع ومعه ثلاثمائة رجل إلى يمن بفتح وقيل بضمها ساكنة الميم أي مع فتح أوله أو ضمه وقيل أوله همزة مفتوحة وجبار بفتح الجيم وخفة الموحدة بعدها ألف فراء وهي أرض لغطفان ويقال لفزارة وعذرة بعثه لجمع من غطفان تجمعوا بالجناب بكسر الجيم من أرض غطفان قد واعدهم عيينة بن حسن للأغارة على المدينة فسار بشير بمن معه الليل وكمن النهار فلما بلغهم مسير بشير إليهم هربوا وجاء الصحابة محالهم فلم يجدوا فيها أحداً وغنموا نعماً لهم كثيرة ولقوا عينا لعيينة فقتلوه ثم لقوا جمع عيينة وهو لا يشعر بهم فناوشوهم وانكشف جمع عيينة وأسروا منهم رجلين فقدموا بهما عليه صلى الله تعالى عليه وسلم فأسلما فأرسلهما.
وللعراقي:
(فبعثه بشيراً الأنصاري
…
ثانية ليمن الجبار)
(لغطفان هربوا وقد هجم
…
أرضهم فلم يجد إلا النعم)
(فساقها ورجلين أسرا
…
فأسلما وأرسلا إذ أحضرا)
وجبار تقدم ضبطه وفي المناوي عن البكري أنه بضم أوله وذكر بعضهم أنه رآه بخط الحافظ العراقي بحاء مهملة، وقوله لغطفان أو لفزارة وعذرة أو بين فزارة وكلب، وقوله أحضرا بالبناء للمفعول أي أحضرهما بشير المدينة انتهى من المناوي. والجبار بحذف العاطف.
ثم سرية الأخرم بخاء معجمة فراء مفتوحة فميم ابن أبي العوجاء السلمي بضم السين في ذي الحجة سنة سبع ومعه خمسون رجلا إلى بني سليم بضم السين، وتقدمه عين لهم، فجمعوا له جمعا كثيرا فأتاهم وهم معدون له فأحاط بهم الكفار من كل ناحية فقاتلوهم قتالا شديداً حتى قتل عامتهم وأصيب ابن أبي العوجاء جريحا مع القتلى وظنوا أنه قتل فتركوه ثم تحامل حتى بلغ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في أول يوم من صفر.
وللعراقي:
(يليه بعث ابن أبي العوجاء
…
هو يعيد عمرة القضاة)
(إلى سليم جاءهم عين لهم
…
فجاءهم فقد أعدوا نبلهم)
(ثم تراموا ساعة فقتلا
…
أصحابة وهو قد تحاملا)
من بعد جرحه إلى أن قدما
…
على النبي سالما مسلما)
قوله عين أي طليعة كان معه فسبقه وحذرهم وتحامل: تكلف المشي على جهد ومشقة، وجرحه بفتح الجيم قاله المناوي.
ثم بعث غالب بن عبد الله الليثي ليث كلب بن عوف الكناني في صفر سنة ثمان إلى بني الملوح بضم الميم وفتح اللام وكسر الواو المشددة كما في الزرقاني وفي المناوي آخره حاء بالكديد بفتح الكاف وكسر الدال وسكون التحتية فدال مهملة موضع بين الحرمين لكنه أقرب إلى مكة باثنين وأربعين ميلا منه. وفي الصحيح هو ماء بين عسفان وقديد. قال المناوي وكان معه، مات مقاتلا، انتهى.
وعن الواقدي أنهم كانوا بضعة عشر رجلا فلما كان بقديد لقي الحارث بن مالك الليثي فأخذه فقال إنما جئت أريد الإسلام فقال له إن كنت مسلما فلن يضرك رباط يوم وليلة وإن كان غير ذلك كما قد استوثقنا منك.
