الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (البشاشة)
4-
* (عن عائشة- رضي الله عنها أنّها قالت: إنّ رجلا استأذن على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلمّا رآه قال:
بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة. فلمّا جلس تطلّق «1» النّبيّ صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه. فلمّا انطلق الرّجل قالت له عائشة: يا رسول الله حين رأيت الرّجل قلت له كذا وكذا. ثمّ تطلّقت في وجهه وانبسطت إليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا عائشة متى عهدتني فاحشا؟ إنّ شرّ النّاس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه النّاس اتّقاء شرّه» ) * «2» .
5-
* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلّ معروف صدقة، وإنّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك» ) * «3» .
6-
* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه أنّه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرنّ من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق «4» » ) * «5» .
7-
* (عن أبي جريّ جابر بن سليم، قال:
رأيت رجلا يصدر «6» النّاس عن رأيه، لا يقول شيئا إلّا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: عليك السّلام يا رسول الله، مرّتين، قال:
لا تقل عليك السّلام؛ فإنّ عليك السّلام تحيّة الميّت، قل: السّلام عليك. قال: قلت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: «أنا رسول الله الّذي إذا أصابك «7» ضرّ فدعوته كشفه عنك، وإن أصابك عام سنة «8» فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفراء أو فلاة «9» فضلّت راحلتك فدعوته ردّها عليك» . قلت: اعهد إليّ، قال:
لا تسبّنّ أحدا. قال: فما سببت بعده حرّا ولا عبدا ولا بعيرا ولا شاة، قال:«ولا تحقرنّ شيئا من المعروف، وأن تكلّم أخاك، وأنت منبسط إليه وجهك إنّ ذلك من المعروف. وارفع إزارك إلى نصف السّاق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإيّاك وإسبال الإزار، فإنّها من المخيلة «10» ، وإنّ الله لا يحبّ المخيلة. وإن امرؤ شتمك وعيّرك بما يعلم فيك فلا تعيّره بما تعلم فيه، فإنّما وبال ذلك عليه) * «11» .
8-
* (عن أنس- رضي الله عنه أنّ رجلا جاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو يخطب بالمدينة فقال: قحط المطر، فاستسق ربّك، فنظر إلى السّماء وما نرى من سحاب، فاستسقى، فنشأ السّحاب بعضه
(1) تطلّق: تهلّل واستبشر.
(2)
البخاري- الفتح 10 (6032) . ومسلم (2591) .
(3)
الترمذي (1970) وقال: حسن. وأصله عند البخاري. الفتح 10 (6021) . ومسلم (1005) .
(4)
طلق: سهل منبسط.
(5)
مسلم (2626) .
(6)
يصدر: يستمدون منه الرأي.
(7)
كل هذه الأوصاف عائدة إلى المضاف إليه (الله) في قوله: «أنا رسول الله» .
(8)
السنة: الجدب.
(9)
فلاة: الصحراء، والأرض الواسعة المقفرة.
(10)
المخيلة: الكبر.
(11)
أبو داود (4084) وذكره الألباني في صحيح أبي داود (2/ 769) وقال: صحيح.
إلى بعض، ثمّ مطروا حتّى سالت مثاعب «1» المدينة، فما زالت إلى الجمعة المقبلة ما تقلع ثمّ قام ذلك الرّجل، أو غيره- والنّبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: غرقنا، فادع ربّك يحبسها عنّا، فضحك ثمّ قال:«اللهمّ حوالينا ولا علينا» - مرّتين أو ثلاثا، فجعل السّحاب يتصدّع عن المدينة يمينا وشمالا يمطر ما حوالينا، ولا يمطر فيها شيء، يريهم الله كرامة نبيّه صلى الله عليه وسلم وإجابة دعوته) * «2» .
9-
* (عن كعب بن مالك- رضي الله عنه أنّه قال: لم أتخلّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها إلّا في غزوة تبوك
…
الحديث. وفيه: قال كعب: فلمّا سلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وهو يبرق وجهه من السّرور ويقول:«أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمّك» . قال فقلت: أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله؟ فقال:«لا، بل من عند الله» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سرّ استنار وجهه. كأنّ وجهه قطعة قمر. قال وكنّا نعرف ذلك. قال: فلمّا جلست بين يديه قلت
…
الحديث) * «3» .
