الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونص الكتاب
إلى المقوقس بعد البسملة من محمد
رسول الله إلى الموقوس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يوتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك اثم القبط {يا أهل الكتاب تعالوا .. إلى قوله مسلمون} . وبعث به حاطبا ووجده بالأسكندرية في مجلس مشرف على البحر فركب سفينة وحاذى مجلسه وأشار بالكتاب إليه فلما رآه أمر بإحضاره بين يديه فلما جيء به ووقف بين يديه فض الكتاب أي فك ختمه وقرأه وقال لحاطب ما به ووقف بين يديه فض الكتاب أي فك ختمه وقرأه وقال لحاطب ما منعه ان كان نبيا أن يدعو علي؟ فقال له حاطب وما منع عيسى أن يدعو على من خالفه؟ ! وعند البيهقي فما له لم يدع على قومه حين أخرجوه من بلده؟ ! فقال له حاطب أتشهد أن عيسى رسول الله؟ فما له حين أخذه قومه وأرادوا أن يصلبوه أن لا يكون دعا عليهم حتى رفعه الله فقال أحسنت أنت حكيم جئت من عند حكيم، فقال حاطب أنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى يعنى فرعون فأخذه الله نكال الآخرة والأولى فانتقم به ثم انتقم منه، فاعتبر بغيرك ولا يعتبر غيرك بك، قال أن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه، فقال له حاطب ندعوك إلى دين الله وهو الإسلام الكافي به الله فقدما سواه أن هذا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش وأعداهم له يهود وأقربهم منه النصارى أي الذين آمنوا به، ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم وما دعاؤنا إياك إلى القرآن، إلا كدعائك أهل التورية إلى الانجيل وكل نبي أدرك قوما فيهم من أمته الحق عليهم أن يطيعوه وأنت ممن أدرك هذا النبي فالحق عليك اتباعه ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكن نامرك به.
فقال المقوقس إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهود فيه ولا ينهى عن مرغوب فيه، ولم أجد بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت معه آلة النبوة بإخراج الخبإ والإخبار بالنجوى وسأنظر وأخذ كتابه عليه السلام وضمه إلى صدره فجعله فى حق من عاج ثم ختم عليه ودفعه لجارية له لتحفظه ثم دعا كاتبا له يكتب
بالعربية فكتب إليه صلى الله تعالى عليه وسلم لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه وقد علمت أن نبيا قد بقي وكنت أظن أن يخرج من الشام أي لأنه مخرج الأنبياء قبله، وقد أكرمت رسولك وبعثته إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وكسوة وأهديت لك بغلة لتركبها والسلام.
قوله يؤتك الله بالجزم، جواب ثان للأمر أو معطوف بحذف العاطف، وقوله سواء بيننا وبينكم أي عدل ونصف، نستووا نحن وأنتم فيها وفسر الكلمة بقوله أن لا نعبد إلا الله إلخ. والنكال العقوبة والآخرة والأولى كلمتان قالهما فرعون، وبينهما أربعون سنة، الأولى قوله ما عملت لكم من إله غيري، والأخرة قوله أنا ربكم الأعلى. وقيل الأولى الدنيا، ونكالها بالإغراق، والآخرة يوم القيامة بالإحراق، وقوله فقد بفتح الفاء وسكون القاف ودال مهملة مفعول قوله الكافي والخبأ بفتح المعجمة المستورة كأنه يشير إلى الإخبار بالمغيبات، والنجوى ما يتناجى به أي يسارر وهي من جملة الإخبار بالغيب.
وروى الواقدي عن المغيرة بن شعبة في قصة خروجهم من الطائف قبل إسلام المغيرة، أنهم دخلوا على المقوقس وسألهم عما يدعو إليه صلى الله تعالى عليه وسلم فلما أخبروه به قال المقوقس هذا نبي مرسل إلى الناس كافة، ولو أصاب القبط والروم لاتبعوه فقد أمرهم بذلك عيسى، وستكون له العاقبة حتى لا ينازعه أحد، ويظهر دينه الى منتهى الخف. والحافر فقالوا أي المغيرة ومن معه لو دخل الناس كلهم معه ما دخلنا معه فهز المقوقس رأسه وقال أنتم فى اللعب.
وقوله وبعثت إليك بجاريتين أي مارية واختها سيرين ولم يذكر الثالثة وهي أختهما قيصر بل اقتصر عليهما لحسنهما وجمالهما.
