الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومعناه أظهر وفاعله مستتر. يعنى أن ترسه (صلى الله تعالى عليه وسلم) وجعبته من جملة ما يبديه الناظم أي يذكره، والترس بضم أوله معروف، وجمعة ترسة كعنبة وتروس كفلوس وتراس كسهام وربما قيل أتراس قال ابن السكيت ولا يقال أترسة كأرغفة وإذا كان من جلد لا خشب فيه يسمى درقة قاله المناوي. وذكروا له ثلاثة تروس ترس اسمه الزلوق بفتح الزاي وضم اللام فواو ساكنة فقاف سمي بذلك لأنه يزلق بفتح اللام عنه السلاح وترس اسمه الفتق بضم الفاء وفتح الفوقية فقاف قاله الزرقاني. وفي المناوي أنه بضمهما. وترس ثالث أهدى إليه وفيه تمثال عقاب أو كبش، فكرهه، فأصبح وقد أذهب الله عنه التمثال انتهى. والجعبة بفتح الجيم والموحدة بينهما مهملة ساكنة كنانته التي يجمع فيها النبل، وكنانته عليه السلام تسمى الكافور قاله الزرقاني.
(زأدرع كانت له بهيه
…
أسماؤها فضة والسعدية)
قوله بهيه صفة أدرع ومعناه الحسنة والبهاء الحسن يعني أنه (صلى الله تعالى عليه وسلم) كانت له أدراع سبع، ذكر الناظم منها ثلاثا، والدرع بكسر الدال القميص المتخذ من الزرد وهي مؤنثة في الأكثر وتصغر على دريع بغير هاء على غير قياس وربما قيل دريعة والجمع أدراع وأدرع ودروع قاله المناوي. وفضة بكسر الفاء والسعدية بمهملة مضمومة وغير معجمة ساكنة أصابها من بني قينقاع، وكانت درع داوود التي لبسها لقتال جالوت، وقيل السعد بلد تعمل فيه الرماح قاله المناوي وفي المواهب والسعدية ويقال بالغين وهي درع عكير القينقاعي قيل وهي
درع داوود التي لبسها حين قتل جالوت
. وفضة كان قد أصابهما من بني قينقاع انتهى قوله. السعدية بفتح السين وجوز بعضهم ضمها وإسكان العين ودال مهملات منسوبة للسعد وهي جبال معروفة وفي معرب الجوا ليقي أنه بالسين والصاد لأنه قياس في كل سين معها حرف استعلاء قال الشاعر:
وخافت من جبال السعد نفسي
وقوله ويقال بالغين أي بضم السين وإسكان الغين المعجمة. قال البرهان وهو الذي أحفظه قال ابن القطاع موضع تصنع فيه الدروع أي ناحية بسمرقند كما في اللب أنظر الزرقاني.
(ثالثها ذات الفضول تدعى
…
كانت له يوم حنين درعا)
ومعها السعدية كما يأتي، وقوله ثالثها مبتدأ وخبره تدعى أي تسمى ونائبه مستتر وذات بالنصب مفعوله الثاني يعني أنه (صلى الله تعالى عليه وسلم) كانت درع تسمى ذات الفضول بفاء مضمومة وضاد معجمة مضمومة فواو فلام سميت بذلك لطولها أرسلها إليه سعد بن عبادة عند مسيره إلى بدر، وكانت من حديد موشحة بنحاس، وكان عليه الصلاة والسلام هي والسعدية يوم حنين مظاهرا بينهما وكان (صلى الله تعالى عليه وسلم) يوم أحد عليه ذات الفضول أو فضة وأفاد البرهان وغيره أنه لم يظاهر بين درعين إلا في ذينك اليومين أنظر الزرقاني والمناوي. وللعراقي نفعنا الله به:
(أدرعه سبعة السعدية
…
ذات الفضول وكذا فضيه)
(ذات الحواشي مالها كفاء
…
ذات الوشاح الخرنق البتراء)
وذات الفضول هي التي كانت موهونة عند أبي الشحم اليهودي في ثمن شعير اشتراه لأهله وكان ثلاثين صاعا كما في الصحيح وعند النسائي أنه عشرون صاعا وكان الدين إلى سنة، وذكر ابن الطلاع أن أبا بكر أفتك الدرع بعد وفاته (صلى الله تعالى عليه وسلم) والحواشي جمع حاشية وهي في الأصل جانب الثوب، وذات الوشاح بكسر الواو وخفة الشين المعجمة فألف فمهملة وكانت موشحة بنحاس والخرنق بكسر المعجمة وسكون المهملة وكسر النون وفتحها وقاف ولد الأرنب، فكأنها
سميت بذلك لقصرها والبتراء بفتح الموحدة وسكون الفوقية والمد سميت بذلك لقصرها وما مر من تفسير الخرنق أنها ولد الأرنب أحد أطلاقين وثانيهما الفتي من الأرنب انتهى ملخصا من المناوي والزرقاني والعيون.
