الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا الحديث كله رواه الطبراني يعني الحديث المار، وروى البخاري عن أنس قال إن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير، والشرطة بضم المعجمة والراء وقد تفتح الراء، الواحد شرطي أي بمنزلة كبيرهم وهم أعوان الولاة سموا بذلك لأنهم نخبة الجند وشرطة كل شيء خياره وقيل لأن لهم علامات يعرفون بها، قاله الزرقاني:
(بيان من يقطع بالجنان
…
لهم
ومن أذن للعدناني)
أي هذا بيان القوم الذين يقطع لهم بدخول الجنة من أصحابه صلى الله تعالى عليه وسلم، وبيان من كان يؤذن للمصطفى عليه السلام. نسبه الناظم إلى جده الأعلى عدنان وأشار إلى بيان من ذكر فقال:
بادئا بعد من يقطع له بالجنة
(يقطع) بالبناء للمعفول ونائبه قوله (بالجنة) أي بدخولها، (والإكرام لعشرة) من أصحابه صلى الله تعالى عليه وسلم وهم أفضلهم، وقوله (للخلفا الأعلام) المجرور وما عطف عليه بدل من قوله لعشرة والخلفاء بالمد جمع خليفة وقصره للضرورة، والأعلام جمع علم بالتحريك وهو السيد وسموا خلفاء لأنهم خلفوا المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم في حراسة ما أتى به وسياسة الدنيا، وقد أشار عليه السلام كما في تحقيق المباني إلى مدة خلافتهم بقوله الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا عضوضا، ولهذا قال معاوية لما ولى بعد انقضاء ثلاثين أنا أول الملوك، انتهى كلام التحقيق.
وقوله ملكا عضوضا أي يكثر فيه الظلم، كأن أهله يعضون، وهذا تحديد إن ضم إلى ذلك خلافة الحسن، وإلا فتقريب، قاله الشيخ زكرياء في شرح طوالع البيضاوي.
وقد مر أن خلافة الصديق سنتان ونصف، أو سنتان وثلاثة عشر يوما، وخلافة علي أربع سنين وتسعة أشهر وثمانية أيام. والله تعالى أعلم.
أما أبو بكر فكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة، وفي الإسلام عبد الله بن أبي قحافة بضم القاف واسمه عثمان بن عامر بن عمر، بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة وقعدده إلى مرة، مستو مع قعدده صلى الله تعالى عليه وسلم، وأمه أم الخير سلمى بنت صخر بن مالك بن عامر المار فهي تميمية أسلمت قديما في دار الأرقم بن أبي الأرقم وأسلم أبو قحافة يوم الفتح، وفي الحديث إن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق، وفيه ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيئين والمرسلين علي أفضل من أبي بكر، وفيه تأتي الملائكة بأبي بكر مع النبيين والصديقين تزفه إلى الجنة زفا، وفيه يا أبا بكر إن الله سماك الصديق وفيه أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة، وفيه الله أجعل أبا بكر معي في درجتي يوم القيامة.
وكان يلقب عتيقا إما لجماله أو لأنه ليس في نسبه ما يعاب، أو لعتقه من النار وأما عمر فهو ابن الخطاب بن نفيل مصغرا، بن عبد العزى بن رباح بكسر الراء بعدها تحتية فألف فمهملة بن عبد الله ابن قرط بضم القاف ابن رزاح براء مفتوحة فزاي فألف فمهملة ابن عدي بن كعب بن لؤي وما مر من فتح رزاح هو في الزرقاني، وفي الحلة السيرا أنه ككتاب وسحاب وعلى الفتح اقتصر المجد، ويكنى أبا حفص لشجاعته والحفص ولد الأسد، ويلقب بالفاروق لأنه فرق بين الحق والباطل ولأنه أظهر الإسلام بمكة ففرق بين الإيمان والكفر، انظر القاموس. واختلف في أول من لقبه بذلك فقيل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم رواه ابن أبي شيبة، وقيل جبريل رواه البغوي وقيل أهل الكتب، ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة وهو آخر من أسلم في دار الأرقم المخزومي وكان عند
المبعث شديدا على المسلمين ثم أسلم بعد إسلام حمزة بثلاثة أيام بدعوته صلى الله تعالى عليه وسلم، اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر، وعن ابن مسعود كان إسلام عمر عزا وهجرته نصرا أسلم عمر. وفي البخاري مرفوعا والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك.
