الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (تذكر الموت)
1-
* (عن عائشة- رضي الله عنها زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وأبو بكر بالسّنح «1» قال إسماعيل: يعني بالعالية. فقام عمر يقول والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: وقال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلّا ذاك، وليبعثنّه الله فليقطّعنّ أيدي رجال وأرجلهم. فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبّله فقال: بأبي أنت وأمّي، طبت حيّا وميّتا والّذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا ثمّ خرج فقال: أيّها الحالف، على رسلك. فلمّا تكلّم أبو بكر جلس عمر. فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه، وقال: ألا من كان يعبد محمّدا صلى الله عليه وسلم فإنّ محمّدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت وقال إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (الزمر/ 30)، وقال: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (آل عمران/ 144) قال:
فنشج «2» النّاس يبكون. قال واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا: منّا أمير ومنكم أمير، فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطّاب وأبو عبيدة بن الجرّاح، فذهب عمر يتكلّم فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلّا أنّي قد هيّأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر.
ثمّ تكلّم أبو بكر فتكلّم أبلغ النّاس فقال في كلامه:
نحن الأمراء وأنتم الوزراء. فقال حباب بن المنذر: لا والله لا نفعل، منّا أمير ومنكم أمير. فقال أبو بكر:
لا، ولكنّا الأمراء وأنتم الوزراء. هم أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابا، فبايعوا عمر أو أبا عبيدة. فقال عمر:
بل نبايعك أنت، فأنت سيّدنا وخيرنا وأحبّنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه النّاس. فقال قائل: قتلتم سعد بن عبادة، فقال عمر قتله الله» ) * «3» .
2-
* (قال الأوزاعيّ، عن يحيى بن أبي كثير:
كان أبو بكر الصّدّيق يقول في خطبته: «أين الوضأة الحسنة وجوههم، المعجبون بشبابهم، الّذين كانوا لا يعطون الغلبة في مواطن الحرب. أين الّذين بنوا المدائن وحصّنوها بالحيطان قد تضعضع بهم، وصاروا في ظلمات القبور الوحا الوحا «4» النّجا النّجا» ) * «5» .
3-
* (عن أبي سفيان عن أشياخه قال: دخل سعد على سلمان يعوده، قال فبكى فقال له سعد: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك
(1) السّنح- بضم السين والنون-: موضع بعوالي المدينة فيه منازل بني الحارث بن الخزرج- كما في لسان العرب، وقد فسره إسماعيل بالعالية.
(2)
النّشج: ترجيع الصوت بالبكاء.
(3)
البخاري- الفتح 7 (3667 و3668) .
(4)
جاء في لسان العرب: الوحى: العجلة. يقولون: الوحى الوحى، والوحاء كالوحاء: البدار. وفي حديث أبي بكر: الوحا الوحا أي السرعة السرعة.
(5)
أهوال القبور (154) .
راض وترد عليه الحوض وتلقى أصحابك. قال: فقال سلمان: أما إنّي لا أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدّنيا ولكنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا عهدا حيّا وميّتا.
قال: لتكن بلغة أحدكم من الدّنيا مثل زاد الرّاكب وحولي هذه الأساودة «1» . قال: فإنّما حوله إجّانة «2» وجفنة «3» ومطهرة فقال له سعد: يا أبا عبد الله، اعهد إلينا بعهد نأخذ به بعدك. قال: فقال: يا سعد، اذكر الله عند همّك إذا هممت وعند يدك إذا قسمت وعند حكمك إذا حكمت» ) * «4» .
4-
* (عن مطرّف بن عبد الله بن الشّخّير- رحمه الله قال: «القبر منزل بين الدّنيا والاخرة، فمن نزله بزاد ارتحل به إلى الاخرة، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ» ) * «5» .
5-
* (عن أبي معاوية قال: «ما لقيني مالك ابن مغول إلّا قال لي: لا تغرّنّك الحياة واحذر القبر أنّ للقبر شأنا» ) * «6» .
