الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الإنفاق)
68-
* (عن عبد المطّلب بن ربيعة بن الحارث- رضي الله عنه قال: اجتمع ربيعة بن الحارث والعبّاس بن عبد المطّلب، فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين (قالا لي وللفضل بن عبّاس) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلّماه، فأمّرهما على هذه الصّدقات، فأدّيا ما يؤدّي النّاس، وأصابا ممّا يصيب النّاس قال:
فبينما هما في ذلك جاء عليّ بن أبي طالب فوقف عليهما، فذكرا له ذلك. فقال علىّ بن أبي طالب: لا تفعلا.
فو الله ما هو بفاعل. فانتحاه «1» ربيعة بن الحارث فقال: والله ما تصنع هذا إلّا نفاسة «2» منك علينا، فو الله لقد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نفسناه عليك.
قال عليّ: أرسلوهما، فانطلقا، واضطجع عليّ. قال:
فلمّا صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظّهر سبقناه إلى الحجرة، فقمنا عندها، حتّى جاء فأخذ بآذاننا، ثمّ قال:«أخرجا ما تصرّران «3» » ثمّ دخل ودخلنا عليه، وهو يومئذ عند زينب بنت جحش. قال فتواكلنا الكلام، ثمّ تكلّم أحدنا فقال: يا رسول الله أنت أبرّ النّاس وأوصل النّاس، وقد بلغنا النّكاح فجئنا لتؤمّرنا على بعض هذه الصّدقات فنؤدّي إليك كما يؤدّي النّاس، ونصيب كما يصيبون. قال: فسكت طويلا حتّى أردنا أن نكلّمه. قال وجعلت زينب تلمع «4» علينا من وراء الحجاب أن لا تكلّماه. قال: ثمّ قال: «إنّ الصّدقة لا تنبغي لآل محمّد، إنّما هي أوساخ النّاس، ادعوا لي محمية (وكان على الخمس) ونوفل بن الحارث بن عبد المطلّب» . قال فجاءاه. فقال لمحمية «5» : «أنكح هذا الغلام ابنتك» (للفضل بن عبّاس) فأنكحه.
وقال لنوفل بن الحارث: «أنكح هذا الغلام ابنتك» (لي) فأنكحني، وقال لمحمية:«أصدق عنهما «6» من الخمس كذا وكذا» ) * «7» .
69-
* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه قال: أرسلني أصحابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسأله لهم الحملان، إذ هم معه في جيش العسرة (وهي غزوة تبوك) فقلت: يا نبيّ الله إنّ أصحابي أرسلوني إليك لتحملهم. فقال: «والله لا أحملكم على شيء» ووافقته وهو غضبان ولا أشعر. فرجعت حزينا من منع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن مخافة أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجد في نفسه عليّ. فرجعت إلى أصحابي فأخبرتهم الّذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ألبث إلّا سويعة «8» . إذ سمعت بلالا ينادي: أي عبد الله بن قيس! فأجبته. فقال: أجب، رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك.
(1) فانتحاه: عرض له وقصده.
(2)
نفاسة: حسدا.
(3)
ما تصرران: ما تسرران من السر.
(4)
تلمع أي تشير.
(5)
محمية: اسم رجل كان على الخمس.
(6)
أصدق عنهما: أدّ عنهما المهر من حقي.
(7)
مسلم (1072) .
(8)
سويعة: تصغير ساعة، المراد وقتا قصيرا.
فلمّا أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«خذ هذين القرينين «1» وهذين القرينين، وهذين القرينين (لستّة أبعرة ابتاعهنّ حينئذ من سعد) فانطلق بهنّ إلى أصحابك، فقل: إنّ الله- أو قال إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملكم على هؤلاء فاركبوهنّ» . قال أبو موسى:
فانطلقت إلى أصحابي بهنّ، فقلت: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملكم على هؤلاء، ولكن والله لا أدعكم حتّى ينطلق معي بعضكم إلى من سمع مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين سألته لكم، ومنعه في أوّل مرّة ثمّ إعطاءه إيّاي بعد ذلك، لا تظنّوا أنّي حدّثتكم شيئا لم يقله.
