المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من الاثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (التأمل) - نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الأمانة

- ‌الأمانة لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌أمانة الرسل:

- ‌مجالات الأمانة:

- ‌الأمانة والتّكليف:

- ‌الأمانة في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «الأمانة»

- ‌أولا: ما يؤتمن عليه الإنسان من ودائع ونحوها:

- ‌ثانيا: ما يؤمن عليه الإنسان من الفرائض والتكاليف:

- ‌ثالثا: ما يؤمن عليه الإنسان من الأعراض (العفة والصيانة) والتكاليف:

- ‌رابعا: ما يؤتمن عليه الرسل والملائكة في التبليغ عن المولى- عز وجل

- ‌الأحاديث الواردة في (الأمانة)

- ‌الأحاديث الواردة في (الأمانة) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الأمانة)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الأمانة)

- ‌من فوائد (الأمانة)

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌المعروف لغة:

- ‌المنكر لغة:

- ‌المعروف اصطلاحا:

- ‌والمنكر اصطلاحا:

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اصطلاحا:

- ‌منزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌القطب الأعظم في الدين:

- ‌الآيات الواردة في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»

- ‌الآيات الواردة في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

- ‌الأحاديث الواردة في (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

- ‌من فوائد (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الإنابة

- ‌الإنابة لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌أنواع الإنابة:

- ‌منزلة الإنابة:

- ‌الآيات الواردة في «الإنابة»

- ‌الإنابة صفة النبيين والمؤمنين:

- ‌ثمرة الإنابة:

- ‌الإنابة إلى الله في الضر وتركه في الرخاء ليس من دأب المؤمنين:

- ‌الأحاديث الواردة في (الإنابة)

- ‌الأحاديث الواردة في (الإنابة) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإنابة)

- ‌من فوائد (الإنابة)

- ‌الإنذار

- ‌الإنذار لغة:

- ‌الإنذار اصطلاحا:

- ‌الآيات الواردة في «الإنذار»

- ‌آيات اقترن فيها الإنذار بالتبشير:

- ‌أمر الله نبيّه والمؤمنين بالإنذار:

- ‌الإنذار من صفة الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين:

- ‌الإنذار من صفة الرسل الكرام:

- ‌الإنذار بالقرآن الكريم:

- ‌الإنذار بيوم القيامة أو بجهنم:

- ‌المؤمنون هم المنتفعون بالإنذار:

- ‌استواء الإنذار وعدمه لدى الكفار والمنافقين:

- ‌الكفار يطلبون ملائكة منذرين:

- ‌عاقبة من لم يستجب للإنذار:

- ‌الأحاديث الواردة في (الإنذار)

- ‌من الأحاديث الواردة في (الإنذار) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الإنذار)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإنذار)

- ‌من فوائد (الإنذار)

- ‌الإنصاف

- ‌الإنصاف لغة:

- ‌الإنصاف اصطلاحا:

- ‌بين الإنصاف والعدل:

- ‌أنواع الإنصاف:

- ‌أوّلا: إنصاف المرء نفسه من نفسه:

- ‌ثانيا: إنصاف الله- عز وجل

- ‌ثالثا: إنصاف النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌رابعا: إنصاف العباد

- ‌القرآن الكريم يقدم المثل الأعلى للإنصاف:

- ‌إنصاف الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين لأهل الذمة:

- ‌تناصف الصّحابة. رضوان الله عليهم

- ‌إنصاف أهل السنة والجماعة للمبتدعة:

- ‌آداب أهل الإنصاف:

- ‌1- التّجرّد وتحرّي القصد عند الكلام على المخالفين:

- ‌2- أهمية التبين والتثبت قبل إصدار الأحكام:

- ‌3- حمل الكلام على أحسن الوجوه، وإحسان الظن بالمسلمين:

- ‌4- ألّا ينشر سيّئات المخالف ويدفن حسناته:

- ‌5- النقد يكون للرأي وليس لصاحب الرأي:

- ‌6- الامتناع عن المجادلة المفضية الى النزاع:

- ‌7- حمل كلام المخالف على ظاهره وعدم التعرض للنوايا والبواطن:

- ‌الآيات الواردة في «الإنصاف» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (الإنصاف)

- ‌الأحاديث الواردة في (الإنصاف) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الإنصاف)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإنصاف)

- ‌من فوائد (الإنصاف)

- ‌الإنفاق

- ‌الإنفاق لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌من معاني النفقة في القرآن الكريم:

- ‌الإنفاق والقرض الحسن:

- ‌الآيات الواردة في «الإنفاق»

- ‌الإنفاق دفع الزكاة (وذلك حيث قرنت بالصلاة) :

- ‌الإنفاق بمعنى التطوع بالصدقات:

- ‌الإنفاق في الجهاد:

- ‌الإنفاق بمعنى دفع نفقة الأهل والعيال:

- ‌الإنفاق بمعنى إعطاء الرزق للعباد:

- ‌الإنفاق بمعنى بذل العطاء مطلقا:

- ‌الآيات الواردة في «الإنفاق» لفظا ولها معنى آخر

- ‌الإنفاق بمعنى الإقتار:

- ‌الأحاديث الواردة في (الإنفاق)

- ‌الأحاديث الواردة في (الإنفاق) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الإنفاق)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإنفاق)

- ‌من فوائد (الإنفاق)

- ‌الإيثار

- ‌الإيثار لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌درجات الإيثار:

- ‌الأسباب التي تعين على الإيثار:

- ‌الفرق بين الإيثار والسخاء والجود:

- ‌الإيثار والأثرة:

- ‌الآيات الواردة في «الإيثار»

- ‌الآيات الواردة في «الإيثار» ولها معنى آخر

- ‌الأحاديث الواردة في (الإيثار)

- ‌الأحاديث الواردة في (الإيثار) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الإيثار)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإيثار)

- ‌من فوائد (الإيثار)

- ‌الإيمان

- ‌الإيمان لغة:

- ‌المؤمن في أسماء الله تعالى:

- ‌واصطلاحا:

- ‌معنى الإيمان باعتبار عرف الشّرع اختلف فيه أهل القبلة على أربع فرق:

- ‌بماذا نؤمن

- ‌معنى الإيمان باليوم الآخر:

- ‌الإيمان بالقدر:

- ‌الفرق بين الإيمان والإسلام:

- ‌استعمالات اسم الإيمان في لسان الشّرع:

- ‌ورود اسم «الإيمان» في القرآن:

- ‌الإيمان المطلق مستلزم للأعمال:

- ‌الإيمان المقترن بالإسلام أو العمل الصالح يحتمل وجوها عديدة:

- ‌أصل الإيمان:

- ‌التصديق والإيمان ليسا مترادفين:

- ‌الإيمان ومكارم الأخلاق:

- ‌الإيمان هو مصدر الإلزام الخلقي:

- ‌الآيات الواردة في «الإيمان»

- ‌الإيمان (مفردا) مرادا به الإذعان للحق والتصديق به على سبيل المدح:

- ‌الإيمان (مقترنا بما يؤمن به) مرادا به التصديق الجازم:

- ‌الإيمان بالقدر خيره وشره*:

- ‌الإيمان (مقترنا بالعمل الصالح لفظا أو معنى) مرادا به الإذعان والتصديق:

- ‌الإيمان (مقترنا بالإسلام) مرادا به الشريعة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌الإيمان بمعنى التوحيد:

- ‌الإيمان بمعنى الإقرار باللسان:

- ‌الإيمان قد يخالطه شرك أو ظلم:

- ‌الإيمان بمعنى الصلاة:

- ‌الإيمان بمعنى الدعاء:

- ‌الآيات الواردة في «القيامة وأسمائها»

- ‌1- القيامة:

- ‌2- يوم الدين:

- ‌3- الساعة:

- ‌4- اليوم الآخر:

- ‌5- الحسرة:

- ‌6- البعث:

- ‌7- الفصل:

- ‌8- التلاقي:

- ‌9- الجمع:

- ‌10- الوعيد:

- ‌11- الواقعة:

- ‌12- التغابن:

- ‌13- الحاقة:

- ‌14- الحق:

- ‌15- القارعة:

- ‌16- الغاشية:

- ‌17- الصاخة:

- ‌18- الطامة الكبرى:

- ‌19- التنادي:

- ‌20- الراجفة:

- ‌21- الفتح:

- ‌22- الوقت المعلوم:

- ‌23- الحساب:

- ‌24- الخروج:

- ‌25- الخلود:

- ‌26- الموعود:

- ‌27- الازفة:

- ‌الآيات الواردة في «وصف يوم القيامة»

- ‌الأحاديث الواردة في (الإيمان)

- ‌الأحاديث الواردة في (الإيمان) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الإيمان)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإيمان)

- ‌من فوائد (الإيمان)

- ‌[حرف الباء]

- ‌البر

- ‌البر لغة:

- ‌البر اصطلاحا:

- ‌مسمّى البرّ وعلاقته بالإيمان:

- ‌أنواع البرّ:

- ‌وجوه استعمال البر في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «البر»

- ‌البر بمعنى الطاعة وفعل الخيرات:

- ‌البر بمعنى صلة الرحم:

- ‌البر بمعنى تصديق اليمين:

- ‌البر من صفات المولى- عز وجل

- ‌البر من صفات الملائكة:

- ‌ما أعده الله لمن اتصف بالبر:

- ‌الأحاديث الواردة في (البر)

- ‌الأحاديث الواردة في (البر) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (البر)

- ‌ومن أقوال الشعراء في البر:

- ‌من فوائد (البر)

- ‌بر الوالدين

- ‌بر الوالدين لغة:

- ‌البر بالوالدين اصطلاحا:

- ‌من صور بر الوالدين:

- ‌الآيات الواردة في «بر الوالدين»

- ‌البر بالوالدين أو أحدهما من صفة الأنبياء:

- ‌بر الوالدين والإحسان إليهما مما أمر به المولى- عز وجل

- ‌الأحاديث الواردة في ‌‌(بر الوالدين)

- ‌(بر الوالدين)

- ‌بر الأم:

- ‌بر الأب:

- ‌بر الأقارب (وخاصة الخالة) :

- ‌البر يطيل العمر:

- ‌الأحاديث الواردة في (بر الوالدين) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (بر الوالدين)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (بر الوالدين)

- ‌ومن أقوال الشعراء فى بر الوالدين:

- ‌من فوائد (بر الوالدين)

- ‌البشارة

- ‌البشارة لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌ورود البشارة في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «البشارة»

- ‌البشارة من المولى- عز وجل أو الملائكة:

- ‌البشارة من صفة النبيين والمرسلين:

- ‌البشارة من صفة المصطفى صلى الله عليه وسلم:

- ‌البشارة من صفة القرآن الكريم:

- ‌البشارة للشهداء والمؤمنين:

- ‌البشارة من صفة الرياح:

- ‌ومن البشارات الأخرى الواردة فى القرآن الكريم:

- ‌الأحاديث الواردة في (البشارة)

- ‌الأحاديث الواردة في (البشارة) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (البشارة)

- ‌من فوائد (البشارة)

- ‌البشاشة

- ‌البشاشة لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الآيات الواردة في «البشاشة» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (البشاشة)

- ‌الأحاديث الواردة في (البشاشة) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (البشاشة)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (البشاشة)

- ‌من فوائد (البشاشة)

- ‌البصيرة والفراسة

- ‌البصيرة لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌منزلة الفراسة:

- ‌والفراسة ثلاثة أنواع:

- ‌البصيرة تنجم عن الفكرة:

- ‌الفرق بين الفراسة (البصيرة) والظن:

- ‌بين الفراسة والغيب:

- ‌الآيات الواردة في «البصيرة»

- ‌الايات الواردة في «البصيرة» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (البصيرة والفراسة)

- ‌الأحاديث الواردة في (البصيرة والفراسة) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (البصيرة)

- ‌من فوائد (البصيرة والفراسة)

- ‌البكاء

- ‌البكاء لغة:

- ‌البكاء اصطلاحا:

- ‌والبكاء أنواع:

- ‌البكاء بين المدح والذم:

- ‌الآيات الواردة في «البكاء»

- ‌البكاء دليل الإيمان:

- ‌البكاء من الله:

- ‌البكاء ندما:

- ‌البكاء الكاذب (التباكي) :

- ‌الآيات الواردة في «البكاء» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (البكاء)

- ‌الأحاديث الواردة في (البكاء) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (البكاء)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (البكاء)

- ‌من أقوال الشعراء:

- ‌من فوائد (البكاء)

- ‌[حرف التاء]

- ‌التأمل

- ‌التأمل لغة:

- ‌التّأمّل اصطلاحا:

- ‌تأمل القرآن:

- ‌الفرق بين التأمل والتفكر والتدبر:

- ‌التأمل في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «التأمل» معنى

- ‌التأمل في خلق السماوات والأرض:

- ‌التأمل فيما تنبت الأرض:

- ‌التأمل في أحوال الأمم السابقة:

- ‌التأمل في خلق الإنسان:

- ‌التأمل في أحوال الطير:

- ‌التأمل في نعم الله وعجائب مخلوقاته:

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (التأمل)

- ‌من الاثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (التأمل)

- ‌من فوائد (التأمل)

- ‌التأني

- ‌التأني لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌التأني عند نزول القرآن:

- ‌الآيات الواردة في «التأني» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (التأني)

- ‌الأحاديث الواردة في (التأني) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (التأني)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (التأني)

- ‌من فوائد (التأني)

- ‌التبتل

- ‌التبتل لغة:

- ‌التبتل في الاصطلاح:

- ‌درجات التبتل:

- ‌الآيات الواردة في «التبتل»

- ‌الآيات الواردة في «التبتل» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (التبتل) المنهي عنه

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (التبتل) المأمور به

- ‌من أقوال المفسرين:

- ‌من فوائد (التبتل)

- ‌التبليغ والتبيين

- ‌التبليغ لغة:

- ‌التبليغ اصطلاحا:

- ‌التبليغ وظيفة الرّسل الكرام:

- ‌أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ ودعاؤه للمبلّغين:

- ‌أنواع التبليغ:

- ‌حكم تبليغ العلم:

- ‌التبيين لغة:

- ‌التبيين اصطلاحا:

- ‌بين التبيين والتبليغ:

- ‌الآيات الواردة في «التبليغ»

- ‌أولا: أمر الله- عز وجل بالتبليغ:

- ‌ثانيا: مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم هي التبليغ:

- ‌ثالثا: التبليغ وظيفة الرّسل الكرام لا يسألون عليه أجرا:

- ‌رابعا: القرآن الكريم بلاغ للناس:

- ‌خامسا: التبليغ طاعة لله- عز وجل

- ‌الايات الواردة في «التبليغ» معنى ودور الرّسل في التبليغ وأجرهم به

- ‌الايات الواردة في «التبيين» *

- ‌الأحاديث الواردة في (التبليغ)

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (التبليغ)

- ‌ومن الأحاديث الواردة في (التبيين)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (التبليغ والتبيين)

- ‌من فوائد (التبليغ)

- ‌من فوائد (التبيين)

- ‌التبين (التثبت)

- ‌التبين لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الآيات الواردة في «التبين»

- ‌الأحاديث الواردة في (التبين)

- ‌الأحاديث الواردة في (التبين) معنى

- ‌من الآثار الواردة في (التبين)

- ‌من فوائد (التبين)

- ‌التدبر

- ‌التدبر لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌تدبّر القرآن:

- ‌الناس عند سماع القرآن أنواع:

- ‌الآيات الواردة في «التدبر»

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (التدبر) *

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (التدبر)

- ‌ثمار تدبر القرآن

- ‌من فوائد (التدبر)

- ‌التذكر

- ‌التذكر لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌العلاقة بين التذكر والتفكر:

- ‌التذكر في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «التذكر»

- ‌التذكر مقترنا بالاستفهام الإنكارى (يراد منه التعجّب) :

- ‌القرآن يحثنا على التذكر ويمتدح المتذكرين:

- ‌القرآن يصف الإنسان بقلة التذكر:

- ‌تذكر الإنسان يوم القيامة:

- ‌الأحاديث الواردة في (التذكر)

- ‌الأحاديث الواردة في (التذكر) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (التذكر)

- ‌من فوائد (التذكر)

- ‌تذكر الموت (قصر الأمل)

- ‌1- التذكر لغة:

- ‌التذكر اصطلاحا:

- ‌أنواع التذكر:

- ‌2- الموت لغة:

- ‌أنواع الموت:

- ‌واصطلاحا:

- ‌3- وتذكر الموت اصطلاحا:

- ‌من معاني الموت في القرآن:

- ‌الآيات الواردة في «تذكر الموت»

- ‌الآيات الوارد فيها لفظ «الموت» في سياق غير التذكير به

- ‌الأحاديث الواردة في (تذكر الموت)

- ‌الأحاديث الواردة في (تذكر الموت) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (تذكر الموت)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (تذكر الموت)

- ‌من فوائد (تذكر الموت)

- ‌التذكير

- ‌التذكير لغة:

- ‌التذكير اصطلاحا:

- ‌الآيات الواردة في «التذكير»

- ‌الأحاديث الواردة في (التذكير)

- ‌الأحاديث الواردة في (التذكير) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (التذكير)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (التذكير)

- ‌من فوائد (التذكير)

- ‌التسبيح

- ‌التسبيح لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌تسبيح المخلوقات:

- ‌من معاني التسبيح:

- ‌التسبيح في القرآن الكريم:

- ‌الآيات الواردة في «التسبيح»

- ‌آيات فيها أمر بالتسبيح مطلقا:

- ‌آيات التسبيح من صفات المؤمنين:

- ‌آيات التسبيح من الملائكة فيها من مظاهر العظمة:

- ‌آيات تسبيح الملائكة فيها من علامات العبودية:

- ‌آيات التسبيح فيها لتنزيه الله عن الشريك والولد:

- ‌آيات التسبيح فيها تبرؤ من أمر مزعوم:

- ‌آيات التسبيح فيها علامة تحقيق المطلوب:

- ‌آيات التسبيح فيها بعد استشراف:

- ‌آيات التسبيح فيها سبب الامتنان بالنعمة:

- ‌آيات التسبيح فيها من دلائل القدرة والتملك:

- ‌آيات التسبيح فيها علامة شكر:

- ‌آيات التسبيح فيها استعظام أمر:

- ‌آيات التسبيح فيها من جميع الكائنات:

- ‌الملائكة دائبون على التسبيح:

- ‌الأحاديث الواردة في (التسبيح)

- ‌الأحاديث الواردة في (التسبيح) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (التسبيح)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (التسبيح)

- ‌من فوائد (التسبيح)

- ‌التعارف

- ‌التعارف لغة:

- ‌التعارف اصطلاحا:

- ‌أهمية التعارف في الإسلام:

- ‌الآيات الواردة في «التعارف»

- ‌الأحاديث الواردة في (التعارف)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (التعارف)

- ‌من فوائد (التعارف)

- ‌التعاون على البر والتقوى

- ‌التعاون لغة:

- ‌أقسام الناس في باب التعاون:

- ‌التعاون واجب ديني وضرورة اجتماعية:

- ‌البر والتقوى:

- ‌التعاون على البر والتقوى اصطلاحا:

- ‌الآيات الواردة في «التعاون على البر والتقوى»

- ‌الأحاديث الواردة في (التعاون على البر والتقوى)

- ‌الأحاديث الواردة في (التعاون على البر والتقوى) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (التعاون على البر والتقوى)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (التعاون على البر والتقوى)

- ‌من فوائد (التعاون على البر والتقوى)

- ‌‌‌تعظيم الحرمات

- ‌تعظيم الحرمات

- ‌التعظيم لغة:

- ‌الحرمات لغة:

- ‌الحرمات اصطلاحا:

- ‌تعظيم الحرمات اصطلاحا:

- ‌درجات تعظيم الحرمات:

- ‌الآيات الواردة في «تعظيم الحرمات»

- ‌الآيات الواردة في «تعظيم الحرمات» معنى

- ‌الأحاديث الواردة في (تعظيم الحرمات)

- ‌الأحاديث الواردة في (تعظيم الحرمات) معنى

- ‌المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (تعظيم الحرمات)

- ‌من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (تعظيم الحرمات)

- ‌من فوائد (تعظيم الحرمات)

- ‌التفاؤل

- ‌الفأل لغة:

- ‌واصطلاحا:

- ‌الأحاديث الواردة في (التفاؤل)

- ‌الأحاديث الواردة في (التفاؤل) معنى

- ‌من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (التفاؤل)

- ‌من فوائد (التفاؤل)

الفصل: ‌من الاثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (التأمل)

أخي أبيها، وكان امرأ تنصرّ في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربيّ، ويكتب من الإنجيل بالعربيّة ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي. فقالت له خديجة: أي عمّ، اسمع من ابن أخيك. قال ورقة بن نوفل: يا ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رآه. فقال له ورقة: هذا النّاموس «1» الّذي أنزل على موسى صلى الله عليه وسلم يا ليتني فيها جذعا «2» ، يا ليتني أكون حيّا حين يخرجك قومك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أو مخرجيّ هم؟» قال ورقة: نعم، لم يأت رجل قطّ بما جئت به إلّا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا) * «3» .

‌من الاثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (التأمل)

1-

* (كان لقمان يطيل الجلوس وحده، فكان يمرّ به مولاه فيقول: يا لقمان، إنّك تديم الجلوس وحدك فلو جلست مع النّاس كان آنس لك. فيقول لقمان: «إنّ طول الوحدة أفهم للفكر، وطول الفكر دليل على طريق الجنّة» ) * «4» .

2-

* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما أنّه كان إذا تلا هذه الاية: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ (الحديد/ 16)، قال: بلى يا ربّ، بلى يا ربّ) * «5» .

3-

* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: «ركعتان مقتصدتان في تفكّر خير من قيام ليلة بلا قلب» ) * «6» .

4-

* (عن عبد الله بن عتبة قال: سألت أمّ الدّرداء، ما كان أفضل عبادة أبي الدّرداء، قالت:

«التّفكّر والاعتبار» ) * «7» .

5-

* (بينا أبو شريح يمشي إذ جلس فتقنّع «8» بكسائه فجعل يبكي، فقيل له: ما يبكيك؟. قال:

«تأمّلت في ذهاب عمري وقلّة عملي واقتراب أجلي» ) * «9» .

6-

* (عن عامر بن عبد قيس قال: سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم يقولون: إنّ ضياء الإيمان أو نور الإيمان التّفكّر) * «10» .

7-

* (كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز

(1) هذا الناموس: هو جبريل صلى الله عليه وسلم. قال أهل اللغة وغريب الحديث: الناموس في اللغة صاحب سر الخير. والجاسوس صاحب سر الشر يقال نمست السر أنمسه أي كتمته.

(2)

جذعا: شابّا قويّا حتى أبالغ في نصرك، ونصب على الحال وخبر ليت قوله «فيها» .

(3)

البخاري- الفتح 1 (3) ، ومسلم (160) واللفظ له.

(4)

الإحياء للغزالي (4/ 424- 425) .

(5)

الدر المنثور للسيوطي (8/ 59) .

(6)

الإحياء للغزالي (4/ 425) .

(7)

الزهد لوكيع بن الجراح (ص 474) .

(8)

تقنّع: غطى رأسه ووجهه أو بعضه.

(9)

الإحياء للغزالي (4/ 425) .

(10)

الدر المنثور (2/ 409) .

ص: 854

- رحمه الله: اعلم أنّ التّفكّر يدعو إلى الخير والعمل به، والنّدم على الشّرّ، يدعو إلى تركه، وليس ما يفنى- وإن كان كثيرا- يعدل ما يبقى، وإن كان طلبه عزيزا، واحتمال المئونة المنقطعة الّتي تعقب الرّاحة الطّويلة خير من تعجيل راحة منقطعة تعقب مئونة باقية) * «1» .

8-

* (عن الحسن- رحمه الله قال: تفكّر ساعة خير من قيام ليلة) * «2» .

9-

* (قال عمر بن عبد العزيز- رحمه الله:

«التّأمّل في نعم الله- عز وجل من أفضل العبادة» ) * «3» .

10-

* (قال سفيان بن عيينة- رحمه الله:

إذا المرء كانت له فكرة

ففي كلّ شيء له عبرة) *

«4» .

11-

* (عن محمّد بن كعب القرظيّ قال:

«لأن أقرأ في ليلتي حتّى أصبح ب «إذا زلزلت والقارعة» لا أزيد عليهما وأتردّد فيهما وأتفكّر أحبّ إليّ من أن أهذّ «5» ليلتي هذّا- أو قال-: أنثره نثرا) » * «6» .

12-

* (قال أبو نواس:

تأمّل في نبات الأرض وانظر

إلى آثار ما صنع المليك

عيون من لجين «7» شاخصات

بأحداق هي الذّهب السّبيك

على قضب الزّبرجد شاهدات

بأنّ الله ليس له شريك) *

«8»

13-

* (قال الفضيل: «إنّما نزل القرآن ليعمل به فاتّخذ النّاس قراءته عملا. قال: قيل: كيف العمل به؟. قال: أي ليحلّوا حلاله، ويحرّموا حرامه، ويأتمروا بأوامره، وينتهوا عن نواهية، ويقفوا عند عجائبه» ) * «9» .

14-

* (قال الشّيخ أبو سليمان الدّارانيّ: «إنّي لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلّا رأيت لله فيه نعمة ولي فيه عبرة» ) * «10» .