(ومغفر يدعى السبوع كان له)
المغفر كمنبر ما يلبسه الدارع على رأسه عند الزرد وغيره قاله المناوي. وقال الزرقاني بعد وقول المواهب وكان له عليه الصلاة والسلام مغفر من حديد انتهى. صفة لازمة على أنه ما نسج من زرد الدرع أو مخصصة على أنه ما يلبس على الرأس من القلنسوة والسبوع بفتح السين المهملة وضمها فموحدة فواو فغين معجمة كما في النور أي السابغ بمعنى الطويل، يعني أنه عليه السلام كان له مغفر من حديد، يدعى السبوغ أي يسمى بالسبوغ ويقال له أيضا ذو السبوغ بالفتح والضم أي على ما في النور أي الطول وفي القاموس ضمه وهو ظاهر قول الخلاصة:
(وفعل اللازم مثل قعدا
…
)
له فعول انظر الزرقاني وله أيضا مغفر ثان يسمى الموشح بضم الميم وفتح الواو والشين المعجمة المشددة فمهملة وهو من حديد أيضا كما في المناوي وللعراقي:
(مغفرة السبوغ والموشح
…
فسطاطه الكن كما قد صرحوا)
ومعنى آخر البيت أنه عليه السلام كان له فسطاط أي بيت من شعر يسمى الكن بكسر الكاف سمي بذلك لأنه يستر من الحر والبرد والفسطاط بضم الفاء وكسرها وبالطاء والتاء مكانها انظر الزرقاني. (ونحوه منطقة مجمله)، يعني أنه (صلى الله تعالى عليه وسلم) كانت له منطقة مجملة أي مزينة بالفضة فكان فيها ثلاث حلق فضة وهي من أديم وكان ابزيمها من فضة والطرف الذي يدخل في الإبزيم من فضة أيضا والإبزيم بكسر الهمزة وسكون الموحدة فزاي فتحتية فميم هو
الذي في رأس المنطقة وهو ذو لسان يدخل فيه الطرف الآخر وهي بكسر الميم ما يشد به الوسط ذكر ابن سعد وغيره أنه عليه السلام يوم أحد شد على وسطه منطقة وأقره اليعمري فقول ابن تيمية لم يبلغنا أنه شد على وسطه منطقة تقصير كما في الزرقاني. وللحافظ للعراقي:
(كانت له منطقة أديم
…
فضة الحلق والإبزيم)
أي من أديم مبشور يشد بها وسطه وكان فيها ثلاث حلق من فضة والإبزيم الذي في رأس المنطقة كان فضة وطرفها فضة ذكره الدمياطي وانتطق شد المنطقة ويسميها الناس الحياضة والأديم الجلد المدبوغ قاله المناوي.
