الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ألا أحدّثكم عنّي وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: بلى، قالت: لمّا كانت ليلتي الّتي كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيها عندي، انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه، فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه، فاضطجع، فلم يلبث إلّا ريثما ظنّ أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدا، وانتعل رويدا، وفتح الباب فخرج، ثمّ أجافه «1» رويدا فجعلت درعي في رأسي، واختمرت «2» وتقنّعت إزاري، ثمّ انطلقت على إثره، حتّى جاء البقيع، فقام، فأطال القيام، ثمّ رفع يديه ثلاث مرّات، ثمّ انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت «3» ، فسبقته فدخلت، فليس إلّا أن اضطجعت فدخل، فقال:«مالك؟ يا عائش! حشيا رابية! «4» » قالت: قلت لا شيء. قال:
«لتخبربني أو ليخبرنّي اللّطيف الخبير» ، قالت: قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمّي، فأخبرته. قال:«فأنت السّواد الّذي رأيت أمامي؟» قلت: نعم، فلهدني «5» في صدري لهدة أوجعتني. ثمّ قال:«أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟» قالت: مهما يكتم النّاس يعلمه الله. نعم، ثمّ قال: «فإنّ جبريل أتاني حين رأيت،
فناداني، فأخفاه منك فأجبته، فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك، وظننت أن قد رقدت، فكرهت أن أوقظك، وخشيت أن تستوحشي فقال: إنّ ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم» قالت: قلت: كيف أقول لهم؟ يا رسول الله!.
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (خفض الصوت)
1-
* (قال ابن مسعود- رضي الله عنه:
ينبغي لحامل القرآن أن يكون باكيا محزونا حكيما حليما سكينا، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيا ولا غافلا ولا صخّابا ولا صيّاحا ولا حديدا «7» ) * «8» .
2-
* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت:
قوله- عز وجل: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها (الإسراء/ 110) قالت: «أنزل ذلك في الدّعاء» ) * «9» .
(1) أجافه: أغلقه.
(2)
اختمرت: لبست خماري.
(3)
فأحضر فأحضرت: الإحضار: العدو، أي فعدا فعدوت فهو فوق الهرولة.
(4)
حشيا رابية: أي قد وقع عليها الحشا وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره.
(5)
لهدني: ضربني.
(6)
مسلم (974)
(7)
الحديد يعني الشديد الغليظ.
(8)
الفوائد (144) .
(9)
البخاري- الفتح 8 (4723) .
3-
* (عن السّائب بن يزيد- رضي الله عنه قال: كنت قائما في المسجد فحصبني «1» رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطّاب فقال: «اذهب فأتني بهذين» ، فجئته بهما، قال: «من أنتما- أو من أين أنتما؟» . قالا: من أهل الطّائف. قال: «لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم» ) * «2» .
4-
* (قال بعض الصّحابة في معنى قوله تعالى: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا (الإسراء/ 110) : «أي لا ترفع صوتك في دعائك فتذكر ذنوبك فتعيّر بها» ) * «3» .
5-
* (قال ابن زيد- رحمه الله: «لو كان رفع الصّوت خيرا ما جعله الله للحمير» ) * «4» .
6-
* (قال ابن قتيبة- رحمه الله تعالى-:
«عرّف لقمان ابنه قبح رفع الصّوت في المخاطبة والملاحاة بقبح أصوات الحمير» ) * «5» .
7-
* (قال المبرّد- رحمه الله تعالى-: «إنّ الجهر بالصّوت ليس بمحمود وإنّه داخل في باب الصّوت المنكر» ) * «6» .
8-
* (قال ابن كثير- رحمه الله تعالى- عند تفسير قوله تعالى: وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ (لقمان/ 19) : «أي لا تبالغ في الكلام ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه» ، ولهذا قال: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ، وقال مجاهد إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ:«أي غاية من رفع صوته أنّه يشبّه بالحمير في علوّه ورفعه، ومع هذا فهو بغيض إلى الله، والتّشبيه في هذا بالحمير يقتضي تحريمه وذمّه غاية الذّمّ» ) * «7» .
9-
* (عن مجاهد في قوله وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ (الحجرات/ 2) الآية، قال:«لا تنادوه نداء، ولكن قولوا قولا ليّنا يا رسول الله» ) * «8» .
10-
* (قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قوله تعالى وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا (الإسراء/ 110) قال: «أهل الكتاب يخافتون، ثمّ يجهر أحدهم بالحرف، فيصيح به، ويصيحون هم به وراءه، فنهاه أن يصيح كما يصيح هؤلاء، وأن يخافت كما يخافت القوم، ثمّ كان السّبيل الّذي بين ذلك الّذي سنّ له جبريل من الصّلاة» ) * «9» .
11-
* (عن محمّد بن سيرين قال: «نبّئت أنّ أبا بكر كان إذا صلّى فقرأ خفض صوته، وأنّ عمر كان يرفع صوته، فقيل لأبي بكر لم تصنع هذا؟ قال: أناجي ربّي- عز وجل وقد علم حاجتي، فقيل أحسنت، وقيل لعمر: لم تصنع هذا؟ قال: أطرد الشّيطان وأوقظ الوسنان. قيل: أحسنت. فلمّا نزلت
(1) حصبنى: أي رماني بالحصباء.
(2)
البخاري- الفتح 1 (470) .
(3)
فتح الباري (8/ 258) .
(4)
زاد المسير (6/ 323) .
(5)
المرجع السابق (6/ 323) .
(6)
المرجع السابق (6/ 323) .
(7)
التفسير (3/ 446) .
(8)
الدر المنثور (7/ 548) .
(9)
تفسير ابن كثير (3/ 69) .