15-

* (قال بشر بن الحارث الحافي: «لو تفكّر النّاس في عظمة الله ما عصوا الله عز وجل» ) * «11» .

16-

* (قال مغيث الأسود: «زوروا القبور كلّ يوم تذكّركم الاخرة، وشاهدوا الموقف بقلوبكم. وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنّة أو إلى النّار، وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذكر النّار، ومقامعها وأطباقها. وكان يبكي عند ذلك حتّى يرفع صريعا من بين أصحابه قد ذهب عقله» ) * «12» .

(1) إحياء علوم الدين (4/ 424) .

(2)

المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.

(3)

المرجع السابق (4/ 425) .

(4)

المرجع السابق (4/ 424) .

(5)

أهذّ: أي أقرأه بسرعة.

(6)

كتاب الزهد لابن المبارك 97) .

(7)

لجين: الفضة الذائبة.

(8)

تاريخ الأدب العربي لأحمد حسن الزيات (300) .

(9)

اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (76) .

(10)

تفسير ابن كثير (1/ 438) .

(11)

الإحياء للغزالي (4/ 425) .

(12)

تفسير ابن كثير (1/ 438) .

ص: 855

17-

* (قال الغزاليّ- رحمه الله: «كثر الحثّ في كتاب الله تعالى على التّدبّر والاعتبار والنّظر والافتكار، ولا يخفى أنّ الفكر هو مفتاح الأنوار ومبدأ الاستبصار، وهو شبكة العلوم ومصيدة المعارف والفهوم، وأكثر النّاس قد عرفوا فضله، ورتبته لكن جهلوا حقيقته وثمرته ومصدره) * «1» .

18-

* (وقال رحمه الله: «اعلم أنّ كلّ ما في الوجود ممّا سوى الله تعالى فهو فعل الله وخلقه، وكلّ ذرّة من الذّرّات، فيها عجائب وغرائب تظهر بها حكمة الله وقدرته وجلاله وعظمته، وإحصاء ذلك غير ممكن؛ لأنّه لو كان البحر مدادا لذلك لنفد البحر قبل أن ينفد عشر عشيره، ولكنّا نشير إلى جمل منه ليكون ذلك كالمثال لما عداه.

فنقول: الموجودات المخلوقة منقسمة إلى (ما لا يعرف أصلها) فلا يمكننا التّفكّر فيها وكم من الموجودات الّتي لا نعلمها كما قال الله تعالى:

وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (النحل/ 8) سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (يس/ 36) وقال:

وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ

(الواقعة/ 61) وإلى ما يعرف أصلها وجملتها، ولا يعرف تفصيلها) فيمكننا أن نتفكّر في تفصيلها، وهي منقسمة إلى ما أدركناه بحسّ البصر، وإلى ما لا ندركه بالبصر أمّا الّذي لا ندركه بالبصر، فكالملائكة والجنّ والشّياطين والعرش والكرسيّ وغير ذلك، ومجال الفكر في هذه الأشياء ممّا يضيق ويغمض. فلنعدل إلى الأقرب إلى الأفهام وهي المدركات بحسّ البصر: وذلك هو السّماوات السّبع والأرض وما بينهما، فالسّماوات مشاهدة بكواكبها وشمسها وقمرها وحركتها ودورانها وطلوعها وغروبها، والأرض مشاهدة بما فيها من جبالها ومعادنها وأنهارها وبحارها وحيوانها ونباتها، وما بين السّماء والأرض وهو الجوّ مدرك بغيومها وأمطارها وثلوجها ورعدها وبرقها وصواعقها وشهبها وعواصف رياحها.

فهذه هي الأجناس المشاهدة من السّماوات والأرض وما بينهما، وكلّ جنس منها ينقسم إلى أنواع، وكلّ نوع ينقسم إلى أقسام، ويتشعّب كلّ قسم إلى أصناف. ولا نهاية لانشعاب ذلك وانقسامه في اختلاف صفاته وهياته ومعانيه الظّاهرة والباطنة. وجميع ذلك مجال التّأمّل فلا تتحرّك ذرّة في السّموات والأرض من جماد ولا نبات ولا حيوان ولا فلك ولا كوكب إلّا والله تعالى هو محرّكها وفي حركتها حكمة أو حكمتان أو عشر أو ألف حكمة، كلّ ذلك شاهد لله تعالى بالوحدانيّة ودالّ على جلاله وكبريائه، وهي الايات الدّالّة عليه.

وقد ورد في القرآن الحثّ على التّفكّر في هذه الايات كما قال الله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي

(1) الإحياء للغزالي (4/ 423) .

ص: 856

الْأَلْبابِ (آل عمران/ 190)، وكما قال تعالى: في آياته من أوّل القرآن إلى آخره. فلنذكر كيفيّة الفكر في بعض الايات: (وما أكثر الايات وما أعظمها) .

فمن آياته: الإنسان المخلوق من النّطفة- وأقرب شيء إلى نفسك- وفيك من العجائب الدّالّة على عظمة الله تعالى ما تنقضي الأعمار في الوقوف على عشر عشيره وأنت غافل عنه. فيا من هو غافل عن نفسه وجاهل بها، كيف تطمع في معرفة غيرك؟ وقد أمرك الله تعالى بالتّدبّر في نفسك في كتابه العزيز فقال:

وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (الذاريات/ 21) وذكر أنّك مخلوق من نطفة قذرة فقال: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ* مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ* مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ* ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ* ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ* ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (عبس/ 17- 22) وقال تعالى: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (الروم/ 20)، وقال تعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى * ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى القيامة/ 37- 38) وقال تعالى: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ* فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ* إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (المرسلات/ 20- 22) وقال: أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (يس/ 77)، وقال: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ (الإنسان/ 2) ثمّ ذكر: كيف جعل النّطفة علقة، والعلقة مضغة، والمضغة عظاما، فقال تعالى:

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً (المؤمنون/ 12- 14) الاية.

فتكرير ذكر النّطفة في الكتاب العزيز ليس ليسمع لفظه ويترك التّفكّر في معناه، فانظر الان إلى النّطفة وهي قطرة من الماء قذرة لو تركت ساعة ليضربها الهواء فسدت وأنتنت- كيف أخرجها ربّ الأرباب من الصّلب والتّرائب، وكيف جمع بين الذّكر والأنثى وألقى الألفة والمحبّة في قلوبهم، وكيف قادهم بسلسلة المحبّة والشّهوة إلى الاجتماع، وكيف استخرج النّطفة من الرّجل بحركة الوقاع، وكيف استجلب دم الحيض من أعماق العروق وجمعه في الرّحم؟.