فقالوا لي: والله إنّك عندنا لمصدّق. ولنفعلنّ ما أحببت. فانطلق أبو موسى بنفر منهم، حتّى أتوا الّذين سمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنعه إيّاهم ثمّ إعطاءهم بعد. فحدّثوهم بما حدّثهم به أبو موسى سواء» ) * «2» .
70-
* (عن رافع بن خديج- رضي الله عنه قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أميّة، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، كلّ إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عبّاس بن مرداس دون ذلك، فقال عبّاس بن مرداس:
أتجعل نهبي ونهب العبي
…
د بين عيينة والأقرع؟
فما كان حصن ولا حابس
…
يفوقان مرداس في مجمع «3»
وما كنت دون امرىء منهما
…
ومن تخفض اليوم لا يرفع
قال: فأتمّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة) * «4» .
71-
* (عن عائشة أمّ المؤمنين- رضي الله عنها أنّها قالت: أوّل ما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرّؤيا الصّالحة في النّوم، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصّبح، ثمّ حبّب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء يتحنّث فيه- وهو التّعبّد- اللّيالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله. ويتزوّد لذلك، ثمّ يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها، حتّى جاءه الحقّ وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ. قال: «ما أنا بقارىء» قال: فأخذني فغطّني حتّى بلغ منّي الجهد. ثمّ أرسلني فقال: اقرأ. قال: «ما أنا بقارىء» . فأخذني فغطّني الثّانية حتّى بلغ منّي الجهد «5» . ثمّ أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: «ما أنا بقارىء» فأخذني فغطّني الثّالثة. ثمّ أرسلني فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (العلق/ 1- 3) فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده. فدخل على خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها فقال: زمّلوني زمّلوني. فزمّلوه حتّى ذهب عنه
(1) القرينين: البعيرين المقرون أحدهما بصاحبه.
(2)
البخاري- الفتح 7 (4415) . ومسلم (1649) واللفظ له.
(3)
العبيد: فرس عباس بن مرداس، وقد ورد في رواية مسلم «بدر» بدلا من «حصن» و «المجمع» بدلا من «مجمع» . انظر صحيح مسلم بشرح النووي (7/ 154) .
(4)
مسلم (1060) .
(5)
بلغ مني الجهد: يروى بنصب الجهد ورفعه ومعنى رواية النصب أن الغطّ بلغ منه المشقة والتعب، وعلى رواية الرفع بلغ منه الجهد مبلغا عظيما.
الرّوع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلّا والله ما يخزيك الله أبدا، إنّك لتصل الرّحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضّيف، وتعين على نوائب الحقّ. فانطلقت به خديجة حتّى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى ابن عمّ خديجة، وكان امرأ تنصّر في الجاهليّة، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانيّة ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عمّ اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟
فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى. فقال له ورقة: هذا النّاموس «1» الّذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا «2» ، ليتني أكون حيّا إذ يخرجك قومك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أو مخرجيّ هم؟» قال نعم. لم يأت رجل قطّ بمثل ما جئت به إلّا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا. ثمّ لم ينشب «3» ورقة أن توفّي، وفتر الوحي» ) * «4» .
72-
* (عن جبير بن مطعم- رضي الله عنه قال: بينما هو يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه النّاس مقفله «5» من حنين فعلقت النّاس «6» يسألونه حتّى اضطرّوه إلى سمرة «7» فخطفت رداءه، فوقف النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «أعطوني ردائي، فلو كان لي عدد هذه العضاه نعما لقسمته بينكم، ثمّ لا تجدوني بخيلا ولا كذوبا ولا جبانا» ) * «8» .
73-
* (عن ابن شهاب قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح، فتح مكّة، ثمّ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المسلمين، فاقتتلوا بحنين، فنصر الله دينه والمسلمين وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ صفوان بن أميّة مائة من النّعم ثمّ مائة ثمّ مائة. قال ابن شهاب: حدّثنى سعيد بن المسيّب أنّ صفوان قال:
والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني، وإنّه لأبغض النّاس إليّ، فما برح يعطيني حتّى إنّه لأحبّ النّاس إليّ» ) * «9» .
