الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تابع حرف الألف]
الأمانة
الآيات/ الأحاديث/ الآثار
16/ 30/ 10
الأمانة لغة:
الأمانة مصدر قولهم: أمن يأمن أمانة أي صار أمينا، وهو مأخوذ من مادّة (أم ن) الّتي تدلّ على سكون القلب، ويقال: أمنت الرّجل أمنا وأمنة وأمانا وآمنني يؤمنني إيمانا، ورجل أمنة: إذا كان يأمنه النّاس ولا يخافون غائلته، وأمنة بالفتح إذا كان يصدّق ما سمع ولا يكذّب بشيء، وقال الجوهريّ: الأمنة: الّذي يصدّق بكلّ شيء وكذلك الأمنة مثال الهمزة، واستأمن إليه دخل في أمانه.
وقال ابن منظور: الأمان والأمانة بمعنى، والأمانة: ضدّ الخيانة. وقال ابن الأثير: الأمنة جمع أمين، وهو الحافظ. وقوله- عز وجل: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً (البقرة/ 125) قال أبو إسحاق: أراد ذا أمن، فهو آمن وأمن وأمين.
ورجل أمن وأمين بمعنى واحد.
ويقال: أمنته على كذا، وائتمنته بمعنى.
وتقول: اؤتمن فلان على ما لم يسمّ فاعله، فإن ابتدأت به صيّرت الهمزة الثّانية واوا فنقول: أؤتمن.
وقال الرّاغب: والأمن والأمان والأمانة في الأصل مصادر، ويجعل الأمان تارة اسما للحالة الّتي يكون عليها الإنسان في الأمن، وتارة (تجعل الأمانة) اسما لما يؤمن عليه الإنسان، نحو قوله تعالى وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ (الأنفال/ 27) أي ما ائتمنتم عليه، وقول الله سبحانه إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (الأحزاب/ 72) قيل هي كلمة التّوحيد وقيل: العدالة، وقيل: حروف التّهجّي، وقيل: العقل وهو صحيح؛ فإنّ العقل هو الّذي لحصوله يتحصّل معرفة التّوحيد وتجري العدالة وتعرف حروف التّهجّي، بل لحصوله تعلّم كلّ ما في طوق البشر تعلّمه، وفعل ما في طوقهم من الجميل فعله، وبه فضّل (الإنسان) على كثير ممّن خلقه «1» .
وقال الطّبريّ: اختلف في معنى هذه الآية الكريمة، فقال بعضهم: المعنى أنّ الله تبارك وتعالى عرض طاعته وفرائضه على السّموات والأرض والجبال على أنّها إن أحسنت أثيبت وجوزيت، وإن ضيّعت عوقبت، فأبت حملها شفقا منها ألّا تقوم بالواجب عليها، وحملها آدم، إنّه كان ظلوما لنفسه، جهولا بالّذي فيه الحظّ له، وقد استدلّ أبو جعفر على ذلك
(1)(الصحاح (5/ 2071) ، ولسان العرب (13/ 21، 22) مختصرا. ومفردات الراغب (29) ، ومقاييس اللغة (1/ 133) .
بما روي عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما وغيره من أنّ الأمانة في الآية الكريمة هي الفرائض الّتي افترضها الله على عباده، وبما روي عنه أيضا من قوله (أي ابن عبّاس) الأمانة: الطّاعة عرضها الله عليها أي على السّموات والأرض والجبال قبل أن يعرضها على آدم، فلم تطقها، فقال لآدم: يا آدم، إنّي قد عرضت الأمانة على السّموات والأرض والجبال فلم تطقها، فهل أنت آخذها بما فيها؟ فقال: يا ربّ وما فيها؟ قال: إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت فأخذها آدم فتحمّلها» «1» ، قال الطّبريّ: وقال آخرون: عني بالأمانة في هذا الموضع أمانات النّاس، وذهب فريق ثالث إلى أنّ المراد بالأمانة هنا ائتمان آدم عليه الصلاة والسلام ابنه قابيل على أهله وولده «2» ، وأولى هذه الأقوال بالصّواب ما قاله الّذين قالوا إنّه عني بالأمانة في هذا الموضع جميع معاني الأمانات في الدّين، وأمانات النّاس، وذلك أنّ الله عز وجل لم يخصّ بقوله «عرضنا الأمانة» بعض معاني الأمانات دون بعض «3» .
وقال القرطبيّ: «الأمانة تعمّ جميع وظائف الدّين، ونسب هذا القول لجمهور المفسّرين، فالأمانة هي الفرائض الّتي ائتمن الله عليها العباد، واختلف في تفاصيل بعضها على أقوال: فقيل هي أمانات الأموال كالودائع وغيرها وقيل: في كلّ الفرائض، وأشدّها أمانة المال، وقيل: من الأمانة أن ائتمنت المرأة على فرجها، وقال بعضهم: غسل الجنابة أمانة، وقيل: الأمانة هي الصّلاة (إن شئت قلت: صلّيت، وإن شئت قلت: لم أصلّ) ، وكذلك الصّيام وغسل الجنابة، وعلى ذلك فالفرج أمانة «4» ، والأذن أمانة، والعين أمانة، واللّسان أمانة، والبطن أمانة واليد أمانة، والرّجل أمانة، قال:
«ولا إيمان لمن لا أمانة له» «5» ، وقيل: هذه الأمانة هي ما أودعه الله تعالى في السّموات والأرض والجبال والخلق من الدّلائل على ربوبيّته أن يظهروها فأظهروها إلّا الإنسان فإنّه كتمها وجحدها، والمراد بالإنسان على ذلك هو الكافر والمنافق «6» .
أمّا ما جاء في الحديث: «المؤذّن مؤتمن» ، أراد به: مؤتمن القوم الّذي يثقون إليه، ويتّخذونه أمينا حافظا. والأمانة تقع على الطّاعة والعبادة والوديعة والثّقة والأمان.
ويقال: رجل أمين وأمّان أي له دين. وقيل:
مأمون به ثقة. قال الأعشى:
ولقد شهدت التّاجر ال
…
أمّان مورودا شرابه
والتّاجر الأمّان بالضّمّ والتّشديد: هو الأمين «7» .
وقال ابن الأنباريّ: والأمين من حروف الأضداد، يقال: فلان أمين، أي مؤتمن، وفلان
(1) تفسير الطبري المجلد العاشر ح 22 ص 38، 39.
(2)
ذكر القرطبي أن الحكيم الترمذي قد اعترض على هذا الرأي، وتعجب من قائله لأن الآثار وظاهر النص وباطنه، كل ذلك يتعارض معه تعارضا واضحا، قلت: والأمر كما قال. انظر تفسير القرطبي 14/ 256.
(3)
المرجع السابق (ص 49) .
(4)
أي حفظ الفرج.
(5)
أي لمن لم يحفظ هذه الأمانات التي استودعها الله إياه.
(6)
انظر هذه الآراء وغيرها في تفسير القرطبي 14/ 253- 258.
(7)
النهاية في غريب الحديث 1/ 71 ولسان العرب 13/ 22.