ثمّ كيف خلق المولود من النّطفة وسقاه بماء الحيض وغذّاه حتّى نما وربا وكبر، وكيف جعل النّطفة وهي بيضاء مشرقة علقة حمراء، ثمّ كيف جعلها مضغة، ثمّ كيف قسّم أجزاء النّطفة وهي متساوية متشابهة إلى العظام والأعصاب والعروق والأوتار واللّحم؟ ثمّ كيف ركّب من اللّحوم والأعصاب والعروق الأعضاء الظّاهرة، فدوّر الرّأس وشقّ السّمع والبصر والأنف والفم وسائر المنافذ، ثمّ مدّ اليد والرّجل، وقسّم رءوسها بالأصابع وقسّم الأصابع بالأنامل؟ ثمّ كيف ركّب الأعضاء الباطنة من القلب والمعدة والكبد والطّحال والرّئة والرّحم والمثانة والأمعاء كلّ واحد على شكل مخصوص ومقدار مخصوص لعمل مخصوص، ثمّ كيف قسّم كلّ عضو من هذه الأعضاء بأقسام أخر، فركّب العين من سبع طبقات، لكلّ طبقة وصف مخصوص وهيئة

ص: 857

مخصوصة لو فقدت طبقة منها أو زالت صفة من صفاتها تعطّلت العين عن الإبصار، فلو ذهبنا إلى نصف ما في آحاد هذه الأعضاء من العجائب والايات لانقضى فيها الأعمار.

فانظر الان إلى العظام، وهي أجسام صلبة قويّة كيف خلقها من نطفة سخيفة رقيقة، ثمّ جعلها قواما للبدن وعمادا له، ثمّ قدّرها بمقادير مختلفة وأشكال مختلفة فمنه صغير وكبير وطويل ومستدير ومجوّف ومصمت وعريض ودقيق. ولمّا كان الإنسان محتاجا إلى الحركة بجملة بدنه وببعض أعضائه، مفتقرا للتّردّد في حاجاته، لم يجعل عظمه عظما واحدا بل عظاما كثيرة بينها مفاصل حتّى تتيسّر بها الحركة، وقدّر شكل كلّ واحدة منها على وفق الحركة المطلوبة منها، ثمّ وصل مفاصلها وربط بعضها ببعض بأوتار أنبتها من أحد طرفي العظم وألصقه بالعظم الاخر كرباط له، ثمّ خلق في أحد طرفي العظم زوائد خارجة منه وفي الاخر حفرا غائصة فيه موافقة لشكل الزّوائد لتدخل فيها وتطبق عليها، فصار العبد إن أراد تحريك جزء من بدنه لم يمتنع عليه، ولولا المفاصل لتعذّر عليه ذلك.

ثمّ انظر كيف خلق عظام الرّأس وكيف جمعها وركّبها، وقد ركّبها من خمسة وخمسين عظما مختلفة الأشكال والصّور فألّف بعضها إلى بعض بحيث استوى به كرة الرّأس. كما تراه. فمنها ستّة تخصّ القحف، وأربعة عشر للّحي الأعلى، واثنان للّحي الأسفل، والبقيّة هي الأسنان بعضها عريضة تصلح للطّحن وبعضها حادّة تصلح للقطع، وهي الأنياب والأضراس والثّنايا، ثمّ جعل الرّقبة مركبا للرّأس وركّبها من سبع خرزات مجوّفات مستديرات فيها تحريفات وزيادات ونقصانات لينطبق بعضها على بعض- ويطول ذكر وجه الحكمة فيها.

ثمّ ركّب الرّقبة على الظّهر، وركّب الظّهر من أسفل الرّقبة إلى منتهى عظم العجز من أربع وعشرين خرزة، وركّب عظم العجز من ثلاثة أجزاء مختلفة، فيتّصل به من أسفله عظم العصعص وهو أيضا مؤلّف من ثلاثة أجزاء.

ثمّ وصل عظام الظّهر بعظام الصّدر وعظام الكتف وعظام اليدين وعظام العانة وعظام العجز وعظام الفخذين والسّاقين وأصابع الرّجلين، فلا نطوّل بذكر عدد ذلك. ومجموع عدد العظام في بدن الإنسان مئتا عظم وثمانية وأربعون عظما، سوى العظام الصّغيرة الّتي حشا بها خلل المفاصل، فانظر كيف خلق جميع ذلك من نطفة سخيفة رقيقة.

وليس المقصود من ذكر أعداد العظام أن يعرف عددها؛ فإنّ هذا علم قريب يعرفه الأطبّاء والمشرّحون، إنّما الغرض أن ينظر منها في مدبّرها وخالقها أنّه كيف قدّرها ودبّرها، وخالف بين أشكالها وأقدارها، وخصّصها بهذا العدد المخصوص لأنّه لو زاد عليها واحدا لكان وبالا على الإنسان يحتاج إلى قلعه، ولو نقص منها واحدا لكان نقصانا يحتاج إلى جبره، فالطّبيب ينظر فيها ليعرف وجه العلاج في جبرها وأهل البصائر ينظرون فيها ليستدلّوا بها على جلالة خالقها، ومصوّرها، فشتّان بين النّظرين.

ص: 858

ثمّ انظر كيف خلق الله تعالى آلات لتحريك العظام وهي العضلات. فخلق في بدن الإنسان تسعا وعشرين وخمس مائة عضلة- والعضلة مركّبة من لحم وعصب ورباط وأغشية- وهي مختلفة المقادير والأشكال بحسب اختلاف مواضعها وقدر حاجاتها، فأربع وعشرون عضلة منها هي لتحريك حدقة العين وأجفانها، لو نقصت واحدة من جملتها اختلّ أمر العين. وهكذا لكلّ عضو عضلات بعدد مخصوص وقدر مخصوص. وكلّ ذلك صنع الله في قطرة ماء قذرة، فترى من هذا صنعه في قطرة ماء فما صنعه في ملكوت السّماوات وكواكبها. وما حكمته في أوضاعها وأشكالها ومقاديرها وأعدادها واجتماع بعضها وتفرّق بعضها واختلاف صورها وتفاوت مشارقها ومغاربها؟

فلا تظنّنّ أنّ ذرّة من ملكوت السّماوات تنفكّ عن حكمة، وحكم، بل هي أحكم خلقا وأتقن صنعا، وأجمع للعجائب من بدن الإنسان؛ بل لا نسبة لجميع ما في الأرض إلى عجائب السّماوات ولذلك قال تعالى: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها* وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (النازعات/ 27- 29) .