(وراية سوداء بالعقاب، تدعى هاك الله) أي أرشدك دعاء بلفظ الخبر (للصواب)، ضد الخطأ أي وكان من آلات حربه (صلى الله تعالى عليه وسلم) وسلم رايته مربعة كما في العيون سوداء من نمرة أي صوف تدعى أي تسمى بالعقاب والراية ثوب يجعل في طرف الرمح ويخلى كهيئته تصفقه الرياح وهي العلم الكبير روى ابن عساكر عن عائشة كان لواء رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) يوم الفتح أبيض، ورايته سوداء قطعة من مرط من صوف تسمى العقاب انتهى. من المناوي. وفي العيون كان له راية سوداء يقال لها العقاب وراية بيضاء يقال لها الزينة، وربما جعل فيها الأسود وروي أبو داوود أن له راية صفراء وروي ابن حبان من حديث ابن عباس قال مكتوب على رايته لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم). وقال الحافظ الدمياطي روي أن لواءه أبيض مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) انتهى. وللحافظ العراقي:
(رايته العقاب كالنمراء
…
مع راية صفراء مع سوداء)
(كانت له ألوية بيض كذا
…
أسود مع أغير منها اتخذا)
وقوله كالنمراء اسم ثان فتسمى بالعقاب وبالنمراء وسميت
بالنمراء لكون لونها النمر لما فيها من بياض وسواد. وقوله مع راية صفراء هذه الراية المخصوصة لم يكن لها اسم. وروي الطبراني أن المصطفى عقد رايات الأنصار وجعلهن صفرا. وقوله مع راية سوداء أي غالب لونها السواد أي بحيث ترى من بعد سوداء لأن لونها كان سوادا خالصا والأولية جمع لواء وهو العلم الصغير وروي ابن عساكر كان لواء المصطفى يوم دخل مكة أبيض فحمله سعد بن عبادة وروي أيضا عن أنس وعائشة كان له لواء أسود وقوله مع أغبر منها اتخذا أي ربما اتخذ بعضها من أغبر ففي حواشي السنن للمنذري عن مجاهد كان لرسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) لواء أغبر، انتهى. أي بين البياض والسواد. قال ابن حجر الراية بمعنى اللواء وهو العلم الذي يحمل في الحرب ويعرف به صاحب الجيش وقد يحمله أمير الجيش وقد يرفعه إلى مقدم العسكر وصرح بعض أهل اللغة بترادفهما والأحاديث تدل على التغاير فلعل التفرقة عرفية انتهى من المناوي.
(وكان أيضا عنده لواء
…
أبيض قد فشت بذا الأنباء)
يريد أنه (صلى الله تعالى عليه وسلم) كان له مع رايته السوداء لواء أبيض كما قدمته وقد فشت أي كثرت وشاعت بذلك الأنباء بفتح الهمز جمع نبأ وهو الخبر وقد مر الكلام في ترادف الراية واللواء وتغايرهما ومر بأبسط من ذلك في أول الكتاب واختصاره ذلك أنه علي التغاير فالراية العلم الكبير يجعل في طرف الرمح ويترك تصفقه الرياح ويعرف به مكان صاحب الجيش، واللواء العلم الصغير وعلى الترادف فكل منها العلم الذي يحمل في الحرب والله تعالى أعلم.
(بيان ماله من الثياب
…
ومن أثاث فاستمع خطابي)
أي هذا بيان ما كان له (صلى الله تعالى عليه وسلم) من الثياب جمع ثوب وما كان له من الأثاث وهو بفتح الهمزة ومثلثتين متاع البيت
كالمشط والمرأة والمكحلة ونحوها والخطاب الكلام فهو بمعني اسم المفعول أى المخاطب به وأصله مصدر خاطبه والخطاب توجيه الكلام إلى الغير بقصد الإفهام.
(وإلى ذكر كل ما له
…
نسبة إلى سيد المرسلين)
(ترتاح أنفس الطالبين
…
وتشتاق قلوب المتذاكرين)
(وذكر أخباره مما يؤنق الأسماع
…
ويهز من المحب له الطباع)
ولله در الأديب الأريب حيث يقول ولقوله قبول:
(يا ليت حر الوجه مني كانا
…
لوطئ نعل المصطفي مكانا)
(كان له من الثياب اثنا عشر
…
على الذي نقله أهل السير)
السير كعنب جمع سيرة بالكسر وهي في الأصل هيأة السير أى طريقته صلى الله تعالى عليه وسلم وهيأته وحاله ثم خصت بحاله في غزواته ونحوها قاله الزرقاني ومراده والله تعالى أعلم أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يجتمع عنده من الثياب التي أعدها للبس اثنا عشر وهي التي ذكرها بعد ولم أقف على هذا التحديد وقال العراقي في سيرته:
له ثلاث من جباب تلبس
…
في الحرب إحداهن منها سندس)
(أخضر ثم جبة طيالسه
…
تغسل للمرضي وكانت ملبسه)
انتهى ما ذكره والجباب جمع جبة وقوله تغسل للمرضي أى وتسقي لهم غسالتها للاستشفاء وقوله وكانت ملبسه أى غالبا، انتهى من المناوي.
