الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«فأطعم وسقا «1» من تمر بين ستّين مسكينا» قلت:
والّذي بعثك بالحقّ لقد بتنا وحشين «2» ما لنا طعام قال: «فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك فأطعم ستّين مسكينا وسقا من تمر وكل أنت وعيالك بقيّتها» فرجعت إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضّيق وسوء الرّأي، ووجدت عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم السّعة وحسن الرّأي، وقد أمرني- أو أمر لي- بصدقتكم) * «3» .
22-
* (عن عروة بن الزّبير أنّ الزّبير كان يحدّث «أنّه خاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج «4» من الحرّة كانا يسقيان به كلاهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزّبير: «اسق يا زبير ثمّ أرسل إلى جارك» فغضب الأنصاري فقال: يا رسول الله أن كان ابن عمّتك «5» ، فتلوّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ قال: «اسق ثمّ احبس حتّى يبلغ الجدر» ، فاستوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ حقّه للزّبير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزّبير برأي سعة له وللأنصاريّ فلمّا أحفظ الأنصاريّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استوعى للزّبير حقّه في صريح الحكم، قال عروة قال الزّبير: ما أحسب هذه الآية نزلت إلّا في ذلك فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ (النساء/ 65)) * «6» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الحكم بما أنزل الله)
1-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما في قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (المائدة/ 44) قال: «من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقرّ به ولم يحكم فهو ظالم فاسق» ) * «7» .
2-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: «كان أبو برزة الأسلميّ كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه، فتنافر إليه ناس من المسلمين فأنزل الله قوله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ إلى قوله إِحْساناً وَتَوْفِيقاً (النساء/ 60- 62) » ) * «8» .
(1) الوسق: ستون صاعا، والصاع: أربعة أمداد، والمد، رطل وثلث بالعراقي أو رطلان.
(2)
وحشين: جائعين.
(3)
أبو داود (2213) واللفظ له، وابن ماجه (2062) ، والترمذي (1200) ، وابن خزيمة (2378) والدارمي (2273)، وجامع الأصول (7/ 647) وقال محققه: حديث حسن.
(4)
الشراج: سيل الماء.
(5)
أي فعلت هذا لكونه ابن عمتك.
(6)
البخاري- الفتح 5 (2708) واللفظ له، ومسلم (2357) .
(7)
تفسير الطبري (6/ 166) .
(8)
المرجع السابق (6/ 166) .
3-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما في قوله تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ قال: الطّاغوت «رجل من اليهود كان يقال له: كعب ابن الأشرف وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرّسول ليحكم بينهم قالوا: بل يحاكمهم إلى كعب، فذلك قوله (يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت) * «1» .
4-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: كان قريظة والنّضير، وكان النّضير أشرف من قريظة. فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النّضير قتل به، وإذا قتل رجل من النّضير رجلا من قريظة فودي بمائة وسق من تمر، فلمّا بعث النّبيّ صلى الله عليه وسلم قتل رجل من النّضير رجلا من قريظة، فقالوا: ادفعوه إلينا نقتله، فقالوا بيننا وبينكم النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأتوه فنزلت وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (المائدة: 42) والقسط النّفس بالنّفس ثمّ نزلت: أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ (المائدة/ 50) * «2» .
5-
* (عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما أنّه قال: ما ظهر الغلول «3» في قوم قطّ إلّا ألقي في قلوبهم الرّعب، ولا فشا الزّنى في قوم قطّ إلا كثر فيهم الموت. ولا نقص قوم المكيال والميزان إلّا قطع عنهم الرّزق، ولا حكم قوم بغير الحقّ إلا فشا فيهم الدّم، ولا ختر «4» قوم بالعهد إلّا سلّط الله عليهم العدوّ) * «5» .
6-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ (النساء/ 19) ، وذلك أنّ الرّجل كان يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها حتّى تموت أو تردّ إليه صداقها، فنهى الله عن ذلك) * «6» .
7-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: نسخت من هذه السّورة فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ قال: فكان مخيّرا حتّى أنزل الله وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بينهم بما في كتاب الله) * «7» .
8-
* (قال رجل لابن عبّاس- رضي الله عنهما في هذه الآيات: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ، فمن فعل هذا فقد كفر، قال ابن عبّاس إذا فعل ذلك فهو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر وبكذا وبكذا
…
» ) * «8» .
9-
* (عن أنس- رضي الله عنه قال:
اشتكى سلمان. فعاده سعد فرآه يبكي. فقال له سعد:
ما يبكيك؟ يا أخي؛ أليس قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أليس؟ أليس؟ قال: سلمان: ما أبكي واحدة من اثنتين، ما أبكي ضنّا «9» للدّنيا ولا كراهية للآخرة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ عهدا. قال: وما عهد
(1) الدر المنثور (2/ 582) .
(2)
أبو داود (4494) واللفظ له، والنسائي (8/ 18- 19) .
(3)
الغلول: الخيانة في الغنيمة.
(4)
ختر: غدر وقيل هو أقبح الغدر.
(5)
الموطأ، كتاب الجهاد حديث (26) ص (267) .
