الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (الحكمة)
14-
* (عن عديّ بن ثابت قال: حدّثنا سليمان بن صرد (رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال: استبّ رجلان عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم فغضب أحدهما فاشتدّ غضبه حتّى انتفخ وجهه وتغيّر. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّي لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الّذي يجد» ، فانطلق إليه الرّجل فأخبره بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقال:«تعوّذ بالله من الشّيطان» .
فقال: أترى بي بأس، أمجنون أنا؟، اذهب) * «1» .
15-
* (عن أسامة بن زيد- رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على إكاف «2» على قطيفة فدكيّة «3» ، وأردف أسامة وراءه، يعود سعد بن عبادة قبل وقعة بدر، فسار حتّى مرّ بمجلس فيه عبد الله بن أبيّ بن سلول، وذلك قبل أن يسلم عبد الله، وفي المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلمّا غشيت المجلس عجاجة «4» الدّابّة خمّر عبد الله بن أبيّ أنفه بردائه قال: لا تغبّروا علينا. فسلّم النّبيّ صلى الله عليه وسلم ووقف ونزل فدعاهم إلى الله، فقرأ عليهم القرآن. فقال له عبد الله بن أبيّ: يا أيّها المرء، إنّه لا أحسن ممّا تقول إن كان حقّا فلا تؤذنا به في مجالسنا، وارجع إلى رحلك فمن جاءك منّا فاقصص عليه. قال ابن رواحة: بلى يا رسول الله، فاغشنا به في مجالسنا فإنّا نحبّ ذلك. فاستبّ المسلمون والمشركون واليهود حتّى كادوا يتثاورون، فلم يزل النّبيّ صلى الله عليه وسلم يخفّضهم حتّى سكتوا، فركب النّبيّ صلى الله عليه وسلم دابّته حتّى دخل على سعد بن عبادة فقال له: «أي سعد، ألم تسمع ما قال أبو حباب» يريد عبد الله بن أبيّ، قال سعد: يا رسول الله اعف عنه واصفح، فلقد أعطاك الله ما أعطاك، ولقد اجتمع أهل هذه البحيرة على أن يتوّجوه فيعصّبوه، فلمّا ردّ ذلك بالحقّ الّذي أعطاك الله شرق بذلك، فذلك الّذي فعل به ما رأيت) * «5» .
16-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به: «لقيت موسى» قال: فنعته، فإذا رجل حسبته قال:«مضطرب رجل الرّأس «6» كأنّه من رجال شنوءة» . قال: «ولقيت عيسى» ، فنعته النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:«ربعة «7» أحمر، كأنّما خرج من ديماس- يعني الحمّام- ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به» . قال: «وأتيت بإناءين أحدهما فيه لبن والآخر فيه خمر، فقيل لي: خذ أيّهما شئت، فأخذت اللّبن فشربته، فقيل لي: هديت إلى الفطرة أو أصبت
(1) البخاري- الفتح 10 (6048) واللفظ له. ومسلم (2610) .
(2)
الإكاف: شيء يشدّ على الحمار فيركب عليه الراكب.
(3)
فدكيّة أي تنسب إلى فدك وهي بلدة بينها وبين المدينة يومان.
(4)
عجاجة الدابة: أي أثر غبار رجلها.
(5)
البخاري- الفتح 10 (5663) واللفظ له. ومسلم (1798) .
(6)
رجل الشعر والرأس: أي ليس شديد الجعودة وليس شديد السبوطة.
(7)
رجل ربعة: أي مربوع الخلق لا هو طويل ولا قصير.
الفطرة. أمّا إنّك لو أخذت الخمر غوت أمّتك» ) * «1» .
17-
* (
…
وجاء في حديث الإفك، أنّ عائشة- رضي الله عنها زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه. فأيّتهنّ خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه. قالت عائشة- رضي الله عنها: فأقرع بيننا في غزوة غزاها. فخرج فيها سهمي. فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك بعد ما أنزل الحجاب.. الحديث.
وفيه: ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث «2» الوحي. يستشيرهما في فراق أهله. قالت: فأمّا أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالّذي يعلم من براءة أهله، وبالّذي يعلم في نفسه لهم من الودّ. فقال: يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلّا خيرا. وأمّا عليّ بن أبي طالب فقال: لم يضيّق الله عليك والنّساء سواها كثير. وإن تسأل الجارية تصدقك.
قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: «أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟» . قالت له بريرة: والّذي بعثك بالحقّ إن رأيت عليها أمرا قطّ أغمصه عليها «3» ، أكثر من أنّها جارية حديثة السّنّ تنام عن عجين أهلها، فتأتي الدّاجن «4» فتأكله.
قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر. فاستعذر «5» من عبد الله بن أبيّ بن سلول. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: «يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي. فو الله ما علمت على أهلي إلّا خيرا. ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلّا خيرا. وما كان يدخل على أهلي إلّا معي» . فقام سعد ابن معاذ الأنصاريّ فقال: أنا أعذرك منه. يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه. وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك. قالت: فقام سعد بن عبادة، وهو سيّد الخزرج، وكان رجلا صالحا. ولكن اجتهلته الحميّة «6» . فقال لسعد بن معاذ: كذبت.
لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله. فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عمّ سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة: كذبت. لعمر الله لنقتلنّه. فإنّك منافق تجادل عن المنافقين. فثار الحيّان الأوس والخزرج «7» حتّى همّوا أن يقتتلوا. ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر. فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفّضهم حتّى سكتوا وسكت
…
الحديث) * «8» .
18-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلي كمثل
(1) البخاري- الفتح 6 (3437) . ومسلم (168) .
(2)
استلبث الوحي: أي أبطا ولبث ولم ينزل.
(3)
أغمصه عليها: أي أعيبها به.
(4)
الداجن: الشاة التي تألف البيت ولا تخرج للمرعى. ومعنى هذا الكلام أنه ليس فيها شيء مما تسألون عنه أصلا ولا فيها شيء من غيره، إلا نومها عن العجين.
(5)
استعذر: معناه: من يعذرني فيمن آذاني في أهلي، وقيل معناه من ينصرني. والعذير الناصر.
(6)
اجتهلته الحمية: أي أخفته وأغضبته وحملته على الجهل.
(7)
فثار الحيان الأوس والخزرج: أي تناهضوا للنزاع والعصبية.
(8)
البخاري- الفتح 7 (4141) . ومسلم (2770) واللفظ له.