الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكره الأنطاكي.
(حباه ذو العزة بالمقام
…
فيها (
…
))
الضمير المنصوب له عليه السلام وذو فاعل والعزة بكسر العين من الصفات الجامعة للتنزه عن كل نقص والاتصاف بكل كمال والمقام مقام الشفاعة الكبرى للفصل بين الخلائق وهي عامة في جميع من ضمه المحشر وهو المقام المحمود الموعود به في الآية الكريمة لأنه يحمده فيها الأولون والآخرون والضمير المجرور عائد على ليلة المعراج المفهومة من السياق. وفي القاموس حبا فلاناً أعطاه بلا جزاء ولا من أو عام. ومعنى البيت أنه، صلى الله تعالى عليه وسل، ليلة أسري به أعطاه الله تعالى مقام الشفاعة العظمى التي يتبرء منها ويسلمها له أكابر الرسل عليه وعليهم الصلاة والسلام. قال تعالى {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهودا ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا} . قوله أقم الصلاة الآية إشارة إلى الوقت الذي تقام فيه الصلوات المفروضة، فدلوك الشمس زوالها وهو إشارة لوقت الظهر والعصر وغسق الليل ظلمته إشارة إلى المغرب والعشاء معاً، وقرءان الفجر صلاة الصبح، سميت بذلك لطول القراءة فيها قيل عطف على الصلوات وقيل معمول إقرا مضمراً ومعنى مشهوداً تحضره ملائكة الليل وملائكة النهار، وقوله من الليل متعلق بمقدر أي وقم وقتاً من الليل وتهجد، اسهر به، أي في ذلك الوقت أو بالقرآن ونافلة لك أي زيادة على الصلوات المفروضة وفي قيام الليل كثير من الفوائد منها أنه يحط الذنوب كما يحط الريح العاصف الورق اليابس وينور القلب ويحسن الوجه، ويذهب الكسل، وموضعه تراه الملائكة كما يتراءى لنا الكوكب الدري في السماء.
وفي الحديث
من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين
ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف كتب من المقنطرين رواه أبو داود. وقوله عسى، قال في اللباب قيل أجمع المفسرون على أن عسى
واجب من الله. وهو كالعلة لما قبله وانتصاب مقاما على الظرفية بإضمار فيقيمك أو على الحال أي ذا مقام محمود.
وفي القسطلاني في شرح وابعثه مقاماً محموداً أنه مفعول به على تضمين ابعث اعط ابن العربي وفي وجه كون قيام الليل سبباً للمقام المحمود قولان: أحدهما أنه تعالى يجعل ما يشاء سبباً لفضله من غير معرفة لنا بوجه الحكمة والثاني أن قيام الليل فيه الخلوة بالبارئ تعالى ومناجاته دون الناس فيعطي الخلوة به ومناجاته في القيمة فيكون مقاماً محموداً ويعطي فيه من المحامد ما لم يعط أحد ويشفع فيشفع، انظر الريان.
