المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ شكرتك يد افتقرت بعد غنى - نزهة الأفكار في شرح قرة الأبصار - جـ ٢

[عبد القادر المجلسي]

فهرس الكتاب

- ‌ سرية عبد الله بن عتيك

- ‌ سرية عبد الله بن رواحة

- ‌ قصة عكل وعرينة

- ‌ بعث عمرو بن أمية

- ‌وابتاع قيس بن سعد الجواد بن الجواد جزرا

- ‌ ثم بعث خالد سيف الله

- ‌ ثم بعث قيس بن سعد بن عبادة

- ‌ ثم سرية عبد الله بن عوسجة

- ‌ ثم سرية علي بن أبي طالب

- ‌ شكرتك يد افتقرت بعد غنى

- ‌(وقيل في النضير مع واد القرى…قاتل

- ‌ وأما غزوة الغابة

- ‌(بيان أزواج النبي المصطفي

- ‌(وهاجرا فى الدين هجرتين

- ‌ومن مناقبها أنه شهد بدرا سبعة من أهلها:

- ‌ أن أبا سلمة هو أول من هاجر إلى المدينة

- ‌الوصيلة الناقة التى وصلت بين عشرة أبطن

- ‌ الحمد لله الملك القدوس، السلام

- ‌(بيان أولاد النبي أحمدا

- ‌والجمهور على أن مريم لم تكن نبية

- ‌ أن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي

- ‌ أما حسن فإن له هيبتى وسؤددي وأما حسين فإن له جودى وجرأتى

- ‌(بيان أعمام النبي المصطفي

- ‌ حمزة أسد الله وأسد رسوله

- ‌وكان عمر يستسقي بالعباس عام الرمادة

- ‌(عماته صفية المبره

- ‌(أخواله الأسود مع عمير

- ‌(بيان ما له من الموالي

- ‌(أما سراريه سوى القبطية…فهي ثلاث

- ‌(بيان حراس النبي المصطفى

- ‌ وقصة اليهودي الذي أظهر الإسلام والتنسك

- ‌(بيان رسل المصطفى لمن ملك: )

- ‌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من محمد

- ‌ إلى المقوقس بعد البسملة من محمد

- ‌ لطيفة وهي إسلام صحابي على يد تابعي

- ‌ إما أن اليمامة سيظهر فيها كذاب

- ‌ وهو أول من بنى مسجدا فى أرض الكفر

- ‌ من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب:

- ‌(بيان من كان من الكتاب له

- ‌ وقتله بعد أن أحرم فى صلاة الصبح أبو لؤلؤة فيروز

- ‌ احذر لئلا تهلك أن تعتقد أن أحدا من الصحابة

- ‌ أمه سمية فكانت أول شهيد في الإسلام

- ‌ وروى إنها القرية التي كانت حاضرة البحر

- ‌(بيان من يقطع بالجنان…لهم

- ‌ وهو أول من أذن للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌ جبريل أعان حسان بسبعين بيتا

- ‌(بيان ما له من السلاح)

- ‌ لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي

- ‌ من الأسياف السبعة التي أهدت بلقيس إلى سليمان

- ‌ درع داوود التي لبسها حين قتل جالوت

- ‌ إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك

- ‌ فراش للرجل وفراش لامرأته والثالث للضيف

- ‌ كسري وقيصر على الخز والديباج

- ‌ فطلبته الناس يحملون عليه موتاهم

- ‌ لأن صيانة العرض بترك سنة واجب

- ‌ النعل]

