الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في (البشارة)
1-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
أتى جبريل النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فقال: «يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك «1» معها إناء فيه إدام «2» أو طعام أو شراب. فإذا هي أتتك «3» فاقرأ عليها السلام من ربّها عز وجل ومنّي. وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب «4» لا صخب «5» فيه ولا نصب «6» » ) * «7» .
2-
* (عن عمرو بن عوف- رضي الله عنه:
أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجرّاح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمّر عليهم العلاء بن الحضرميّ، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدومه، فوافقت صلاة الصّبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا انصرف تعرّضوا له، فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم وقال:
«أظنّكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة وأنّه جاء بشيء» .
قالوا: أجل يا رسول الله قال: «فأبشروا وأمّلوا ما يسرّكم، فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدّنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها «8» كما تنافسوها، وتلهيكم كما ألهتهم» ) * «9» .
3-
* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه أنّه توضّأ في بيته ثمّ خرج، فقال: لألزمنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأكوننّ معه يومي هذا. قال فجاء المسجد فسأل عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: خرج ووجّه ههنا، فخرجت على إثره أسأل عنه حتّى دخل بئر أريس، فجلست عند الباب- وبابها من جريد- حتّى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته فتوضّأ، فقمت إليه، فإذا هو جالس على بئر أريس «10» وتوسّط قفّها «11» وكشف عن ساقيه ودلّاهما في البئر، فسلّمت عليه ثمّ انصرفت فجلست عند الباب. فقلت: لأكوننّ بوّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبو بكر فدفع الباب، فقلت: من هذا؟
فقال: أبو بكر. فقلت: على رسلك، ثمّ ذهبت فقلت: يا رسول الله، هذا أبو بكر يستأذن، فقال:
«ائذن له وبشّره بالجنّة» . فأقبلت حتّى قلت لأبي بكر:
ادخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشّرك بالجنّة. فدخل أبو بكر
(1) قد أتتك: معناه توجهت إليك.
(2)
الإدام: ما يؤتدم به تقول منه أدم الخبز باللحم من باب ضرب.
(3)
فإذا هي أتتك: أي وصلتك.
(4)
من قصب: المراد به قصب اللؤلؤ المجوف كالقصر المنيف.
(5)
صخب: هو الصوت المختلط المرتفع.
(6)
نصب: المشقة والتعب.
(7)
البخاري- الفتح 9 (3820) . ومسلم (2432) واللفظ له.
(8)
تنافس القوم في الشيء إذا رغبوا فيه، وقد حذفت التاء تخفيفا والأصل فتتنافسوها بمعنى تتنافسوا فيها.
(9)
البخاري- الفتح 11 (6425) وهذا لفظه. ومسلم (2961) .
(10)
أريس: بستان بالمدينة معروف. وهو بالقرب من قباء. وفي بئرها سقط خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من أصبع عثمان- رضي الله عنه.
(11)
توسط قفها: بضم القاف وتشديد الفاء هو الدكة التي تجعل حول البئر، وأصله ما غلظ من الأرض وارتفع، والجمع قفاف.
فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القفّ ودلّى رجليه في البئر كما صنع النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكشف عن ساقيه. ثمّ رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضّأ ويلحقني، فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا (يريد أخاه) يأت به. فإذا إنسان يحرّك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطّاب، فقلت على رسلك، ثمّ جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلّمت عليه فقلت: هذا عمر بن الخطّاب يستأذن. فقال: «ائذن له وبشّره بالجنّة» . فجئت فقلت: ادخل وبشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنّة. فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القفّ عن يساره ودلّى رجليه في البئر. ثمّ رجعت فجلست فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا يأت به، فجاء إنسان يحرّك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفّان، فقلت: على رسلك، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال:«ائذن له وبشّره بالجنّة على بلوى تصيبه» ، فجئته فقلت له: ادخل وبشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنّة على بلوى تصيبك. فدخل فوجد القفّ قد ملأ، فجلس وجاهه «1» من الشّقّ الاخر) * «2» .
4-
* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن. فقال:
«يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا. وتطاوعا «3» ولا تختلفا» ) * «4» .
5-
* (عن عمرو بن العاص- رضي الله عنه وهو في سياقة الموت- أنّه بكى طويلا وحوّل وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: يا أبتاه أما بشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ أما بشّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟
قال فأقبل بوجهه فقال: إنّ أفضل ما نعدّ شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله، إنّي قد كنت على أطباق ثلاث «5» لقد رأيتني وما أحد أشدّ بغضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم منّي ولا أحبّ إليّ أن أكون قد استمكنت منه فقتلته. فلو متّ على تلك الحال لكنت من أهل النّار. فلمّا جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال فقبضت يدي، قال:«مالك يا عمرو؟» قال: قلت: أردت أن أشترط، قال:«تشترط بماذا؟» قلت: أن يغفر لي، قال: «أما علمت أنّ الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأنّ الهجرة تهدم ما كان قبلها؟
وأنّ الحجّ يهدم ما كان قبله؟» وما كان أحد أحبّ إليّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجلّ في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عينيّ منه إجلالا له. ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأنّي لم أكن أملأ عينيّ منه. ولو متّ على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنّة. ثمّ ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها. فإذا أنا متّ فلا تصحبني نائحة ولا نار. فإذا دفنتموني فشنّوا «6» عليّ
(1) فجلس وجاهه: بضم الواو وبكسرها: أي مقابله.
(2)
البخاري- الفتح 7 (3674) واللفظ له. ومسلم (2403) .
(3)
تطاوعا: أي ليطع كل منكما الاخر.
(4)
البخاري- الفتح 6 (3038) . ومسلم (1733) واللفظ له.
(5)
كنت على أطباق ثلاث: أي على أحوال ثلاث.
(6)
شنّ التراب على الشيء: فرّقه عليه من كل وجه.
التّراب شنّا ثمّ أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها. حتّى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربّي) * «1» .
6-
* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما أنّ هذه الاية الّتي في القرآن: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً قال: في التّوراة:
7-
* (عن سهل بن الحنظليّة، أنّهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فأطنبوا السّير، حتّى كانت عشيّة، فحضرت الصّلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فارس فقال: يا رسول الله، إنّي انطلقت بين أيديكم حتّى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة آبائهم بظعنهم ونعمهم وشائهم اجتمعوا إلى حنين، فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله» ثمّ قال: «من يحرسنا اللّيلة؟» قال أنس بن أبي مرثد الغنويّ: أنا يا رسول الله، قال: «فاركب» فركب فرسا له، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (له) رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استقبل هذا الشّعب «3» حتّى تكون في أعلاه، ولا نغرّنّ «4» من قبلك اللّيلة» فلمّا أصبحنا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلّاه فركع ركعتين ثمّ قال:«هل أحسستم فارسكم؟» قالوا: يا رسول الله، ما أحسسناه، فثوّب بالصّلاة «5» ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي وهو يلتفت إلى الشّعب حتّى إذا قضى صلاته وسلّم قال:«أبشروا فقد جاءكم فارسكم» فجعلنا ننظر إلى خلال الشّجر في الشّعب فإذا هو قد جاء حتّى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلّم فقال: إنّي انطلقت حتّى كنت في أعلى هذا الشّعب حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا أصبحت اطّلعت الشّعبين كليهما فنظرت فلم أر أحدا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هل نزلت اللّيلة؟» قال: لا إلّا مصلّيا أو قاضيا حاجة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قد أوجبت «6» فلا عليك أن لا تعمل بعدها» ) * «7» .
8-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم. قال: «إذا اقترب الزّمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب؛ وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا؛ ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءا من النّبوّة. والرّؤيا ثلاثة: فرؤيا الصّالحة «8» بشرى من الله، ورؤيا
(1) مسلم (121) .
(2)
البخاري- الفتح 8 (4838) .
(3)
الشعب: الطريق بالجبل وجمعه شعاب.
(4)
لا نغرّن من قبلك الليلة: أي لا نؤخذ على غرة من الناحية التي أنت بها.
(5)
ثوّب بالصّلاة: أي أقيمت الصلاة.
(6)
أوجبت: أي لنفسك الجنة.
(7)
أبو داود (2501) ، وصححه الألباني (2183) .
(8)
فرؤيا الصالحة: قال القاضي: يحتمل أن يكون معنى الصالحة والحسنة حسن ظاهرها، ويحتمل أن المراد صحتها وهو من قبيل إضافة الموصوف إلى صفته.
تحزين من الشّيطان، ورؤيا ممّا يحدّث المرء نفسه. فإن رأى أحدكم ما يكره، فليقم فليصلّ، ولا يحدّث بها النّاس» ) * «1» .
9-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: «إنّ الدّين يسر ولن يشادّ الدّين أحد إلّا غلبه. فسدّدوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة «2» والرّوحة وشيء من الدّلجة «3» » ) * «4» .
10-
* (عن بريدة الأسلميّ- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «بشّر المشّائين في الظّلم إلى المساجد بالنّور التّامّ يوم القيامة» ) * «5» .
11-
* (عن أبيّ بن كعب- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «بشّر هذه الأمّة بالسّناء والرّفعة والنّصر والتّمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الاخرة للدّنيا لم يكن له في الاخرة نصيب» ) * «6» .
12-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: بينما جبريل قاعد عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم، سمع نقيضا من فوقه «7» . فرفع رأسه فقال: «هذا باب من السّماء فتح اليوم، لم يفتح قطّ إلّا اليوم» . فنزل منه ملك، فقال: «هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قطّ إلّا اليوم» ، فسلّم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبيّ قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلّا أعطيته» ) * «8» .
13-
* (عن أبي طلحة- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشرى في وجهه فقلنا: يا رسول الله إنّا لنرى البشرى في وجهك؟
فقال: «إنّه أتاني الملك فقال: يا محمّد إنّ ربّك يقول أما يرضيك أنّه لا يصلّي عليك أحد إلّا صلّيت عليه عشرا ولا يسلّم عليك أحد إلّا سلّمت عليه عشرا» ) * «9» .
14-
* (عن عمران بن حصين- رضي الله عنهما قال: جاء نفر من بني تميم إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «يا بني تميم أبشروا» . فقالوا: بشّرتنا فأعطنا. فتغيّر وجهه. فجاءه أهل اليمن، فقال:«يا أهل اليمن اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم» . قالوا: قبلنا. فأخذ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يحدّث بدء الخلق «10» والعرش، فجاء رجل
(1) البخاري- الفتح 12 (7017) . ومسلم (2263) واللفظ له.
(2)
الغدوة: السير أول النهار.
(3)
الدلجة: السير آخر الليل.
(4)
البخاري- الفتح 1 (39) .
(5)
أبو داود (561) وصححه الألباني (525) . والترمذي (1/ 223) . والبغوي في شرح السنة (2/ 358) وقال محققه: حديث صحيح له شواهد كثيرة بمعناه وصححه الألباني، صحيح الترمذي (185) .
(6)
المسند (5/ 134) . والحاكم (4/ 311) وصححه ووافقه الذهبي. وقال محقق جامع الأصول (9/ 203) : حديث صحيح. وشرح السنة (14/ 335) .
(7)
النقيض: الصوت، ونقيض المحامل صوتها ونقيض السقف تحريك خشبه.
(8)
مسلم (806) .
(9)
النسائي (3/ 44) . والحاكم في المستدرك (2/ 420) وصححه ووافقه الذهبي. وقال محقق جامع الأصول (4/ 405) : وللحديث شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن أو الصحيح.
(10)
يحدث بدء الخلق: بمعنى يتحدث عن بدء الخلق: والمعنى هنا من التحدث هو التحدث عن إلهام من الله عز وجل.
فقال: يا عمران راحلتك تفلّتت. ليتني لم أقم» ) * «1» .
15-
* (عن أبي هريرة وأبي سعيد- رضي الله عنهما قالا: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فقال:
16-
* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه قال:
خرجت ليلة من اللّيالي، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وحده. ليس معه إنسان. قال: فظننت أنّه يكره أن يمشي معه أحد. قال: فجعلت أمشي في ظلّ القمر.
فالتفت فرآني فقال: «من هذا؟» فقلت: أبو ذرّ.
جعلني الله فداءك. قال: «يا أبا ذرّ تعال» قال:
فمشيت معه ساعة. فقال: «إنّ المكثرين هم المقلّون يوم القيامة. إلّا من أعطاه الله خيرا. فنفح فيه يمينه وشماله، وبين يديه ووراءه، وعمل فيه خيرا» قال: فمشيت معه ساعة. فقال: «اجلس ههنا» قال:
فأجلسني في قاع حوله حجارة. فقال لي: «اجلس ههنا حتّى أرجع إليك» قال: فانطلق في الحرّة حتّى لا أراه. فلبث عنّي. فأطال اللّبث. ثمّ إنّي سمعته وهو مقبل وهو يقول: «وإن سرق وإن زنى» قال: فلمّا جاء لم أصبر فقلت: يا نبيّ الله جعلني الله فداءك.
من تكلّم في جانب الحرّة؟ ما سمعت أحدا يرجع إليك شيئا. قال: «ذاك جبريل. عرض لي في جانب الحرّة. فقال: بشّر أمّتك أنّه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنّة. فقلت: «يا جبريل وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم. قال: قلت: وإن سرق وإن زنى» ؟ قال: نعم. قال قلت: «وإن سرق وإن زنى؟ قال:
نعم. وإن شرب الخمر» ) * «3» .
17-
* (عن عائشة- رضي الله عنها زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ أنّها كانت تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سدّدوا وقاربوا، وأبشروا؛ فإنّه لن يدخل الجنّة أحدا عمله» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال:
«ولا أنا. إلّا أن يتغمّدني الله برحمة. واعلموا أنّ أحبّ العمل إلى الله أدومه وإن قلّ» ) * «4» .
18-
* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه قال:
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت الرّجل يعمل العمل من الخير ويحمده النّاس عليه؟ قال: «تلك عاجل بشرى المؤمن» ) * «5» .
19-
* (عن عائشة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قالت:
كان أوّل ما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرّؤيا
(1) البخاري- الفتح 6 (3190) .
(2)
النسائي (5/ 8) وقال محقق جامع الأصول (9/ 543) وقال محققه: حديث حسن.
(3)
البخاري- الفتح 11 (6443) . ومسلم (94) ص (687) كتاب الزكاة. باب الترغيب في الصدقة.
(4)
البخاري- الفتح 11 (6464) . ومسلم (2818) واللفظ له.
(5)
مسلم (2642) .
الصّادقة في النّوم. فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصّبح. ثمّ حبّب إليه الخلاء. فكان يخلو بغار حراء يتحنّث فيه (وهو التّعبّد)«1» اللّيالي أولات العدد. قبل أن يرجع إلى أهله، ويتزوّد لذلك، ثمّ يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها. حتّى فجئه الحقّ وهو في غار حراء، فجاء الملك فقال: اقرأ. قال: «ما أنا بقارئ» . قال: فأخذني فغطّني حتّى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني. فقال: اقرأ. قال: قلت: «ما أنا بقارى» .
قال: فأخذني فغطّني الثّانية حتّى بلغ منّي الجهد. ثمّ أرسلني. فقال: اقرأ. فقلت: «ما أنا بقارى» فأخذني فغطّني الثّالثة حتّى بلغ منّي الجهد. ثمّ أرسلني.
فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (العلق/ الاية 1- 5) .
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره حتّى دخل على خديجة فقال «زمّلوني زمّلوني فزمّلوه» حتّى ذهب عنه الرّوع. ثمّ قال لخديجة: «أي خديجة مالي؟» ، وأخبرها الخبر. قال:«لقد خشيت على نفسي» «2» قالت له خديجة: كلّا. أبشر. فو الله لا يخزيك الله أبدا. والله إنّك لتصل الرّحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضّيف، وتعين على نوائب الحقّ. فانطلقت به خديجة حتّى أتت به ورقة ابن نوفل بن أسد بن عبد العزّى، وهو ابن عمّ خديجة أخي أبيها، وكان امرأ تنصّر في الجاهليّة، وكان يكتب الكتاب العربيّ، ويكتب من الإنجيل بالعربيّة ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي. فقالت له خديجة: أي عمّ اسمع من ابن أخيك. قال ورقة بن نوفل: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رآه. فقال له ورقة: هذا النّاموس «3» الّذي أنزل على موسى صلى الله عليه وسلم، ياليتني فيها جذعا «4» ، يا ليتني أكون حيّا حين يخرجك قومك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أو مخرجيّ هم؟» قال ورقة: نعم، لم يأت رجل قطّ بما جئت به إلّا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا) * «5» .
20-
* (عن عائشة- رضي الله عنها زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه. فأيّتهنّ خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه. الحديث
…
وفيه: قالت، فلمّا سرّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يضحك، فكان
(1) التحنث: أي التحنف وهو العبادة على دين إبراهيم عليه السلام.
(2)
لقد خشيت على نفسي: والخشية هنا حملت على اثني عشر وجها، وقد اختار ابن حجر منها ثلاثة أوجه ورجحها، أولها خشية الموت من شدة الرعب، وثانيها خشية المرض وثالثها خشية استمرار المرض. الفتح- ج 1 ص 33.
(3)
هذا الناموس: هو جبريل عليه السلام. قال أهل اللغة وغريب الحديث: الناموس في اللغة صاحب سر الخير. يقال نمست السر أنمسه أي كتمته.
(4)
يا ليتني فيها جذعا: الضمير يعود إلى أيام النبوة ومدتها، وجذعا: يعني قويّا، حتى أبالغ في نصرك.
(5)
البخاري- الفتح 1 (3) . ومسلم (160) واللفظ له.
أوّل كلمة تكلّم بها أن قال: «أبشري يا عائشة أمّا الله فقد برّأك
…
الحديث) * «1» .
21-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم السّتارة والنّاس صفوف خلف أبي بكر فقال: «أيّها النّاس إنّه لم يبق من مبشّرات النّبوّة إلّا الرّؤيا الصّالحة يراها المسلم. أو ترى له، ألا وإنّي نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا. فأمّا الرّكوع فعظّموا فيه الرّبّ- عز وجل وأمّا السّجود فاجتهدوا في الدّعاء. فقمن «2» أن يستجاب لكم» ) * «3» .
22-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
كنت أدعو أمّي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أبكي، قلت: يا رسول الله إنّي كنت أدعو أمّي إلى الإسلام فتأبى عليّ فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره فادع الله أن يهدي أمّ أبي هريرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهمّ اهد أمّ أبي هريرة» ، فخرجت مستبشرا بدعوة نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا جئت فصرت إلى الباب، فإذا هو مجاف «4» فسمعت أمّي خشف قدميّ «5» ، فقالت مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء «6» . قال فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثمّ قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله. قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح. قال: قلت: يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أمّ أبي هريرة. فحمد الله وأثنى عليه وقال: «خيرا» . قال: قلت يا رسول الله ادع الله أن يحبّبني أنا وأمّي إلى عباده المؤمنين ويحبّبهم إلينا. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهمّ حبّب عبيدك هذا- يعني أبا هريرة- وأمّه إلى عبادك المؤمنين وحبّب إليهم المؤمنين» فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلّا أحبّني) * «7» .
23-
* (عن أبي موسى- رضي الله عنه قال:
كنت أنا وأصحابي، الّذين قدموا معي في السّفينة نزولا في بقيع بطحان «8» ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. فكان يتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند صلاة العشاء كلّ ليلة نفر منهم «9» . قال أبو موسى: فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأصحابي. وله بعض الشّغل في أمره، حتّى أعتم بالصّلاة. حتّى ابهارّ اللّيل «10» ثمّ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلّى بهم. فلمّا قضى صلاته قال لمن حضره:
«على رسلكم «11» . أعلمكم، وأبشروا أنّ من نعمة الله
(1) البخاري- الفتح 7 (4141) . مسلم (2770) .
(2)
فقمن: بفتح الميم وكسرها، ومعناه حقيق وجدير.
(3)
البخاري- الفتح 12 (6990) من حديث أبي هريرة، ومسلم (479) واللفظ له.
(4)
مجاف: مغلق.
(5)
خشف قدمي: أي صوتهما في الأرض.
(6)
خضخضة الماء: أي صوت تحريكه.
(7)
مسلم (2491) .
(8)
بقيع بطحان: البقيع من الأرض: المكان المتسع. وبطحان: موضع بعينه، واد بالمدينة.
(9)
يتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر منهم: أي إن جماعة من القوم كانوا يأخذون نوبتهم في الجلوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في ليلة فإذا كانت الليلة التالية جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة أخرى منهم وهكذا.
(10)
ابهار الليل: أي انتصف.
(11)
على رسلكم: أمر بالرفق والتأني.
عليكم أنّه ليس من النّاس أحد، يصلّي هذه السّاعة غيركم» أو قال:«ما صلّى هذه السّاعة أحد غيركم» .
قال أبو موسى: فرجعنا فرحين بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم * «1» .
24-
* (عن معاذ بن جبل- رضي الله عنه قال: كنت ردف «2» النّبيّ صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير.
فقال: «يا معاذ هل تدري حقّ الله على عباده وما حقّ العباد على الله؟» قلت: الله ورسوله أعلم. قال:
«فإنّ حقّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. وحقّ العباد على الله، أن لا يعذّب من لا يشرك به شيئا» . فقلت: يا رسول الله: أفلا أبشّر به النّاس.
قال: «لا تبشّرهم فيتّكلوا» ) * «3» .
25-
* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه قال: كنت عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجعرانة بين مكّة والمدينة. ومعه بلال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعرابيّ. فقال: ألا تنجز لي، يا محمّد ما وعدتني؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أبشر» . فقال له الأعرابيّ: أكثرت عليّ من أبشر. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي موسى وبلال، كهيئة الغضبان. فقال:«إنّ هذا قد ردّ البشرى. فاقبلا أنتما» . فقالا: قبلنا يا رسول الله. ثمّ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء.
فغسل يديه ووجهه فيه، ومجّ فيه. ثمّ قال:«اشربا منه. وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا» . فأخذا القدح. ففعلا ما أمرهما به رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادتهما أمّ سلمة من وراء السّتر: أفضلا لأمّكما ممّا في إنائكما.
فأفضلا لها منه طائفة) * «4» .
26-
* (عن المغيرة- رضي الله عنه قال:
قال سعد بن عبادة لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسّيف غير مصفح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «تعجبون من غيرة سعد، والله لأنا أغير منه، والله أغير منّي، ومن أجل غيرة الله حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحبّ إليه العذر «5» من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشّرين والمنذرين، ولا أحد أحبّ إليه المدحة من الله ومن أجل ذلك وعد الله الجنّة» ) * «6» .
27-
* (عن عبد الله الهوزنيّ؛ قال: لقيت بلالا مؤذّن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلب «7» ، فقلت: يا بلال، حدّثني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما كان له شيء، كنت أنا الّذي ألي ذلك منه منذ بعثه الله إلى أن توفّي، وكان إذا أتاه الإنسان مسلما فرآه عاريا يأمرني فأنطلق فأستقرض فأشتري له البردة فأكسوه وأطعمه، حتّى اعترضني رجل من المشركين
(1) البخاري- الفتح 2 (567) . مسلم (641) واللفظ له.
(2)
كنت ردف: الردف وهو الراكب خلف الراكب.
(3)
البخاري- الفتح 6 (2856) واللفظ له. مسلم (30) .
(4)
مسلم (2497) .
(5)
العذر: والمعنى هنا التوبة والإنابة: وقال ابن عياض، المعنى بعث المرسلين للأعذار والإنذار لخلقه قبل أخذهم بالعقوبة.
(6)
البخاري- الفتح 13 (7416) واللفظ له. ومسلم (1499) .
(7)
حلب: مدينة بالشام.
فقال: يا بلال، إنّ عندي سعة فلا تستقرض من أحد إلّا منّي، ففعلت، فلمّا أن كان ذات يوم توضّأت ثمّ قمت لأؤذّن بالصّلاة، فإذا المشرك قد أقبل في عصابة من التّجّار، فلمّا (أن) رآني قال: يا حبشيّ؛ قلت:
يالبّاه، فتجهّمني وقال لي قولا غليظا، وقال لي:
أتدري كم بينك وبين الشّهر؟ قال: قلت: قريب، قال: إنّما بينك وبينه أربع، فاخذك بالّذي عليك فأردّك ترعى الغنم كما كنت قبل ذلك، فأخذ في نفسي ما يأخذ في أنفس النّاس، حتّى إذا صلّيت العتمة «1» رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فاستأذنت عليه، فأذن لي، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت (وأمّي) إنّ المشرك الّذي كنت أتديّن منه قال لي كذا وكذا، وليس عندك ما تقضي عنّي، ولا عندي، وهو فاضحي، فأذن لي أن آبق «2» إلى بعض هؤلاء الأحياء الّذين قد أسلموا حتّى يرزق الله رسوله صلى الله عليه وسلم ما يقضي عنّي، فخرجت حتّى إذا أتيت منزلي فجعلت سيفي وجرابي ونعلي ومجنّي عند رأسي، حتّى إذا انشقّ عمود الصّبح الأوّل أردت أن أنطلق فإذا إنسان يسعى يدعو: يا بلال، أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت حتّى أتيته، فإذا أربع ركائب مناخات عليهنّ أحمالهنّ، فاستأذنت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشر فقد جاءك الله بقضائك «3» ، ثمّ قال:«ألم تر الرّكائب المناخات الأربع؟» فقلت: بلى، فقال:«إنّ لك رقابهنّ وما عليهنّ فإنّ عليهنّ كسوة وطعاما أهداهنّ إليّ عظيم فدك «4» ، فاقبضهنّ واقض دينك» ففعلت، فذكر الحديث، ثمّ انطلقت إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في المسجد، فسلّمت عليه فقال:«ما فعل ما قبلك؟» قلت: قد قضى الله كلّ شيء كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق شيء، قال:«أفضل شيء؟» قلت: نعم، قال:«انظر أن تريحني منه، فإنّي لست بداخل على أحد من أهلي حتّى تريحني منه» فلمّا صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة دعاني فقال: «ما فعل الّذي قبلك» قال: قلت: هو معي لم يأتنا أحد، فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وقصّ الحديث، حتّى إذا صلّى العتمة يعني من الغد دعاني قال:«ما فعل الّذي قبلك؟» قال: قلت: قد أراحك الله منه يا رسول الله، فكبّر وحمد الله شفقا من أن يدركه الموت وعنده ذلك، ثمّ اتّبعته حتّى (إذا) جاء أزواجه فسلّم عليهنّ امرأة امرأة، حتّى أتى مبيته، فهذا الّذي سألتني عنه) * «5» .
28-
* (عن كعب بن مالك- رضي الله عنه قال: لم أتخلّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قطّ. إلّا في غزوة تبوك
…
الحديث وفيه: فبينا أنا جالس على الحال الّتي ذكر الله- عز وجل منّا. قد
(1) العتمة: الظلمة من الليل وتطلق على صلاة العشاء؛ لأنها تكون في وقت العتمة فسميت صلاة العتمة نسبة للوقت.
(2)
أبق العبد: أي هرب العبد.
(3)
قضاءك: القضاء أصله القطع والفصل، وقضاء الشيء إحكامه وإقصاؤه والفراغ منه،
(4)
فدك: قرية بشمال الحجاز قرب خيبر، انتصر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا قتال إذ أنّه نصر بالرعب.
(5)
أبو داود (3055) وصححه الألباني (2628) .
ضاقت عليّ نفسي وضاقت عليّ الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع «1» يقول، بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر. قال فخررت ساجدا، وعرفت أن قد جاء فرج، قال فاذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا، حين صلّى صلاة الفجر فذهب النّاس يبشّروننا. فذهب قبل صاحبيّ مبشّرون، وركض رجل إليّ فرسا، وسعى ساع من أسلم «2» قبلي، وأوفى الجبل، فكان الصّوت أسرع من الفرس فلمّا جاءني الّذي سمعت صوته يبشّرني. فنزعت له ثوبيّ فكسوتهما إيّاه ببشارته. والله ما أملك غيرهما يومئذ.
واستعرت ثوبين فلبستهما، فانطلقت أتأمّم «3» رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقّاني النّاس فوجا فوجا، يهنّئوني بالتّوبة ويقولون: لتهنئك توبة الله عليك. حتّى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحوله النّاس، فقام طلحة ابن عبيد الله يهرول حتّى صافحني وهنّأني، والله ما قام رجل من المهاجرين غيره، قال فكان كعب لا ينساها لطلحة. قال كعب: فلمّا سلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وهو يبرق وجهه من السّرور ويقول:«أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمّك» قال فقلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ فقال «لا. بل من عند الله» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سرّ استنار وجهه، كأنّ وجهه قطعة قمر. قال وكنّا نعرف ذلك) * «4» .
29-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنّه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال أوّلهم: أيّهم هو؟ فقال أوسطهم: هو خيرهم، فقال أحدهم: خذوا خيرهم، فكانت تلك اللّيلة فلم يرهم حتّى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم، فلم يكلّموه حتّى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم، فتولّاه منهم جبريل فشقّ جبريل ما بين نحره إلى لبّته حتّى فرغ من صدره وجوفه، فغسله من ماء زمزم بيده حتّى أنقى جوفه ثمّ أتى بطست من ذهب فيه تور من ذهب «5» محشوّا إيمانا وحكمة، فحشا به صدره ولغاديده يعني عروق حلقه ثمّ أطبقه، ثمّ عرج به إلى السّماء الدّنيا فضرب بابا من أبوابها فناداه أهل السّماء، من هذا؟ فقال: جبريل، قالوا: ومن معك؟ قال: معي محمّد، قال: وقد بعث؟
قال: نعم، قالوا: فمرحبا به وأهلا، فيستبشر به أهل السّماء
…
الحديث) * «6» .
30-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن
(1) أوفى على سلع: أي صعده وارتفع عليه. وسلع جبل بالمدينة معروف.
(2)
ساع من أسلم: أي من قبيلة أسلم.
(3)
أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي أقصد إليه.
(4)
البخاري- الفتح 7 (4418) ومسلم (2769) واللفظ له.
(5)
تور من ذهب: إناء كبير من ذهب.
(6)
البخاري- الفتح 13 (7517) واللفظ له. ومسلم (164) .
النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ما أهلّ مهلّ قطّ إلّا بشّر» قيل:
يا رسول الله بالجنّة؟ قال: «نعم» ) * «1» .
31-
* (عن عبادة بن الصّامت- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. قالت عائشة أو بعض أزواجه: إنّا لنكره الموت. قال: «ليس ذلك، ولكنّ المؤمن إذا حضره الموت بشّر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحبّ إليه ممّا أمامه، فأحبّ لقاء الله وأحبّ الله لقاءه، وإنّ الكافر إذا حضر بشّر بعذاب الله وعقوبته، فليس شيء أكره إليه ممّا أمامه.
فكره لقاء الله وكره الله لقاءه» ) * «2» .
32-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «الميّت تحضره الملائكة. فإذا كان الرّجل صالحا، قالوا: اخرجي أيّتها النّفس الطّيّبة كانت في الجسد الطّيّب، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان وربّ غير غضبان فلا يزال يقال لها، حتّى تخرج. ثمّ يعرج بها إلى السّماء. فيفتح لها. فيقال:
من هذا؟ فيقولون فلان. فيقال: مرحبا بالنّفس الطّيّبة، كانت في الجسد الطّيّب. ادخلي حميدة، وأبشري بروح وريحان وربّ غير غضبان. فلا يزال يقال لها ذلك حتّى ينتهى بها إلى السّماء الّتي فيها الله عز وجل. وإذا كان الرّجل السّوء قال: اخرجي أيّتها النّفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة، وأبشري بحميم وغسّاق وآخر من شكله أزواج. فلا يزال يقال لها ذلك حتّى تخرج، ثمّ يعرج بها إلى السّماء، فلا يفتح لها. فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان. فيقال: لا مرحبا بالنّفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث. ارجعي ذميمة، فإنّها لا تفتح لك أبواب السّماء، فيرسل بها من السّماء، ثمّ تصير إلى القبر» ) * «3» .
