الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المضاعفة ولعل هذه المراجعة لما ألهمها
لم يكن الوجوب مبرماً
أو أوجبها أولاً ثم رحمنا فنسخها بياناً فيجوز نسخ وجوب الشيء قبل وقوعه كنسخ وجوب ذبح إسماعيل عليه السلام قصده تبياناً لمحل فضله وكرمه. وقوله استحييت بياءين وفي نسخة بياء واحدة ولعل وجه الحياء هو أن المبالغة في تخفيف العبادة نوع من الجفاء والقيام بما تعين من باب الوفاء في تحمل البلاء لحصول الولاء انظر ابن سلطان. (وأم خير مرسل للرسل) يعني أ، هـ، صلى الله تعالى عليه وسلم، أم الرسل ليلة الإسراء في السماء كما أمهم في الأرض ببيت المقدس وقد مرّ عند قول الناظم صدر الكتاب، شرفه الرحمن بالإسراء إلخ الحديث الذي فيه تعليمه عليه السلام الأذان تلك الليلة، وفي آخره، . وقال أي الراوي ثم أخذ الملك أي المؤذن بيد محمد فقدمه، فأم أهل السماء فيهم آدم ونوح، رواه عياض في الشفاء. وقوله خير فاعل أم وللرسل مفعوله واللام زائدة (وعاد) هو أي خير مرسل أي رجع إلى منزله، صلى الله تعالى عليه وسلم، بمكة بعد أن عرج به من المسجد الأقصى وهو بيت المقدس (من قبل انقضاء) أي تمام (الليل) ففي رواية ابن إسحاق والطبراني وابن جرير عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله تعالى عنها فلما كان قبيل الفجر أهبنا رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، وأهبنا بشد الموحدة أيقظنا، انظر ابن سلطان، فأخبر هو أي المصطفى عليه السلام، (الناس) أي قريشاً وغيره ممن حضر (بما قد اطلع عليه) أي أعلمه الله تعالى به وعرفه وأراه (في مسراه) أي سيره ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهو مسجد القدس والمراد بالبركة حوله بركات الدين والدنيا لأنه مهبط الوحي ومتعبد الأنبياء من لدن موسى إلى زمن عيسى عليهم السلام وهو محفوف بالأنهار والأشجار والأزهار والثمار قاله ابن سلطان. (لما) ظرف زمان أي حين (أن رجع) وإن زائدة وأخبرهم أيضاً بما رآه في معراجه مما شاء الله أن بخبرهم به وأراد المصنف بالمسرى ما يشمل العروج ووجه تسمية بيت المقدس بالأقصى لبعد مسافته من المسجد الحرام وقد مر أن من جملة ما أخبرهم به ركوب البراق وسرعة
سيره وربطه بصرخة ببيت المقدس وصلاته بالأنبياء فيه وعروجه إلى المحل الذي لم يصل إليه غيره ورؤيته لله تعالى وكلامه إياه ورؤيته جبريل على صورته التي خلق عليها ورؤية الجنة وتعليمه الأذان وصلاته بالأنبياء في السماء وغيره ذلك، وأخبرهم بصفة بيت المقدس ففي مسلم لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن أشياء أي من بيت المقدس لم أثبتها أي لم أضبطها فكربت بالبناء للمجهول كرباً أي غماً يأخذ بالأنفس ما كربت مثله قط فرفعه الله تعالى لي لأنظر إليه وما سألوني عن شيء إلا أنبأتهم وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في حديث الإسراء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لما رجعت إلى خديجة وما تحولت عن جانبها أي إلى جانب آخر منها وفيه إشعار بتقليل زمن الإسراء مع أنه كان إلى مقام قاب قوسين أو أدنى ولعله، صلى الله تعالى عليه وسلم، أول ما رجع دخل على خديجة انتهى من الشفا وشرح القاري له.
تنبيه:
قد مر للنظام أن الإسراء كان ورسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، ابن أشهر وواحد وخمسين عاماً وذلك ينافي أن خديجة رضي الله تعالى عنها أدركت الإسراء لأنها ماتت هي وأبو طالب في آخر السنة العاشرة من البعث بعد انقضاء الحصار والحديث المار آنفاً عن الشفا صريح في أنها أدركت الإسراء والجواب أن الذي قاله الزهري ورجحه عياض والقرطبي والنووي ثلاثتهم في شرح مسلم أنه كان بعد المبعث بخمس سنين وفي الفتح عن الزهري أنه قبل الهجرة بخمس سنين انظر والمواهب وشرحها وفي شرح ابن سلطان أن النووي ذكر أن معظم السلف وجمهور المحدثين والفقهاء أن الإسراء بعد المبعث بستة عشر شهراً انتهى. وهذا يفيد أن الراجح إدراك خديجة للإسراء وإن اختلف العزو فيه للنووي لكن صدر في الشفا بأنه قبل الهجرة بسنة وفي ابن سلطان أن السبكي اختاره والله تعالى أعلم قاله مؤلفه سمح الله تعالى له.
(فمن سعيد مؤمن بما ذكر
…
ومن شقي خاسر به كفر)
معنى البيت أنه عليه السلام لما أخبر الناس بقصة الإسراء كان الناس على قسمين فمنهم سعيد مومن أي مصدق بما أخبر به، صلى الله تعالى عليه وسلم، ومنه شقي خاسر أي ضال كفر به والعياذ بالله تعالى. خسر كفرح وضرب: ضل، قاله في القاموس. ولما كذبه من كذبه صلى الله تعالى عليه وسلم في الإسراء صدقه الصديق وروي أنه لقب به في ذلك اليوم.
وقوله فمن سعيد مؤمن الخ، يصح عندي أن مجرور من محذوف وما بعد من مرفوع بالابتداء أي فمنهم سعيد ومنهم شقي، والضمير عائد على قوله الناس، وحذفه لدلالة الكلام عليه، كقوله:
(وحاجة ما إن لها عندي ثمن
…
ميسورة قضاؤها منها ومن)
أراد ومني. ويصح أنه بمعنى إلي والمجرور متعلق بمحذوف أي فانقسموا إلى سعيد وإلى شقي ويصح أن الفاء زائدة ومن للبيان أي فأخبر الناس الذين هم سعيد مصدق بما أخبره به وشقي كافر به. ويكون كقوله:
(أجمعوا أمرهم عشاء فلما
…
أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء)
(من مناد ومن مجيب ومن تصهال خيـ
…
ـل خلال ذلك رغاء)
والله تعالى أعلم. وأعلم أن بعضهم قال إن الإسراء كان يقظة بجسده إلى بيت المقدس وبروحه إلى السماء وذهب بعضهم إلى أنه رؤيا منام وأنه إسراء بالروح مع اتفاقهم على أن رؤيا الأنبياء حق ووحي، والحق هو ما قدمته من أنه بالجسد يقظة في القصة كلها والصحيح أن الإسراء والمعراج في ليلة وقيل كان الإسراء في ليلة والمعراج في أخرى.
(والشمس بالصهباء للمختار
…
درت (
…
))
الشمس مبتدأ وردت بالبناء للمجهول ونائبه ضمير الشمس، والجملة
خبره والصهباء بالمد ويقصر موضع على مرحلة من خيبر يعني أن من معجزاته صلى الله تعالى عليه وسلم أن الله تعالى رد له الشمس بعد غروبها فرجعت من مغربها وحديثها خرجه الطحاوي وابن مردويه. قال في الشفاء وأما رد الشمس له فخرج الطحاوي عن أسماء بنت عميس بمهملة مضمومة مصغراً من طريقين أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يوحي إليه ورأسه في حجر علي فلم يصل أي علي العصر حتى غربت الشمس فقال صلى الله تعالى عليه وسلم أي بعد ما افاق من الاستغراق أصليت يا علي؟ قال لا. فقال اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس. قالت أسماء فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت، ووقفت على الجبال والأرض، وذلك بالصهباء. وقوله وقفت ويروي وقعت بالعين بدل الفاء. قال الطحاوي وهذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقاة أي فلا عبرة بمن طعن في رجالهما فجعلهما حديثين لروايته لهما من طريقين، هذا وقال ابن الجوزي أنه موضوع وتبعه ابن القيم وشيخه ابن تيمية وذكروا تضعيف أسانيد الطحاوي وقال ابن الجوزي أنا لا أتهم بوضعه إلا ابن عقدة لأنه كان رافضاً يسب الصحابة انتهى. ولا يخفى أن مجرد كون الراوي رافضياً أو خارجياً لا يوجب الجزم بوضع حديثه إذا كان ثقة وكأن الطحاوي لاحظ هذا المعنى ثم من المعلوم أن من حفظ حجة على من لم يحفظ والأصل العدالة حتى يثبت الجرح المبطل للرواية. وأما ما ذكره ابن الجوزي من أن في الصحيح أن الشمس لم تحبس لأحد إلا ليوشع فالجواب أن الحصر باعتبار الأمم السالفة مع احتمال وروده قبل القضية قاله ابن سلطان. وقال في الشفا وحكى الطحاوي أن أحمد بن صالح كان يقول لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء لأنه من علامات النبوءة. قال ابن سلطان والطحاوي هو الإمام الحافظ العلامة صاحب التصانيف المهمة روى عنه الطبراني وغيره وهو مصري من أكابر علماء الحنفية، لم يخلق مثله وكان أولاً شافعياً يقرأه على خاله المزني ثم صار حنفياً توفي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، وطحا من قرى مصر، انتهى. وهذا