الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- ربط الإيمان بالله بالإيمان باليوم الآخر في آيات كثيرة «1» .
تفصيل القرآن للأحداث الّتي تحدث في ذلك اليوم.
كثرة الأسماء الّتي سمّي بها «2» .
الإيمان بالقدر:
قال الإمام النّوويّ: اعلم أنّ مذهب أهل الحقّ إثبات القدر ومعناه: أنّ الله تبارك وتعالى قدّر الأشياء في القدم، وعلم سبحانه أنّها ستقع في أوقات معلومة وعلى صفات مخصوصة على حسب ما قدّرها سبحانه، وقال الخطّابيّ: قد يحسب كثير من النّاس أنّ معنى القضاء والقدر إجبار الله سبحانه وتعالى العبد وقهره على ما قدّره وقضاه، وليس الأمر كما يتوهّمونه، وإنّما معناه الإخبار عن تقدّم علم الله بما يكون من اكتساب العبد وصدور ذلك عن تقدير منه وخلق لأعماله خيرها وشرّها، والقدر- على ذلك- اسم لما صدر مقدّرا عن فعل القادر، والقضاء في هذا (السّياق) معناه الخلق كما في قوله تعالى فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ أي خلقهنّ «3» .
الفرق بين الإيمان والإسلام:
(انظر صفة الإسلام) .
استعمالات اسم الإيمان في لسان الشّرع:
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-:
اسم الإيمان تارة يذكر مفردا غير مقرون باسم الإسلام ولا باسم العمل الصّالح ولا غيرهما، وتارة يذكر مقرونا، إمّا بالإسلام كما في حديث جبريل المشهور، وكقوله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ
…
(الأحزاب/ 35) وغيرها. وإمّا مقرونا مع العمل الصّالح وذلك في مواضع من القرآن كما في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
…
(البروج/ 11) . وإمّا مقرونا بالّذين أوتوا العلم، كقوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ (الروم/ 56) .
ويذكر أيضا لفظ المؤمنين مقرونا بالّذين هادوا والنّصارى والصّابئين ثمّ يقول:
…
مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (البقرة/ 62) .
فالمؤمنون في ابتداء الخطاب غير الثّلاثة، والإيمان الآخر عمّهم كما عمّهم في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ «4» .
ورود اسم «الإيمان» في القرآن:
وقد ورد اسم الإيمان في التّنزيل العزيز على أوجه منها:
الأوّل: بمعنى إقرار اللّسان كما في قوله تعالى:
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا
…
(المنافقون/ 3) . أي آمنوا باللّسان وكفروا بالجنان.
الثّاني: بمعنى التّصديق، كما في قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ
(1) راجع الآيات الواردة في ذلك مع الهوامش.
(2)
راجع أسماء القيامة والآيات الواردة فيها.
(3)
صحيح مسلم بشرح النووي (154/ 155) باختصار وتصرف.
(4)
مجموعة الفتاوى (17/ 13، 14) والآية 7 من سورة البينة.
الْبَرِيَّةِ (البينة/ 7 مدنية) .
الثّالث: بمعنى التّوحيد وكلمة الإيمان كما في قوله تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ (المائدة/ 5 مدنية) . أي يكفر بكلمة التّوحيد.
الرّابع: إيمان يخالطه شرك ويلابسه. كما في قوله تعالى: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (يوسف/ 106 مكية) . فهم مؤمنون موحّدون توحيد الرّبوبيّة مشركون في توحيد الألوهيّة والأسماء والصّفات.
الخامس: بمعنى الصّلاة كما في قوله تعالى:
وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ (البقرة/ 143 مدنية) .
أي صلاتكم «1» .
وقال أبو القاسم (الرّاغب) : الإيمان يستعمل تارة (في القرآن) اسما للشّريعة الّتي جاء بها محمّد صلى الله عليه وسلم ويوصف به كلّ من دخل في شريعته، مقرّا باللهو بنبوّته، وتارة يستعمل على سبيل المدح، ويراد به إذعان النّفس للحقّ على سبيل التّصديق، وذلك باجتماع ثلاثة أشياء: تحقيق (تصديق) بالقلب، وإقرار باللّسان، وعمل بحسب ذلك بالجوارح، ويقال لكلّ واحد من الاعتقاد، والقول الصّادق والعمل الصّالح:
إيمان، إلّا أنّ الإيمان هو التّصديق الّذي يحصل معه الأمن «2» .
وقد جعل ابن الجوزيّ الإذعان للحقّ على سبيل التّصديق وجها مستقلّا أطلق عليه «الإيمان الشّرعيّ» ، وهو ما جمع الأركان الثّلاثة المذكورة؛ وهي الإقرار والاعتقاد والعمل بمقتضى ذلك، ومثّل لذلك بقوله تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ (البقرة/ 25) ، ثمّ ذكر وجها سابعا عن بعض المفسّرين هو الدّعاء ومثّل له بقوله تعالى
…
إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا (يونس/ 98) أي دعوا «3» .
ونخلص من ذلك إلى أنّ لفظ «الإيمان» وما اشتقّ منه قد ورد في القرآن الكريم على أوجه هي:
1-
الإقرار.
2-
التّصديق.
3-
التّوحيد.
4-
إيمان يخالطه شرك.
5-
الصّلاة.
6-
الإيمان الشّرعيّ وهو ما جمع بين الإقرار والتّصديق والعمل بمقتضاهما.
7-
الدّعاء.
وفيما يتعلّق بالسّياق اللّغويّ «4» الّذي ورد فيه اللّفظ وجدناه، إمّا أن يرد مفردا، وإمّا أن يقترن بالإسلام أو العمل الصّالح أو العلم أو بأصحاب الدّيانات الأخرى «5» أو بما ينبغي الإيمان به، وسنحاول تصنيف الآيات الّتي ورد فيها لفظ الإيمان بمراعاة الأمرين جميعا قدر الإمكان. (انظر ص 652) .
(1) بصائر ذوي التمييز للفيروز ابادي (3/ 150) .
(2)
المرجع السابق (3/ 151) نقلا عن الراغب الأصفهاني في المفردات.
(3)
نزهة الأعين النواظر (146) .
(4)
المراد بالسياق اللغوي جملة الألفاظ التي أحاطت باللفظ عند استخدامه في الجملة.
(5)
انظر ما نقلناه آنفا عن شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (17/ 13) .