10-
* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما قال: لمّا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطّائف قال: إنّا قافلون غدا إن شاء الله، فقال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نبرح أو نفتحها. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «فاغدوا على القتال. قال: فغدوا فقاتلوهم قتالا شديدا، وكثر فيهم الجراحات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّا قافلون غدا إن شاء الله. قال: فسكتوا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم * «4» .
11-
* (عن بريدة الأسلميّ- رضي الله عنه أنّه قال: إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان لا يتطيّر من شيء، وكان إذا بعث عاملا سأل عن اسمه. فإذا أعجبه اسمه فرح به ورؤي بشر ذلك في وجهه. وإذا دخل قرية سأل عن اسمها. فإن أعجبه اسمها فرح بها ورؤي بشر ذلك في وجهه. وإن كره اسمها رؤي كراهية ذلك في وجهه) * «5» .
12-
* (عن أبي طلحة الأنصاريّ- رضي الله عنه أنّه قال: جاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوما وهو يرى البشر في وجهه، فقيل: يا رسول الله، إنّا نرى في وجهك بشرا لم نكن نراه؟ قال: «أجل إنّ ملكا أتاني فقال لي: يا محمّد إنّ ربّك يقول لك: أما يرضيك أن لا يصلّي عليك أحد من أمّتك إلّا صلّيت عليه عشرا، ولا يسلّم عليك إلّا سلّمت عليه عشرا.. قال: قلت: بلى» ) * «6» .
13-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: أتى رجل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت، وقعت على أهلي في رمضان. قال:«أعتق رقبة» . قال: ليس لي.
(1) المثاعب: جمع مثعب- بفتح أوله وثالثه- وهو مسيل الماء.
(2)
البخاري- الفتح 10 (6093) . ومسلم (897) .
(3)
البخاري- الفتح 7 (4418) . ومسلم (2769) واللفظ له.
(4)
البخاري- الفتح 10 (6086) .
(5)
أبو داود (3920) وقال الألباني (2/ 742) : صحيح وهو في الصحيحة (2/ 401) برقم (762) ، وعزاه لابن حبان وتمام وغيرهما. وأحمد (5/ 347- 348) .
(6)
النسائي (3/ 44) . وقال الألباني (1/ 272) : حسن. والدارمي (2/ 408) رقم (2773) واللفظ له. وأحمد (3/ 332) .
قال: «فصم شهرين متتابعين» . قال: لا أستطيع.
قال: «فأطعم ستّين مسكينا» . قال: لا أجد. فأتي بعرق «1» فيه تمر. فقال: «أين السّائل؟ تصدّق بها» .
قال: على أفقر منّي؟ والله ما بين لابتيها «2» أهل بيت أفقر منّا. فضحك النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتّى بدت نواجذه، قال:«فأنتم إذا» ) * «3» .
14-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه أنّه قال: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا لأن أكون صاحبه أحبّ إليّ ممّا عدل به. أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا ولكنّا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك فرأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسرّه (يعني قوله)) * «4» .
15-
* (عن سعد بن أبي وقّاص- رضي الله عنه قال: استأذن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه عالية أصواتهنّ على صوت النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا استأذن عمر تبادرن الحجاب، فأذن له النّبيّ صلى الله عليه وسلم فدخل والنّبيّ صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال أضحك الله سنّك يا رسول الله، بأبي أنت وأمّي. فقال: «عجبت من هؤلاء اللّاتي كنّ عندي، لمّا سمعن صوتك تبادرن الحجاب» . فقال: أنت أحقّ أن يهبن يا رسول الله. ثمّ أقبل عليهنّ فقال: يا عدوّات أنفسهنّ، أتهبنني ولم تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلن: إنّك أفظّ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إيه يا ابن الخطّاب، والّذي نفسي بيده ما لقيك الشّيطان سالكا فجّا «5» إلّا سلك فجّا غير فجّك» ) * «6» .
