الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى عليه وسلم قد مات اليوم عبد صالح يقال له اصحمة، فقوموا فصلوا. وصففنا خلفه. وللدارقطني عن أبي هريرة فوثب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ووثبنا معه حتى جاء المصلى فقام وصففنا وراءه فكبر أربع تكبيرات، وعن عائشة لما مات النجاشي كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور أخرجه أبو داوود وترجم عليه النور يرى على قبره السناء نقله الزرقاني. ولفظ الكتاب كما في المواهب:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من محمد
رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة، أما بعد فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس والسلام وأشهد أن عيسى روح الله وكلمته ألقيها إلى مريم البتول، الطيبة الحصينة فحملت بعيسى من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته وان تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله وإني أدعوك وجنودك إلى الله تعالى وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي وقد بعثت إليكم ابن عمي جعفرا ومعه نفر من المسلمين. والسلام على من اتبع الهدى.
وبعث الكتاب مع عمرو بن أمية فقال النجاشي عندما قرأ الكتاب أشهد بالله انه النبي الأمي الذي ينتظره أهل الكتب وان بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل وأن العيان ليس بأشفى من الخبر عنه ولكن أعواني من الحبشة قليل، فانظرني حتى أكفر الأعوان وألين القلوب، ثم كتب النجاشي جواب الكتاب إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إلى محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من النجاشي أصحمة، سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركات الله الذي لا إله إلا هو، الذي هداني الإسلام، أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فما ذكرت من أمر عيسى ورب السماء والأرض ان عيسى عليه السلام لا يزيد على ما ذكر ثفروق انه كما ذكرت وقد عرفنا ما بعثت به إلينا فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت علي يديه لله رب العالمين وقد بعثت إليك بابني وإن شئت أتيتك بنفسي فعلت، فإني أشهد أن ما تقوله
حق، والسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته. انتهى كلام القسطلاني.
قوله أحمد إليك أي أنهي إليك حمده، وقوله روح الله أي ذو روح أضيف إليه تعالى تشريفا له لأنه أوجده بلا أب، ولأنه يحيي الموتى والقلوب، وألقاها أوصلها وكلمته هي كن.
وقول البيضاوي لعل جبريل تمثل لها شابا أمرد تستأنس بكلامه لتهيج شهوتها وتنحدر نطفتها إلى رحمها. قال السيوطي كان في غنية عن هذا الكلام الفاسد، ولكن هذا ثمرة التوغل في الفلسفة انتهى.
والحصينة بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين العفيفة وقوله ونفخته أي الله تعالى أي نفخ رسوله جبريل فهو عطف تفسير للروح، وفي القاموس من جملة معانيها النفخ وخلق آدم بيده أي بقدرته والموالاة المتابعة والمناصرة والهدى الرشاد، وراكب الحمار عيسى عليه السلام، وراكب الجمل نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم والعيان بكسر العين مشاهدة وأصحمة بوزن أربعة وحاؤه مهملة وقيل معجمة فميم وقيل بموحدة بدل الميم وقيل صحمة بغير ألف وقيل كذلك لكن بتقديم الميم وقيل بزيادة الميم في أوله بدل الألف، ويتحصل من هذا الخلاف في اسمه ستة ألفاظ ولم ارها مجموعة قاله في الإصابة وصوب النووي أولها وقيل اسمه سليم بضم السين وقيل حازم والثفروق بضم المثلثة وسكون الفاء وضم الراء وسكون الواو، ثم قاف علاقة ما بين النواة والقشر وأتيتك في محل المفعول، إن شئت أي اتياني وفعلت جواب الشرط هذا كله في الزرقاني.
