الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بربي في أحسن صورة. فقال يا محمد فيم تختصم الملأ الأعلى قلت أنت أعلم أي رب مرتين، قال فوضع كفه وفي رواية يده بين كتفي فوجدت بردتها بين ثديي فعلمت ما في السماء والأرض. وفي الرواية الثانية فتجلى لي كل شيء، وعرفت ما في السماء والأرض ثم تلا هذه الآية:{وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين} ثم قال فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ قلت في الكفارات. قال وما هو؟ قلت المشي على الأقدام إلى الطاعات، والجلوس في المساجد بعد الصلوات وإبلاغ الوضوء أماكنه على المكاره من يفعل ذلك يعش بخير ويمت بخير ويكن من خطيئته كيوم ولدته أمه، الحديث. قوله في أحسن صورة يحتمل أنه حال من الرائي ومعناه رأيته وأنا في أحسن صورة من غاية إنعامه أو حال من المرءى تعالى وصورته ذاته المنزهة عن المماثلة. وقال الخطابي الصورة ترد في كلام العرب على ظاهرها وعلى معنى حقيقة الشيء وعلى معنى صفته، تقول صورة هذا الأمر كذا أي صفته والمراد بالاختصام تقاولهم في فضل تلك الأعمال، وقوله فوضع كفه كناية عن تخصيصه تعالى إياه بمزيد الفضل، وإيصال الفيض إليه وإلا فلا كف ولا وضع حقيقة، كما أن من عادةالملوك إذا أراد أحدهم أن يقرب بعض خدمة ويذكر معه أحوال مملكته أن يضع يده على ظهره ويلقي ساعده على عنقه تلطفاً به وتعظيماً لشأنه. والبرد الراحة والضمير في بردها يعود إلى الكف وأراد بقوله بين ثديي قلبه وهو كناية عن وصول ذلك الفيض إلى قلبه ذكره الأنطاكي قاله على القارئ وقال تعالى {والنجم إذا هوى} إلى قوله تعالى {فأوحى إلى عبده ما أوحى} ، النجم الثريا وهوى سقط وصاحبكم أي نبيكم المبعوث إليكم وهو محمد، صلى الله تعالى عليه وسلم، وقوله إن هو أي القرآن، أو نطق محمد، صلى الله تعالى عليه وسلم، والشديد القوي هو جبريل والقوي جمع قوة، وروى أنه
اقتلع قرى قوم لوط وحملها على جناحه
حتى بلغ بها السماء ثم قبلها وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين والمرة القوة أو المنظر الحسن وقال قتادة ذو خلق طويل حسن وقال في الضياء
شديد القوى في خلقه ذو مرة أي شدة في عقله ورأيه، واستوى استقام واعتدل، بمعنى أنه ظهر للنبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، على حقيقته التي خلق عليها وهو أي جبريل بالأفق أي جانب المشرق عند مطلع الشمس والأعلى الأرفع وهذه هي المرة التي رءاه فيها على حقيقته في الأرض، وقوله دنا أي جبريل من النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، حين خر مغشياً عليه لما رآه وتدلى زاد في القرب، وكان جبريل من النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، قدر قوسين عربيتين أو أدنى على تقدير كم فأوحى الله تعالى إلى عبده جبريل ما أوحاه جبريل إلى النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، وقيل الضمائر في الآية كلها لله تعالى وهو المعني بتشديد القوى ودنوه منه برفع مكانته وتدليه جذبه، إلى جناب قدسه وقاب قوسين كناية عن تأكيد القرب وأصله أن الحليفين من العرب كانا إذا أرادا عقد الصفاء خرجا بقوسيهما فألصقا بينهما يريدان بذلك أنهما متظاهران. نقله الوالد حفظه الله تعالى في الريان. وروي في حديث الإسراء عنه عليه السلام فارقني جبريل فانقطعت الأصوات عني فسمعت كلام ربي وهو يقول ليهدأ روعك بفتح الراء أي ليسكن فزعك يا محمد ادن، ادن، وإن روي بضم الراء فالمعنى لتطمئن نفسك والروع بالضم القلب، ومنه الحديث نفث جبريل في روعي انظر ابن سلطان) (وفرض) أي أوجب والفاعل عائد إلى قوله ربه، (الخمسين) صلاة علينا أول مرة (ثم) لم يزل صلى الله تعالى عليه وسلم يتردد بين ربه تعالى وموسى عليه السلام يطلب من ربه الكريم التخفيف على أمته شفقة منه علينا إلى أن (خففا) المولى الكريم (عنا) معاشر الأمة، (به) أي بجاهه، صلى الله تعالى عليه وسلم، إلى أن انتهت الخمسون (لخمسة) من الصلوات في اليوم والليلة ولله الحمد. (وضعفا) المولى تبارك وتعالى بفتح العين المشددة أي كثر (ثوابها) أي الصلوات الخمس، (إذ) أي حين، (كثر) هو أي الله تعالى لنا معاشر الأمة (الأمدادا) بفتح الهمزة جمع مدد بالتحريك وهو العطاء (تفضلا) من المولى جل وعز، والتفضل الإعطاء عن اختيار لغير عوض ولا استحقاق يصح أنه
نصب بفعل محذوف أي تفضل بهذا تفضلاً ويصح أنه مفعول له عند من لا يشترط كونه قلبياً (وقلل) هو أي الله تعالى (الأعدادا) المفروضة علينا أولاً فجعلها خمساً بعد أن كانت خمسين وجعل ثواب كل واحدة من الخمسة قدر ثواب عشرة من الخمسين، ومعنى البيتين أنه تعالى فرض ليلة أسري بالنبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، وعلى أمته خمسين صلاة في كل يوم وليلة ثم في تلك الليلة خفف عنا الخمسين بجاه نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم حتى انتهى العدد المفروض لخمس صلوات في كل يوم وليلة فقلل العدد وكثر ثواب تلك الخمس فجعل كل واحدة ثوابها قدر ثواب عشر صلوات مع أنا لا نستحق عليه ذلك فله الحمد على ذلك وعلى أن جعلنا ببركة نبينا، صلى الله تعالى عليه وسلم، خير أمة أخرجت للناس.
ولنذكر تمام حديث الإسراء المتقدم وهو فلما غشيها من أمر الله تعالى ما غشيها تغيرت مما غشيها فما أحد من خلق الله تعالى يستطيع أن ينعتها من حسنها فأوحى الله إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى فقال ما فرض ربك على أمتك؟ فقلت خمسين صلاة، فقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيقون ذلك فإني قد بلوت بني إسرائيل فخبرتهم فرجعت إلى ربي أي إلى الموضع الذي ناجيته فيه أولاً، فناجيته فيه ثانياً فقلت رب خفف عن أمتي فحط عني خمساً فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمساً، قال إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فلم أزل أرجع بين ربي تعالى وبين موسى حتى قال يا محمد إنها خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة. ومن هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئاً فإن عملها كتبت له سيئة واحدة. قال فنزلت حتى انتهت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فقال رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه. قوله لكل صلاة عشر أي ثواب عشر صلوات وقوله فلتك خمسون أي بحسب