فأوثقوه ثم خلفوا عليه رجلا منهم فأتوا الكديد عند الغروب فبعثوا جندب بن مكيث الجهني ربيئة لهم، فأتى تلا مشرفا عليهم قال جندب فوالله إني لمنبطح على التل إذ خرج رجل من خبائه فقال لامرأته إني لأرى على التل سوادا ما رأيته في أول يومي، فأنظري إلى أوعيتك لا تكون الكلاب جرت بعضها، فقالت لا أفقد شيئا، قال فناولتني قوسي وسهمين فناولته فأرسل سهما فما أخطأ بين عيني فأنزعه، وثبت مكاني فأرسل الآخر فوضعه في منكبي فأنزعه وثبت مكاني فقال لو كان ربيئة لقوم لقد تحرك لقد خالطه سهماي لا أبالك إذا أصبحت فابتغيهما لا تمضعهما الكلاب، ثم دخل وأمهلناه حتى إذا ناموا وكان في وجه السحر شننا عليهم الغارة وقتلنا منهم واستقنا النعم وخرج
صريخ القوم فجاء ما لا قبل لنا به ومضينا بالنعم ومررنا بابن البرصاء وصاحبه فاحتملناهما معنا وأدركنا القوم حتى قربوا منا فما بيننا وبينهم إلا وادى قديد فأرسل الله الوادي بالسيل من حيث شاء تبارك وتعالى من غير سحابة نراها ولا مطر، فجاء بشيء ليس لأحد به قوة ولا يقدر أحد أن يجاوزه، فوقفوا ينظرون إلينا وأنا نسوق نعمهم ما يستطيع رجل منهم أن يجيز إلينا ونحن نحدوها سراعا حتى قتناهم وابن البرصائ هو الحارث بن ملك وهي أمه صحابي له حديث واحد وهو قوله سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم الفتح لا تغزي مكة بعد اليوم إلى يوم القيامة، قال ابن إسحاق وقال راجز من المسلمين يحدوها:
(أبي أبو القاسم أن تعرب
…
في خضل بناته مغلولب)
صفر أعاليه كلون الذهب
انتهى من الزرقاني.
يقال تعرب إذا سكن البادية، وأغلولب النبت بالغين المعجمة إذا تكاثف، وصفر أعاليه أي نوره أصفر والله أعلم.
وفي هذا الشهر وهو صفر سنة ثمان قدم خالد بن الوليد سيف الله الذي سله على الكفار وعثمان الحجبي بن أبي طلحة بن عبد العزي بن عثمان بن عبد الدار وعمرو بن العاصي بن وائل بن هاشم بن سعيد مصغراً بن سهم المدينة فأسلموا وذكر ابن إسحاق أن عمرو بن العاصي أسلم على يد النجاشي قال الزرقاني وفيه إسلام صحابي على يد تابعي ولا يعرف مثله والله تعالى أعلم:
وللعراقي في «الدرة السنية» :
(فبعث غالب إلى الكديد
…
إلى بنى الملوح الرقود)
(شن عليهم غارة فاستاقا
…
نعمهم وأدركوا لحاقا)
(به فجاء الله بالسيل فما
…
قدرهم أن يستردوا النعما)
والرقود النيام في بيوتهم، حشو كمل به الوزن، وشن فرق، والغارة
سرعة الجري، ولحاق بفتح اللام قال المناوي.
ثم سرية غالب ثالثة في صفر سنة ثمان لما قدم مؤيدا منصورا إلى بنى مرة ومعه مائتا رجل بفدك موضع مصاب أصحاب بشير بن سعد فقال له المصطفى صلى الله عليه وسلم سر حتى تنتهي إليهم فإن ظفرك الله بهم فلا تبق فيهم، فلما دنا منهم بعث الطلائع، ومنهم علبة بضم المهملة وسكون اللام، وممن بعث مع غالب أسامة بن زيد وابن مسعود وكعب بن عجرة بضم المهملة وحويصة وأبو سعيد الخدري فأتى علبة فأخبره الخبر، فأغار عليهم مع الصبح فقتلوا منهم قتلا وساقوا نعما وشاء وذرية، وكانت سهامهم لكل رجل عشرة أبعرة، وعدله من الغنم عشر شياه لكل بعير.
وللعراقي:
(فبعثه ثالثة إلى فدك
…
أجل مصاب من بها قبل هلك)
(من بشير فأصابوا النعما
…
وقتلوا في الله قتلى لؤما)
قوله فبعثه أي غالب بن عبد الله، وفدك بفتحتين ومصاب بضم الميم، وقوله أجل أي لأجل مصاب من أصيب بها مع بشير بن سعد وقوله فأصابوا النعم أي الكثيرة والشاء الكثيرة وأخذوا النساء والصبيان وقوله في الله أي لأجل إعلاء كلمة الله وكان لكل رجل عشرة أبعرة أو عدلها من الغنم. قاله المناوي والعبارة الأولى للزرقاني. والله تعالى أعلم.
ثم بعث شجاع بضم الشين ابن وهب الأسدي البدري في ربيع الأول سنة ثمان. ومعه أربعة وعشرون رجلا، إلى جمع من هوازن يقال لهم بنو عامر بالسيء بكسر السين المهملة فياء ساكنة فهمز كذا ضبطه البرهان والشامي، وفي الصحاح والقاموس والمراصد أنه بالكسر وشد الياء وكذا ضبطه أبو عبيد البكري قاله العلامة الزرقاني وبالضبط الأول ضبطه المناوي وهو ماء من ذات عرق إلى وجرة على ثلاثة مراحل من مكة إلى البصرة وخمس من المدينة، قاله في المواهب، ووجرة بفتح الواو وسكون الجيم كما في الزرقاني موضع بين مكة والبصرة أربعون
ميلا فيها مرتع للوحش قاله في القاموس. وأمره المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يغير عليهم فكان يسير بالليل ويكمن بضم الميم وفتحها بالنهار حتى صبحهم وهم غافلون، ونهى أصحابه أن يمعنوا في الطلب بضم التحتية وكسر العين المهملة أي يبعدوا فأصابوا نعما وشاء وكانت سهامهم خمسة عشر بعيراً وغابوا خمسة عشر ليلة.