- ‌(بيان بعض معجزات المصطفى

- ‌ ولنذكر أولاً حديث مسلم في الإسراء

- ‌ من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين

- ‌ اقتلع قرى قوم لوط وحملها على جناحه

- ‌ لم يكن الوجوب مبرماً

- ‌ وذكره ابن الجوزي في الموضوعات فأخطأ

- ‌ أن فيه لعنكبوتاً أقدم من ميلاد محمد

- ‌ الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز

- ‌ والأصح أنها نعجة بيضاء

- ‌ وأما سجود الجمل له فعن أنس

- ‌ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه

- ‌ لا حاجة لي بهما وجدت الله خيراً لي منهما

- ‌ بل تغرسني في الجنة فيأكل مني أولياء الله

- ‌ وكان عتبة أطيب منهن ريحاً مع أنه لا يمس طيباً

- ‌ودعا لمعاوية بالتمكين في البلاد فنال ذلك

- ‌ فجاء الأسد يتشمم وجوههم حتى ضرب عتيبة

- ‌ وهاتان العلامتان لم تكونا منذ خلقت الدنيا

- ‌ ومنها أن آدم وجميع المخلوقات خلقوا لأجله

- ‌(ذكر وفاته صلاة ربه…عليه

- ‌ اللهم في الرفيق الأعلى

- ‌ من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره

- ‌ من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات

- ‌(وجاء الخضر…معزيا لهم

- ‌(يا روضة طاب منها الرق والقلم

- ‌ من رآه بديهة هابه

- ‌ لولا هو عليه السلام ما خلق قمر ولا شمس ولا بر

- ‌تقول فيه بلسان ناعت…أبلج وجه

- ‌ من العباد من ينسى الله حفظته ذنوبه

- ‌ الراحمون يرحمهم الله

الفصل: ‌ شكرتك يد افتقرت بعد غنى

خزانته ثلاثة أسياف، الرسوب بفتح الراء وضم السين المهملتين وسكون الواو سمي بذلك كما في المناوي لأنه يغيب في المضروب من رسب إذا ذهب إلى أسفل، والمخذم بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الذال وهو السيف القاطع وسيف يقال له اليماني ووجدوا فيها ثلاثة أدراع وغنموا سبيا ونعما وشاء وفضة فلما كان بركك بفتح الراء والكاف والأولى موضع ببلاد طيء لا يعرف عزل له عليه السلام صفيا الرسوب والخذم ثم صار له السيف الآخر وعزل الخمس وآل حاتم فلم يقسمهم وذكر بعضهم أنه وهب الرسوب والمخذم لعلي وكان في السبي سفانة بفتح السين المهملة وشد الفاء فألف فنون فتاء تأنيث بنت حاتم الطيء وهي في الأصل الدرة فأسلمت ومن عليها أي أطلقها عليه السلام فدعت له فقالت‌

‌ شكرتك يد افتقرت بعد غنى

، وملكتك يد استغنت بعد فقر، وأصاب الله بمعروفك مواضعه ولا جعل لك إلى لئيم حاجة ولا سلب نعمة عن كريم قوم إلا وجعلك سببا لردها عليه وكان إطلاقها سبب إسلام أخيها عدي إذ خرجت حتى قدمت عليه بالشام فقال لها ما ترين في هذا الرجل قالت أرى والله أن تلحق به سريعا فإن يك نبيا فللسابق إليه فضيلة وإن يك ملكا فلن تزال في عز اليمن وأنت أنت، فقال والله إن هذا هو الرأي فقدم وأسلم وكان كريما فروى أحمد أن رجلا سأله مائة درهم فقال تسألني مائة درهم وأنا ابن حاتم والله لا أعطيك. وروي عنه أنه قال ما دخل وقت صلاة قط إلا وأنا أشتاق إليها- انظر الزرقاني. وللعراقي:

(بعث علي بعده ليهدما

الفلس بالفاء وكان صنما)

(لطيء فشن غارة على

حلة آل حاتم حتى ملا)

(أيديهم سبيا وشاء ونعم

وخرب الفلس جميعا وغنم)

(أدرعا أي ثلاثة ومخذما

مع اليماني ورسوب مغنما)

فقسم السبي وآل حاتم

عزلهم لصاحب المراحم)

قامت له سفانة فاستامنت

محمدا فحين من أسلمت)