6-
* (روى أبو نعيم الحافظ بإسناده؛ أنّ عمر بن عبد العزيز شيّع مرّة جنازة من أهله، ثمّ أقبل على أصحابه ووعظهم، فذكر الدّنيا فذمّها وذكر أهلها، وتنعّمهم فيها، وما صاروا إليه بعدها من القبور، فكان من كلامه أنّه قال: «إذا مررت بهم فنادهم إن كنت مناديا، وادعهم إن كنت داعيا، ومرّ بعسكرهم، وانظر إلى تقارب منازلهم، سل غنيّهم: ما بقي من غناه؟ وسل فقيرهم: ما بقي من فقره؟ واسألهم عن الألسن الّتي كانوا بها يتكلّمون، وعن الأعين الّتي كانوا للّذّات بها ينظرون، وسلهم عن الجلود الرّقيقة والوجوه الحسنة والأجساد النّاعمة ما صنع بها
الدّيدان تحت الأكفان، وأكلت اللّحيان «7» وعفرت الوجوه، ومحيت المحاسن وكسرت الفقار، وبانت الأعضاء، ومزّقت الأشلاء، وأين حجابهم وقبابهم؟ وأين خدمهم وعبيدهم وجمعهم وكنوزهم (وكأنّهم) ما وطئوا فراشا، ولا وضعوا هنا متّكأ ولا غرسوا شجرا ولا أنزلوهم من اللّحد قرارا، أليسوا في منازل الخلوات؟
أليس اللّيل والنّهار عليهم سواء؟ أليسوا في مدلهمّة ظلماء، قد حيل بينهم وبين العمل وفارقوا الأحبّة، وكم من ناعم وناعمة أضحوا ووجوهم بالية، وأجسادهم من أعناقهم بائنة، وأوصالهم ممزّقة، وقد سالت الحدق على الوجنات، وامتلأت الأفواه دما وصديدا، ودبّت دوابّ الأرض في أجسادهم، ففرّقت أعضاءهم، ثمّ لم يلبثوا إلّا يسيرا حتّى عادت العظام رميما، فقد فارقوا الحدائق وصاروا بعد السّعة إلى المضائق، قد تزوّجت نساؤهم، وتردّدت في الطّرق أبناؤهم، وتوّزعت القرابات ديارهم وقراهم فمنهم والله الموسّع له في قبره الغضّ النّاظر فيه المتنعّم بلذّاته، يا ساكن القبر غدا ما
(1) جاء في لسان العرب: الأساودة: جمع قلّة لسواد وهو الشخص. وصرّح أبو عبيد بأنه شخص كلّ شيء من متاع وغيره.
(2)
الإجّانة بالتشديد: إناء يغسل فيه الثياب والجمع أجاجين.
(3)
الجفنة: قصعة الطعام.
(4)
الحاكم في المستدرك (4/ 317) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(5)
أهوال القبور (155) .
(6)
المرجع السابق (156) .
(7)
اللّحيان- بالفتح-: حائطا الفم وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان من داخل الفم.
الّذي غرّك من الدّنيا أين دارك الفيحاء ونهرك المطّرد؟
وأين ثمارك الينيعة؟ وأين رقاق ثيابك؟ وأين طيبك وبخورك، وأين كسوتك لصيفك وشتائك؟ أما رأيته قد زلّ به الأمر، فما يدفع عن نفسه دخلا وهو يرشح عرقا، ويتلمّظ عطشا، يتقلّب في سكرات الموت وغمراته، جاء الأمر من السّماء، وجاء غالب القدر والقضاء، هيهات: يا مغمض الوالد والأخ والولد، وغاسله، يا مكفّن الميّت ويا مدخله في القبر، وراجعا عنه، ليت شعري بأيّ خدّيك بدأ البلى، يا مجاور الهلكات صرت في محلّة الموت، ليت شعري ما الّذي يلقاني به ملك الموت عند خروجي من الدّنيا وما يأتيني به من رسالة ربّي» . ثمّ انصرف فما عاش بعد ذلك إلّا جمعة) * «1» .