فارجع الان إلى النّطفة وتأمّل حالها أوّلا وما صارت إليه ثانيا، وتأمّل أن لو اجتمع الجنّ والإنس على أن يخلقوا للنّطفة سمعا أو بصرا أو عقلا أو قدرة أو علما أو روحا أو يخلقوا فيها عظما أو عرقا أو عصبا أو جلدا أو شعرا هل يقدرون على ذلك؟.

أنت ترى النّطفة القذرة كانت معدومة فخلقها خالقها في الأصلاب والتّرائب، ثمّ أخرجها منها وشكّلها فأحسن تشكيلها وقدّرها فأحسن تقديرها وتصويرها. وقسّم أجزاءها المتشابهة إلى أجزاء مختلفة فأحكم العظام في أرجائها، وحسّن أشكال أعضائها وزيّن ظاهرها وباطنها ورتّب عروقها وأعصابها وجعلها مجرى لغذائها ليكون ذلك سبب بقائها، وجعلها سميعة بصيرة عالمة ناطقة. وخلق لها الظّهر أساسا لبدنها والبطن حاويا لآلات غذائها والرّأس جامعا لحواسّها، ففتح العينين ورتّب طبقاتها وأحسن شكلها ولونها وهيئاتها، ثمّ حماها بالأجفان لتسترها وتحفظها وتصقلها وتدفع الأقذاء عنها، ثمّ أظهر في مقدار عدسة منها صورة السّماوات مع اتّساع أكنافها وتباعد أقطارها، فهو ينظر إليها. ثمّ شقّ أذنيه وأودعهما ماء مرّا ليحفظ سمعها ويدفع الهوامّ عنها وحوّطها بصدفة الأذن لتجمع الصّوت فتردّه إلى صماخها ولتحسّ بدبيب الهوامّ إليها، وجعل فيها تحريفات واعوجاجات لتكثر حركة ما يدبّ فيها شكله، وفتح منخريه وأودع فيها حاسّة الشّمّ ليستدلّ باستنشاق الرّوايح على مطاعمه وأغذيته، وليستنشق بمنفذ المنخرين روح الهواء غذاء لقلبه وترويحا لحرارة باطنه، وفتح الفم وأودعه اللّسان ناطقا وترجمانا ومعربا عمّا في القلب وزيّن الفم بالأسنان لتكون آلة الطّحن والكسر والقطع فأحكم أصولها وحدّد رءوسها وبيّض لونها ورتّب صفوفها متساوية الرّءوس متناسقة التّرتيب كأنّها الدّر المنظوم، وخلق الشّفتين وحسّن لونها وشكلها لتنطبق على الفم فتسدّ منفذه

ص: 859

وليتمّ بها حروف الكلام، وخلق الحنجرة وهيّأها لخروج الصّوت، وخلق للّسان قدرة للحركات والتّقطيعات لتقطيع الصّوت في مخارج مختلفة تختلف بها الحروف وليتّسع بها طريق النّطق بكثرتها. ثمّ خلق الحناجر مختلفة الأشكال في الضّيق والسّعة والخشونه والملاسة وصلابة الجوهر ورخاوته والطّول والقصر، حتّى اختلفت بسببها الأصوات، فلا يتشابه صوتان؛ بل يظهر بين كلّ صوتين فرق حتّى يميّز السّامع بعض النّاس عن بعض بمجرّد الصّوت في الظّلمة.

ثمّ زيّن الرّأس بالشّعر والأصداغ، وزيّن الوجه باللّحية والحاجبين، وزيّن الحاجب برقّة الشّعر واستقواس الشّكل، وزيّن العينين بالأهداب.

ثمّ خلق الأعضاء الباطنة وسخّر كلّ واحد لفعل مخصوص.

وإذا عرفت طريق الفكر في نفسك فتفكّر في الأرض الّتي هي مقرّك، ثمّ أنهارها وجبالها، ومعادنها، ثمّ ارتفع منها إلى ملكوت السّماوات، والأرض فمن آياته أن خلق الأرض فراشا ومهادا وسلك فيها سبلا فجاجا وجعلها ذلولا لتمشوا في مناكبها، وجعلها قارّة لا تتحرّك، وأرسى فيها الجبال أوتادا لها تمنعها من أن تميد. ثمّ وسّع أكنافها حتى عجز الادميّون عن بلوغ جميع جوانبها وإن طالت أعمارهم وكثر تطوافهم، فقال تعالى: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ* وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (الذاريات/ 47- 48) وقال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها (الملك/ 15) وقال تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً (البقرة/ 22) وقد أكثر في كتابه العزيز من ذكر الأرض ليتفكّر في عجائبها فظهرها مقرّ للأحياء وبطنها مرقد للأموات، قال الله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً* أَحْياءً وَأَمْواتاً (المرسلات/ 25- 26) .

ومن آياته الجواهر المودعة تحت الجبال، والمعادن الحاصلة من الأرض: ففي الأرض قطع متجاورات مختلفة، فانظر إلى الجبال كيف يخرج منها الجواهر النّفيسة من الذّهب والفضّة والفيروز واللّعل وغيرها.

ومن آياته أصناف الحيوانات وانقسامها إلى ما يطير وإلى ما يمشي، وانقسام ما يمشي إلى ما يمشي على رجلين، وإلى ما يمشي على أربع، وعلى عشر، وعلى مئة، كما يشاهد في بعض الحشرات، ثمّ انقسامها في المنافع والصّور والأشكال والأخلاق والطّباع.

ومن آياته البحار العميقة المكتنفة لأقطار الأرض، الّتي هي قطع من البحر الأعظم المحيط بجميع الأرض، حتّى إنّ جميع المكشوف من البوادي والجبال والأرض بالإضافة إلى الماء كجزيرة صغيرة في بحر عظيم وبقيّة الأرض مستورة بالماء.

وقد شاهدت عجائب الأرض وما فيها فتأمّل الان عجائب البحر، فإنّ عجائب ما فيه من الحيوان والجواهر أضعاف عجائب ما تشاهده على وجه الأرض.