وفي الشفا من رواية أنس وأبي هريرة وغيرهما دخل حديث بعضهم في حديث بعض ممزوجاً ببعض كلام شارحه ابن سلطان قال عليه الصلاة والسلام يجمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة فيهتمون بشد الميم أي يحزنون حزناً شديداً إلا أنه لا يهتم أحد إلا لنفسه ولا يلتفت إلى غيره، ولو كان أقرب أهله. وقال فيلهمون إلى طلب الشفاعة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا أي لكان حسناً أو لو للتمني، لا جواب لها، وعن أبي هريرة فتدنو الشمس أي تقرب من رؤوسهم قدر الميل على اختلاف في أن المراد ميل الفرسخ أو ميل المكحلة فيبلغ الناس من الغم ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقولون ألا تنظرون من يشفع لكم فيأتون آدم فيقولون أنت آدم أبو البشر، خلقك الله بيده أي بقدرته من غير واسطة في خلقته ونفخ فيك من روحه وأسكنك جنته وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء اشفع لنا عند ربك حتى تريحنا من مكاننا أي بالإزالة عن محل الغضب إلى موضع حكم الرب من دار الثواب أو دار العقاب فيقول إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله أل فلا يمكنني الشفاعة فيه لا سيما ونهاني عن الشجرة فعصيت أي بذوقها وهل هي شجرة الكرم أو السنبلة أو النخلة أي التين نفسي نفسي، أي أهم عندي من غيري أو أخلص نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيقولون أنت أول الرسل إلى أهل الأرض أي
من الكفار فلا ينافي أن آدم يضم مرسل إلى أولاده الأبرار وكذا شئت بذا آدم وإدريس وسماك الله عبداً شكورا، ألا ترى ما نحن فيه ألا ترى ما بلغنا بفتح الغين وجوز إسكانها أي وصلنا من الشدة، ألا تشفع لنا إلى ربك، فيقول إن ربي قد غضب اليوم أي أظهر غضباً لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله نفسي نفسي، وفيه إيماء إلى قوله تعالى {يوم تأتي كل نفسي تجال عن نفسها} . قال ي النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، ويذكر سؤاله ربه بغير علم يعني قوله أن ابني من أهلي، وفي رواية أبي هريرة لقد كانت لي دعوة دعوتها على قومي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم فإنه خليل الله فيأتون إبراهيم فيقولون أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ فيقول عن ربي قد غضب اليوم غضباً فذكر مثله أي مثل ما تقدم ويذكر ثلاث كلمات كذبهن نفسي نفسي لست لها. ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله قال فيأتون موسى فيقول لست لها. ويذكر خطيئته التي أصاب وقتله النفس وهو عطف تفسيري وسماه خطيئة على عادة الأنبياء في استعظامهم محقرات جائزة صدرت منهم إذ لم يكن هذا عن عمد بل عن خطأ في كافر ظالم لمسلم سبطي ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله تعالى أي ذو روح خاص من خلقه أجراه فيه بنفخ جبريل في جيب درع أمه فأوجد في بطنها غلاماً بلا توسط مادة أو إضافة تشريف كبيت الله وناقة الله وكلمته أي حيث أوجد بكلمة كن فياتون عيسى فيقول لست لها، عليكم بمحمد عبد غفر الله تعالى ما تقدم من ذنبه وما تأخر فأوتي بصيغة المفعول المضارع وإبدال الهمزة الثانية واواً للاجتماع الذي وقع فيه الإجماع أي فيأتوني فأقول أنا لها أي معد ومؤخر ومخلوق لها فانطلق فاستأذن على ربي فيأذن لي فإذا رأيته وقعت ساجداً، الحديث، وفي آخره فيقال يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع، فأقول يا رب أمتي يا رب أمتي. وقوله ثلاث كلمات كذبهن أي في صورة كذبات وهي: إني سقيم، وفعله كبيرهم، وإنها أختي لسارة. وليست كذبات وإنما هي معاريض أراد إني سقيم لأن من عاش
يسقم أو يهرم ويموت، وأختي أي في الإسلام، وأراد بقوله فعله كبيرهم التبكيت بدليل إن كانوا ينطقون. والحكمة في الإتيان لمن ذكر قبله عليه السلام إظهار عظم جاهه عند الله إذ لو أتوه أول مرة لما ظهر أن غيره لا يشفع انتهى.