7-
* (عن أبي سريج الشّاميّ؛ قال: قال عمر ابن عبد العزيز لرجل من جلسائه: «يا فلان، قد أرقت اللّيل متفكّرا» قال: فيم يا أمير المؤمنين؟ قال: «في القبر وساكنه، لو رأيت الميّت بعد ثالثة في القبر لاستوحشت من قربه بعد طول الأنس منك بناحيته، ولرأيت بيتا تجول فيه الهوامّ، ويجري فيه الصّديد وتخترقه الدّيدان مع تغيّر الرّائحة وبلى الأكفان بعد حسن الهيئة وطيب الرّائحة ونقاء الثّوب» قال: ثمّ شهق شهقة خرّ مغشيّا) * «2» .
8-
* (وقد روي عن عمر بن عبد العزيز من وجوه متعدّدة أنّه قال في آخر خطبة خطبها- رحمه الله عليه-: «ألا ترون أنّكم في أسلاب الهالكين، ثمّ يرثها بعدكم الباقون كذلك حتّى يردّ إلى خير الوارثين، وفي كلّ يوم تشيّعون غاديا ورائحا قد قضى نحبه فتودّعونه وتدعونه في صدع من الأرض غير ممهّد ولا موسّد، قد فارق الأحباب وخلع الأسباب وسكن التّراب، وواجه الحساب، غنيّا عمّا خلّف، فقيرا إلى ما قدّم» .
وكان ينشد هذه الأبيات:
من كان حين تصيب الشّمس جبهته
…
أو الغبار يخاف الشّين والشّعثا
ويألف الظّلّ كي تبقى بشاشته
…
فكيف يسكن يوما راغما جدثا؟
في ظلّ مقفرة غبراء مظلمة
…
يطيل تحت الثّرى في غمّه اللّبثا
تجهّزي بجهاز تبلغين به
…
يا نفس قبل الرّدى لم تخلقي عبثا) *
«3» .
9-
* (عن سليم بن عامر قال: خرجنا في جنازة على باب دمشق ومعنا أبو أمامة الباهليّ فلمّا صلّى على الجنازة وأخذوا في دفنها قال أبو أمامة: إنّكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تغنمون فيه الحسنات والسّيّئات توشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو هذا- يشير إلى القبر- بيت الوحشة وبيت الظّلمة وبيت الضّيق إلّا ما وسّع الله ثمّ تنتقلون منه إلى يوم القيامة) * «4» .
10-
* (روى البراء بإسناده عن الفضيل بن عياض قال: رأيت رجلا يبكي، قلت: وما يبكيك؟
(1) أهوال القبور (151- 152) .
(2)
المرجع السابق (150) .
(3)
المرجع السابق (152) .
(4)
المرجع السابق (127) .
قال: أبكاني كلامه. قلت: ما هو؟ قال: كنّا وقوفا في المقابر فأنشدوا:
أتيت القبور فساءلتها
…
أين المعظّم والمحتقر؟
وأين المدلّ بسلطانه؟
…
وأين القويّ إذا ما قدر
ففالوا جميعا فما مخبر
…
وماتوا جميعا ومات الخبر
فيا سائلي عن أناس مضوا
…
أما لك فيما ترى معتبر؟
تروح وتغدو عليه الثّرى
…
فتمحو محاسن تلك الصّور) *
«1» .