وللعراقي:
(بعث شجاع بعده إلى بني
…
عامر بالسيئ إلى هوازن)
(يسير ليلا يكمن النهارا
…
فسار حتى صبح الديارا)
(أصاب منهم نعما وشاء
…
وخمسوا فقسموا ما جاء)
ثم بعث كعب بن عمير بضم العين المهملة الغفاري بكسر المعجمة وخفة الفاء من أكابر الصحابة ومعه خمسة عشر رجلا في ربيع الأول سنة ثمان إلى ذات أطلاح بفتح الهمزة وسكون الطاء وبالحاء المهملتين وهي وراء وادي ذي القرى، وقيل هي من أرض الشام. قاله المناوي فوجدوا بها جمعا كثيرا جدا فرآهم عين لهم فأخبرهم بقلة الصحابة فجاؤا على الخيل وروى أنهم دعوهم إلى الإسلام فلم يستجيبوا لهم فقاتلهم الصحابة أشد القتال حتى قتلوا إلا أميرهم كعب بن عمير فنجى جريح فتحامل حتى أتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وفي المواهب وأفلت منهم رجل جريح في القتلى قال مغلطاي قيل هو الأمير فلما برد بفتح الراء وضمها عليه الليل تحامل حتى أتي النبي صلى الله عليه الليل فأخبره الخبر فشق ذلك عليه وهم بالبعث إليهم فبلغه أنهم ساروا إلى موضع آخر فتركهم انتهى. وذكر بعضهم أن كعب بن عمير قتل مع أصحابه.
وللعراقي:
(فبعث كعب بن عمير من غفار
…
لذات إطلاع فحلوا بالديار)
(فجدوا جمعا كثيرا قاتلوا
…
من أعظم القتال حتى قتلوا)
(إلا الأمير بن عمير كعبا
…
نجى جريحا كان رزءا صعبا)
أي كان ذلك رزء بضم الراء صعبا، أش شديداً على المسلمين، شق على
المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم والرزء المصيبة.
ثم يليه بعث مؤتة فقد تقدم الكلام عليه في الغزوات.
ثم سرية عمرو بن العاص بالياء على ما عليه الجمهور قاله الزرقاني فقد مر ذلك أول الكتاب إلى ذات السلاسل بمهملتين الأولى مفتوحة على المشهور وقيل سمي المكان بذلك لأنه كان به رمل بعضه على بعض كالسلسلة وضبطه لابن الأثير بالضم وقال ابن القيم بضم السين وفتحهما لغتان فصرح البرهان بأن غير واحد ذكر اللغتين وما مر عن الفتح صريح في قدم التسمية قبل السرية انتهى من الزرقاني.
وفي المواهب سميت بذلك لأن المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض مخافة أن يفروا وقيل لأن بها ماء يقال له السلسل من المدينة على عشرة أيام وكانت في جمادي الأخيرة سنة ثمان وقيل كانت سنة سبع ونقل ابن عساكر الاتفاق على أنها كانت بعد غزوة مؤتة إلا ابن إسحاق فقال قبلها. انتهى.