74-
* (عن المسور بن مخرمة- رضي الله عنهما قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية «10» ولم يعط مخرمة شيئا، فقال مخرمة: يا بنيّ انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت معه، قال ادخل فادعه لي، قال:
فدعوته له، فخرج إليه وعليه قباء منها. فقال:
«خبأت هذا لك» قال: فنظر إليه، فقال:«رضي مخرمة» ) * «11» .
75-
* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما. فقلت: والله
(1) الناموس: هو جبريل، وقال أهل اللغة: الناموس صاحب سر الخير.
(2)
جذعا: أى شابا قويا.
(3)
لم ينشب: أى لم يلبث.
(4)
البخاري- الفتح 1 (3) واللفظ له. ومسلم (160) .
(5)
مقفله- بفتح الميم والفاء واللام وسكون القاف- أي زمان رجوعه.
(6)
علقت الناس: طفقوا.
(7)
السمرة: شجرة من شجر البادية ذات شوك.
(8)
البخاري- الفتح 6 (2821) .
(9)
مسلم (2313) .
(10)
أقبية: جمع قباء وهو ثوب يلبس فوق الثياب.
(11)
مسلم (1058) .
يا رسول الله لغير هؤلاء كان أحقّ به منهم.
قال: «إنّهم خيّروني «1» أن يسألوني بالفحش أو يبخّلوني، فلست بباخل» ) * «2» .
76-
* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه قال: كانت أموال بني النّضير ممّا أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، ممّا لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب «3» ، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصّة، ينفق على أهله منها نفقة سنته، ثمّ يجعل ما بقي في السّلاح والكراع «4» عدّة في سبيل الله» ) * «5» .
77-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود النّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كلّ ليلة من رمضان فيدارسه القرآن؛ فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الرّيح المرسلة» ) * «6» .
78-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن النّاس، وكان أجود النّاس، وكان أشجع النّاس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصّوت فتلقّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا، وقد سبقهم إلى الصّوت وهو على فرس لأبي طلحة عري «7» ، في عنقه السّيف، وهو يقول: «لم تراعوا. لم تراعوا» ، قال: وجدناه بحرا، أو إنّه لبحر قال: وكان فرسا يبطّأ) * «8» .
79-
* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه قال:
كنت أمشي مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حرّة «9» المدينة عشاء، استقبلنا أحد فقال:«يا أبا ذرّ ما أحبّ أنّ أحدا ذهبا، تأتي عليّ ليلة أو ثلاث، عندي منه دينار إلّا أرصده لدين، إلّا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا» - وأرانا بيده «10» - ثمّ قال: «يا أبا ذرّ» قلت:
لبّيك وسعديك يا رسول الله، قال:«الأكثرون هم الأقلّون إلّا من قال هكذا وهكذا» ثمّ قال لي:
«مكانك لا تبرح يا أبا ذرّ حتّى أرجع» . فانطلق حتّى غاب عنّي فسمعت صوتا «11» فخشيت أن يكون عرض «12» لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأردت أن أذهب، ثمّ ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبرح» فمكثت، قلت: يا رسول الله سمعت صوتا خشيت أن يكون عرض لك، ثمّ ذكرت قولك فقمت، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«ذاك جبريل، أتاني فأخبرني أنّه من مات من أمّتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنّة» قلت: يا رسول الله وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق» ) * «13» .
80-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه رداء
(1) خيرونى: معنى العبارة: أنّهم دفعوني إمّا إلى أن يسألوني مفحشين في سؤالهم أو أن يتهموني بالبخل..
(2)
مسلم (1056) .
(3)
الإيجاف: سرعة السير، والركاب: الإبل.
(4)
الكراع: الدواب التي تصلح للحرب.
(5)
البخاري- الفتح 8 (4885) واللفظ له. ومسلم (1757) .
(6)
البخاري- الفتح 6 (3220) واللفظ له. ومسلم (2308) .
(7)
فرس عري: ليس عليه سرج.
(8)
البخاري- الفتح 6 (2820) . ومسلم (2307) واللفظ له.
(9)
الحرة: أرض ذات حجارة سوداء خارج المدينة.
(10)
وأرانا بيده: أي حثا بيده ورمى.
(11)
صوتا: أي صوتا غير مفهوم.
(12)
عرض له: عرض له الجن.
(13)
البخاري. الفتح 11 (6268) واللفظ له. ومسلم (94) .