الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فخرجت وهي تقول لبيك وسعديك. فقال لها إن أبويك قد أسلما فإن أحببت أن أردك عليهما فقالت
لا حاجة لي بهما وجدت الله خيراً لي منهما
. وأخرج أبو نعيم أن جابراً ذبح شاة وطبخها وثرد في جفنته وأتى بها رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، فأكل القوم وكان عليه السلام يقول كلوا ولا تكسروا عظمها ثم إنه، صلى الله تعالى عليه وسلم، جمع العظام ووضع يده عليها ثم تكلم بكلام فإذا الشاة قامت تنفض ذنبها. وفي الشفا عن أنس أن شاباً من الأنصار توفي وله أم عجوز عمياء فسجيناه وعزيناها فقالت مات ابني؟ قلنا نعم. فقالت اللهم إن كنت تعلم أني هاجرت إليك وإلى رسولك رجاء أن تعينني على كل شدة فلا تحملني هذه المصيبة برحنا حتى كشف الثوب عن وجهه فطعم وطعمنا بكسر العين أي فعاش مدة فأكل وأكلنا معه وفيه إشارة إلى أن الكرامات نوع من المعجزات، قاله ابن سلطان وفي شرح المواهب للزرقاني أنه عاش إلى وفاة النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، وروي أنه بقي بعده وهلكت أمه في حياته. قال الزرقاني ووجه ذكره في المعجزات أنه أحي بالدعاء باسمه، صلى الله تعالى عليه وسلم، وحضوره ومن ذلك ما أورده السهيلي والخطيب وغيرهما أن أبويه عليه السلام أحييا له فآمنا به كما مرّ وروي عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من الأنصار توفي فلما كفن وأتاه القوم يحملونه تكلم فقال محمد رسول الله وعن النعمان بن بشير كان زيد بن خارجة بن زيد بن سراوة الأنصاري فبينما هو يمشي في طريق من طرق المدينة إذ خر فتوفي فاحتملوه إلى بيته وسجوه حتى إذا كان بين المغرب والعشاء سمعوا صوت قائل يقول أنصتوا أنصتوا، فنظروا فإذا الصوت من تحت الثياب، فحسروا عن وجهه فإذا القائل يقول على لسانه: محمد رسول الله النبي الأمي خاتم النبيئين لا نبي بعده كان ذلك في الكتب الأول، ثم قال صدق، ثم قال هذا رسول الله، السلام عليك يا رسول الله ورحمته وبركاته. وزيد هذا شهد بدراً وابو خارجة قتل هو وابنه سعيد بن خارجة بأحد.
(وكم من الأشجار إذ دعوتا
…
أتت مطيعة لما أمرتا)
كم مبتدأ وخبره أتت، ومطيعة منصوب على الحال في فاعل أتت، وما مصدرية أي مطيعة، لأمرك ويصح أنها موصول اسمي، أي للذي أمرتها به، ومعنى البيت أن كثيراً من الأشجار جاءت مطيعة ومنقادة لأمره عليه السلام حين دعاها. فمن ذلك ما في مسلم عن جابر أنه ذهب، صلى الله تعالى عليه وسلم، يقضي حاجته، فلم ير شيئاً يستتر به، فإذا بشجرتين بشاطئ الوادي فانطلق، صلى الله تعالى عليه وسلم، إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله تعالى، فانقادت معه كالبعير المخشوش يصانع قائده وذكر أنه فعل بالأخرى كذلك، حتى إذا كان بالمنصف بينهما قال التئما علي بإذن الله فالتأمتا. وفي رواية قال يا جابر قل لهذه الشجرة يقول لك رسول الله الحقي بصاحبتك حتى يجلس خلفكما رسول الله فرجعت حتى لحقت بصاحبتها وجلس خلفهما، فخرجت أحضر وجلست أحدث نفسي فالتفت فإذا رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، مقبلاً والشجرتان قد افترقتا نقله في السفا، وقوله المخشوش بخاء وشينين معجمات أي الذي جعل في أنفه خشاش وهو بالكسر عود يربط عليه حبل ويجعل في أنفه لينقاد بسهولة وإن كان من شعر فهو خزامة وإن كان من صفر أو حديد فهو برة بضم الموحدة وتخفيف راء ويصانع يلاينه وينقاد له، والمنصف بفتح الميم وسكون الميم وفتح الصاد وتكسير الوسط والالتئام الاجتماع، والحقي بفتح الحاء وزحفت بفتح الزاء والحاء والفاء انتقلت من محلها وفي رواية فرجعت أي عن حالتها، وأحضر بضم الهمزة وسكون الحاء المهملة وكسر المعجمة أي أعد أو اجر وإنما فعل ذلك ليلاً يحس عليه السلام بأنه قريب منه فيتأذى بقربه. وقوله أحدث نفسي أي بهذا الأمر الغريب قاله ابن سلطان ومن ذلك حديث يعلى بن سيابة وهي أنه وأبوه مرة بن وهب الثقفي قال كنت مع النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، في مسير فأمر وديتين فانضمتا وفي رواية اشاء تين وسيابة بسين مهملة بعدها تحتية مخففة مفتوحتين فألف فموحدة
ووديتين بفتح الواو وكسر الدال المهملة وشد التحتية أي نخلتين صغيرتين وأشاءتين بفتح الهمزة وشين معجمة ممدودة بمعنى وديتين وضبط بكسر الهمزة سبق فلم قاله على القاري. وللعراقي:
(وجاء مرة قضاء الحاجة
…
فلم يجد سترا سوى أشاءه)
(ومثلها لكن هما بعدتا
…
أمر كلا منها فأتتا)
(تخد الأرض ذي وذي حتى قضى
…
حاجته أمر كلاً فمضى)
وقوله بعدتا أي بعدت كل منهما عن صاحبتها وتخد بضم الخاء المعجمة وشد الدال المهملة أي تشق وقوله أمر كلاً منهما روى أحمد والطبراني والحاكم عن يعلى بن مرة أنه عليه السلام قال له اذهب إلى تلك الشجرتين فقل لهما رسول الله يأمركما أن تجتمعا فذهبت، فقلت لهما فاجتمعا فقضى حاجته، ثم رجع فقال اذهب فقل لهما افترقا، فقلت، فتفرقتا. وفي رواية فرجعت كل واحدة إلى مكانها.
