الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نجرانيّ «1» غليظ الحاشية فأدركه أعرابيّ فجبذه «2» بردائه جبذة شديدة نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أثّرت بها حاشية الرّداء من شدّة جبذته، ثمّ قال:
يا محمّد مر لي من مال الله الّذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك ثمّ أمر له بعطاء) * «3» .
81-
* (عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو قد جاءنا مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا» وقال بيديه جميعا. فقبض النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل أن يجيء مال البحرين. فقدم على أبي بكر بعده، فأمر مناديا فنادى من كانت له على النّبيّ صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأت. فقمت، فقلت: إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لو قد جاءنا مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا» فحثى أبو بكر مرّة، ثمّ قال لي: عدّها فعددتها فإذا هي خمسمائة، فقال: خذ مثليها) * «4» .
82-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلّا أعطاه، قال: فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين «5» فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا فإنّ محمّدا صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء لا يخشى الفاقة) * «6» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإنفاق)
1-
* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه أنّه أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صرّة، فقال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجرّاح ثمّ تلهّ «7» ساعة في البيت حتّى تنظر ما يصنع، فذهب بها الغلام إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين:
اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: وصله الله ورحمه، ثمّ قال: تعالي يا جارية اذهبي بهذه السّبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، حتّى أنفدها، فرجع الغلام وأخبره، فوجده قد أعدّ مثلها إلى معاذ بن جبل، فقال: اذهب بهذا إلى معاذ بن جبل ثمّ تلهّ في البيت حتّى تنظر ما يصنع، فذهب بها إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذا في بعض حاجتك، فقال: رحمه الله ووصله. تعالي يا جارية: اذهبي إلى بيت فلان بكذا واذهبي إلى بيت فلان بكذا. فاطّلعت امرأة معاذ، فقالت: نحن والله مساكين فأعطنا ولم يبق في الخرقة إلّا ديناران، فنحا بهما إليها ورجع الغلام إلى عمر فأخبره. وسرّ بذلك، وقال: إنّهم إخوة بعضهم من بعض» ) * «8» .
2-
* (قال عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه «لأن أصل أخا من إخواني بدرهم أحبّ إليّ من أن
(1) نجراني: منسوب إلى نجران موضع بين الحجاز واليمن.
(2)
جبذه وجذبه: لغتان مشهورتان.
(3)
البخاري- الفتح 6 (3149) . ومسلم (1057) واللفظ له.
(4)
البخاري- الفتح 6 (3137) . ومسلم (2314) واللفظ له.
(5)
بين جبلين: أي كثيرة كأنها تملأ ما بين جبلين.
(6)
مسلم (2312) .
(7)
تلهّ:- تلبّث.
(8)
رواه الطبراني في الكبير (2/ 33، 34) وقال مخرجه: رواه ابن المبارك في الزهد (511) وأبو نعيم في الحلية (1/ 27) .
أتصدّق بعشرين درهما، ولأن أصله بعشرين درهما أحبّ إليّ من أن أتصدّق بمائة درهم ولأن أصله بمائة درهم أحبّ إليّ من أن أعتق رقبة» ) * «1» .
3-
* (عن الحسن بن علىّ- رضي الله عنهما قال: يا هذا، لرجل سأله، حقّ سؤالك إيّاي يعظم لديّ ومعرفتي بما يجب لك تكبر عليّ، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، والكثير في ذات الله قليل، وما في ملكي وفاء لشكرك، فإن قبلت الميسور ورفعت عنّي مؤنة الاحتمال والاهتمام لما أتكلّفه من واجب حقّك فعلت، فقال: يا ابن بنت رسول الله أقبل وأشكر العطيّة وأعذر على المنع، فدعا الحسن بوكيله وجعل يحاسبه على نفقاته حتّى استقصاها.
فقال: هات الفضل من الثّلاثمائة ألف درهم، فأحضر خمسين ألفا، قال: فما فعلت بالخمسمائة دينار؟.
قال: هي عندي. قال: أحضرها، فأحضرها فدفع الدّنانير والدّراهم إلى الرّجل. قال: هات من يحملها لك، فأتاه بحمّالين فدفع إليه الحسن رداءه لكراء الحمّالين، فقال له مواليه: والله ما عندنا درهم فقال:
أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم) * «2» .
4-
* (قال شبيب بن شيبة- رحمه الله تعالى-:
كنّا بطريق مكّة وبين أيدينا سفرة لنا ببغداد في يوم قايظ فوقف علينا أعرابيّ ومعه جارية له زنجيّة، فقال: يا قوم: أفيكم أحد يقرأ كلام الله حتّى يكتب لي كتابا؟ قال: قلنا أصب من غدائنا حتّى نكتب لك ما تريد، قال: إنّي صائم فعجبنا من صومه في تلك البرّيّة، فلمّا فرغنا من غدائنا دعونا به فقلنا: ما تريد؟
فقال: أيّها الرّجل إنّ الدّنيا قد كانت ولم أكن فيها، وستكون ولا أكون فيها، فإنّي أردت أن أعتق جاريتي هذه لوجه الله، وليوم العقبة، أتدري ما يوم العقبة؟.
قوله- عز وجل: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ (البلد/ 11- 13) . فاكتب ما أقول لك ولا تزيدنّ عليّ حرفا، هذه فلانة خادم فلان قد أعتقها لوجه الله وليوم العقبة. قال شبيب:
فقدمت البصرة فأتيت بغداد فحدّثت بهذا الحديث المهديّ، قال: مائة نسمة تعتق على عهدة الأعرابيّ) * «3» .
5-
* (قال القرطبيّ- رحمه الله تعالى-:
النّفقة تعمّ الواجبات والمندوبات، لكنّ الممسك عن المندوبات لا يستحقّ دعاء الملك (اللهم أعط منفقا خلفا) إلّا أن يغلب عليه البخل المذموم بحيث لا تطيب نفسه بإخراج الحقّ الّذي عليه لو أخرجه) * «4» .
6-
* (قال النّوويّ- رحمه الله تعالى-:
الإنفاق الممدوح ما كان في الطّاعات على العيال، والضّيفان، والتّطوّعات) * «5» .
(1) إحياء علوم الدين (1/ 220) .
(2)
إحياء علوم الدين (1/ 220) .
(3)
شعب الإيمان، للبيهقي (8/ 284) وقال مخرجه: إسناده صحيح.
(4)
دليل الفالحين (2/ 121) .
(5)
المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.