الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الإنصاف)
9-
* (عن المسور بن مخرمة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: إنّ بني هشام بن المغيرة استأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم عليّ بن أبي طالب: فلا آذن، ثمّ لا آذن، ثمّ لا آذن، إلّا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلّق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنّما هي بضعة منّي يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها «1» .
وقد ترجم الإمام البخاريّ لهذا الحديث بقوله:
باب ذبّ الرّجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف قال ابن حجر: أي في دفع الغيرة عنها والإنصاف لها) * «2» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الإنصاف)
1-
* (قال عمّار بن ياسر- رضي الله عنهما ثلاث من جمعهنّ فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السّلام للعالم والإنفاق من الإقتار) * «3» .
2-
* (قال ابن القيّم: كيف ينصف الخلق من لم ينصف الخالق؟ جاء في أثر إلهيّ يقول الله عز وجل:
3-
* (وقال ابن القيّم أيضا: وجاء في أثر آخر: «ابن آدم ما أنصفتني، خلقتك وتعبد غيري، وأرزقك وتشكر سواي» ) * «5» .
4-
* (سمعت عائشة- رضي الله عنها عروة ابن الزّبير يسبّ حسّان بن ثابت، وكان ممّن خاض في حديث الإفك.. فقالت- رضي الله عنها: «يا ابن أختي دعه، فإنّه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم» ) * «6» .
5-
* (وقال عروة: كانت عائشة تكره أن يسبّ عندها حسّان وتقول، إنّه الّذي قال:
فإنّ أبي ووالده وعرضي
…
لعرض محمّد منكم وقاء)
* «7» .
6-
* (عن عاصم بن كليب عن أبيه قال انتهينا إلى عليّ- رضي الله عنه فذكر عائشة فقال:
خليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الذّهبيّ: هذا يقوله أمير المؤمنين في حقّ عائشة مع ما وقع بينهما) * «8» .
(1) البخاري- الفتح 9 (5230) .
(2)
فتح الباري (9/ 238) .
(3)
البخاري- الفتح (1/ 103) .
(4)
زاد المعاد (2/ 409) .
(5)
المرجع السابق (2/ 410) ، وقال محققا «زاد المعاد» رواه الديلمي والرافعي عن علي رضي الله عنه ثم ذكرا أنه لا يصح.
(6)
البخاري 7 (4145) ، ومسلم (2487) واللفظ له.
(7)
البخاري 7 (4141) ، ومسلم (2770) واللفظ له.
(8)
نزهة الفضلاء (1/ 129) ، ووجه الانصاف هنا هو أن الخصومة بين علي وعائشة- رضوان الله عليهما- لم تمنع أمير المؤمنين من انصاف عائشة المتمثل في وصفها بأحب ما توصف به أمهات المؤمنين.
7-
* (عن عبد الرحمن بن شماسة قال: دخلت على عائشة، فقالت: ممّن أنت؟ قلت: من أهل مصر، قالت: كيف وجدتم ابن حديج «1» في غزاتكم هذه؟
قلت: خير أمير، ما يقف لرجل منّا فرس ولا بعير إلّا أبدله مكانه بعيرا، ولا غلام إلّا أبدل مكانه غلاما، قالت: إنّه لا يمنعني قتله أخي أن أحدّثكم ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنّي سمعته يقول: اللهمّ من ولي من أمر أمّتي شيئا فرفق بهم فارفق به، ومن شقّ عليهم فاشقق عليه) * «2» .
8-
* (عن ابن أبي زائدة قال: سمعت عامرا يقول: تزوّج عليّ (بن أبي طالب) رضي الله عنه أسماء بنت عميس، فتفاخر ابناها: محمّد بن أبي بكر، ومحمّد بن جعفر (الطّيّار) ، فقال كلّ منهما أنا أكرم منك وأبي خير من أبيك. فقال لها عليّ كرّم- الله وجهه- اقض بينهما. قالت- رضي الله عنها ما رأيت شابّا من العرب خيرا من جعفر، ولا رأيت كهلا خيرا من أبي بكر. فقال عليّ: ما تركت لنا شيئا، ولو قلت غير الّذي قلت لمقتّك. قالت: إنّ ثلاثة أنت أخسّهم خيار) * «3» .
9-
* (عن عروة بن الزّبير أنّه سأل عائشة عن قول الله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ
…
(النساء/ 3) قالت: يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حجر وليّها تشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها، فيريد وليّها أن يتزوّجها بغير أن يقسط في صداقها «4» ، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهنّ إلّا أن يقسطوا لهنّ، ويبلغوا بهنّ أعلى سنّتهنّ «5» من الصّداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النّساء سواهنّ.
قال عروة: قالت عائشة: ثمّ إنّ النّاس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فيهنّ فأنزل الله- عز وجل: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ (النساء/ 127) .
قالت: والّذي ذكر الله تعالى، أنّه يتلى عليكم في الكتاب، الآية الأولى الّتي قال الله فيها: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ (النساء/ 3) .
قالت عائشة: وقول الله في الآية الأخرى:
وترغبون أن تنكحوهنّ، رغبة أحدكم عن اليتيمة الّتي
(1) ابن حديج هو ابن نعيم الكندي كان عثمانيّا وكان من أخلص أتباع معاوية، وهو قاتل محمّد بن أبي بكر (أخي عائشة) .
(2)
نزهة الفضلاء 1/ 215، ووجه الانصاف هنا أن عائشة رضي الله عنها أشارت الى أن قاتل أخيها ممن دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يرفق الله بهم، ولم تمنعها كراهيته قتل أخيها على يديه من أن تنصفه بذكر بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم له.
(3)
نزهة الفضلاء 1/ 148، ووجه الانصاف هنا أنها أعطت زوجيها الراحلين: أبو بكر الصديق وجعفر بن أبي طالب حقهما أمام زوجها الثالث وهو عليّ كرم الله وجهه- ولم تمنع وفاة كل منهما أن يعطى حقه، وكان من انصاف علي- رضي الله عنهم أجمعين- أن أقرها على ما قالت رغما عن أنها لم تبق له (من المديح) شيئا، كما أنه لم يغضب عند ما ذكرت أنّه أقل الثلاثة رتبة وإن كانوا جميعا من الأخيار.
(4)
يقسط في صداقها: أي يعدل.
(5)
أعلى سنتهن: أي أعلى عادتهن في مهورهن ومهور أمثالهن.
تكون في حجره، حين تكون قليلة المال والجمال. فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النّساء إلّا بالقسط من أجل رغبتهم عنهنّ) * «1» .
10-
* (عن سعيد بن المسيّب أنّ رجلا من أهل الشّام يقال له ابن خيبري وجد مع امرأته رجلا فقتله، أو قتلهما معا، فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه، فكتب إلى أبي موسى
الأشعريّ يسأل له عليّ بن أبي طالب عن ذلك، فسأل أبو موسى عن ذلك عليّ بن أبي طالب فقال له عليّ: إنّ هذا شيء ما هو بأرضي. عزمت عليك لتخبرنّي. فقال له أبو موسى كتب إليّ معاوية بن أبي سفيان أن أسألك عن ذلك. فقال عليّ: أنا أبو حسن: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمّته «2» . وفيه: شهادة من معاوية بفقه وعلم عليّ رغم ما حدث بينهما) *.
11-
* (جاء رجل فوقع في عليّ وفي عمّار رضي الله عنهما عند عائشة، فقالت: أمّا عليّ فلست قائلة لك فيه شيئا، وأمّا عمّار فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يخيّر بين أمرين إلّا اختار أرشدهما» ) * «3» .
12-
* (خطب عمّار بن ياسر- رضي الله عنهما في أهل العراق- قبل وقعة الجمل- ليكفّهم عن الخروج مع أمّ المؤمنين عائشة- رضي الله عنها فقال: «والله إنّها لزوجة نبيّكم صلى الله عليه وسلم في الدّنيا والآخرة، ولكنّ الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إيّاه تطيعون أم هي» .
ومعلوم أن عمّارا كان في صفّ عليّ- رضي الله عنهما قال ابن هبيرة: «في هذا الحديث أنّ عمّارا كان صادق اللهجة، وكان لا تستخفّه الخصومة إلى أن ينتقص خصمه، فإنّه شهد لعائشة بالفضل التّام مع ما بينهما من الحرب» «4» .
قال ابن حجر: مراد عمّار بذلك أنّ الصّواب في تلك القصّة كان مع عليّ، وأنّ عائشة مع ذلك لم تخرج عن الإسلام ولا أن تكون زوجة النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الجنّة، فكان ذلك يعدّ من إنصاف عمّار وشدّة ورعه وتحرّيه قول الحقّ) * «5» .
13-
* (وقال خالد بن الوليد لعديّ بن زيد العباديّ- في الحوار الّذي دار بينهما-: ما أنتم؟
أعرب فما تنقمون من العرب؟ أو عجم فما تنقمون من الإنصاف والعدل؟ فقال له عديّ: بل عرب عاربة وأخرى متعرّبة) * «6» .
14-
* (عن سالم بن أبي حفصة: سألت أبا جعفر (أي الباقر) وابنه جعفرا عن أبي بكر وعمر،
(1) البخاري- الفتح 8 (4574) ، 9 (5092) ، ومسلم (3018) واللفظ له.
(2)
رواه مالك في الموطأ (460)، وقوله: ان لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته: أي يسلم الى أولياء المقتول يقتلونه قصاصا- وانظر/ الانصاف (60) .
(3)
مسند أحمد 6/ 113 واللفظ له، والترمذي رقم (3799) ، وابن ماجة (1/ 66) . ورد هذا الأثر شرحا للحديث الوارد ضمن سياق الأثر.
(4)
فتح الباري (13/ 59) .
(5)
المرجع السابق (13/ 58) .
(6)
تاريخ الأمم والملوك للطبري (3/ 361) .
فقالا لي: يا سالم، تولّهما وابرأ من عدوّهما، فإنّهما كانا إمامي هدى «1» .
وكان سالم فيه تشيّع ظاهر، ومع هذا فيبثّ هذا القول الحقّ. وإنّما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل. وكذلك ناقلها ابن فضيل شيعيّ ثقة) * «2» .
15-
* (قال حصين بن المنذر: صلّى الوليد الفجر أربعا وهو سكران ثمّ التفت، وقال: أزيدكم؟
فبلغ ذلك عثمان بن عفّان- رضي الله عنه فطلبه وحدّه) * «3» .
16-
* (قال عليّ بن أبي حملة: قدم علينا مسلم ابن يسار دمشق، فقلنا له: يا أبا عبد الله، لو علم الله أنّ بالعراق من هو أفضل منك لجاءنا به، فقال: كيف لو رأيتم عبد الله بن زيد أبا قلابة الجرميّ؟
قال: فما ذهبت الأيّام واللّيالي حتّى قدم علينا أبو قلابة) *.
17-
* (قال الإمام الشّافعيّ في الإمام أحمد رحمهما الله-: «خرجت من بغداد وما خلّفت بها أحدا أورع ولا أتقى ولا أفقه ولا أعلم من أحمد بن حنبل» ) * «4» .
18-
* (قال محمّد بن سيرين: «ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما رأيت وتكتم خيره» ) * «5» .