وقال في العيون قال ابن فارس ترك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم توفي حبرة وإزارا عمانيا وثوبين صحراويين وقميصا صحاريا وأخر سحوليا وجبة يمنية وكساء أبيض، وقنانص صغار
الأطئة ثلاثا أو أربعا وخميصة وملحفة مورسة وكان يلبس في يوم الجمعة برده الأحمر ويعتم وكان له ر عمامة يعتم بها يقال له السحاب، وهبها لعلي وعمامة سوداء ويلبس يوم الجمعة غير ثيابه المعتادة كل يوم ولا يخرج يوم الجمعة إلا معتما وكان له رداء مربع وكان له فراش من أدم حشوه ليف وكساء أحمر من شعر، وكساء أسود ومنديل يمسح به وجهه انتهى المراد.
وسأشرح إن شاء الله بعض ما ذكره (منها قميصان له شعار) القميص اسم ما يلبس من المخيط الذي له كمان وجيب يلبس تحت الثياب ولا يكون من صوف كذا في القاموس مأخوذ من التقمص بمعني التغلب لتغلب الإنسان فيه وقيل سمي باسم الجلد التي هي غلاف القلب فإن اسمها القميص قاله البيجوري في شرح الشمائل والشعار ككتاب من اللباس وما يلي شعر الإنسان ويفتح قاله في القاموس ومعني كلامه أن صلى الله تعالى عليه وسلم كان له قميصان يليان جسده الشريفة وفي شمائل الترمذي من حديث أم سلمة قالت كانت أحب ثياب إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم القميص وفيه من حديث أسماء بنت يزيد. قالت كان كم قميص رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الرسغ، انتهى. وأحب اسم كان والقميص خبرها وهو المشهور في الرواية وقيل بالعكس وإنما كان أحب إليه لأنه أستر لليدين من غيره ولأنه أخف على البدن والظاهر أن المراد في الحديث القطن والكتان، دون الصوف، لأنه يؤذى البدن، ويدر العرق ويتأذي بريح عرقه المصاحب فقد وجد أن المصطفي صلى الله تعالى عليه وسلم لم يكن له سوي قميص واحد ففي الوفاء بسنده عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما رفع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قط غذاء لعشاء ولا عشاء لغذاء ولا اتخذ من شئ زوجين ولا قميصين ولا رداءين ولا إزارين ولا زوجين من النعال قال البيجوري وهذا يخالف ما ذكره الناظم والله تعالى أعلم.
وقوله كان كم قميص، وفي رواية كان كم يد رسول الله صلى الله
تعالى عليه وسلم الخ. والرسغ بضم الراء وسكون السين أو الصاد لغتان فغين معجمه مفصل ما بين الكف والساعد وأخرج البيهقي وغيره عن علي رضي الله تعالى عنه أنه كان يلبس القميص حتى إذا بلغ الأصابع قطع ما فضل ويقول لا فضل للكمين على الأصابع، ويجري مثل ذلك في أكمامنا، قال الحافظ العراقي:
(ولو أطال أكمام قميصه
…
حتى خرجت عن المعتاد)
كما يفعله كثير من المتكبرين فلا شك في حرمة ما مس الأرض منها بقصد الخيلاء وقد حدث الناس اصطلاح بتطويلها فإن كان من غير الخيلاء بوجه فالظاهر عدم التحريم، انتهي من البيجوري.
(ثم كساءان إن له دثار) ثم هنا للترتيب الذكري والكساء بالكسر معروف ويكون من صوف أو شعر أو خز أو قطن أو غير ذلك، كما صرح به الزرقاني والبيجوري والقسطلاني وغيرهم والدثار بالكسر ما فوق الشعار من الثياب قاله في القاموس، ومعني كلامه أنه عليه السلام كان له كساءان، أى رداءان يلبسهما فوق القميص الذي يلي جسده الكريم، والكساء ما يستر أعلى البدن، ضد الإزار قاله البيجوري في باب ما جاء في صفة إزار رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.