وهذا النجاشي هو أصحمة الذي هاجر إليه المسلمون وكتب له عليه السلام كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام وكتابات ءاخر بأن يزوجه أم حبيبة وبعثهما مع عمرو بن أمية الضمري ونعاه وصلى عليه بالمدينة، وأما النجاشي الذي ولى بعده وكتب عليه السلام له يدعوه إلى الإسلام فكان كافرا لم يعرف إسلامه ولا اسمه وقد خلط بعضهم فظنهما واحد وفى
صحيح مسلم ما يصرح بأنهما اثنان أنظر المواهب والعراقي.
(أول ما أرسله النبي
…
لملك عمر هو الضمري)
(إلى النجاشي فلما قدما
…
نزل عن فراشه فأسلما)
(وأركب المهاجرين البحرا
…
إليه في سفينتين طرا)
(زوجة رملة عمر قبله
…
له ومهرها النجاشي بذله)
قوله وأركب المهاجرين إلخ .. أي إليه عليه السلام حين بعث إليه عليه السلام مع عمرو بن أمية أن يجهز إليه أصحابه. وطرا أي جميعا؛ وقوله زوجه رملة أي بنت أبي سفيان، وكانت هاجرت مع زوجها عبيد الله بالتصغير بن جحش فارتد ومات نصرانيا بأرض الحبشة والعياذ بالله تعالى. وقوله قبله أي قبل عمرو العقد عنه عليه السلام انتهى.
وبعث النجاشي ولده في ستين نفر من الحبشة إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في سفينة فغرقوا وذلك باثر بعثه جعفرا ومن معه في سفينة أخرى انتهى.
(ودحية إلى هرقل أرسلا
…
فشح
…
)
دحية مفعول أرسل بعده وصرفه ضرورة وهو بفتح الدال وكسرها وهو بلغة اليمن الرئيس، وشح بحاء مهملة أي بخل بملكة فلم يسلم حرصا على ملكه يعني أنه عليه السلام أرسل دحية ابن خليفة ابن فروة بن فضالة بن زيد بن امرئ القيس الكلبي وهو صحابي جليل يضرب به المثل في الحسن وكان جبريل ينزل في صورته وكان دحية إذا قدم المدينة، لم تبق معصر إلا خرجت تنظر إليه، قاله المناوي إلى هرقل وهو اسم ملك الروم ولقبه قيصر، وكتب له أي لدحية كتابا يدعو فيه قيصر إلى الإسلام فلم يجب بل شح بملكه، وءاثر الفانية على الباقية، ولو تفطن لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم أسلم تسلم، وحمل الخبر على عمومه أي في الدنيا والآخرة لسلم لو أسلم من كل ما يخافه، لكن
التوفيق بيد الله قاله الزرقاني عن الفتح. وكان ارسال دحية إلى هرقل في مدة صلح الحديبية كما في البخاري عن أبي سفيان وذلك كان سنة ست اتفاقا فما في تاريخ خليفة بن خياط احد شيوخ البخاري ان ارساله كان سنة خمس غلط لمخالفته للصحيح انظر الزرقاني، ولفظ الكتاب بعد البسلمة من محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفي رواية عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، وفي رواية إلى قيصر صاحب الروم: سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يوتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليم اثم الأريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون انتهى.
ولما رأى الكتاب غضب أخو قيصر غضبا شديدا واسمه يناق، بفتح التحتية وشد النون فألف فقاف، وقال ارم الكتاب، انه بدأ بنفسه وسماك صاحب الروم ولم يقل ملك الروم.
فقال له هرقل انك لضعيف الرأي، تريد أن أرمي بكتاب رجل ياتيه الناموس الأكبر، فإن كان رسول الله أنه لحق أن يبدأ بنفسه، ولقد صدق: أنا صاحب الروم. والله مالكي ومالكه، ثم أمر بإكرام دحية ورجع إلى حمص وجمع عظماء الروم وقال يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد آخر الأبد، وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي فصاحوا صيحة حمر الوحش إلى الأبواب ووجدوها قد غلقت فقال انما اختبرت شدتكم علي دينكم فقد رأيت منكم الذي أحببت، فسجدوا له ورضوا عنه. وفي رواية انه قال لهم: والله لقد قرأت فيما تقرؤن لياخذن ما تحت قدمي فهلم إلى ان نتبعه فنخروا نخرة رجل واحد فلما ظن أنهم ان خرجوا من عنده أفسدوا عليه الروم، قال إنما قلت لأعلم صلابتكم على أمركم. وفي رواية ابن حبان انه قارب الإجابة ولم يجب، فدل على استمراره على الكفر فإطلاق صاحب الاستيعاب انه آمن أي أظهر التصديق لكنه لم
يستمر عليه، بل شح بملكه وآثر الفانية نقله الزرقانى عن ابن حجر.
