الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه وسلم، رواه الشيخان. وقال أبو هريرة ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه، وإذا تبسم يتلألأ الجدر، وقوله كالشمس إلخ
…
أي يتوهج كتوهج الشمس بحسنه وصفائه وبهاء ضيائه، وقوله يتلألأ بهمزتين أي تلمع ثناياه كاللؤلؤ، والجدر بضمتين جمع جدار وهو حائط الدار، والحديث رواه أحمد والترمذي وابن حبان، قال ابن سلطان. وقال جابر بن سمرة وقال له رجل أكان وجهه، صلى الله تعالى عليه وسلم، مثل السيف؟ فقال لا بل مثل الشمس والقمر. وكان وجهه مستديرا، قاله في الشفا. وقوله مستديرا أي غير مستطيل فلا ينافي ميلانه إلي الطول، قاله ابن سلطان، وقالت أم معبد في بعض ما وصفته به كما مر أجمل الناس من بعيد وأحلاه وأحسته من قريب قوله وأحلاه بالإفراد أي الناس وكذا قوله وأحسنه أي تبين حلاوة ملاحته وطراوة فصاحته من قريب.
وفي حديث ابن أبي هالة يتلألؤ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر وخصه لأن ذاك زمان كماله وسمي بدرا لمبادرته الشمس في الغروب ليلا ومبادرتها إياه في الطلوع صباحا، وقال علي رضى الله تعالى عنه في آخر وصفه،
من رآه بديهة هابه
، أي خافه، مخافة العظمة، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته لم أر قبله ولا بعده مثله، صلى الله تعالى عليه وسلم، والناعت الواصف والأحاديث الواردة في هذا لا تكاد تنحصر ولا يدرك قعر بحرها المنهمر انظر الشفا وشرح القارئ له. وقال الإمام التسولي لو لم يكن له، صلى الله تعالى عليه وسلم، سوى ما اشتملت عليه ذاته من المحاسن لكفاه فإن جميع الواصفين له، صلى الله تعالى عليه وسلم لم يدركوا من أوصافه إلا اليسير، لأن ما حوت ذاته من المحاسن خرق عادة ولم يوجد لبشر سواه فقد قالوا أن الله تعالى أخفى عن الصحابة جل جماله لطفا بهم لأنه لو أبداه لهم لذهبت عقولهم فلا يبلغون عنه شيئا، ولذا أسلم أبو ذر رضى الله عنه عند رؤيته، انتهى.
وفي مطالع المسرات أن كل واحد منهم ينظر إليه على قدر طاقته بل
منهم من لم يكن يملأ عينيه منه، صلى الله تعالى عليه وسلم.
((
…
) وأكملا خلقا وخلقا بل لعمري أفضلا)
يعنى أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان أكمل من جميع الخلق في الخلق بفتح المعجمة وسكون اللام وهو ما يرجع إلي صورته الظاهرة وفي الخلق بضمتين وهو ما يرجع إلي الأوصاف الباطنة كالشجاعة والحلم والصبر والحياء والكرم ووفور العقل الذي هو أصل كل كمال والجود والسخاء والاحتمال أما الشجاعة فهي قوة القلب عند البأس وكان عليه السلام أشجع الناس وما ولى العدو ظهره قط، وتأمل ما تقدم مما وقع له يوم حنين وهو راكب على البغلة التي لا تصلح للكر ولا للفر ومع ذلك يركضها في نحور العدو وينادي باسمه ووصفه الذي هو موجب غضبهم عليه وتكذيبهم له: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، صلى الله تعالى عليه وسلم، وأما الحلم فهو حالة توقر وثبات عند الأسباب المحركات للغضب الباعث على العجلة في العقوبة والصبر حبس النفس على ما تكره فهو أعم من الحلم، فالصبر يكون على العبادة وعن المعصية وفي المصيبة وأما الجود والكرم والسماحة ومعانيها متقاربة فلا شك أنه، صلى الله تعالى عليه وسلم، كان منها بالمحل الذي لا يدركه غيره. وفرق بعضهم بين هذه الحقائق فقال الكرم الإنفاق بطيب النفس أي انبساطها فيما يعظم خطره بفتحتين ويسكن أي قدره والانتفاع به فلا يطلق على ما يقل نفعه وسموه مزية وهو ضد النذالة والسماحة التجافي عما يستحقه المرء عند غيره بطيب نفس وهو ضد الشكاسة أي صعوبة الخلق والسخاء سهولة الإنفاق على الأقارب والأجانب والغني والفقير وقال بعضهم من أعطى البعض فهو سخي ومن بذل الأكثر فهو جواد، ومن بذل الكل فهو كريم. وأما الحياء فهو رقة تعترى وجه الإنسان عند فعل ما يتوقع كراهته أو ما يكون تركه خيرا من فعله وكان عليه السلام أشد الناس حياء، انتهى من الشقا وشرح ابن
سلطان له.
وقوله بل لعمري أفضلا بل هنا للانتقال بغير أبطال ولعمري مبتدأ وخبره محذوف أي قسمي ولا شك أنه، صلى الله تعالى عليه وسلم، أفضل من جميع المخلوقات. (أخطأت) يصح أنه للخطاب، أي أخطأت يا مادح، ويصح أن الضمير للمتكلم أي أخطأت أنا. (إن شبهته بالبدر في الحسن) وكأنه رحمه الله تعالى في هذه الأبيات يشير إلي الأخذ على مجلي حلبة المديح النبوي حيث قال كالزهر في ترف إلخ
…
وما فعل الإمام البصيري هو الجاري على ألسنة العرب نظما ونثرا وتأمل قول ابن رواحة أو حسان على الخلاف في ذلك:
(روح من النور في جسم من القمر كحلة نسجت بالأنجم الزهر)
وقول حسان:
(واق وماض شهاب يستضاء به بدر أنار على كل الأناجبل)
وقول أمنا عائشة رضى الله عنها: وقد نظرت إليه، صلى الله تعالى عليه وسلم، يوما فقالت بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنت والله أولي بقول أبي بكر الهذلي
…
وإذا نظرت إلي أسرة وجهه .. برقت كبرق العارض المتهلل .. وقد مر قول ابن أبي هالة فيما تقدم يتلألؤ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، وقول أبي هريرة كأن الشمس تجري في وجهه كما مر، وقال جابر بن سمرة فيما مر أن وجهه مثل الشمس والقمر، وهذا كثير جدا. ومن أسمائه، صلى الله تعالى عليه وسلم، النجم والشمس كما في المواهب، والسراج.
(أو جعلته كالبحر في الجود)
أي أخطأت إن جعلته في الجود مثل البحر وجوابه ما تقدم، (أو مثلته بالزهر، في ترف)، الزهر بالفتح النور والترف النعومة، أي وأخطأت إن قلت إنه مثل الزهر في النعومة، ترف كفرح تنعم، وترفته نعمته (أو قلت نحو الدهر في همم)، تهمم الشيء طلبه والهمة بالكسر ويفتح ما