وفي الشفاء كان صلى الله تعالى عليه وسلم يلبس ما وجده فيلبس في الغالب الشملة والكساء الخشن والبرد الغليظ ويقسم على من حضره أقبيلة الديباج المخوصة بالذهب ويرفع منها لمن لم يحضر إذ المباهاة في الملابس والتزين بها ليست من خصال الشرف والجلالة وهي من سمات النساء والمحمود منها نقاوة الثوب والتوسط في جنسه وكونه لبس مثله غير مسقط لمروءة جنسه مما يؤدي إلى الشهرة في الطرفين وقد ذم الشرع ذلك انتهى المراد منه. ابن سلطان والشملة ضبطت بالفتح وفى القاموس الشملة هيئة الاشتمال وبالكسر كساء دون القطيفة يشتمل به. والظاهر أنه وهم منه فإن صيغة الهيئة إنما هي بالكسر أيضا والخشن الغليظ ضد الرفيع.
والبرد الثوب الذي فيه خطوط وفى الحديث: [إن الله يحب المتبذل الذي لا يبالي ما لبس]. وقوله ما وده أى ما أصدفه، أى ما تيسر من غير كلفة ولا شهوة. وقوله ويقسم بالتخفيف ويجوز تشديده للتكثير، والأقبية جمع قباء ككساء وأكسية صنف من الثياب والديباج بكسر الدال وتفتح نوع من الحرير والمخوصة بشد الواو المنسوجة وقيل فيه طرائف من ذهب مثل خوص النحل وهو ورقه وفي رواية المزرورة بالذهب أى لها أزرار منه وقوله ويرفع أى يدخر وقوله لمن لم يحضر أى كان غائبا من أصحابه كمخرمة ابن نوفل فإنه بلغه أنه عليه السلام قدمت عليه أقبية فذهب إليه فخرج عليه السلام إليه ومعه قباء من ديباج مزرور بالذهب فقال يا مخرمة خبأت لك .. وجعل يريه محاسنه ثم أعطاه له، فنظر إليه فقال رضي مخرمة. وقوله ليس من خصال الشرف أى ليست من شمائل أرباب الشرف والعظمة، وقوله الشهرة في الطرفين الأعلى والأدنى وقد ورد النهي عن الشهرتين. انتهى كلام ابن سلطان.
ونقل في المواهب كلام القاضي عياض هذا، قال الزرقاني في شرحها الشملة بفتح المعجمة وسكون الميم ما يشتمل به من الأكسية التي يلتحف بها وقيل يختص بما له هدب، وقال ابن دريد كساء يؤتزر به وهي كالخوص، وقيل المكفوفة، وقوله رضي مخرمه، جزم الداوودي بأنه من كلامه عليه السلام، فرجح الحافظ أنه من كلام مخرمة، وقوله إذا المباهاة الخ .. وأكثر من يتباهي بذلك محدث النعمة، ومن لا قدر له انتهى كلامه.
(وجبتان) أى وكان له، صلى الله تعالى عليه وسلم، جبتان تثنية جبة بالضم، قد مرعن العراقي أنه ثلاثة والله تعالى أعلم وفي شمائل الترمذي عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، لبس جبة رومية ضيقة الكمين، انتهى.
قال البيجوري أى لبسها في السفر وذلك في غزوة تبوك، والجبة من
الملابس معروفة وقيل ثوبان بينهما حشو قد تقال لما لا حشو له إذ كانت ظهارته من صوف والرومية نسبة للروم، وفي أكثر الروايات شامية نسبة للشام، ولا تناقض لأن الشام يومئذ كانت مساكن الروم، وقوله ضيقة الكمين أى بحيث إذا أراد إخراج يديه لغسلهما تعسر فيعدل إلى إخراجهما من ذيلها ويؤخذ منه كما قال العلماء أن ضيق الكمين مستحب في السفر لا في الحضر وإلا فأكمام الصحابة كانت واسعة. وعلم من كلامهم في هذا الباب أنه صلى الله تعالى عليه وسلم، أثر رثاثة الملبس فكان أكثر لبسه الخشن من الثياب وكان يلبس الصوف ولم يقتصر من اللباس على صنف بعينه وكان يلبس الرفيع أحيانا، فقد هديت له حلة اشتريت بثلاثة وثلاثين بعيرا، أو ناقة، فلبسها مرة، وأما السراويل فقد وجدت في تركته عليه السلام لكن لم يلبسها، على الراجح، وأول من لبسها الخليل عليه السلام، حين كلمه ربه كساء من صوف وقلنسوة من صوف وجبة من صوف وسراويل من صوف وكانت نعلاه من جلد حمار ميت. انتهى المراد من كلامه.