وقوله ارتبط بعضهم إلخ
…
لعل المراد انضموا وتجمعوا لا أنهم ارتبطوا لأنه يكون سببا للظفر بهم ولمنافاته لما في القصة من أنه أتاهم على غفلة وهربوا وتفرقوا، انظر الزرقاني وسببها أنه بلغه عليه السلام أن جمعا من قضاعة وهم بلي بفتح الموحدة وكسر اللام وعذرة بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة وبنوا القين بفتح القاف وسكون التحتية قد تحمعوا للإغارة فعقد لعمرو لواء أبيض وبعثه في ثلاثمائة من سرات المهاجرين والأنصار بفتح السين المهملة وقد تضم أي خيارهم ومعهم ثلاثن فرسا فسار الليل وكمن النهار فلما وصل إلى الماء المسمى بالسلاسل بلغه أن لهم جمعا كثيرا، فبعث أبا رافع بن مكيث بفتح الميم وكسر الكاف وسكون التحتية فمثلثة الجهني إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يستمده فبعث له أبا عبيدة أمين الأمة وعقد له لواء وبعث معه مائتين من سرات المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر وأمره أن يلحق بعمرو فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس فقال عمرو إنما قدمت على مددا وأن الأمير وكان أبو عبيدة لينا
سهلا فأطاع لعمرو فكان عمرو يصلى بالناس فسار حتى وصل إلى العدو فحمل عليهم المسلمون حملة رجل واحد وهم غافلون انهزموا وتفرقوا في البلاد، قال البلاذري وقتل منهم مقتلة عظيمة وغنم وقال بعضهم لم تكن هناك غنائم تقسم، وروي أن عمرا أمرهم في تلك الغزوة أن لا يوقدوا نارا وأنكر ذلك عمر فقال له أبو بكر دعه فإن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لم يبعثه علينا إلا لعلمه بالحرب فسكت ولما انهزموا أراد المسلمون أن يتبعوهم فمنعهم عمرو فلما قدموا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فسأله فقال كرهت أن أذن لهم أن يوقدوا نارا فيرى عدوهم قلتهم. وكرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد فحمد أمره قال عمرو فحدثت نفسي أنه لم يبعثني على قوم فيهم أبو بكر وعمر إلا لمنزلتي عنده فقلت يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ فقال عائشة؟ فقلت إني لست أعني النساء، إني أعني الرجال، فقال أبوها، فقلت ثم من؟ قال ثم عمر بن الخطاب، فعد رجالا، فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم. وفي الحديث جواز تامير المفضول على الفاضل إذا امتاز المفضول بصفة تتعلق بتلك الولاية، انظر الزرقاني.
فائدة:
بلي هو أبو قبيلة كبيرة وهو ابن عمرو بن الحارث بن قضاعة، وعذرة أبو قبيلة كبيرة أيضا وهو ابن سعد بن هذيم بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بضم اللام بن الحارث بن قضاعة وبنو القين ويقال لهم بلقين مثل بلحارث قبيلة من قضاعة أيضا.
وللعراقي:
(فبعث عمرو وهو ابن العاصي
…
إلى قضاعة بمرمى قاصي)
(ذات السلاسل وكان من معه
…
عد ثلاثمائة مجتمعه)
(فبلغ ابن العاصي كثر الجمع
…
أرسل يستمد قدر الوسع)
(أرسل له أبا عبيدة ورد
…
في مائتين منهما شيخا الرشد)
(العمران يلحقان عمرا
…
فلحقوه ثم ساروا طرا)
(حتى لقوا جمعا من الكفار
…
فهرب الكفار للأدبار)
قوله بمرمى قاصى أي محل بعيد وخص عمرا بالإرسال لأن له فيهم رحما لأن أم أبيه من بلى ولعلمه بالحرب، والكثر بالم نقيض القلة والعمران بدل من قوله شيخا الرشد واللام في قوله بالأدبار بمعنى على أي انهزموا.
ثم سرية الخبط بفتح المعجمة والموحدة وهو ما يسقط من الشجر إذا ضرب بنحو عصى سميت بذلك لأنهم أكلوا فيها الخبط، وتسمى سرية أبي عبيدة لأنه أميرها، وسماها البخاري غزوة سيف البحر والسيف بكسر المهملة فتحتية ساكنة ففاء ساحل البحر وفي تسميته لها غزوة جرى على غير إصطلاح أهل السير إذ لم يحضرها المصطفى صلى الله عليه وسلم لكن الأقدمين لا يراعون ذلك غالبا انتهى.
بعثه عليه الصلاة والسلام في ثلاثمائة يعترض عيرا لقريش كما في الصحيحين وفي مسلم أيضا عن جابر إلى أرض جهينة ولا منافاة بينهما فالجهة أرض جهينة والقصد تقلى عير قريش وهي الإبل المحملة طعاما وغيره لكن في كتب السير أن البعث لحي من جهينة بالقبلية بفتح القاف والموحدة مما يلي ساحل البحر وبينها وبين المدينة خمس ليال ولعل البعث للمقصدين رصد عير قريش ومحاربة حي من جهينة قال ابن سعد وكانت في رجب سنة ثمان وفيه نظر فإن تلقى عير قريش ما يتصور أن يكون في هذه المدة لأنهم كانوا حينئذ في الهدنة والصحيح أن تكون هذه السرية سنة ست أو قبله قبل هدنة الحديبية نعم، يحتمل أن تلقيهم للعير ليس لمحاربتهم بل لحفظهم من جهينة والله أعلم.
قال الحافظ بن حجر لكن قال شيخ الإسلام ابن العراقي في شرح «التقريب» قالوا وكانت هذه السرية في رجب سنة ثمان وذلك بعد نكث قريش للعهد وقبل الفتح فإنه أي الفتح كان في رمضان من السنة المذكورة انتهى، قاله في المواهب.
قال الزرقاني وبه يسقط النظر. وقال في قوله المحملة طعاماً وغيره هذا بحسب الاستعمال المشتهر فلا ينافي انها في الأصل التي تحمل