(6)
أبو داود (2090) ، كتاب النكاح، باب إذا أنكح الوليان.
(7)
الدر المنثور (3/ 97) .
(8)
تفسير الطبري (6/ 166) .
(9)
ضنّا: أي بخلا بذهابها.
إليك؟ قال: عهد إليّ أنّه يكفي أحدكم مثل زاد الرّاكب. ولا أراني إلّا قد تعدّيت. وأمّا أنت يا سعد، فاتّق الله عند حكمك إذا حكمت، وعند قسمك إذا قسمت، وعند همّك إذا هممت) * «1» .
10-
* (عن عبيد الله بن أبي رافع، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ الحروريّة لمّا خرجت، وهو مع عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه قالوا: لا حكم إلّا لله.
قال عليّ: كلمة حقّ أريد بها باطل، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسا إنّي لأعرف صفتهم في هؤلاء، يقولون الحقّ بألسنتهم لا يجوز هذا منهم (وأشار إلى حلقه) من أبغض خلق الله إليه، منهم أسود إحدى يديه طبي شاة «2» أو حلمة ثدي» . فلمّا قتلهم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: انظروا. فنظروا فلم يجدوا شيئا فقال: ارجعوا فو الله ما كذبت ولا كذبت مرّتين أو ثلاثا. ثمّ وجدوه في خربة فأتوا به حتّى وضعوه بين يديه. قال عبيد الله. وأنا حاضر ذلك من أمرهم، وقول عليّ فيهم) * «3» .
11-
* (عن سعيد بن المسيّب- رحمه الله «أنّ مسلما ويهوديّا اختصما إلى عمر، فرأى الحقّ لليهوديّ فقضى له عمر به، فقال له اليهوديّ: لقد قضيت بالحقّ، فضربه عمر بالدّرّة، فقال: وما يدريك؟ فقال اليهوديّ: والله إنّا نجد في التّوراة أنّه ليس من قاض يقضي بالحقّ إلّا كان عن يمينه ملك وعن شماله ملك يسدّدانه، ويوفّقانه للحقّ، مادام مع الحقّ، فإذا ترك الحقّ عرجا وتركاه» ) * «4» .
12-
* (عن يحيى بن سعيد أنّ أبا الدّرداء كتب إلى سلمان الفارسيّ- رضي الله عنهما: أن هلمّ إلى الأرض المقدّسة، فكتب إليه سلمان: إنّ الأرض لا تقدّس أحدا. وإنّما يقدّس الإنسان عمله، وقد بلغني أنّك جعلت طبيبا تداوي. فإن كنت تبرأ فنعمّا لك، وإن كنت متطبّبا فاحذر أن تقتل إنسانا فتدخل النّار.
فكان أبو الدّرداء إذا قضى بين اثنين ثمّ أدبرا عنه نظر إليهما، فقال: متطبّب «5» والله، ارجعا إليّ، أعيدا عليّ قصّتكما) * «6» .
13-
* (أخرج عبد بن حميد عمّ سعيد بن جبير في أهل الذّمّة يرتفعون إلى حكّام المسلمين قال: يحكم بينهم بما أنزل الله) * «7» .
14-
* (سئل سعيد بن جبير عن هذه الآيات في المائدة وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ*
…
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ*
…
فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ. فقلت:
زعم قوم أنّها نزلت في بني إسرائيل ولم تنزل علينا،
(1) ابن ماجه (4104) كتاب الزهد.
(2)
طبي شاة: ضرع الشاة، وهو فيها مجاز وأصله للكلبة والسباع.
(3)
مسلم (157) كتاب الزكاة، باب (48) .
(4)
الموطأ (2/ 553) .
(5)
المتطبب: كناية عن القضاء والحكم بين الخصوم لأن القاضي بمنزلة الطبيب لإصلاح البدن.
(6)
الموطأ (2/ 769) . قال الزرقاني في «شرح الموطأ» : لكن أخرجه الدينوري في «المجالسة» من وجه آخر عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن هبيرة.
(7)
الدر المنثور، للسيوطي (3/ 48) .
قال: اقرأ ما قبلها واقرأ ما بعدها، فقرأت عليه فقال:
لا، بل نزلت علينا، ثمّ لقيت مقسما مولى ابن عبّاس فسألته عن هذه الآيات الّتي في المائدة، قلت: زعم قوم أنّها نزلت على بني إسرائيل ولم تنزل علينا قال: إنّه نزل على بني إسرائيل ونزل علينا وما نزل علينا وعليهم فهو لهم ولنا، ثمّ دخلت على عليّ بن الحسين فسألته عن هذه الآيات الّتي في المائدة، وحدّثته أنّي سألت عنها سعيد بن جبير ومقسما قال: فما قال مقسم؟
فأخبرته بما قال. قال: صدق، ولكنّه كفر ليس ككفر الشّرك، وفسق ليس كفسق الشّرك، وظلم ليس كظلم الشّرك فلقيت سعيد بن جبير فأخبرته بما قال، فقال سعيد بن جبير لابنه: كيف رأيته؟ لقد وجدت له فضلا عليك وعلى مقسم) * «1» .