وفي الصحيحين لكي نبي دعوة أي عامة يدعو بها واختباة دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة أي أعلم أنها تستجاب لهم ويبلغ فيها مرغوبهم وإلا فكم لكل منهم من دعوة مستجابة، ولنبينا، صلى الله تعالى عليه وسلم، منها ما لا يعد، لكن حالهم في باقي دعواتهم عند الدعاء بها بين الرجاء والخوف وضمنت لهم دعوة فيما شاءوا يدعون بها على يقين من الإجابة وفي رواية في الصحيحين فتعجل كل نبي دعوته أي طلب حصولها في الدنيا وإني ادخرت شفاعتي لأمتي في العقبى فإنها أعم وأبقى زاد مسلم فهي نائلة إن شاء الله تعالى. من مات لا يشرك بالله شيئاً. اللهم يا أرحم الراحمين اجعلنا ممن تناله شفاعته، صلى الله تعالى عليه وسلم، اللهم شفعه فينا بجاهه عندك. (وبالرؤية والكلام) يعني أنه، صلى الله تعالى عليه وسلم، أعطاه الله تعالى ليلة المعراج رؤيته بلا مكان ولا مقابلة، ولا جهة للمرءى تعالى عن ذلك، وكلمه مباشرة بلا واسطة ملك، أما رؤيته له فقال بها ابن عباس وأنس وعكرمة وكان الحسن يحلف لقد رءا محمد ربه وقال الخازن روي عن ابن عباس أنه رآه بعينه ومثله عن أبي ذر وكعب والحسن وكان يحلف على ذلك وحكي مثله عن ابن مسعود وأبي هريرة وأحمد بن حنبل وحكي عن أبي الحسن الأشعري وجمع من أصحابه أنه رآه وأنكرته عائشة وجاء مثله عن أبي هريرة وهو المشهور عن ابن مسعود ثم قال الخازن والحجج وإن كانت كثيرة فإنا لا نتمسك إلا بالأقوى وهو حديث ابن عباس، قال الشيخ محيى الدين والراجح عند أكثر العلماء أنه، صلى الله تعالى عليه وسلم، رءا ربه عز وجل يعني بعيني رأسه ليلة الإسراء لحديث ابن عباس وغيره وإثبات هذا لا يأخذونه إلا بالسماع عن رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، هذا مما لا ينبغي أن يتشكك فيه، ثم
أن عائشة لم تنف الرؤية عنه بحديث عنه، صلى الله تعالى عليه وسلم، ولو كان معها حديث لذكرته وإنما اعتمدت على الاستنباط، والجواب عن احتجاجها بقوله لا تدركه الأبصار إن الإدراك هو الإحاطة والله تعالى لا تحيط به الأبصار ولا يلزم من نفي الإحاطة نفي الرؤية انتهى. انظر الريان. وللمقري:
(وقد رءا خير الورى الديانا
…
ليلة إسراء به عيانا)
(في المذهب المصحح المشهور
…
وهو الذي ينمي إلى الجمهور)
وقال ابن سلطان والراجح كما قال النووي عند أكثر العلماء أنه رآه بعيني رأسه وإثبات هذا ليس إلا بالسماع منه، صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو مما لا شك فيه وإنكار عائشة وقوعها لم يكن لحديث روته واحتجت بقوله تعالى {لا تدركه الأبصار} ، وقلنا الإدراك الإحاطة ولا يلزم من نفيها نفي الرؤية انتهى. وأما تكليمه تعالى له فحكى عن الأشعري وقوم من المتكلمين أنه كلمة وعزا بعضهم هذا القول إلى جعفر بن محمد وابن مسعود وابن عباس انظر الخازن نقله الريان وفي حديث المعراج الذي في الشفا في تعليمه عليه السلام الأذان فقيل من وراء الحجاب، صدق عبدي أنا أكبر قال عياض ظاهره أنه سمع في هذا الموطن كلام الله ولكن من وراء حجاب، كما قال تعالى وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب، أي وهو أي البشر لا يراه أي الحق سبحانه حجب بصره عن رؤيته تعالى انتهى.
وقال ابن سلطان والمراد بقوله من وراء حجاب أن يكون البشر من وراء حجاب البشرية المانعة من شهود الذات الصمدية بل يسمعه ولا يراه كما كلم موسى عليه السلام وليس المراد أن هناك حجاباً يفصل موضعاً عن موشع ويدل على تحديد المحجوب وإنما هو بمنزلة ما يسمع من وراء الحجاب حيث لم ير المتكلم والله تعالى أعلم. وبهذا يؤول الإشكال من إيهام سماع كلامه تعالى في الحديث المتقدم من جهة محصورة انتهى. وبعضه بالمعنى وروى أحمد عن معاذ أنه عليه السلام قال إني قمت من الليل فصليت ما قدر لي فنعست، وفي رواية فوضعت جنبي فإذا أنا