وفي شرح الكبرى للسنوسي أن جبريل قال للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم لو لبثت فيكم ما لبث نوح في قومه وأنا أحدثكم بفضائل عمر ما وفيت. وإنه لحسنة من حسان أبي بكر.
وفي الحلة السيرا أن الحسنين دخلا على عمر فقبلهما ووهب لهما ألف دينار فانصرفا إلى علي فأخبراه بذلك فقال علي سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول: عمر نور الإسلام في الدينا وسراج أهل الجنة في الجنة، فعادا إليه ليخبراه بذلك، فقال أهلا بكما لا عادت ساعة إلا رأيتكما فيها، فأخبراه بما سمعا من علي فأمر ولده عبد الله أن يأتيه بدواة فأتاه بها فكتب البسملة وكتب: حدثني سيدا شباب أهل الجنة عن أبيهما عن جدهما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: عمر نور الإسلام في الدنيا وسراج أهل الجنة في الجنة، ثم ثال يا بني أحفظ هذه المرقعة فإذا مت فضعها في كفني حتى ألقى الله عز وجل بهذه الشهادة. فلما مات عمر وضعها عبد الله في كفنه فلما أصبحوا وجدوا خطا مكتوبا على قبره: صدقا، وصدق أبوهما، وصد جدهما صلى الله تعالى عليه وسلم في قوله عمر نور الإسلام في الدنيا وسراج أهل الجنة في الجنة، نقله عن أنيس المستوحشين.
وأما عثمان فهو ابن عفان بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ويكنى أبا عمر وأبا عبد الله ويلقب بذي النورين لتزوجه بنتي المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا يعلم أحد تزوج بنتي
نبي غيره، وقيل لأنه كان يختم القرآن في الوتر، فالقرآن نور وقيام الليل نور وقيل لأنه إذا دخل الجنة برقت برقتين، وفي الحديث لكل نبي رفيق ورفيقي في الجنة عثمان رواه الترمذي.
وفيه الحديث من يحفر بئر رومة فله الجنة فحفرها عثمان، وفيه من جهز جيش العسرة فله الجنة، فجهزه عثمان رواهما البخاري، وفيه والله ليشفعن عثمان في سبعين ألفا من أمتي قد استوجبوا النار حتى يدخلهم الله الجنة، نقله الزرقاني.
وأما علي فهو ابن أبي طالب عم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وزوج ابنته البتول فاطمة الزهراء، وفي البخاري وقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لعلي أنت مني وأنا منك، القسطلاني أي متصل بي قربا وعلما. ولما خلفه عليه السلام على المدينة وفي غزوة تبوك وقال له تخلفني مع الذرية، قال له عليه السلام أما ترضى بأن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فقال علي رضيت وقال أنا مدينة العلم وعلى بابها.
(وللزبير وابن عوف وسعيد)
عطف علي قوله للخلفاء أما الزبير فهو ابن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي وأمه صفية بنت عبد المطلب وتقدم عن عروة أنه هو أول من سل سيفه في سبيل الله. وأما ابن عوف فهو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب فهو وسعد من أخواله صلي الله تعالى عليه وسلم، وأما سعيد فهو ابن زيد بن عمرو بن نفين، وعمر هذا أخو الخطاب بن نفيل تقدم نسبه قريبا. وأما الزبير فقد مر بعض مناقبه في كتاب عليه السلام، وقد مع له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في التغذية بين أبويه يوم الخندق كما جمعهما لسعد بن أبي وقاص يوم أحد ولم تقع هذه المنقبة لغيرهما.