16-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه أنّه قال: كان أبو بكر يصلّي لهم في وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الّذي توفّي فيه حتّى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصّلاة كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة فنظر إلينا وهو قائم كأنّ وجهه ورقة مصحف ثمّ تبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا. قال فبهتنا ونحن في الصّلاة من فرح بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصّفّ. وظنّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج للصّلاة فأشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن أتمّوا صلاتكم قال: ثمّ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرخى السّتر. قال فتوفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك) * «7» .
17-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما أنّه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود البشر فما هو إلّا أن
(1) عرق: هو المكتل ويقال إنه يسع خمسة عشر صاعا والصاع خمسة أرطال وثلث كما هو رأي الشافعي أو ثمانية كما هو قول أبي حنيفة.
(2)
لابتيها: اللابة: الأرض ذات الحجارة السود.
(3)
البخاري- الفتح 10 (6087) ، ومسلم (1111) .
(4)
البخاري- الفتح 7 (3952) .
(5)
فجا: الفجّ الطريق الواسع.
(6)
البخاري- الفتح 10 (6085)
(7)
البخاري- الفتح 2 (679) . ومسلم (419) واللفظ له.
يدخل شهر رمضان فيدارسه «1» جبريل صلى الله عليه وسلم فلهو أجود من الرّيح) * «2» .
18-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجرانيّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيّ فجبذ بردائه جبذة شديدة، قال أنس فنظرت إلى صفحة عاتق النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقد أثّرت فيها حاشية الرّداء من شدّة جبذته، ثمّ قال:
يا محمّد، مر لي من مال الله الّذي عندك. فالتفت إليه فضحك، ثمّ أمر له بعطاء) * «3» .
19-
* (عن عائشة- رضي الله عنها أنّ رفاعة القرظيّ طلّق امرأته فبتّ طلاقها «4» ، فتزوّجها بعده عبد الرّحمن بن الزّبير، فجاءت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إنّها كانت عند رفاعة فطلّقها ثلاث تطليقات، فتزوّجها بعده عبد الرّحمن بن الزّبير، وإنّه والله ما معه يا رسول الله إلّا مثل هذه الهدبة- لهدبة أخذتها من جلبابها- قال وأبو بكر جالس عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم وابن سعيد بن العاص جالس بباب الحجرة ليؤذن له، فطفق «5» خالد ينادي أبا بكر، يا أبا بكر ألا تزجر هذه عمّا تجهر به عند رسول الله؟ وما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التّبسّم، ثمّ قال: «لعلّك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتّى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» ) * «6» .
20-
* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه قال: لمّا اعتزل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم نساءه قال:
دخلت المسجد. فإذا النّاس ينكتون «7» بالحصى ويقولون: طلّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه
…
إلى أن قال:
ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب. فقلت يا رسول الله! ما يشقّ عليك من شأن النّساء؟ فإن كنت طلّقتهنّ؛ فإنّ الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك.
وقلّما تكلّمت، وأحمد الله بكلام إلّا رجوت أن يكون الله يصدّق قولي الّذي أقول. ونزلت هذه الاية: آية التّخيير: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ (التحريم/ 5) وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (التحريم/ 4) وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فقلت:
يا رسول الله، أطلّقتهنّ؟ قال «لا» قلت: يا رسول الله، إنّي دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى يقولون: طلّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. أفأنزل فأخبرهم أنّك لم تطلّقهنّ؟ قال: «نعم. إن شئت» فلم أزل أحدّثه حتّى تحسّر «8» الغضب عن وجهه.
(1) يدارسه: يذاكره ويقارئه.
(2)
أحمد (1/ 366- 367) رقم (3469) . وقال أحمد شاكر (5/ 157) : إسناده صحيح. وأصل الحديث في الصحيحين.
(3)
البخاري- الفتح 10 (6088) . ومسلم (1057) .
(4)
فبت طلاقها: طلقها من غير رجعة.