15-
* (أخرج حميد عن قتادة في قوله تعالى أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ قال: «هذا في قتيل اليهود، (وأصله) أنّ أهل الجاهليّة كان يأكل شديدهم ضعيفهم وعزيزهم ذليلهم» ) * «2» .
16-
* (أخرج عبد الرّزاق وغيره عن النّخعيّ في قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ
…
الآيات.
قال: «نزلت الآيات في بني إسرائيل ورضي الله لهذه الأمّة بها» ) * «3» .
17-
* (أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم قال: «ذكرت هذه الآيات عند حذيفة وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ والظَّالِمُونَ، والْفاسِقُونَ فقال رجل: إنّ هذا في بني إسرائيل، قال: حذيفة: نعم الأخوّة لكم بنو إسرائيل أن كان لكم كلّ حلوة ولهم كلّ مرّة، كلّا، والله لتسلكنّ طريقهم قدر الشّراك» ) * «4» .
18-
* (روي عن الحسن في قوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ قال: «نزلت في اليهود وهي علينا واجبة» ) * «5» .
19-
* (عن أبي مجلز في قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ. فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (المائدة/ 44) قال: نعم. قالوا فهؤلاء يحكمون بما أنزل الله، قال: نعم. هو دينهم الّذي به يحكمون بما أنزل الله، قال: نعم، هو دينهم الّذي به يحكمون، والّذي به يتكلّمون، وإليه يدعون، فإذا تركوا فيه شيئا علموا أنّه جور منهم إنّما هذه اليهود والنّصارى والمشركون الّذين لا يحكمون بما أنزل الله» ) * «6» .
20-
* (عن الشّعبيّ قال: «آية فينا وآيتان في أهل الكتاب، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ فينا وفيهم» ) * «7» .
21-
* (عن الشّعبيّ قال: «كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة فجعل اليهوديّ يدعوه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنّه قد علم أنّه لا يأخذ
(1) الدر المنثور (3/ 88- 89) .
(2)
المرجع السابق (6/ 97) .
(3)
الدر المنثور للسيوطي (6/ 87) .
(4)
تفسير الطبري (6/ 164) .
(5)
الدر المنثور (6/ 88) .
(6)
المرجع السابق (6/ 88) .
(7)
تفسير الطبري (6/ 165) .
الرّشوة في الحكم، ثمّ اتّفقا على أن يتحاكما إلى كاهن في جهينة فنزلت الآية الكريمة أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ إلى قوله تعالى وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (النساء/ 60- 65) * «1» .
22-
* (عن طاوس في قوله تعالى:
فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ. قال: «كفر لا ينقل عن الملّة» ) * «2» .
23-
* (أخبر الثّوريّ عن منصور عن إبراهيم (النّخعيّ) قال: «نزلت هذه الآيات في بني إسرائيل ورضي لهذه الأمّة بها» ) * «3» .
24-
* (قال ابن كثير- رحمه الله في تفسير قوله تعالى فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ (المائدة/ 48) : أي فاحكم يا محمّد بين النّاس عربهم وعجمهم أمّيّهم وكتابيّهم بما أنزل الله إليك من هذا الكتاب العظيم وبما قرّره لك من حكم من قبلك من الأنبياء ولم ينسخه في شرعك) * «4» .
25-
* (قال ابن كثير- رحمه الله في تفسير قوله تعالى فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ (النساء/ 65) . يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدّسة أنّه لا يؤمن أحد حتّى يحكّم الرّسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحقّ الّذي يجب الانقياد له باطنا وظاهرا، ولهذا قال ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً أي إذا حكّموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا ممّا حكمت به وينقادون له في الظّاهر والباطن فيسلّمون لذلك تسليما كلّيّا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة) * «5» .
26-
* (قال الشّوكانيّ- رحمه الله في تفسير قوله تعالى ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ: إنّ الله سبحانه ضمّ إلى التّحكيم أمرا آخر، وهو عدم وجود حرج، أي حرج في صدورهم، فلا يكون مجرّد التّحكيم والإذعان كافيا حتّى يكون من صميم القلب عن رضا واطمئنان وانثلاج قلب وطيب نفس، ثمّ لم يكتف بهذا كلّه بل ضمّ إليه قوله وَيُسَلِّمُوا: أي يذعنوا وينقادوا ظاهرا وباطنا، ثمّ لم يكتف بذلك، بل ضمّ إليه المصدر المؤكّد فقال تَسْلِيماً فلا يثبت الإيمان لعبد حتّى يقع منه هذا التّحكيم، ولا يجد الحرج في صدره بما قضى عليه، ويسلّم لحكم الله وشرعه، تسليما لا يخالطه ردّ ولا تشوبه مخالفة) * «6» .
(1) الدر المنثور (2/ 580) .
(2)
تفسير الطبري (6/ 166) .
(3)
المرجع السابق (6/ 166) .
(4)
تفسير ابن كثير (2/ 66) .
(5)
المرجع السابق (1/ 520) .
(6)
فتح القدير، للشوكاني (1/ 574) .