11-
* (عن خالد بن أحمد بن أسد قال:
«أخذت بيدي عليّ بن جبلة يوما فأتينا أبا العتاهية فوجدناه في الحرم فانتظرناه فلم يلبث أن جاء فدخل عليه إبراهيم بن مقاتل بن سهل وكان جميلا فتأمّله أبو العتاهية وقال متمثّلا:
يا حسان الوجوه سوف تموتو
…
ن وتبلى الوجوه تحت التّراب
فأقبل عليّ بن جبلة فقال: اكتب:
يا مربّي شبابه للتّراب
…
سوف يمضي البلى بغضّ الشّباب
يا ذوي الوجوه الحسان المصونا
…
ت وأجسامها الغضاض الرّطاب
أكثروا من نعيمها أو أقلّوا
…
سوف تهدونها لعفر التّراب
قد نعتك الأيّام نعيا صحيحا
…
بفراق الإخوان والأصحاب
فقال أبو العتاهية: قل يا حامد، قلت: معك ومع أبي الحسن، قال: نعم، فقلت:
يا مقيمين رحّلوا للذّهاب
…
لشفير القبور وحطّوا الركاب
نعّموا الأوجه الحسان فما
…
صونكموها إلّا بعفر التّراب
والبسوا ناعم الثّياب ففى ال
…
حفرة تعرون من جميع الثّياب
قد ترون الشّباب كيف يمو
…
تون إذا استنضروا بماء الشّباب) *
«2» .
12-
* (عن الحسن؛ قال: «يومان وليلتان لم تسمع الخلائق بمثلهنّ قطّ: يوم تبيت مع أهل القبور ولم تبت ليلة قبلها، وليلة صبيحتها يوم القيامة ويوم يأتيك البشير من الله تعالى، إمّا بالجنّة أو النّار، ويوم تعطى كتابك بيمينك وإمّا بشمالك» ) * «3» .
13-
* (وقال بشر بن الحارث: «نعم المنزل القبر لمن أطاع الله» ) * «4» .
14-
* (قال الأوزاعيّ- رحمه الله: «ما أكثر عبد ذكر الموت إلّا كفاه اليسير» ) * «5» .
15-
* (قال ابن رجب- رحمه الله: «والله
(1) أهوال القبور (144) .
(2)
المرجع السابق (156) .
(3)
المرجع السابق (154) .
(4)
المرجع السابق (155) .
(5)
عن كتاب الأموال لابن زنجويه (61) .
المسئول أن يجعلنا ممّن يبادر الفوت، ويراقب الموت ويتأهّب للرّحلة قبل الممات، وينتفع بما سمع من العظات بمنّه وكرمه» ) * «1» .
16-
* (قال عديّ بن الرّعلاء:
ليس من مات فاستراح بميت
…
إنّما الميت ميّت الأحياء
إنّما الميت من يعيش شقيّا
…
كاسفا باله قليل الرّجاء
فأناس يمصّصون ثمادا «2»
…
وأناس حلوقهم في الماء) *
«3» .
17-
* (لمّا انصرف النّاس من جنازة داود الطّائيّ- رحمه الله، أنشد ابن السّمّاك- رحمه الله:
انصرف النّاس إلى دورهم
…
وغودر الميّت في رمسه
مرتهن النّفس بأعماله
…
لا يرتجي الإطلاق من حبسه
لنفسه صالح أعماله
…
وما سواها فعلى نفسه) *
«4»
18-
* (قال الشاعر:
قف بالمقابر وانظر إن وقفت بها
…
لله درّك ماذا تستر الحفر؟
ففيهم لك يا مغرور موعظة
…
وفيهم لك يا مغترّ معتبر) *
«5» .
19-
* (أنشد أبو جعفر القرشيّ:
تناجيك أجداث وهنّ سكوت
…
وساكنها تحت التّراب خفوت
أيا جامع الدّنيا لغير بلاغه
…
لم تجمع الدّنيا وأنت تموت؟) *
«6» .