وقال القسطلاني في المواهب، وعن أسماء بنت أبي بكر أنها أخرجت جبة طيالسه كسروانية لها لبنة ديباج وفرجاها مكفوفان بالديباج وقالت هذه جبة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، يلبسها فنحن نغسلها للمرض نستشفي بها رواه مسلم، وقولة جبة طيالسه بإضافة جبة إلى طيالسه، وكسروانية بكسر الكاف وفتحها والسين ساكنة والراء مفتوحة نسبة غلى كسري ملك الفرس، ولبنة بكسر اللام وإسكان الباء رقعة في جيب القميص وفيه جواز لبس ما له فرجان وأنه لا كراهية فيه، وأن المراد بالنهي عن الحرير المتمحض منه وأنه ليس المراد تحريم كل جزء منه بخلاف الخمر والذهب فإنه يحرم كل جزء منهما قاله النووي اهـ كلاهما بحروفه. وقوله طيالسه نوع من الثياب لها علم وقوله مكفوفان الخ .. أى عمل على جيبها وكميها وفرجها
كفاف من حرير، وكفة كل بالضم طرفه وحاشيته وقبضت ماتت، ونستشفي به نطلب الشفاء لملابستها لعرقه وبدونه ورقعة أى قطعة حرير جعلت فيه ولو جديدا وليس المراد أنها جعلت فيه لإصلاح خلله، وقوله يحرم كل جزء منهما أى على الرجال في الذهب قاله الزرقاني.
فائدة:
قال الزرقاني: قيل هذا في شرح قول قرة ابن إياس فأدخلت يدي في جيب قميصه فمسست الخاتم ما نصه بفتح الجيم وسكون التحتية يطلق على فتحة القميص المحيطة بالعنق وعلى ما يجعل في صدره ليجعل فيه الشئ وبه فسره أبو عبيد، وإليه أشار البخاري وقال ابن بطال كان جيب السلف عند الصدر، انتهى ونحوه للبيجوري.
(وإزار) بكسر الهمزة مرفوع عطف على ما مر يعني أنه عليه السلام كان له إزار يأتزر به والإزار ما يستر أسفل البدن والرداء ما يستر أعلاه وذكر ابن الجوزى في الوفاء بسنده عن عروة ابن الزبير قال طول رداء رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، أربعة ذرع وعرضه ذراعان ونصف ونقل ابن القيم أن طوله ستة أذرع في ثلاثة وشبر، وأما إزاره فطوله أربعة أذرع وشبر في ذراعين، قاله البيجوري. وفي الشمائل للترمذي عن أبي بردة عن أبيه أى أبي موسي الأشعري، قال أخرجت إلينا عائشة رضي الله عنها كساء ملبدا وإزارا غليظا فقالت قبض روح رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، في هذين، وملبد بصغة اسم المفعول والملبد المرقع وقيل الذي ثخن صدره حتي صار كاللبد، والكساء ما يستر أعلى البدن، ضد الإزار، وقوله فقالت قبض أرادت أنهما كانا لباسه وقت مفارقته للدنيا، صلى الله تعالى عليه وسلم مع ما فيهما من الرثاثة والخشونة فلم يكترث عليه السلام بمتاعها الفاني مع أن ذلك كان بعد فتح الفتوح، وكمال سلطان الإسلام، ويؤخذ منه أنه ينبغي للإنسان أن يجعل أخر عمره محلا لترك الزينة قاله البيجورى. وفي المواهب عن عون بن أبي جحيفة قال رأيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
وعليه حلة حمراء كأني انظر إلى بريق ساقيه، قال سفيان إزاره حبرة والبريق اللمعان، وقال في القاموس الحلة بالضم إزاره ورداء ولا تكون إلا من ثوبين أو ثوب له بطانة، وقال ابن القيم وغلط من ظن أنها كانت حمراء بحتا لا يخالطها غيرها وإنما الحلة الحمراء بردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود انتهى المراد منها. وفي الزرقاني البحت بفتح الموحدة وسكون المهملة فمثناه فوقية الخالص وفي المصباح الحلة لا تكون إلا من ثوبين من جنس واحد. وفي الفتح قال أبو عبيد الحلل برود اليمن والحلة غزار ورداء ونقله ابن الأثير وزاد إذا كان من جنس واحد اهـ المراد.