ومن آياته الهواء اللّطيف المحبوس بين مقعّر

ص: 860

السّماء ومحدّب الأرض يدرك بحسّ اللّمس عند هبوب الرّياح جسمه، ولا يرى بالعين شخصه، وجملته مثل البحر الواحد والطّيور محلّقة في جوّ السّماء ومستبقة سبّاحة فيه بأجنحتها كما تسبح حيوانات البحر في الماء، وتضطرب جوانبه وأمواجه عند هبوب الرّياح كما تضطرب أمواج البحر، فإذا حرّك الله الهواء وجعله ريحا هابّة، فإن شاء جعله نشرا بين يدي رحمته كما قال سبحانه وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ (الحجر/ 22) فيصل بحركته روح الهواء إلى الحيوانات والنّباتات فتستعدّ للنّماء، وإن شاء جعله عذابا على العصاة من خليقته كما قال تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ* تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (القمر/ 19- 20) .

ثمّ انظر إلى عجائب الجوّ وما يظهر فيه من الغيوم والرّعود والبروق والأمطار والثّلوج والشّهب والصّواعق، فهي عجائب ما بين السّماء والأرض، وقد أشار القرآن إلى جملة ذلك في قوله تعالى: وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (الدخان/ 38) .

ومن آياته ملكوت السّماوات والأرض، وما فيها من الكواكب، وهو الأمر كلّه، ومن أدرك الكلّ وفاته عجائب السّماوات فقد فاته الكلّ تحقيقا.

فالأرض والبحار والهواء وكلّ جسم سوى السّماوات بالإضافة إلى السّماوات قطرة في بحر وأصغر. ثمّ انظر كيف عظّم الله أمر السّماوات والنّجوم في كتابه، فما من سورة إلّا وتشتمل على تفخيمهما في مواضع، وكم من قسم في القرآن بها كقوله تعالى: وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (البروج/ 1) ، وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (الطارق/ 1) ، وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (الذاريات/ 7) ، وَالسَّماءِ وَما بَناها (الشمس/ 5)، وكقوله:

وَالشَّمْسِ وَضُحاها* وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها، (الشمس/ 1- 2) وكقوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ (التكوير/ 15- 16)، وقوله تعالى: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى، النجم/ 1) فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ* وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (الواقعة/ 75- 76) وقد علمت أنّ عجائب النّطفة القذرة عجز عن معرفتها الأوّلون والاخرون، وما أقسم الله بها- فما ظنّك بما أقسم الله تعالى به وأحال الأرزاق عليه وأضافها إليه فقال تعالى: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (الذاريات/ 22) وأثنى على المفكّرين فيه فقال: وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (آل عمران/ 191) . وذمّ المعرضين عنها فقال: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (الأنبياء/ 32) فأيّه نسبة لجميع البحار والأرض إلى السّماء وهي متغيّرات على القرب، والسّماوات صلاب شداد محفوظات عن التّغيّر إلى أن يبلغ الكتاب أجله، ولذلك سمّاه الله تعالى محفوظا فقال: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً (الأنبياء/ 32)، وقال سبحانه:

وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (النبأ/ 12) وقال:

أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (النازعات/ 27- 28) ، فانظر إلى

ص: 861

الملكوت لترى عجائب العزّ والجبروت.

فتأمّل أيّها العاقل في الملكوت فعسى أن تفتح لك أبواب السّماء فتجول بقلبك في أقطارها إلى أن يقوم قلبك بين يدي عرش الرّحمن، وأدنى شيء إليك نفسك ثمّ الأرض الّتي هي مقرّك، ثمّ الهواء المكتنف لك، ثمّ النّبات والحيوان وما على وجه الأرض، ثمّ عجائب الجوّ وهو ما بين السّماء والأرض، ثمّ السّماوات السّبع بكواكبها، ثمّ الكرسيّ، ثمّ العرش، ثمّ الملائكة الّذين هم حملة العرش وخزّان السّماوات.

فارفع الان رأسك إلى السّماء وانظر فيها: في كواكبها وفي دورانها وطلوعها وغروبها وشمسها وقمرها واختلاف مشارقها ومغاربها ودءوبها في الحركة على الدّوام- من غير فتور في حركتها ومن غير تغّير في سيرها؛ بل تجري جميعا في منازل مرتّبة بحساب مقدّر لا يزيد ولا ينقص إلى أن يطويها الله تعالى طيّ السّجلّ للكتاب- وتدبّر عدد كواكبها وكثرتها واختلاف ألوانها، فبعضها يميل إلى الحمرة وبعضها إلى البياض وبعضها إلى اللّون الرّصاصيّ. ثمّ انظر كيفيّة أشكالها، فبعضها على صورة العقرب وبعضها على صورة الحمل والثّور والأسد والإنسان، وما من صورة في الأرض إلّا ولها مثال في السّماء. ثمّ انظر إلى مسير الشّمس في فلكها في مدّة سنة، ثمّ هي تطلع في كلّ يوم وتغرب، بسير آخر سخّرها له خالقها، ولولا طلوعها وغروبها لما اختلف اللّيل والنّهار ولم تعرف المواقيت، ولأطبق الظّلام على الدّوام، أو الضّياء على الدّوام، فكان لا يتميّز وقت المعاش عن وقت الاستراحة، فانظر كيف جعل الله تعالى اللّيل لباسا والنّوم سباتا والنّهار معاشا، وانظر إلى إيلاجه اللّيل في النّهار، والنّهار في اللّيل، وإدخاله الزّيادة والنّقصان عليهما على ترتيب مخصوص. وانظر إلى إمالته مسير الشّمس عن وسط السّماء حتّى اختلف بسببه الصّيف والشّتاء والرّبيع والخريف، فإذا انخفضت الشّمس من وسط السّماء في مسيرها برد الهواء وظهر الشّتاء، وإذا استوت في وسط السّماء اشتدّ القيظ «1» ، وإذا كانت فيما بينهما اعتدل الزّمان، وعجائب السّماوات لا مطمع في إحصاء عشر عشير جزء من أجزائها، وإنّما هذا تنبيه على طريق الفكر) * «2» .

19-

* (قال ابن القيّم- رحمه الله: أصل الخير والشّرّ من قبل التّفكّر، فإنّ الفكر مبدأ الإرادة والطّلب في الزّهد والتّرك والحبّ والبغض، وأنفع الفكر الفكر في مصالح المعاد، وفي طرق اجتلابها، وفي دفع مفاسد المعاد، وفي طرق اجتنابها، فهذه أربعة أفكار هي أجلّ الأفكار، ويليها أربعة: فكر في مصالح الدّنيا وطرق تحصيلها، وفكر في مفاسد الدّنيا وطرق الاحتراز منها، فعلى هذه الأقسام الثّمانية دارت أفكار العقلاء. ورأس القسم الأوّل

(1) القيظ: شدة الحر.

(2)

إحياء علوم الدين للغزالي (4/ 434- 446) .

ص: 862