الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخلق لغة:
الخلق اسم لسجيّة الإنسان وطبيعته الّتي خلق عليها، وهو مأخوذ من مادّة (خ ل ق) الّتي تدلّ على تقدير الشّيء، قال ابن فارس ومن هذا المعنى «الخلق» وهي السّجيّة لأنّ صاحبه قد قدّر عليه، وفلان خليق بكذا.
وأخلق به، أي ما أخلقه، أي هو ممّن يقدّر فيه ذلك، والخلاق النّصيب لأنّه قد قدّر لكلّ أحد نصيبه «1» . وقال الرّاغب: الخلق والخلق (والخلق) في الأصل واحد لكن خصّ الخلق بالهيئات والأشكال والصّور المدركة بالبصر، وخصّ الخلق بالقوى والسّجايا المدركة بالبصيرة، قال تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم/ 4) . والخلاق أيضا ما اكتسبه الإنسان من الفضيلة بخلقه، قال تعالى: وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ «2» ، والخليقة: الطّبيعة والجمع الخلائق. قال لبيد:
فاقنع بما قسم المليك فإنّما
…
قسم الخلائق بيننا علّامها
والخلقة بالكسر: الفطرة، ويقال: خلق فلان لذلك بالضّمّ كأنّه ممّن يقدّر فيه ذلك وترى فيه مخائله، والخلق والخلق السّجيّة، يقال: خالص المؤمن وخالق الفاجر» ويقال: فلان يتخلّق بغير خلقه أي يتكلّفه، قال الشّاعر:
يا أيّها المتحلّي غير شيمته
…
إنّ التّخلّق يأتي دونه الخلق «3»
الخلق اصطلاحا:
قال الماورديّ: الأخلاق: غرائز كامنة، تظهر بالاختيار، وتقهر بالاضطرار «4» .
وقال الجرجانيّ: الخلق عبارة عن هيئة للنّفس راسخة يصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر ورويّة، فإن كانت الهيئة بحيث يصدر عنها الأفعال الجميلة عقلا وشرعا بسهولة سمّيت الهيئة خلقا حسنا، وإن كان الصّادر منها الأفعال القبيحة سمّيت الهيئة الّتي هي مصدر ذلك خلقا سيّئا، وإنّما قلنا إنّه هيئة راسخة لأنّ من يصدر منه بذل المال على النّدور بحالة عارضة لا يقال خلقه السّخاء ما لم يثبت ذلك في نفسه «5» .
حسن الخلق اصطلاحا:
قال القزوينيّ- رحمه الله: ومعنى حسن الخلق: «سلامة النّفس نحو الأرفق الأحمد من الأفعال، وقد يكون ذلك في ذات الله تعالى، وقد يكون فيما بين النّاس» .
أمّا ما يتعلّق بذات الله- عز وجل فهو: «أن يكون العبد منشرح الصّدر بأوامر الله تعالى ونواهيه، يفعل ما فرض عليه، طيّب النّفس به، سلسا نحوه، وينتهي عمّا حرّم عليه، راضيا به، غير متضجّر منه،
(1) مقاييس اللغة (2/ 214) .
(2)
المفردات للراغب (158) .
(3)
الصحاح (4/ 1471) .
(4)
تسهيل النظر وتعجيل الظفر، للماوردي (5) .
(5)
التعريفات للجرجاني (104) ، إحياء علوم الدين (3/ 58) .
ويرغب في نوافل الخير، ويترك كثيرا من المباح لوجهه تعالى وتقدّس، إذا رأى أنّ تركه أقرب إلى العبوديّة من فعله مستبشرا لذلك، غير ضجر منه، ولا متعسّر به» .
وقال الماورديّ- رحمه الله: حسن الخلق، أن يكون سهل العريكة، ليّن الجانب، طلق الوجه، قليل النّفور، طيّب الكلمة «2» .
حقيقة حسن الخلق وأركانه:
وحقيقته أنّه لصورة الإنسان الباطنة وهي نفسه، وأوصافها ومعانيها المختصّة بها بمنزلة الخلق لصورتها الظّاهرة وأوصافها ومعانيها، ولها أوصاف حسنة وقبيحة.
والثّواب والعقاب يتعلّقان بأوصاف الصّورة الباطنة أكثر ممّا يتعلّقان بأوصاف الصّورة الظّاهرة، ولذا تكرّرت الأحاديث في مدح حسن الخلق وذمّ سوءه «3» .
وقال أحدهم: حسن الخلق قسمان: أحدهما مع الله- عز وجل وهو أن تعلم أنّ كلّ ما يكون منك يوجب عذرا، وأنّ كلّ ما يأتي من الله يوجب شكرا، فلا تزال شاكرا له معتذرا إليه سائرا إليه بين مطالعة منّته وشهود عيب نفسك وأعمالك.
والثّاني: حسن الخلق مع النّاس: وجماعه أمران: بذل المعروف قولا وفعلا، وكفّ الأذى قولا وفعلا. وهذا إنّما يقوم على أركان خمسة: العلم والجود
(1) مختصر شعب الايمان، للقزويني (116- 117) .
(2)
أدب الدنيا والدين، للماوردي (237) .
(3)
غذاء الألباب، شرح منظومة الآداب، لمحمد السافريني الحنبلي (1/ 353- 354) .
والصّبر وطيب العود وصحّة الإسلام:
(1)
أمّا العلم: فلأنّه يعرف معالي الأخلاق وسفاسفها فيمكنه أن يتّصف بهذا ويتحلّى به، ويترك هذا ويتخلّى عنه.
(2)
وأمّا الجود: فسماحة نفسه وبذلها وانقيادها لذلك، إذا أراده منها.
(3)
وأمّا الصّبر: فلأنّه إن لم يصبر على احتمال ذلك والقيام بأعبائه لم يتهيّأ له.
(4)
وأمّا طيب العود: فأن يكون الله تعالى خلقه على طبيعة منقادة سهلة الانقياد، وسريعة الاستجابة لداعي الخيرات.
(5)
وأمّا صحّة الإسلام: فهي جماع ذلك، والمصحّح لكلّ خلق حسن، فإنّه بحسب قوّة إيمانه وتصديقه بالجزاء، وحسن موعود الله وثوابه، يسهل عليه تحمّل ذلك ويلذّ له الاتّصاف به.
والله الموفّق والمعين «1» .
[للاستزادة: انظر صفات: الإسلام- الإحسان- الأدب- الألفة- البر- بر الوالدين- البشاشة- حسن السمت- حسن الظن- حسن العشرة- حسن المعاملة- الحياء- الصبر والمصابرة- الجود- العلم- الكلم الطيب- التواضع- الرضا- غض البصر.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإساءة- البذاءة- السفاهة- سوء الخلق- الفجور- سوء الظن- إطلاق البصر- الحقد- البخل- الحسد- البغض- النميمة- الاستهزاء- الاعوجاج- السخرية- سوء المعاملة- إطلاق البصر] .
(1) تهذيب السنن لابن القيم، شرح سنن أبي داود:(13/ 130) .