وعن أنس كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يلبسه الحبرة والحبرة بزنة عنية ضرب من برود القطن اليمانية سميت حبرة لأنها تحبر أى تزين والتحبير التحسين. وقال ابن بطال كانت أشرف الثياب عندهم وجمع بين هذا وحديث الشمائل المتقدم بأن حبه للقميص حين يكون عند نسائه وللحبرة حين يكون عند صحبه لأن عادة العرب الائتزار والارتداء وبأنه كان يتخذ القميص من الحبرة انظر الزرقاني.
وعن عائشة خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ذات صحوة وعليه مرط مرحل من شعر أسود رواه مسلم والمرط بكسر الميم وإسكان الراء كساء من صوف أو خز، يؤتزر به، والمرحل بتشديد الحاء المهملة كمعظم هو الذي فيه صور الرحال، قال النووي الذي رواه الجمهور، وضبطه المتقنون بالحاء المهملة، أى على صور رحال الإبل ولا بأس بهذه الصور، وإنما يحرم تصوير الحيوان التام الخلق، وفى القاموس برد مرجل كمعظم، أى بالجيم فيه صور الرجال، انظر المواهب وشرحها، انظر الزرقاني، وزعم أنه جعله على رأسه يرد بأنه ليس في الحديث ما يدل عليه، وبأنهم أطبقوا على أنه كساء يؤتزر به، قاله قبل هذا اهـ.
(وثياب أربعة) مراده أنه، صلى الله تعالى عليه وسلم، كان له مع ما تقدم من الثياب أربعة أثواب أخر، ولم يبين الناظم أسماءها ولا صفتها،
والذي تقدم قميصان ورداءان وهما الكساءان في كلامه وجبتان وأزر، وفي الشمائل عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم خرج ويتكئ على أسامه بن زيد عليه ثوب قطري قد توشح به، والقطري بكسر القاف وسكون الطاء بعدها راء ثم ياء نسب، نسبة إلى القطر، وهو نوع من البرد اليمنية يتخذ من قطن وفية حمرة وأعلام مع خشونته أو نوع من حلل جياد تحمل من بلد بالبحرين اسمها قطن بالتحريك فكسرت القاف وسكنت الطاء على خلاف القياس. وقوله توشح به أى وضعه فوق عاتقه أو خالف بين طرفيه وربطهما بعنقه انتهى من البيجوري.
فائدتان:
الأولي أعلم أنه قد صح شراءه صلى الله تعالى عليه وسلم للسراويل، فقد روي أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن حبان أنه اشتراه وفي الهدي والظاهر أنه، صلى الله تعالى عليه وسلم إنما اشتراه ليلبسه، قال الحافظ وما كان ليشتريه عبثا وإن كان غالب لبسه الإزار وفي حديث ضعيف أنه لبسه وكانوا يلبسونه في زمانه وبإذنه، وهو فارسي معرب يذكر ويؤنث ولم يعرف أبو حاتم التذكير وقيل جمع سروال أو سراولة أو سراويل بكسرهن والراوين بالنون لغة في السراويل انظر الزرقاني.
الثانية رواه الطبراني مرفوعا أزره المؤمن إلى أنصاف ساقيه وليس عليه حرج فيما بينه وبين الكعبين وما أسفل من ذلك ففي النار والأزرة بالكسر الحالة وهيئة الائتزار قاله القسطلاني. الزرقاني هذا أصوب في ضبط الحديث وإن ضمها الأكثر. وعن ابن عمر أنه عليه السلام قال الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، من جر شيئا من ذلك خيالاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، رواه أصحاب السنن إلا الترمذي قاله القسطلاني، وقال إنما ورد من هذا الإطلاق يعني وما أسفل من ذلك ففي النار ونحوه محمول على أنه من قبل الخيلاء. قال الزرقاني ونص
الشافعي على أن التحريم مخصوص بالخيلاء فإن لم يكن لها كره. وفي البخاري مرفوعا بينما رجل يمشي في حلة تعجبه مرجل جمعته إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة. والخيلاء بكسر الخاء وضمها الكبر، والجمة بضم الجيم وشد الميم الشعر المتدلي إلى المنكبين أو إلى أكثر وترجيل الشعر تسريحه ودهنه، ومرجل بكسر الجيم ويتجلجل بجيمين مفتوحين ولامين أى يسوخ والرجل المذكور جزم غير واحد أنه قارون وعن قتادة أنه يخسف به في كل يوم قامة، وعن بعضهم أن الرجل أعرابي من فارس، وإعجاب المرء بنفسه ملاحظته لها بعين الكمال مع نسيان نعمة الله فإن احتقره غيره مع ذلك فهو الكبر، نقله الزرقاني.