وروي أن أعرابياً قال له بم أعرف أنك رسول الله؟ قال بأن تدعو هذا العرق من هذه النخلة يشهد بأني رسول الله. فدعاه فسقط إليه وشهد ثم قال ارجع فعاد فأسلم الأعرابي. انتهى من المناوي.
وفي الشفا عن يعلى أن طلحة أو سمرة جاءت فأطافت به أي دارت حوله، صلى الله تعالى عليه وسلم، ثم رجعت إلى منبتها فقال صلى الله عليه وسلم إنها استأذنت أي ربها أن تسلم علي أي فأذن لها فجاءت وسلمت. انتهى. وهذا كثير.
(والجذع قد حن حنين الثكلى
…
إليك حتى نال منك وصلا)
الجذع بكسر الجيم وسكون الذال المعجمة ساق النخلة والحنين بفتح المهملة ونونين بينهما تحتية ساكنة صوت كالأنين يكون عند الشوق لمن يهواه إذا فارقه وتوصف به الإبل كثيراً والثكلى بفتح المثلثة وسكون الكاف فاقدة الولد والمراد بحنين الجذع شوقه وانعطافه إليه صلى الله عليه وسلم لأن الحنين شوق المرأة إلى ولدها فشبه شوق الجذع بشوق المرأة على ما يفهم من قصر المصباح الحنين على ذلك، لكن في الجوهري
الحنين الشوق وتوقان النفس وفي القاموس الحنين الشوق وشدة البكاء وانتهى. والذي في الأحاديث المسوقة هنا أنه صوت فالمراد من الحنين الصوت الدال على شوقه انظر المواهب وشرحها. ومعنى البيت: ومن معجزاتك يا رسول الله اشتياق الجذع الذي هو جمادا إليك لما فارقته فلم يزل يحن إليك إلى أن نال منك وصلا أي مواصلة يعني بذلك ما روي أنه عليه السلام التزامه وضمه إليه كما يأتي. (لو لم ينزله) أي لو لم ينل الجذع الوصل منك يا رسول الله (لم يزل) إلى يوم القيامة (كئيبا) أي حزيناً باكياً عليك يا رسول الله (ما لاح) أي ظهر، (سنى) أي ضوءاً أي ما ظهرت الشمس وما مصدرية ظرفية أي مدة دوام ذلك، وقوله (غريبا) أي بمنزلة الغريب وهو البعيد عن الأهل والوطن وأشار بهذا إلى ما روي أنه عليه السلام قال والذي نفسي بيده لو لم ألتزمه لم يزل يصوت هكذا إلى يوم القيامة تحزناً على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، قال في المواهب قال العلامة التاج بن السبكي الصحيح أن حنين الجذع متواتر انتهى. وسبقه إلى ذلك القاضي عياض فقال في الشفا الخبر به متواتر ففي حديث أبي بن كعب كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يصلي مستنداً إلى جذع إذ كان المسجد عريشاً اي مسقفاً بالجريد وكان يخطب إلى ذلك الجذع فقال رجل من أصحابه وهو تميم الداري كما في أبي داوود هل لك أن تجعل منبراً تقوم عليه ويسمع الناس خطبتك؟ قال نعم. فلما صنع له المنبر من أثل الغابة كما في الصحيح وضعه صلى الله عليه وسلم موضعه الذي هو فيه فكان إذا بدا له صلى الله تعالى عليه وسلم أن يخطب تجاوز الجذع الذي كان يخطب عليه خار حتى تصدع وانشق. وفي رواية أنس فلما قعد على المنبر خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد لخواره أي ارتعد واضطرب بأهله. وفي رواية جابر سمعنا لذلك الجذع صوتاً كصوت العشار وفي رواية سهل بن سعد الساعدي وكثر بكاء الناس لما رأوا به أي من الحنين. وفي رواية حتى جاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فوضع يده عليه اي تسلية له فسكت. وفي رواية عن أنس والذي نفسي