20-
* (عن الفضل بن مهلهل أخي الفضل وكان من العابدين قال: «كان جليس لنا حسن التّخشّع والعبادة يقال له: مجيب، وكان من أجمل الرّجال فصلّى حتّى انقطع عن القيام، وصام حتّى اسودّ، ثمّ مرض فمات، وكان محمّد بن النّضر الحارثيّ له صديقا ومات محمّد قبله قال: فرأيت محمّدا في منامي بعد موت مجيب فقلت: ما فعل أخوك مجيب قال لحق بعمله قلت: فكيف وجهه ذاك الحسن؟
قال: أبلاه والله التّراب. قال: وقلت: كيف وأنت تقول لحق بعمله؟ قال: يا أخي علمت أنّ الأجساد في القبور تبلى وأنّ الأعمال في الاخرة تحيا. قلت: يبلون حتّى لا يبقى منهم شيء ثمّ يجيئون يوم القيامة، إي والله يا أخي يبلون حتّى يصيروا رفاتا ثمّ يحيون عند الصّيحة، وأنشد بعضهم:
ما حال من سكن الثّرى ما حاله؟
…
أمسى وقد رثّت هناك حباله
أمسى ولا روح الحياة تصيبه
…
أبدا ولا لطف الحبيب يناله
(1) مقدمة أهوال القبور (4) .
(2)
الثّماد: الماء القليل.
(3)
لسان العرب (2/ 91) .
(4)
يتبع الميت ثلاث لابن رجب (28) ، وفي أهوال القبور (142) ، والبحور الزاخرة (1/ 343) .
(5)
أهوال القبور (157) .
(6)
المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
أمسى وقد درست محاسن وجهه
…
وتفرّقت في قبره أوصاله
واستبدلت منه المجالس غيره
…
وتقسّمت من بعده أمواله
ما زالت الأيّام تلعب بالفتى
…
والمال يذهب صفوه وحلاله) *
«1» .
21-
* (عن عمر بن ذرّ أنّه كان يقول في مواعظه: «لو علم أهل العافية ما تضمّنته القبور من الأجساد البالية لجدّوا واجتهدوا في أيّامهم الخالية خوفا من يوم تتقلّب فيه القلوب والأبصار» ) * «2» .
22-
* (وقال النّضر بن المنذر لإخوانه: «زوروا الاخرة بقلوبكم، وشاهدوا الموقف بتوهّمكم، وتوسّدوا القبور بقلوبكم، واعلموا أنّ ذلك كائن لا محالة، فاختار لنفسه (امرؤ) ما أحبّ من المنافع والضّرر» ) * «3» .
23-
* (وروى ابن أبي الدّنيا عن الحسن أنّه مرّ به شابّ، وعليه بردة له حسنة فقال: «ابن آدم معجب بشبابه، معجب بجماله كأنّ القبر قد وارى بدنك وكأنّك لاقيت عملك، ويحك داو قلبك، فإنّ مراد الله إلى عباده صلاح قلوبهم» ) * «4» .
24-
* (شهد الحسن جنازة فاجتمع عليه النّاس، فقال: «اعملوا لمثل هذا اليوم- رحمكم الله- فإنّما هم إخوانكم يقدمونكم، وأنتم بالأثر، أيّها المخلّف بعد أخيه إنّك الميّت غدا، والباقي بعدك الميّت في أثرك أوّلا بأوّل حتّى توافوا جميعا قد عمّكم الموت واستويتم جميعا في كربه وغصصه، ثمّ تخلّيتم إلى القبور، ثمّ تنشرون جميعا، ثمّ تعرضون على ربّكم عز وجل» ) * «5» .
25-
* (عن الحسن قال: «أوذنوا بالرّحيل، وجلس أوّلهم على آخرهم وهم يلعبون» ) * «6» .
26-
* (وقال رجل لبعض السّلف: أوصني قال: عسكر الموتى ينتظرونك» ) * «7» .
27-
* (قال أبو العتاهية:
رويدك يا ذا القصر في شرفاته
…
فإنّك عنه سوف تسحى «8» وتزعج
ولا بدّ من بيت انقطاع ووحشة
…
وإن غرّك البيت الأنيق المبهج) *
«9» .
28-
* (قال ابن أبي الدّنيا: أنشدني الحسين بن عبد الرّحمن:
لبيك لأهوال القيامة من بكى
…
ولا تنسينّ القبر يوما ولا البلى
كفى حزنا يوما ترى فيه مكرما
…
كرامته أن يرقدوا جسمه الثّرى) *
«10» .