خرجت الشام إلى عدي

بشورها جاء إلى النبي)

ص: 37

(وذكر ابن سعد أن المرسلا

في البعث خالد كما قد نقلا)

قوله شن غارة أي فرق الجيش من كل وجه ووقفت على نعم بلغة ربيعة، وقوله ومخذما التي كانوا يسمونها بذلك، وآل بالرفع مبتدأ خبره عزلهم، والشام منصوب بنزع الخافض، وقوله بشورها أي بإشارتها عليه، وقوله وذكر الخ .. يعنى أن بن سعد ذكر أن الذي أرسله المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم في البعث المذكور هو خالد بن الوليد- انظر المناوي، ولا يمكن الجمع بينهما فإن خالدا كان في جيش علي لأن جيش علي كان كله من الأنصار، والله أعلم، قاله الزرقاني. ثم سرية عكاشة بضم العين وشد الكاف وتخفيفها وشين معجمة قاله الزرقاني وغيره وقال المناوي بفتح أوله مع التشديد وبضمها مع التخفيف ابن محصن كمنبر السدي البدري وممن يدخل الجنة بغير حساب كما في الصحيحين بعثه عليه السلام إلى الجباب بكسر الجيم وموحدتين بينهما ألف أرض عذرة بضم المهملة وسكون الذال وبلى، بفتح الموحدة وكسر اللام قبيلتان كلاهما من قضاعة بضم القاف وقيل أرض فيها ولا سببها- انظر المواهب وشرحها. وللعراقي:

(فبعثه عكاشة بن محصن

ثانية إلى الجباب موطن)

(لغطفان أو بلى وعذرة

وبين كلب وبني فزارة)

وقوله ثانية أي مرة ثانية، وبلى إشارة للخلاف أي وقيل بلى، وقوله أو بين كلب الخ، أي قيل بين ديار بني كلب وديار بني فزارة بفتح الفاء والزاء ولعذرة فيها شركة، قاله المناوي. ثم بعث خالد بن الوليد في رجب سنة تسع عند رجوعه من تبوك في أربعمائة وعشرين فارسا إلى أكيدر بضم الهمزة وفتح الكاف وسكون التحتية وفتح المهملة ابن عبد الملك النصراني المختلف في إسلامه الأكثر على أنه قتل كافرا قاله الزرقاني وهو مخالف لما في القاموس أنه كأجير وكان ملكا عظيما لهرقل بدومة الجندل ودومة بفتح الدال

ص: 38

وضمها حصن وقرى من طرق الشام عرفت بدومة بن إسماعيل وقال له خالد كيف لي به وهو وسط بلاد كلب وإنما أنا في أناس يسيرين فقال عليه السلام إنك ستجده ليلا يصيد البقر فتأخذه فيفتح الله لك دومة فإن ظفرت به فلا تقتله وأت به إلي فإن أبى فاقتله، فخرج خالدا حتى كان من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة صائفة، وهو على سطح له ومعه امرأته الرباب بكسر الراء وموحدتين وقينة تغنيه وقد شرب فبانت البقر تحك بقرونها باب الحصن، فقالت له امرأته هل رأيت مثل هذا قط، قال لا والله، قالت فمن يترك هذه، قال لا أحد. وفي رواية ولقد كنت أضمر لها الخيل اليومين والثلاثة وفي لفظ شهرا، ولكن قدر الله ونزل فأسرج فرسه وخرج هو وأخوه حسان في نفر فشدت عليه خيل خالد فاستأسر أكيدر فقتل أخاه حسان وهرب من كان معهما، فدخل الحصن فأغلقوه ثم أجار خالد أكيدر من القتل حتى يأتي به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على أن يفتح له دومة، فانطلق به خالد حتى أدناه من الحصن فنادى أكيدر أهله، أن افتحوا باب الحصن فأبى مضاد أخو أكيدر، فقال أكيدر لخالد إنهم لا يفتحون ما رأوني في وثاقك فحل عني فلك الله والأمانة أن أفتحه لك إن أنت صالحتني على أهلي فصالحه على ألفي بعير وثمان مائة فرس، وأربع مائة درع وأربع مائة رمح على أن ينطلق به وبأخيه إلى رسول الله عليه السلام فيحكم فيهما حكمه فلما قاضاه على ذلك خلى سبيله ففتح الحصن فدخل خالد وأوثق مضادا وأخذ ما صالح عليه ثم قدم خالد بأكيدر عليه صلى الله تعالى عليه وسلم فحقن له دمه وصالحه على الجزية فرجع إلى قريته. وللعراقي:

(فبعثه إلى أكيدر دومة

ابن الوليد خالدا في فئة)

(قال يا خالد سوف تجده

وهو يريد بقرا يصيده)

(فأرسلت بقر وحش حكت

قرونها حائطه في ليلة)

نشطة ذاك يصيد البقرا .. شدت عليه خيله فاستأسرا)

ص: 39

(أجاره خالد ثم صالحه

على رقيق ودروع صالحه)

(مع رماح وجمال ورحل

معه إلى النبي بعدما فصل)

وسكن أكيدر للضرورة وبفتح الدال ضبطه المناوي وقال أنه رجل من كندة وكان نصرانيا، ويصيده بفتح التحتية وصاد مهملة ومثناة مشددتين وأرسلت مبني للمجهول أي أرسلها الله، وقرونها فاعل حكت، ونشطه بفتح النون والشين المعجمة، وقوله ذاك أي في ذاك كونه يصيد، واستأصر أسلم نفسه أسيرا، وقوله وفصل بفتح الفاء والصاد المهملة أي بعد انفصال أمر الصلح انتهى من المناوي. ثم بعث إلى اليمن أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل، كل منهما على مخلاف، قالوا واليمن مخلافان، وكان هذا البعث في ربيع الآخر سنة تسع عند أهل المغازي وقال البخاري سنة عشرة قبل حجة الوداع والمخلاف بكسر الميم وسكون المعجمة آخره فاء الناحية، ويطلق على المدينة، وكانت جهة معاذ العليا إلى صوب عدن وجهة أبي موسى السفلى، وقال لهما يسرا من اليسر أي سهلا ولا تعسرا، أي لا تشددا، أي عاملا بالرفق في الأمور فأقيما الأحكام مطابقة للأمر لكن برفق وبشرا ولا تنفرا. وفي البخاري قال لمعاذ إنك ستأتي قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعوهم أن يشهدوا أن لا أله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوك فاخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب، أي صارف يصرفها. ثم بعث خالد بن الوليد قبل حجة الوداع في ربيع الأول سنة تسع وقيل في ربيع الآخر وقيل جمادي الأولى إلى بني عبد المدان، بوزن سحاب اسم صنم قبيلة يقال لها بنو الحارث بنجران بفتح النون وسكون الجيم مدينة بالحجاز من شق اليمن سميت بنجران بن زيد لأنه

ص: 40

أول من نزلها قاله المناوي، وقال الزرقاني موضع باليمن سمي بنجران بن زيد بن سبيء وأمر عليه السلام خالدا أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم، فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا، وأقام خالد يعلمهم الإسلام والكتاب والسنة وبذلك أمره أنهم إن أسلموا ولم يقاتلوا. ثم كتب إليه عليه السلام بذلك فكتب إليه أن يقدم ومعه وفدهم، فقدموا فأمر عليهم قيس بن الحصين فرجعوا إلى قومهم. وللعراقي:

(فبعثه أيضا إلى عبد المدان

أو لبني الحارث نحو نجران)

(أتاهم فأسلموا فأقبلوا

معه إلى النبي حتى وصلوا)