وروى الواقدي ان المقوقس أرسل إلى حاطب فسأله عن صفته عليه
السلام وإلى ما يدعو فلما أخبره قال القبط لا تطاوعني على اتباعه وأنا أظن بملكي أن أفارقه وسيظهر على البلاد وينزل أصحابه من بعيد بساحتنا هذه حتى يظهروا على ما ها هنا وأنا لا أذكر من هذا حرفا ولا أحب أن تعلم بمحاورتي إياك أحدا، قال حاطب، فذكرت قوله لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال ضن الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه انتهى فكان كما قال أنظر الزرقاني.
واستمر المقوقس نصرانيا حتى فتحت منه مصر في خلافة عمر.
(ثم إلى من ملكا عمانا
…
عمرا فأسلم له ودانا)
عمان بضم المهملة وخفة الميم وهي التي باليمن سميت بعمان بن سبإ وينسب إليه الجلندي رئيس أهلها والتى بالشام بفتح المهملة وشد الميم وهي التي أراد القائل:
(في وجهه خالان لولاهما
…
ما بت مفتونا لعمان)
وليست مرادة هنا قطعا وإنما اختلف الرواة في ما جاء في بعض طريق حديث صفة الحوض النبوي نقله الزرقاني عن ابن حجر ومعنى أسلما انقادا له: وضدقاه وضمير له للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ومعنى دانا أطاعا فمعناهما متقارب وعمرا بالنصب عطف على دحية من قوله (ودحية الى هرقل أرسلا) وهو ابن العاصي بن ائل السهمي يعنى أنه عليه السلام أرسل عمرو بن العاصي فى ذي القعدة سنة ثمان الى جيفر بفتح الجيم فتحتيه ساكنة ففاء مفتوحة فراء مهملة وعبد بموحدة وقيل تحتية بلا إضافة وللطبراني عباد وضبطه فى الفتح بفتح المهملة وشد التحتية وآخره معجمة ابنا الجلندي وهما المراد بقوله عن ملكا عمانا فصدقا وانقادا لشريعته فأقرهما عليه السلام على الملك وكتب الكتاب المبعوث معه أبي بن كعب ونصه بعد البسملة:
من محمد بن عبد الله ورسوله إلى جيفر وعبدا ابني الجلندي سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني ادعوكما بدعاية الإسلام أسلما تسلما،
فإني رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، وإنكما إن أقررتما بالاسلام وليتكما وإن أبيتما أن تقربا الإسلام فإن ملككما زائل عنكما وخيلي تحل بساحتكما وتظهر نبوتي على ملككما.
قال عمرو فخرجت وسرت حتى انتهيت إلى عمان، فلما قدمتها عمدت إلي عبد وكان أحلم الرجلين وأسلمهما خلقا، فقلت إني رسول رسول الله إليك وإلى أخيك فقال عبد أخي المقدم علي فى السن والملك، وأنا أوصلك إليه ثم قال عبد وما تدعو إليه؟ قال إبى عبادة الله وحده لا شريك له وأن تخلع من عبد من دونه وتشهد أن محمدا عبده ورسوله. فقال يا عمرو انك ابن سيد قومك وكيف صنع أبوك فإنا لنا فيه قدوة؟ قلت مات ولم يؤمن وقد وددت أنه كان أسلم وقد كنت على مثل رأيه حتى هدانا الله للإسلام، فسألني أين كان إسلامك؟ قلت عند النجاشي، فأخبرته أنه قد أسلم. قال كيف صنع قومه بملكه؟ قلت أقروه. قال والأساقفة والرهبان تبعوه؟ قلت نعم. ثم قال ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي؟ قلت بلي كان النجاشي يخرج خرجا فلما أسلم قال لا والله لو سألني درهما واحدا ما أعطيته. فبلغ هرقل قوله فقال يناف أخوه اتدع عبدك لا يخرج لك خرجا ويدين دينا محدثا؟ قال هرقل رجل رغب فى دين واختاره لنفسه ما أصنع به والله لولا الضن بملكي لصنعت كما صنع. فمكث عمرو بباب عبد أياما وهو يصل إلى أخيه ويخبره خبر عمرو ثم انه أدخله على جفير قال عمرو فأخذ أعوانه بضبعي فقال دعوه فأرسلت فذهبت لأجلس فأبوا أن يدعوني أجلس، فقال تكلم بحاجتك فدفعت إليه الكتاب مختوما ففضه وقرأه ثم دفعه إلى أخيه عبد وقرأه مثل ما قرأه إلا أني رايت أخاه أرق منه، فقال جيفر: كيف صنعت قريش؟ فقلت تبعوه إما راغب فى الدين وإما مقهور بالسيف. قال ومن معه؟ قلت الناس قد رغبوا فى الإسلام واختاروه على غيره، وعرفوا أنهم كانوا فى ضلال، فما أعلم أحد بقي غيرك فى هذه الحرجة وإن لم تسلم اليوم وتتبعه يوطئك الخيل فاسلما تسلم. ويستعملك على