(5)
فطفق: فأنشأ.
(6)
البخاري- الفتح 10 (6084) .
(7)
ينكتون بالحصى: يضربون به الأرض كفعل المهموم المتفكر.
(8)
تحسّر: انكشف وزال.
وحتّى كشر «1» فضحك، وكان من أحسن النّاس ثغرا، ثمّ نزل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ونزلت. فنزلت أتشبّث «2» بالجذع ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنّما يمشي على الأرض ما يمسّه بيده. فقلت: يا رسول الله! إنّما كنت في الغرفة تسعة وعشرين. قال: «إنّ الشّهر يكون تسعا وعشرين» . فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي: لم يطلّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. ونزلت هذه الاية: وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (النساء/ 83) . فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر. وأنزل الله- عز وجل آية التّخيير) * «3» .
21-
* (عن جرير بن عبد الله البجليّ- رضي الله عنه أنّه قال: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلّا تبسّم في وجهي ولقد شكوت إليه أنّي لا أثبت على الخيل. فضرب بيده في صدري وقال: اللهمّ ثبّته واجعله هاديا مهديّا) * «4» .
22-
* (عن عديّ بن حاتم- رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فقال القوم: هذا عديّ بن حاتم وجئت بغير أمان ولا كتاب.
فلمّا دفعت إليه أخذ بيدي، وقد كان قال قبل ذلك «إنّي لأرجو أن يجعل الله يده في يدي» قال: فقام فلقيته امرأة وصبيّ معها فقالا: إنّ لنا إليك حاجة. فقام معهما حتّى قضى حاجتهما، ثمّ أخذ بيدي حتّى أتى بي داره، فألقت له الوليدة وسادة فجلس عليها، وجلست بين يديه، (فحمد الله وأثنى عليه)، ثمّ قال:«ما يفرّك «5» أن تقول لا إله إلّا الله. فهل تعلم من إله سوى الله؟» قال:
قلت لا، قال: ثمّ تكلّم ساعة ثمّ قال: «إنّما تفرّ أن تقول الله أكبر، أو تعلم أنّ شيئا أكبر من الله؟» قال:
قلت لا، قال «فإنّ اليهود مغضوب عليهم وإنّ النّصارى ضلّال» . قال: قلت: فإنّي جئت مسلما، قال:
فرأيت وجهه تبسّط فرحا. قال: ثمّ أمر بي فأنزلت عند رجل من الأنصار جعلت أغشاه آتيه طرفي النّهار، قال فبينا أنا عنده عشيّة إذ جاءه قوم في ثياب من الصّوف من هذه النّمار «6» قال: فصلّى وقام فحثّ عليهم ثمّ قال:
ولو صاع ولو بنصف صاع ولو بقبضة ولو ببعض قبضة يقي أحدكم وجهه حرّ جهنّم أو النّار ولو بتمرة ولو بشقّ تمرة، فإنّ أحدكم لاقي الله وقائل له ما أقول لكم: ألم أجعل لك سمعا وبصرا؟ فيقول: بلى، فيقول:
ألم أجعل لك مالا وولدا؟ فيقول: بلى. فيقول: أين ما قدّمت لنفسك؟ فينظر قدّامه وبعده، وعن يمينه وعن شماله، ثمّ لا يجد شيئا يقي به وجهه حرّ جهنّم. ليق أحدكم وجهه النّار ولو بشقّ تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيّبة فإنّي لا أخاف عليكم الفاقة، فإنّ الله ناصركم
(1) كشر: أبدى أسنانه تبسما ويقال أيضا في الغضب.
(2)
أتشبث: أستمسك.
(3)
البخاري- الفتح 9 (5191) . ومسلم (1479) .
(4)
البخاري- الفتح 6 (3035، 3036) . ومسلم (2475) .
(5)
ما يفرك: في الأصل: ما يفرّك بضم الياء وفتح الفاء وهو خطأ. والصواب: كسر الفاء. ما يفرّك أي يحملك على الفرار.
(6)
النمار: كل شملة مخططة من مآزر الأعراب كأنها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض.