الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخشية
الخشية لغة:
الخشية مصدر خشي وهو مأخوذ من مادّة (خ ش ي) الّتي تدلّ على خوف وذعر، وقد تستعمل مجازا في معنى العلم، قال الشّاعر:
ولقد خشيت بأنّ من تبع الهدى
…
سكن الجنان مع النّبيّ محمّد
وقال الرّاغب: الخشية هي خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، ولذلك خصّ العلماء بها في قوله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (فاطر/ 28)، وقوله سبحانه:
مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ (ق/ 33) ، أي لمن خاف خوفا اقتضاه معرفته بذلك من نفسه.
وقال ابن منظور: الخشية: الخوف. يقال خشي الرّجل يخشى خشية أي خاف. قال ابن برّيّ: ويقال في الخشية الخشاة، وقال الشّاعر:
كأغلب من أسود كراء ورد،
…
يردّ خشاية الرّجل الظّلوم
ويقال: هذا المكان أخشى من ذلك أي أشدّ الآيات الأحاديث الآثار
37 32 20
خوفا، وخاشى: فاعل من الخشية. وخاشيت فلانا:
تاركته. وخشّاه بالأمر تخشية أي خوّفه. يقال: خشيه يخشاه خشيا وخشية وخشاة ومخشاة ومخشية وخشيانا وتخشّاه كلاهما خافه وهو خاش وخش وخشيان، والأنثى خشيا وجمعهما معا خشايا. وقوله عز وجل:
فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (الكهف: 80) قال الفرّاء: معنى (فخشينا) أي فعلمنا، وقال الزّجّاج:
فخشينا من كلام الخضر، ومعناه: كرهنا، ولا يجوز أن يكون فخشينا عن الله «1» .
واصطلاحا:
الخشية: خوف يشوبه تعظيم «2» ، وقيل هي الخوف المقرون بإجلال. وقيل: هي تألّم القلب بسبب توقّع مكروه في المستقبل يكون تارة بكثرة الجناية من العبد، وتارة بمعرفة جلال الله وهيبته «3» .
الفرق بين الخشية والخوف:
قال الفيروز اباديّ: الخشية أخصّ من الخوف، فإنّ الخشية للعلماء بالله تعالى، فهي خوف مقرون بمعرفة، قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّي أتقاكم الله وأشدّكم له
(1) الصحاح للجوهري (6/ 2327) ، ولسان العرب لابن منظور (14/ 228، 229) ، ومقاييس اللغة لابن فارس (2/ 184) .
(2)
المفردات للراغب (149) .
(3)
التعريفات، للجرجاني (103) .
خشية» . فالخوف حركة، والخشية انجماع وانقباض وسكون. فالخوف لعامّة المؤمنين، والخشية للعلماء العارفين، والهيبة للمحبّين، والوجل للمقرّبين، وعلى قدر العلم والمعرفة تكون الخشية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، ولما تلذّذتم بالنّساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصّعدات تجأرون إلى الله تعالى» فصاحب الخوف يلتجأ إلى الهرب والإمساك، وصاحب الخشية يلتجأ إلى الاعتصام بالعلم، ومثلهما كمثل من لا علم له بالطّبّ ومثل الطّبيب الحاذق فالأوّل يلتجىء إلى الحمية والهرب، والطّبيب يلتجىء إلى معرفته بالأدوية والأدواء. وكلّ واحد إذا خفته هربت منه، إلّا الله، فإنّك إذا خفته هربت إليه فالخائف هارب من ربّه إلى ربّه «1» .
وقال الكفويّ: الخشية أشدّ من الخوف لأنّها مأخوذة من قولهم شجرة خاشية أي يابسة وهو موات بالكلّيّة، والخوف النّقص مطلقا من قولهم ناقة خوفاء أي بها داء وليس بفوات، ولذلك خصّت الخشية بالله في قوله: وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ (الرعد/ 21) والخشية تكون من عظم المخشيّ وإن كان الخاشي قويّا، والخوف يكون من ضعف الخائف وإن كان المخوف أمرا يسيرا.
وأيضا فإنّ أصل الخشية خوف مع تعظيم ولذلك خصّ بها العلماء في قوله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (فاطر: 28) على قراءة نصب لفظ الجلالة «2» .
[للاستزادة: انظر صفات: الرجاء- التقوى- الخشوع- الخوف- الرهبة- الورع- الإخبات- الإنابة.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: العصيان- الغرور- الفجور- الكبر والعجب- القسوة- الغفلة- الأمن من المكر] .
(1) انظر بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي (2/ 544- 546) ، ودليل الفالحين لابن علان (2/ 367) .
(2)
الكليات، للكفوي (2/ 302) .