29-
* (قال أحمد بن أبي الحواريّ: سمعت
(1) أهوال القبور: 144.
(2)
المرجع السابق (154) .
(3)
المرجع السابق (152) .
(4)
المرجع السابق (154) .
(5)
المرجع السابق (155) .
(6)
المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(7)
المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(8)
تسحى: من سحوت الطّين عن وجه الأرض.. إذا جرفته، والفعل الماضي: سحا مضارعه مضموم العين، أو مفتوحها أو مكسورها: يسحو، يسحاه ويسحيه ومعناه: جرفه يجرفه وما في معناه: لسان العرب.
(9)
أهوال القبور (157) .
(10)
المرجع السابق (153) .
مضر بن عبس يقول: «رحم الله قوما زاروا إخوانهم بقلوبهم في قبورهم وهم قيام في ديارهم، يشيرون إلى زيارتهم بالفكر فى أحوالهم» ) * «1» .
30-
* (وقال ابن أبي الدّنيا، حدّثنا محمّد السّبغي قال: «انتفض غنّام بن عليّ يوما وهو مع أصحابه فقال له بعضهم: ما الّذي أصابك؟ قال:
ذكرت اللّحد» ) * «2» .
31-
* (عن مغيث الأسود الزّاهد؛ قال:
«زوروا القبور كلّ يوم تفكّركم» ) * «3» .
32-
* (حدّث محمّد بن خلف قال: سمعت أبي قال: رجعنا من ميّت مع ابن السّمّاك فأنشأ ابن السّمّاك يقول:
تمرّ أقاربي جنبات قبري
…
كأنّ أقاربي لا يعرفوني
ذوو الأموال يقتسمون مالي
…
ولا يألون أن جحدوا ديوني
وقد أخذوا سهامهم وعاشوا
…
فيا لله ما أسرع ما نسوني) *
«4» .
33-
* (عن عقبة البزّار قال: «رأى أعرابي جنازة فأقبل يقول: هنيئا يا صاحبها. فقلت: علام تهنّئه؟ قال: كيف لا أهنّىء من يذهب به إلى حبس جواد كريم، نزله عظيم، عفوه جسيم؟ قال: كأنّي لم أسمع القول إلّا تلك السّاعة» ) * «5» .
34-
* (قال بعضهم:
ولقد وقفت كما وقف
…
ت وقد نظرت فما اعتبرت
حصّل لنفسك منزلا
…
قبل الحصول كما حصلت) *
«6» .
35-
* (وأوصى بعض الوزراء أن يكتب (على سبيل الموعظة) :
أيّها المغرور في الدّن
…
يا بعزّ تقتنيه
وبأهل وبمال
…
وبقصر تبتنيه
كم عليها قد سحبنا
…
ذيل سلطان بتيه
تحسب الأقدار تجري
…
بخلود ترتجيه
إذ طواك الموت طيّا
…
فاعتبر ما نحن فيه» ) *
«7» .
36-
* (وأنشدوا:
خليليّ ما أفضي وما أنا قائل
…
إذا جئت عن نفسي بنفسي أجادل؟
وقد وضع الرّحمن بالحشر عدله
…
وسيق جميع النّاس واليوم باسل
وجيء بحزم النّار خاضعة له
…
وثلّث عروش عندها وتجادل
فياليت شعري ذلك اليوم هل أنا
…
ل الغفر أم أجزى بما أنا فاعل
فإن أك مجزيّا فعدل وحجّة
…
وإن يك غفران ففضل ونائل) *
«8» .
(1) أهوال القبور (153) .
(2)
المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(3)
المرجع السابق (152) .
(4)
المرجع السابق (156) .
(5)
المرجع السابق (155) .
(6)
المرجع السابق (146) .
(7)
المرجع السابق (146- 147) .
(8)
العاقبة في أحوال الاخرة لعبد الحق الأزدي (582 هـ) مخطوط (124- أ) .