الضمير في بعثه لخالد وقوله أيضا، أي بعد بعثه لأكيدر. ولم يذكر العراقي بعث إلى بني الحارث بن كعب، قاله المناوي ومقتضى صيغ المواهب وشرحها أنه ليس بخلاف وعليه فأو لتنويع الاسم والله تعالى أعلم. ولفظ المواهب إلى بني عبد المدان قال الزرقاني قال في الأرض واسم عبد المدان عمرو بن الديان واسم الديان يزيد بن القطن بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كعب- انتهى المراد والله أعلم. ثم بعث علي بن أبي طالب، قيل مرتين إحداهما إلى همدان فأسلمت همدان كلها في يوم واحد، ولما بعثه إلى اليمن عقد له لواء، قال الواقدي أخذ عمامته فلفها مثنية مربعة فجعلها في رأس الرمح ثم دفعها إليه وعممه بيده ثلاثة أكوار فجعل له زراعا بين يديه وشبرا من ورائه وقال أمض ولا تلتفت، وقال علي يا رسول الله ما أصنع؟ فقال إذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك وادعهم إلى قول لا إله إلا الله فإن قالوا نعم فمرهم بالصلاة غ، أجابوا فلا تبغي منهم غير ذلك، والله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس أو غربت ولما بعثه قال يا رسول الله تبعثني إلى قوم أسن مني وأنا حديث السن لا أبصر القضاء، قال علي فوضع يده في صدري وقال اللهم ثبت لسانه أي

ص: 41

اجعله دائما على النطق بالحق وأهد قلبه. وقال يا علي إذا جلس إليك الخصمان فلا تقتص لأحدهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء. قال علي والله ما شككت في قضاء البلاد وهي بلاد مذحج فلما انتهى إلى تلك الناحية فرق أصحابه فأتوا بنهب غنائم ونساء وأطفال ونعم وشاء وغير ذلك ثم لقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ورموا المسلمين بالنبل والحجارة وخرج رجل من مذحج يدعو إلى البراز فبرز إليه الأسود بن خزاعي فقتله الأسود وأخذ سلبه ثم حمل عليهم بأصحابه فقتل منهم عشرين رجلا فانهزموا وتفرقوا فكف عن طلبهم ثم لحقهم فدعاهم إلى الإسلام وقالوا نحن على من ورائنا من قومنا وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله. وللعراقي:

(بعث علي بعده إلى اليمن

وهي بلاد مذحج ففرقن)

(أصحابه جاؤه بالنساء

وولدهم ونعم وشاء)

(ثم دعاهم لم يجيبوا فقتل

منهم رجالا نحو عشرين رجل)

فانهزموا فكف ثم إذ دعى

ثانية أجاب بعض مسرعا)

فأسلموا وجمعوا الغنائما

خمسها لله ثم قسما)

قوله مذحج هو بضم الميم وسكون الذال المعجمة وكسر الحاء المهملة وجيم وقيل بفتحها مع فتح الميم، وفرقن بنون التوكيد الخفيفة، واحتفر بئرا باليمن فأصبحوا وقد سقط فيها أسد ونظروا إليه فسقط إنسان بالبئر فتعلق بآخر، فتعلق الآخر بآخر حتى كانوا في البئر أربعة فقتلهم الأسد فأهوى إليه رجل برمح فقتله فتحاكموا إلى علي فقال للأسفل ربع دية لأنه هلك فوقه ثلاثة وللثاني ثلث دية لأنه هلك فوقه اثنان وللثالث نصف دية لأنه هلك فوقه واحد وللأعلى دية كاملة، فلما أتوه عليه السلام أخبره فقال هو كما قضى، قاله المناوي، وقوله مذحج بضم الميم الخ، قال في القاموس ومذحج كمجلس أكمة، ولدت مالكا