(ثم العمامة السحاب)
يعني أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كانت له عمامة يعتم بها يقال لها السحاب فوهبها لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه كما أشار له بقوله (أعني) أى بالعمامة التي تسمي بالسحاب، العمامة، (التي وهبها) المصطفي صلى الله تعالى عليه وسلم، أى أعطاها (عليا) بن أبي طالب، (فلا تكن بعلمها) أى معرفتها (غبيا) أي بليدا لا معرفة عندك، قال في العيون وكان له صلى الله تعالى عليه وسلم كان له عمامة يعتم بها يقال لها السحاب فوهبها لعلي وعمامة سوداء انتهى. وقال الزرقاني بعد قول المواهب، وعمامة اسمها السحاب وأخري سوداء ما نصه دخل بها يوم الفتح مكة كما في حديث جابر عند الترمذي وكانت فوق المغفر أو تحته وقاية من صدء الحديد فلا يخالف حديث أنس في الصحيحين أنه صلى الله تعالى عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر.
(ثم قلانس صغار لاطيه
…
وهى ثلاث فاغتنم بيانيه)
القلنسوة بفتح القاف وضم السين والقلنسية بضم القاف وكسر السين تلبس في الرأس جمعها قلانس وقلانيس وقلنس قاله في القاموس،
ويقال قلنساة بإبدال الواو ألفا وهي غشاء مبطن يستر به الرأس أبيض أو أسود أو غيرهما من جلد أو غيره، قال العسكري هى التي تغطي بها العمائم وتستر من الشمس والمطر، انظر الزرقاني. ولاطية بالياء مسهل من الهمز اسم فاعل من لطئ كمنع وفرح إذا لصق والهاء في قوله بيانية للسكت يعني أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان له ثلاث قلانس صغار لاطيه أى لاصقة برأسه الشريف، قال في المواهب وكان له عليه الصلاة والسلام عمامة تسمي السحاب ويلبس تحت القلانس اللاطية وقوله تسمي السحاب أى وعمائم أخر واللاطئة اللاصقة، قال في المصباح لطئ بالأرض يلطؤ مهموز مثل لصق وزنا ومعني، قاله الزرقاني. وقى القاموس لطئ بالأرض كمنع وفرح لصق لطئا ولطوءا انتهى.
(والمشط من عاج له) والمشط مبتدأ وخبره له ومن عاج حال اى والمشط له عليه السلام حال كونه من عاج والعاج هو الذبل كما في المواهب قال المحقق الزرقاني والعاج هو ظهر السلحفاة البحرية كما في المصباح قائلا وعليه يحمل أنه كان لفاطمة سوار من عاج ولا يجوز حمله على أنياب الفيلة، لأن أنيابها ميتة بخلاف السلحفاة انتهى.
وعليه يحمل المشط النبوي بالأولي ومن ثم قال المصنف يعني القسطلاني وهو الذبل بفتح المعجمة وإسكان الموحدة وباللام قال المصباح شئ كالعاج وفى القاموس عظام دابة بحرية تتخذ منها الأسورة والأمشاط انتهى كلام الزرقاني. وفيه أن المشط بضم الميم مع غسكان الشين وضمها وبكسر الميم مع إسكان الشين ويقال ممشط بميمين أولاهما مكسورة انتهى.
(والمكحلة) هى هنا الكحل نفسه لا وعاؤه ففي المنواى بعد قول العراقي والمكحلة ما نصه يكتحل منها عند النوم، والكحل بضم الكاف وكحل عينيه كنصر كما في المناوي أيضا.
وقال في المواهب وكان له ربعة إسكندرانية يجعل فيها المرءاة ومشطا من عاج وهو الذبل والمكحلة يكتحل بها عند النوم ثلاثا في كل عين وكان