33-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يجمع الله النّاس يوم القيامة في صعيد واحد ثمّ يطلع عليهم ربّ العالمين فيقول:
ألا يتبع كلّ إنسان ما كانوا يعبدون، فيمثّل لصاحب الصّليب صليبه، ولصاحب التّصاوير تصاويره، ولصاحب النّار ناره، فيتبعون ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون فيطلع عليهم ربّ العالمين، فيقول:
ألا تتّبعون النّاس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك، نعوذ بالله منك، الله ربّنا، وهذا مكاننا حتّى نرى ربّنا وهو يأمرهم ويثبّتهم، ثمّ يتوارى ثمّ يطلع فيقول: ألا تتّبعون النّاس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك، نعوذ بالله منك الله ربّنا، وهذا مكاننا حتّى نرى ربّنا وهو يأمرهم ويثبّتهم، قالوا: وهل نراه يا رسول الله؟ قال: «وهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر؟» قالوا: لا يا رسول الله، قال: «فإنّكم لا تضارّون في رؤيته تلك
(1) قال الحافظ الدمياطي: رواه الطبراني بإسناد جيد. انظر المتجر الرابح (ص 298) ، وراجع الصحيحة (1621) .
(2)
البخاري- الفتح 11 (6507) واللفظ له. ومسلم (2683) .
(3)
النسائي (4/ 8) . وابن ماجة (4262) واللفظ له. وصححه الألباني. صحيح سنن الترمذي (3437) .
السّاعة، ثمّ يتوارى ثمّ يطلع فيعرّفهم نفسه، ثمّ يقول: أنا ربّكم فاتّبعوني فيقوم المسلمون، ويوضع الصّراط، فيمرّون عليه مثل جياد الخيل والرّكاب «1» وقولهم عليه سلّم سلّم، ويبقى أهل النّار فيطرح منهم فيها فوج، ثمّ يقال هل امتلأت؟ فتقول هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ثمّ يطرح فيها فوج، فيقال: هل امتلأت، فتقول هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حتّى إذا أوعبوا فيها «2» وضع الرّحمن قدمه فيها وأزوى بعضها إلى بعض، ثمّ قال:
قط، قالت: قط قط «3» . فإذا أدخل الله أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار، قال: أتي بالموت ملبّيا، فيوقف على السّور الّذي بين أهل الجنّة وأهل النّار، ثمّ يقال: يا أهل الجنّة، فيطّلعون خائفين، ثمّ يقال: يا أهل النّار: فيطّلعون مستبشرين يرجون الشّفاعة، فيقال لأهل الجنّة وأهل النّار: هل تعرفون هذا؟
فيقولون (هؤلاء وهؤلاء) : قد عرفناه، هو الموت الّذي وكّل بنا، فيضجع فيذبح ذبحا على السّور الّذي بين الجنّة والنّار، ثمّ يقال: يا أهل الجنّة خلود لا موت، ويا أهل النّار خلود لا موت» ) * «4» .
34-
* (عن أبي سعيد- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله يا آدم، فيقول:
لبّيك وسعديك، والخير في يديك، قال يقول: أخرج بعث النّار، قال: وما بعث النّار؟ قال: من كلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، فذاك حين يشيب الصّغير، وتضع كلّ ذات حمل حملها، وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب الله شديد. فاشتدّ ذلك عليهم فقالوا: يا رسول الله أيّنا ذلك الرّجل؟ قال:
(1) الركاب: هي الرواحل من الإبل.
(2)
حتى إذا أوعبوا فيها: حتى جاءوا جميعا ولم يتخلف منهم أحد. النهاية ج 5 ص 206.
(3)
قط: بمعنى حسب أو كفى.
(4)
البخاري- الفتح 8 (4730) . ومسلم (2849) . والترمذي (4/ 2557) واللفظ له. وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(5)
الرقمة: الرقمة في الأصل هي النقش على القماش، وهي هنا: الهنة القاتمة في ذراع الدابة من داخل، وهما رقمتان في ذراعيها. النهاية ج 2 ص 254.
(6)
البخاري- الفتح 11 (6530) . ومسلم (222) .