وهرقل كدمشق على المضهور وحكى سكون الراء وكسر القاف وبه جزم القزاز وقيصر اسم لكل من ملك الروم ودعاية الاسلام بكسر الدال أى الكلمة الداعية إليه وبيان الكلمة قوله اسلم إلخ .. وتسلم بفتح اللام وإيتاؤه الأجر مرتين لإيمانه بنبيه ثم بالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم وقوله فإن عليك اثم الأريسيين أى مع اثمك والأريس بفتح الهمزة وكسر الراء فياء ساكنة الأكار أى الفلاح أى الحراث، ولفظ ابن اسحاق الأكارين زاد الزرقانى يعنى الحراثين، قال ابن عبيد المراد بهم أهل مملكته وكل من يزرع فهو عند العرب فلاح سواء كان ذلك بنفسه أو بغيره، وقوله سواء بيننا أى لا نختلف فيها أى لا يختلف فيها النوراة والقرآن والإنجيل وهو أن لا نعبد إلا الله إلخ .. وفى رواية اليريسين بقلب الهمزة ياء جمع يريس ككريم، وفى أخرى بشد الياء بعد السين، وفى أخرى الإريسين بشد الراء.
وللعراقى:
(ودحية أرسله لقيصرا
…
وهو هرقل فقضا واستكبرا)
قال المناوى ثبتت عنده نبوءته عليه السلام فلم يوافقه الروم فخاف على ملكه فاستكبر على الايمان لكنه أمر بإكرام دحية ويقال إنه جعل الكتاب فى قصبة من ذهب تعظيماً له فأخبر دحية بذلك المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم فقال ثبت الله ملكه، فلم تزل ذريته تتوراث ذلك الكتاب جيلا بعد جيل انتهى منه.
(ثم ابن حذافة الى
…
كسرا فمزق الكتاب مزقا)
قوله ابن بالنصب عطفا على دحية وحذافة بضم أوله، وكسرى بفتح الكاف وكسرها، قال ابن الأعرابى وهو الأفصح واختاره أبو حاتم وأنكره الزجاج ورده ابن فارس وكسرى لقب كل من ملك الفرس ومعناه المظفر.
واسم كسرى هذا إبرويز بفتح الواو وكسرها ويقال له ابرواز وآخره زاى معجمة، ومقتضاه فتح همزته قال السهيلى ومعنى ابرويز المظفر انتهى. ومعنى كسرى وابرويز واحد وهو ابن هرمز. ومزق الثانى مبنى للفاعل معناه قطع وفاعله ضمير كسرى والكتاب مفعوله ومزق الثانى مينى للمفعول ونائبه ضمير كسرى ولفظه الماضى ومعناه الدعاء أى مزقه الله يعنى أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أرسل عبد الله بن حذافة السهمى وكان من المهاجرين الأولين إلى كسرى بن هرمز وكتب له كتابا وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين وهو المنذر بن ساوى بالمهلة وفتح الواو الممالة نائب كسرى على البحرين فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأ الكتاب مزقه أى خرقه وقطعه فدعا عليهم المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق بفتح الزاى فيهما أى يتفرقوا ويتقطعوا فاستجاب الله له فسلط الله على ابراويز ابنه شرويه فقتله ثم قتل اخوته وكان أبوه لما علم ان ابنه يقتله احتال على قتل ابنه بعد موته فعمل فى بعض خزائنه المختصة به حقاً مسموما وكتب عليه حق الجماع من تناول منه كذا جامع كذا فتناول منه شيرويه فهلك بعد أبيه بستة أشهر، فلم يخلف ذكرا وملكوا أخته بوران بضم الموحدة ثم ملكوا أختها ازدميرخت فجر ذلك إلى ذهاب ملكهم ومزقوا كما دعا به عليه السلام نقله الزرقانى.
وقيل بعث له الكتاب مع عمر بن الخطاب، قال الحافظ فلعله بعثه إلى كسرى مرتين وقيل بعثه مع خنيس، ابن خذافة وهو غلط لأنه مات بأحد، فتأيمت منه حفصة، وبعث الرسل كان سنة سبع وقيل مع خارجة ابن حذافة ولا يصح لأن خارجة كما فى الإصابة من مسلمة الفتح ولفظ الكتاب بعد البسملة من محمد رسول إلى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، ادعوك بدعاية الله عز وجل فإنى رسول الله إلى الناس كلهم لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين أسلم تسلم، فإن توليت فإن عليك اثم المجوس، ذكره فى
المواهب. وقال فلما قرأ عليه الكتاب مزقه وبلغ ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال مزق ملكه. انتهى.
قال شارحه دعاء أة إخبار ويؤيد الأول قوله الآتى: فدعا عليهم وهرمز والد كسرى وأبوه أنو شروان وهو كسرى الأكبر بانى الإيوان وملك ثمانيا وأربعين سنة، وقيل انه هو الذى كتب إليه المصطفى عليه الصلاة والسلام قال الحافظ وفيه نظر لأنه عليه السلام أنذر بأن ابنه يقتله والذى قتله ابنه هو كسرى إبرويز بن هرمز قال الحافظ ولم تجر العادة الشرعية ولا العرفية بابتداء المراسلات بالحمد وقد جمعت كتبه صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الملوك وغيرهم ولم يقع فى واحد منها البداءة بالحمد، بل بالبسملة.
وقوله وآمن بالله إلخ .. أكد فى هذا الكتاب وأوضح البيان لأن أهله مجوس لا يقرؤون الكتب بخلاف قيصر، وقوله بدعاية الله بكسر الدال، ولينذر بالياء وفى نسخة بالهمز، ولم يقل هنا ويوتك الله أجرك مرتين، لأنه مجوسى عابد نار ولا كتاب له، وقيل ان المجوس كان لهم كتاب فبدلوه وقوله فإن عليك اثم المجوس أى مع اثمك، وللعراقى نفعنا الله تعالى به:
(وابن حذافة مضى لكسرى
…
فمزق الكتاب بغيا نكرا)
وحذافة بضم الحاء وذال معجمة وكسرى لقب لكل من ملك فارس، فمزق الكتاب وبعث إليه عليه السلام ترابا ونكرا أى منكرا، فقال عليه السلام: مزق الله ملكه بعث إلى بتراب أما إنكم ستملكون أرضه.
وأرسل كسرى إلى عامله باليمن باذان ان ابعث رجلين جلدين الى هذا الرجل لياتيانى بخبره فبعث قهرمانه ورجلا آخر وكتب معهما كتابا فقدما على المصطفى فتبسم ودعاهما إلى الإسلام وفرائصهما ترتعد، ثم قال ارجعا عنى يومكما حتى الغد، فأتياه فقال ان صاحبكما باذان قتل
ربه فى هذه الليلة ان الله سلط عليه ابنه فقتله فرجعا إلى باذان بذلك فأسلم ولما مات باذان ولى المصطفى ابنه صنعاء وأعمالها انتهى من المناوى.
(وحاطبا إلى المقوقس ارتقا)
وحاطبا بالنصب عطف على دحية وارتقا الظاهر أنه حشو ومعناه علا وارتفع أى وأرسل حاطبا بن ابى بلتعة بفتح الموحدة والمثناة الفوقية بينهما لام ساكنة المتفق على شهوده بدرا إلى الممقوقس بضم الميم فقاف مفتوحة فواو ساكنة فقاف مكسورة فسين مهملة لقبه ومعناه المطول البناء قاله البرهان. وفى القاموس وحياة الحيوان انه لقب له. ولطائر مطوق طوقا سواده فى بياض كالحمام وليس فيهما ما يشعر بالوصف الذى ذكره البرهان قاله الزرقانى. ومتعلق ارتقا محذوف أى إليه يعنى المقوقس ومعنى البيت أنه عليه السلام أرسل حاطبا إلى المقوقس فوجد المقوقس فى مجلس مشرف على البحر فركب سفينة وحاذى بها مجلسه وجعل كتابه عليه السلام بين أصبعين من أصباعه فأشار به إليه فأمر بإحضاره فقرأ الكتاب فقارب الإسلام لكن لم يسلم على الصحيح كما أشار له بقوله:
(فقارب الإسلام حتى اهدى
…
جاريتين دلدلا وعبدا)
يعنى أن المقوقس قارب الإسلام حتى أهدى للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم هدية عظيمة ذكر منها الناظم رحمه الله تعالى جاريتين وهما مارية القبطية وأختها سيرين وبغلة يقال لها دلدل بضم الدالين المهملتين وهى أول بغلة ريثت فى الإسلام وكانت بيضاء وقيل شهباء وقال الحميدى كان ذكرا لا أنثى قاله المناوى ويأتى الكلام عليها إن شاء الله تعالى فى بغاله بأبسط من هذا.
وذكر منها أيضا عبدا وهو مابور القبطى المتقدم فى الموالى
وهو ابن عم مارية فقوله دلدلا بحذف العاطف ولم يذكر الناظم أختهما، قيصر بالصاد المهملة عند مغلطاى وبالسين المهملة عند اليعمرى وغيره مع أنه أهداها معهما فقد مر ذكرها فى الموالى وأهدى له أيضا حماره يعفورا وألف مثقال ذهبا وعشرين ثوبا لينا وقدحا من قوارير وعسلا من عسل بنهى بضم الموحدة وكسرها قرية من أعمال مصر كذا فى المناوى وفى الزرقانى انها بفتح الموحدة وكسرها وأهدى له مكحلة، عيدان شامية ومرءاة ومشطا وفرسا يقال له لزاز بزايين وأعطى لحاطب مائة دينار وخمسة أثواب كما فى المناوى.
وللعراقى:
(وحاطب أرسل للمقوقس
…
فقال خيرا ودنا لم يوئس)
(أهدى له مارية القبطيه
…
وأختها سيرين مع هديه)
(من ذهب وقدح ومن عسل
…
وطرف من مصر من بنها العسل)
واسم أبى بلتعة عمرو بن عويمر بن سلمة اللخمى حليف قرش والمقوقس ملك مصر، نسبت إلى بانيها الاسكندر الرومي، واسم المقوقس جريج بضم الجيم الأولى بن مينا بن قرقوب ويلقب به كل من ملك الإسكندرية ومصر وقيل ملك مصر والشام فرعون فإن أضيف إليهما الاسكندرية بالعزيز كما في سيرة مغلطاي وهو عظيم القبط بالكسر والواحد قبطي على القياس والقبط اسم لنصارى مصر، ولم يسلم المقوقس كما مرّ وغلط ابن الأثير وغيره من الحفاظ ابن مندة وأبو نعيم وابن نافع وابن قانع في ذكرهم له في الصحابة فيقول العراقي: أي دنا إلى الإسلام، ومارية بتخفيف الياء أصلها البقرة وقوله قدح أي من قوارير وكان يشرب فيه المصطفى والطرف بضم الطاء المهملة جمع طرفة وهى ما يسطرف أي يستملح انتهى ملخصا من المناوي والزرقاني.