19-
* (وقال سفيان الثّوريّ- رحمه الله:
20-
* (قال الإمام الذّهبيّ في ترجمته لقتادة بن دعامة: «وكان من أوعية العلم، وممّن يضرب به المثل في قوّة الحفظ، وهو حجّة بالإجماع إذا بيّن السّماع، فإنّه مدلّس معروف بذلك، وكان يرى القدر- نسأل الله العفو- ومع هذا فما توقّف أحد في صدقه، وعدالته وحفظه، ولعلّ الله يعذر أمثاله ممّن تلبّس ببدعة يريد بها تعظيم الباري وتنزيهه، وبذل وسعه، والله حكم عدل لطيف بعباده، ولا يسأل عمّا يفعل. ثمّ إنّ الكبير من أئمّة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحرّيه للحقّ، واتّسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه واتّباعه، يغفر له زلله، ولا نضلّله ونطرحه وننسى محاسنه. نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ونرجو له التّوبة من ذلك» ) * «7» .
21-
* (قال ابن تيميّة- رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا
(1) نزهة الفضلاء (1/ 409) .
(2)
المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(3)
نزهة الفضلاء 1/ 292، ومعنى حدّه: أقام عليه الحدّ، وفي هذا من الإنصاف ما فيه، حيث لم تمنع قرابة الحاكم للوليد من اقامة الحد عليه، وقد كان الوليد أخا لعثمان من أمه.
(4)
غذاء الألباب شرح منظومة الآداب 1/ 299.
(5)
البدآية والنهاية لابن كثير 9/ 275 بواسطة انصاف أهل السنة والجماعة ص 89.
(6)
جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 2/ 162 بواسطة انصاف أهل السنة والجماعة ص 89.
(7)
نزهة الفضلاء 1/ 489، وانظر ترجمته لابن عبد البر القرطبي 3/ 1269 اذ يقول: «
…
ولكن إذا أخطأ إمام في اجتهاده، لا ينبغي لنا أن ننسى محاسنه، ونغطي معارفه، بل نستغفر له، ونعتذر عنه» .
اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى.. قال: «فنهى أن يحمل المؤمنين بغضهم للكفّار على ألّا يعدلوا، فكيف إذا كان البغض لفاسق أو مبتدع أو متأوّل من أهل الإيمان؟ فهو أولى أن يجب عليه ألّا يحمله ذلك على ألّا يعدل على مؤمن وإن كان ظالما له» ) * «1» .
22-
* (قال القرطبيّ- في قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ الآية:
في هذه الآية تشريف للنّبيّ صلى الله عليه وسلم وتكريم وتعظيم وتفويض إليه، وتقويم أيضا على الجادّة في الحكم، وتأنيب على ما رفع إليه من أمر بني أبيرق، وكانوا ثلاثة إخوة: بشر وبشير ومبشّر، وأسير بن عروة ابن عمّ لهم، نقبوا مشربة لرفاعة بن زيد في اللّيل، وسرقوا أدراعا له وطعاما، فعثر على ذلك.
وقيل: إنّ السّارق بشير وحده، وكان يكنى أبا طعمة، أخذ درعا، قيل: كان الدّرع في جراب فيه دقيق، فكان الدّقيق ينتثر من خرق في الجراب حتّى انتهى إلى داره، فجاء ابن أخي رفاعة واسمه قتادة بن النّعمان يشكوهم إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فجاء أسير بن عروة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنّ هؤلاء عمدوا إلى أهل بيت هم أهل صلاح ودين فأنّبوهم بالسّرقة ورموهم بها من غير بيّنة، وجعل يجادل عنهم حتّى غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتادة ورفاعة، فأنزل الله تعالى وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ
الآية، وأنزل الله تعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً
. وكان البريء الّذي رموه بالسّرقة لبيد بن سهل. وقيل: زيد بن السّمين، وقيل: رجل من الأنصار) * «2» .