ص: 42

وطيئا أمهما عندها فسموا مذحجا- انتهي. ولما قفل علي من اليمن وافى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بمكة قد قدمها للحج سنة عشر آخر البعوث النبوية. سرية ابن زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه وعن أبيه وجده إلى أهل أبنا بضم الهمزة وسكون الموحدة فنون فألف مقصورة ويقال بميم بدل الموحدة بالشراة بفتح المعجمة والراء جبل بالبلقاء وكانت ليوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة دعاه عليه السلام فقال له سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش، فأغر صباحا إلى أهل أبنا، وحرق عليهم وأسرع السير تسبق الأخبار فإن ظفرك الله فأقل اللبث فيهم وخذ معك الأدلاء وقد العيون والطلائع وهو أول جيش جهزه أبو بكر أي أنفذ تجهيزه لما بويع بعد وفاته عليه الصلاة والسلام لأنه كلم فيه فلم يقبل إلا إنفاذه لغزو الروم مكان مقتل أبيه المقتول بمؤتة بضم الميم وبالهمز وتركه وهي من عمل البلقاء فلا تخالف ولما كان يوم الأربعاء وقيل الاثنين وقيل السبت بدأ بالبناء للمفعول برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وجعه فحم وصدع بضم الصاد وكسر الدال المشددة أي حصل له صداع أي وجع في رأسه ولما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواءه بيده الشريفة وخرج أسامة بلوائه فدفعه إلى بريدة بن الحصيب بمهملتين مصغرا الأسلمي وعسكر بالجرف بضمتين وبضم فسكون فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلا انتدب وفيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وتكلم قوم فقالوا يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين وسمع عمر بعض ذلك فرده على من تكلم وجاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأخبره به فغضب غضبا شديدا فخرج صلى الله تعالى عليه وسلم وقد عصب رأسه وعليه قطيفة فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس ما مقاله بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ولئن طعنتم في تأميري أسامة فقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله وأيم الله إن كان زيد للإمارة لخليقا أي أهلا وإن ابنه من

ص: 43

بعده لخليق للإمارة فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم، ثم نزل عن المنبر فدخل بيته وذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول سنة إحدى عشرة وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويخرجون إلى العسكر بالجرف وهو ثلاثة آلاف: سبع مائة من قريش، فلما كان يوم الأحد اشتد برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وجعه فجعل يقول انفذوا بعث أسامة فدخل أسامة من عسكره والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم مغمور وهو اليوم الذي لدوه فيه فلما أفاق قال والله لا يبقى أحد في البيت إلا لد. فما بقي أحد إلا لد حتى ميمونة وهي صائمة فطأطأ أسامة فقبله والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا يتكلم فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعهما على أسامة، قال أسامة فعرفت أنه يدعو لي ورجع أسامة معسكره ثم دخل أسامة يوم الاثنين وأصبح مقيما فقال لأسامة اغد على بركة الله تعالى فودعه أسامة وخرج إلى معسكره فأمر الناس بالرحيل فبينما هو يريد الركوب إذا رسول أمه أم أيمن قد جاء يقول إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يموت، فأقبل هو وعمر وأبو عبيدة فتوفي عليه الصلاة والسلام حين زاغت الشمس أي مالت وذلك عند الزوال لاثني عشر ليلة خلت من ربيع الأول ودفن ليلة الأربعاء ولما توفي صلى الله تعالى عليه وسلم دخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف المدينة ودخل بريدة بلواء أسامة معقودا فغرزه عند باب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فلما بريع أبو بكر أمر بريدة أن يذهب باللواء إلى بيت أسامة ليمضي لوجهه فخرج إلى معسكره الأول وأمر أبو بكر مناديا أن لا يتخلف عن أسامة من بعثه من كان انتدب معه في حياة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فلم يتخلف عنه أحد وكلم أبو بكر أسامة أن يأذن لعمر في التخلف ففعل وخرج أسامة هلال ربيع الأخر في ثلاثة آلاف وفيهم ألف فارس وخرج أبو بكر يشيعه فركب أسامة من الجرف وسار أبو بكر إلى جنبه ساعة وقال استودع الله دينك وأمانتك وخواتم عملك سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوصيك فأنفذ

ص: 44