وأما ابن عوف فهو أحد الستة الذين جعل عمر بينهم الشورى وكان كثير الإنفاق وروي أنه أعتق ثلاثين ألف رقبة وصح أنه إئتم به النبي صلي الله تعالى عليه وسلم في غزوة تبوك.
(وعامر سعد وطلحة السعيد)
هؤلاء تمام العشرة المبشرين بالجنة والسعيد نعت لطلحة ومعناه من ثبتت له السعادة وهي عبارة عن المنفعة اللاحقة للعبد في الآخرة ضد الشقاوة أعاذنا الله منها وهي عبارة عن المضرة اللاحقة في الآخرة والإخفاء في ثبوت هذا الوصف الذي هو السعادة لسيدنا طلحة رضي الله تعالى عنه إذ بشره بالجنة سيد الأولين والآخرين صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما عامر فهو أمين هذه الأمة كما في الصحيح، وهو أبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهو يجتمع مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في فهر، وعدد ما بينهما من الآباء متفاوت جدا فيكون أبو عبيدة من حيث العدد في درجة عبد مناف، ومنهم من أدخل في نسبه بين الجراح وهلال ربيعة فيكون على هذا في درجة هاشم، بذلك جزم أبو الحسن بن سميع ولم يذكر غيره وأمه من بنات عم أبيه ذكر الحاكم أنها أسلمت وقتل أبوه يوم بدر كافرا ويقال أنه هو الذي قتله رواه الطبراني وغيره، قاله ابن حجر في فتح الباري.
وأما سعيد فهو ابن أبي وقاص كجبار، واسمه مالك ابن وهيب، ويقال أهيب بالهمزة بدل الواو وبالتصغير فيهما بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب فجده أهيب أخو وهب جده عليه السلام وهو أحد الستة أصحاب الشورى وأحد الفرسان وأول من رمى بسهم في سبيل الله. أسلم بعد ستة هو سابعهم.
وأما قوله لقد رأيتني وأنا ثالث الإسلام فحمل على ما أطلع عليه، وكان مشهورا بإجابة الدعوة لقوله عليه السلام اللهم استجب لسعد إذا دعاك، وقال فيه هذا سعد خالي فليرني أمرؤ خاله، وجمع له يوم أحد بين أبويه بالتفدية كما مر.
وأما طلحة فهو ابن عبيد الله بضم العين بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، بن مرة وعنده يجتمع مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وعدد ما بينهما مع مرة سواء، ويجتمع مع أبي بكر في عمر بن كعب، فجده عثمان وجد الصديق عامر وهما وجدعان الثلاثة أولاد عمرو بن كعب وأمهم السوداء بنت زهرة بن كلاب، قاله في الحلة السيرا وهو أحد الستة أهل الشورى ووقى المصطفى عليه السلام بنفسه في أحد، حتى شلت أصبعه، وحمله على ظهره حتى استقل على الصخرة وقال عليه السلام، يا طلحة هذا جبريل يقرئك السلام له ويقول لك أنا معك في أهوال القيامة حيث أنجيك منها، وقال عليه السلام: طلحة والزبير جاراي فى الجنة. نقله الزرقاني:
وهؤلاء العشرة وردت بشارة في حديث واحد، ففي الحديث أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة، ونسبه في الجامع الصغير للإمام أحمد والضياء والترمذي. قال الحنفي لم يجمع من المبشرين بالجنة في عبارة إلا العشرة المذكورون فلا ينافي أنه بشر غيرهم كالحسنين وأمها وغيرهم وإنما ذكر لفظ في الجنة مع كل واحد، مع أنه يكفي ذكرها آخرا لأن المحل محل إطنبا انتهى، وبعضه بالمعنى وقد نظمهم من قال:
(لقد بشرت عند النبي محمد
…
بجنات عدن زمرة سعداء)
(سعيد وسعد والزبير وعامر
…
وطلحة والزهري والخلفاء)