23-
* (وقال القرطبيّ في قوله تعالى: وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً نهى الله- عز وجل رسوله عن عضد أهل التّهم والدّفاع عنهم بما يقوله خصمهم من الحجّة. وفي هذا دليل على أنّ النّيابة عن المبطل والمتّهم في الخصومة لا تجوز. فلا يجوز لأحد أن يخاصم عن أحد إلّا بعد أن يعلم أنّه محقّ) * «3» .
24-
* (قال ابن كثير في قوله تعالى:
…
وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى
…
أي: لا يحملنّكم بغض قوم على ترك العدل، فإنّ العدل واجب على كلّ أحد، في كلّ حال، وقد قال بعض السّلف: ما عاملت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه) * «4» .
25-
* (قال أبو عبيدة والفرّاء، في قوله تعالى:
وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا.. (المائدة/ 2) أي: لا يكسبنّكم بغض قوم أن تعتدوا الحقّ إلى الباطل، والعدل إلى الظّلم) * «5» .
26-
* (قال القرطبيّ في قوله تعالى: قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها
(1) الاستقامة (1/ 38) تحقيق د/ محمد رشاد سالم.
(2)
تفسير القرطبي (5/ 375، 376) .
(3)
المرجع السابق (5/ 377) .
(4)
تفسير ابن كثير (2/ 7) .
(5)
تفسير القرطبي (6/ 45) .
أَذِلَّةً (النمل/ 34) أهانوا شرفاءها لتستقيم لهم الأمور. فصدّق الله قولها (وكذلك يفعلون) . قال ابن الأنباريّ: قوله تعالى: وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً هذا وقف تامّ. فقال الله عز وجل تحقيقا لقولها وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ «1» ، قال الشّيخ ابن غازي: فعلى هذا يكون قوله تعالى: وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ من تصديق الله تعالى لقول ملكة سبأ وهي كافرة. وهذا غاية العدل والإنصاف) * «2» .
27-
* (قال القاسميّ في قوله تعالى: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.. الآية. قال:
في الآية بيان وجوب الحكم بالحقّ، وألّا يميل إلى أحد الخصمين لقرابة أو رجاء أو سبب يقتضي الميل) * «3» .
28-
* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت:
29-
* (قال الذّهبي: كان زياد معظّما للأحنف، فلمّا ولّي بعده ابنه عبيد الله تغيّر أمر الأحنف، وقدّم عليه من هو دونه، ثمّ وفد على معاوية في الأشراف، فقال لعبيد الله: أدخلهم عليّ على قدر مراتبهم. فأخّر الأحنف، فلمّا رآه معاوية أكرمه لمكان سيادته، وقال: إليّ يا أبا بحر، وأجلسه معه وأعرض عنهم، فأخذوا في شكر عبيد الله بن زياد، وسكت الأحنف، فقال له: لم لا تتكلّم؟ قال: إن تكلّمت خالفتهم. قال: اشهدوا أنّي قد عزلت عبيد الله. فلمّا خرجوا كان فيهم من يروم الإمارة. ثمّ أتوا معاوية بعد ثلاث، وذكر كلّ واحد شخصا، وتنازعوا، فقال معاوية: ما تقول يا أبا بحر؟ قال: إن ولّيت أحدا من أهل بيتك لم تجد مثل عبيد الله. فقال: قد أعدته. قال:
فخلا معاوية بعبيد الله، وقال: كيف ضيّعت مثل هذا الرّجل الّذي عزلك وأعادك وهو ساكت!؟. فلمّا رجع
(1) تفسير القرطبي (13/ 174) .
(2)
الإنصاف (18) .
(3)
محاسن التأويل (14/ 5095) بواسطة الإنصاف (22) .
(4)
وجه الإنصاف هنا أن ابن الدّغنّة وهو كافر قد أنصف أبا بكر وأقرته قريش على هذا الإنصاف مما يدل على أن التحلي بالإنصاف من الأمور التي يقرها الطبع السليم، وانظر في هذا الوجه من الإنصاف كتاب «الإنصاف» لأبي الحسن ساعد بن عمر بن غازي (49) .