الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في (الخوف) معنى
21-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكت النّار إلى ربّها.
فقالت: يا ربّ، أكل بعضي بعضا. فأذن لها بنفسين:
نفس في الشّتاء، ونفس في الصّيف. فهو أشدّ ما تجدون من الحرّ. وأشدّ ما تجدون من الزّمهرير «1» » ) * «2» .
22-
* (عن أبي اليسر- رضي الله عنه قال:
أتتني امرأة تبتاع تمرا، فقلت: إنّ في البيت تمرا أطيب منه. فدخلت معي في البيت فأهويت إليها فقبّلتها، فأتيت أبا بكر، فذكرت ذلك له، قال: استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا، فلم أصبر. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له. فقال له:«أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا؟» ، حتّى تمنّى أنّه لم يكن أسلم إلّا تلك السّاعة، حتّى ظنّ أنّه من أهل النّار.
قال: وأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا حتّى أوحى الله إليه: أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ «3» .
قال أبو اليسر: فأتيته، فقرأها عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصحابه: يا رسول الله، ألهذا خاصّة أم للنّاس عامّة؟
قال: «بل للنّاس عامّة» ) * «4» .
23-
* (عن المقداد- رضي الله عنه قال:
أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد «5» . فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس أحد منهم يقبلنا. فأتينا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فانطلق بنا إلى أهله. فإذا ثلاثة أعنز فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «احتلبوا هذا اللّبن بيننا» . قال: فكنّا نحتلب فيشرب كلّ إنسان منّا نصيبه. ونرفع للنّبيّ صلى الله عليه وسلم نصيبه، قال: فيجيء من اللّيل فيسلّم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان. قال: ثمّ يأتي المسجد فيصلّي ثمّ يأتي شرابه فيشرب. فأتاني الشّيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي، فقال: محمّد يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم. ما به حاجة إلى هذه الجرعة. فأتيتها فشربتها. فلمّا أن وغلت «6» في بطني، وعلمت أنّه ليس إليها سبيل. قال: ندّمني الشّيطان، فقال: ويحك ما صنعت؟ أشربت شراب محمّد؟ فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك. فتذهب دنياك وآخرتك. وعليّ شملة إذا وضعتها على قدميّ خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي. وجعل لا يجيئني النّوم، وأمّا صاحباي ناما، ولم يصنعا ما صنعت.
قال: فجاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فسلّم كما كان يسلّم، ثمّ أتى المسجد فصلّى، ثمّ أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا. فرفع رأسه إلى السّماء، فقلت: الآن يدعو عليّ
(1) الزمهرير: شدة البرد.
(2)
البخاري- الفتح 6 (3260) . ومسلم (617) واللفظ له.
(3)
هود/ 114 مكية
(4)
البخاري- الفتح 8 (4687) ، ومسلم (2763) ، والترمذي (3115) واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح.
(5)
الجهد: الجوع والمشقة.
(6)
وغلت: أي دخلت وتمكنت منه.
فأهلك. فقال: «اللهمّ أطعم من أطعمني، وأسق من أسقاني» قال: فعمدت إلى الشّملة فشددتها عليّ وأخذت الشّفرة فانطلقت إلى الأعنز أيّها أسمن فأذبحها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي حافلة «1» ، وإذا هنّ حفّل كلّهنّ، فعمدت إلى إناء لآل محمّد صلى الله عليه وسلم ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه. قال: فحلبت فيه حتّى علته رغوة فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أشربتم شرابكم اللّيلة؟» . قال: قلت: يا رسول الله اشرب. فشرب ثمّ ناولني. فقلت: يا رسول الله اشرب. فشرب ثمّ ناولني. فلمّا عرفت أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد روي وأصبت دعوته ضحكت حتّى ألقيت إلى الأرض، قال: فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إحدى سوآتك يا مقداد» . فقلت: يا رسول الله، كان من أمري كذا وكذا، وفعلت كذا. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«ما هذه إلّا رحمة من الله. أفلا كنت آذنتني، فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها» . قال: فقلت:
والّذي بعثك بالحقّ ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك، من أصابها من النّاس) * «2» .
24-
* (عن سهل بن سعد- رضي الله عنه أنّ رجلا من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين في غزوة غزاها مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فنظر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:«من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل النّار فلينظر إلى هذا» ، فاتّبعه رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشدّ النّاس على المشركين حتّى جرح فاستعجل الموت، فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتّى خرج من بين كتفيه، فأقبل الرّجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم مسرعا فقال: أشهد أنّك رسول الله، فقال:«وما ذاك؟» . قال: قلت لفلان:
«من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل النّار فلينظر إليه» ، وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين، فعرفت أنّه لا يموت على ذلك فلمّا جرح استعجل الموت، فقتل نفسه. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم عند ذلك:«إنّ العبد ليعمل عمل أهل النّار وإنّه من أهل الجنّة، ويعمل عمل أهل الجنّة وإنّه من أهل النّار، وإنّما الأعمال بالخواتيم» ) * «3» .
25-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «4» . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أنّ قطرة من الزّقّوم قطرت في دار الدّنيا لأفسدت على أهل الدّنيا معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه» ) * «5» .
26-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: إنّ ناسا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، هل نرى ربّنا يوم القيامة؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر؟» . قالوا: لا، يا رسول الله. قال: «هل تضارّون في الشّمس ليس
(1) حافلة: كثيرة اللبن.
(2)
مسلم (2055) .
(3)
البخاري- الفتح 11 (6607) واللفظ له. ومسلم (112) .
(4)
آل عمران/ 102، ونصها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
(5)
سنن الترمذي (2585) واللفظ له، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة (4325) ، وأحمد (1/ 300) .
دونها سحاب؟» . قالوا: لا، يا رسول الله. قال:
«فإنّكم ترونه كذلك «1» . يجمع الله النّاس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئا فليتّبعه. فيتّبع من كان يعبد الشّمس الشّمس. ويتّبع من كان يعبد القمر القمر. ويتّبع من كان يعبد الطّواغيت الطّواغيت.
وتبقى هذه الأمّة فيها منافقوها. فيأتيهم الله- تبارك وتعالى في صورة غير صورته الّتي يعرفون. فيقول:
أنا ربّكم. فيقولون: نعوذ بالله منك. هذا مكاننا حتّى يأتينا ربّنا. فإذا جاء ربّنا عرفناه. فيأتيهم الله تعالى في صورته الّتي يعرفون. فيقول: أنا ربّكم. فيقولون:
أنت ربّنا فيتّبعونه. ويضرب الصّراط بين ظهري جهنّم «2» . فأكون أنا وأمّتي أوّل من يجيز «3» ، لا يتكلّم يومئذ إلّا الرّسل. ودعوى الرّسل يومئذ: اللهمّ سلّم، سلّم. وفي جهنّم كلاليب مثل شوك السّعدان «4» هل رأيتم السّعدان؟» . قالوا: نعم. يا رسول الله. قال:
«فإنّها مثل شوك السّعدان. غير أنّه لا يعلم ما قدر عظمها إلّا الله. تخطف النّاس بأعمالهم. فمنهم المؤمن بقي بعمله. ومنهم المجازى حتّى ينجّى. حتّى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد، وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النّار، أمر الملائكة أن يخرجوا من النّار من كان لا يشرك بالله شيئا، ممّن أراد الله تعالى أن يرحمه، ممّن يقول: لا إله إلّا الله. فيعرفونهم في النّار.
يعرفونهم بأثر السّجود. تأكل النّار من ابن آدم إلّا أثر السّجود. حرّم الله على النّار أن تأكل أثر السّجود.
فيخرجون من النّار وقد امتحشوا «5» فيصبّ عليهم ماء الحياة. فينبتون منه كما تنبت الحبّة في حميل السّيل «6» ثمّ يفرغ الله تعالى من القضاء بين العباد.
ويبقى رجل مقبل بوجهه على النّار. وهو آخر أهل الجنّة دخولا الجنّة. فيقول: أي ربّ اصرف وجهي عن النّار. فإنّه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها «7» .
فيدعو الله ما شاء الله أن يدعوه. ثمّ يقول الله- تبارك وتعالى: هل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا أسألك غيره. ويعطي ربّه من عهود ومواثيق ما شاء الله. فيصرف الله وجهه عن النّار. فإذا أقبل على الجنّة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت. ثمّ يقول: أي ربّ قدّمني إلى باب الجنّة. فيقول الله له:
أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك لا تسألني غير الّذي أعطيتك. ويلك يا ابن آدم ما أغدرك فيقول:
أي ربّ ويدعو الله حتّى يقول له: فهل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره فيقول: لا، وعزّتك
(1) فإنكم ترونه كذلك: معناه تشبيه الرؤية بالرؤية في الوضوح وزوال الشك والمشقة.
(2)
ويضرب الصراط بين ظهري جهنم: أي يمد الصراط عليها.
(3)
فأكون أنا وأمتي أول من يجيز: معناها يكون أول من يمضي عليه ويقطعه.
(4)
وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان: الكلاليب جمع كلّوب وكلاب، وهي حديدة معطوفة الرأس يعلق فيها اللحم وترسل في التنور، وأما السعدان فهو نبت له شوكة عظيمة مثل الحسك من كل الجوانب.
(5)
امتحشوا: احترقوا.
(6)
كما تنبت الحبة في حميل السيل: الحبة هي بزر البقول والعشب، تنبت في البراري وجوانب السيول. وحميل السيل ما جاء به السيل من طين أو غثاء.
(7)
قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها: قشبني معناه سمّني وآذاني وأهلكني. وأما ذكاؤها فمعناه لهبها واشتعالها وشدة وهجها.
فيعطي ربّه ما شاء الله من عهود ومواثيق. فيقدّمه إلى باب الجنّة. فإذا قام على باب الجنّة انفهقت «1» له الجنّة فرأى ما فيها من الخير والسّرور. فيسكت ما شاء الله أن يسكت ثمّ يقول: أي ربّ أدخلني الجنّة. فيقول الله- تبارك وتعالى له: أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطيت. ويلك يا ابن آدم ما أغدرك فيقول: أي ربّ لا أكون أشقى خلقك.
فلا يزال يدعو الله حتّى يضحك الله- تبارك وتعالى منه. فإذا ضحك الله منه، قال: ادخل الجنّة. فإذا دخلها قال الله له: تمنّه. فيسأل ربّه ويتمنّى. حتّى إنّ الله ليذكره من كذا وكذا، حتّى إذا انقطعت به الأمانيّ.
قال الله- تعالى-: ذلك لك ومثله معه» .
قال أبو هريرة: وذلك الرّجل آخر أهل الجنّة دخولا الجنّة) * «2» .
27-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل يا رسول الله، أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالسا في بيته منكّسا رأسه، فقال له: ما شأنك؟. فقال: شرّ.
كان يرفع صوته فوق صوت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقد حبط عمله وهو من أهل النّار، فأتى الرّجل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره أنّه قال كذا وكذا، فرجع إليه المرّة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال:«اذهب إليه فقل له: إنّك لست من أهل النّار، ولكنّك من أهل الجنّة» ) * «3» .
28-
* (عن عائشة- رضي الله عنها أنّها ذكرت النّار فبكت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يبكيك؟» . قالت: ذكرت النّار فبكيت، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمّا في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحدا: عند الميزان حتّى يعلم أيخفّ ميزانه أو يثقل، وعند الكتاب حين يقال:
هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ «4» حتّى يعلم أين يقع كتابه أفي يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره، وعند الصّراط إذا وضع بين ظهري جهنّم) * «5» .
29-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بلحم. فرفع إليه الذّراع وكانت تعجبه. فنهس «6» منها نهسة فقال: «أنا سيّد النّاس يوم القيامة. وهل تدرون بم ذاك؟ يجمع الله يوم القيامة الأوّلين والآخرين في صعيد واحد «7» .
فيسمعهم الدّاعي وينفذهم البصر «8» . وتدنو الشّمس فيبلغ النّاس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون.
وما لا يحتملون. فيقول بعض النّاس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه؟ ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربّكم؟ فيقول بعض
(1) انفهقت: معناه انفتحت واتسعت.
(2)
البخاري- الفتح 13 (7437) . ومسلم (182) واللفظ له.
(3)
البخاري: الفتح 8 (4846) واللفظ له. ومسلم (119) .
(4)
الحاقة/ 19 مكية
(5)
أبو داود (4755) . وقال محقق جامع الأصول (10/ 475) : حديث حسن، وأحمد (6/ 101) .
(6)
فنهس: أي أخذ بأطراف أسنانه.
(7)
في صعيد واحد: الصعيد هو الأرض الواسعة المستوية.
(8)
وينفذهم البصر: أي ينفذهم بصر الرحمن تبارك وتعالى حتى يأتي عليهم كلهم.
النّاس لبعض: ائتوا آدم. فيأتون آدم. فيقولون: يا آدم، أنت أبو البشر. خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك. اشفع لنا إلى ربّك.
ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟
فيقول آدم: إنّ ربّي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله. ولن يغضب بعده مثله. وإنّه نهاني عن الشّجرة فعصيته. نفسي. نفسي. اذهبوا إلى غيري.
اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح، أنت أوّل الرّسل إلى الأرض. وسمّاك الله عبدا شكورا.
اشفع لنا إلى ربّك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إنّ ربّي قد غضب غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله. وإنّه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي. نفسي. نفسي.
اذهبوا إلى إبراهيم صلى الله عليه وسلم. فيأتون إبراهيم فيقولون:
أنت نبيّ الله وخليله من أهل الأرض. اشفع لنا إلى ربّك. ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم إبراهيم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله.
وذكر كذباته. نفسي. نفسي. اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى صلى الله عليه وسلم فيقولون: يا موسى، أنت رسول الله. فضّلك الله برسالاته وبتكليمه، على النّاس. اشفع لنا إلى ربّك. ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم موسى صلى الله عليه وسلم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله. وإنّي قتلت نفسا لم أومر بقتلها. نفسي. نفسي. اذهبوا إلى عيسى صلى الله عليه وسلم.
فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله، وكلّمت النّاس في المهد. وكلمة منه ألقاها إلى مريم، وروح منه. فاشفع لنا إلى ربّك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم عيسى صلى الله عليه وسلم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله. ولم يذكر له ذنبا. نفسي. نفسي.
اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى محمّد صلى الله عليه وسلم. فيأتوني فيقولون: يا محمّد، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء.
وغفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر. اشفع لنا إلى ربّك ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربّي.
ثمّ يفتح الله عليّ ويلهمني من محامده وحسن الثّناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلي، ثمّ يقول: يا محمّد، ارفع رأسك، سل تعطه. اشفع تشفّع. فأرفع رأسي فأقول: يا ربّ، أمّتي. أمّتي. فيقال: يا محمّد أدخل الجنّة من أمّتك، من لا حساب عليه، من الباب الأيمن من أبواب الجنّة. وهم شركاء النّاس «1» فيما سوى ذلك من الأبواب. والّذي نفس محمّد بيده إنّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنّة «2» لكما بين مكّة وهجر «3» أو كما بين مكّة وبصرى «4» » ) * «5» .
(1) شركاء الناس: يعني أنهم لا يمنعون من سائر الأبواب.
(2)
إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة: المصراعان جانبا الباب.
(3)
هجر: هجر مدينة عظيمة هي قاعدة بلاد البحرين.
(4)
وبصرى: بصرى مدينة معروفة بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل.
(5)
البخاري- الفتح 8 (4712) . ومسلم (194) واللفظ له.
30-
* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أخذت مضجعك «1» فتوضّأ وضوءك للصّلاة. ثمّ اضطجع على شقّك الأيمن ثمّ قل: اللهمّ إنّي أسلمت وجهي إليك «2» وفوّضت أمري إليك. وألجأت ظهري إليك «3» رغبة ورهبة إليك «4» . لا ملجأ ولا منجى منك إلّا إليك. آمنت بكتابك الّذي أنزلت. وبنبيّك الّذي أرسلت. واجعلهنّ من آخر كلامك. فإن متّ من ليلتك، متّ وأنت على الفطرة «5» » ) * «6» .
31-
* (عن النّعمان بن بشير- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ أهون أهل النّار عذابا من له نعلان وشراكان «7» من نار: يغلي منهما دماغه. كما يغلي المرجل «8» ما يرى أنّ أحدا أشدّ منه عذابا. وإنّه لأهونهم عذابا» ) * «9» .
32-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ العبد ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإنّ العبد ليتكلّم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنّم» ) * «10» .
33-
* (عن سمرة- رضي الله عنه أنّه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ منهم من تأخذه النّار إلى كعبيه. ومنهم من تأخذه إلى حجزته «11» . ومنهم من تأخذه إلى عنقه» ) * «12» .
34-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الميّت يصير إلى القبر. فيجلس الرّجل الصّالح في قبره، غير فزع ولا مشعوف «13» . ثمّ يقال له: فيم كنت «14» ؟ فيقول: كنت في الإسلام.
فيقال له: ما هذا الرّجل؟. فيقول: محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبيّنات من عند الله فصدّقناه. فيقال له: هل رأيت الله؟ فيقول: ما ينبغي لأحد أن يرى الله، فيفرج له فرجة قبل النّار. فينظر إليها يحطم بعضها بعضا.
فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله. ثمّ يفرج له قبل الجنّة.
فينظر إلى زهرتها وما فيها. فيقال له: هذا مقعدك.
ويقال له: على اليقين كنت. وعليه متّ. وعليه تبعث
(1) إذا أخذت مضجعك: أي إذا أردت النوم في مضجعك.
(2)
أسلمت وجهي إليك: أي استسلمت وجعلت نفسي منقادة لك طائعة لحكمك.
(3)
ألجأت ظهري إليك: أي توكلت عليك واعتمدتك في أمري كله، كما يعتمد الإنسان بظهره إلى ما يسنده.
(4)
رغبة ورهبة إليك: أي طمعا في ثوابك وخوفا من عقابك.
(5)
الفطرة: الإسلام.
(6)
البخاري- الفتح 11 (6315) ، ومسلم (2710) واللفظ له، وأحمد (4/ 290) ، وأبو داود (5046) ، والنسائي في عمل اليوم والليلة (783) .
(7)
شراكان: الشراك أحد سيور النعل، الذي يكون على وجهها وعلى ظهر القدم.
(8)
المرجل: قدر معروف سواء كان من حديد أو نحاس أو حجارة أو خزف.
(9)
البخاري- الفتح 11 (6561، 6562) . ومسلم (213) واللفظ له.
(10)
البخاري- الفتح 11 (6478) ، وأحمد (4/ 334) .
(11)
حجزته: هي معقد الإزار والسراويل.
(12)
مسلم (2845) ، وأحمد (5/ 10) .
(13)
مشعوف: الشعف شدة الفزع والخوف حتى يذهب بالقلب.
(14)
فيم كنت: أي في أي دين.
إن شاء الله «1» . ويجلس الرّجل السّوء في قبره فزعا مشعوفا. فيقال له: فيم كنت؟ فيقول: لا أدري. فيقال له: ما هذا الرّجل؟ فيقول: سمعت النّاس يقولون قولا فقلته. فيفرج له قبل الجنّة. فينظر إلى زهرتها وما فيها.
فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك ثمّ يفرج له فرجة قبل النّار. فينظر إليها. يحطم بعضها بعضا. فيقال له:
هذا مقعدك على الشّكّ كنت. وعليه متّ. وعليه تبعث، إن شاء الله- تعالى» ) * «2» .
35-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: إنّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قضى الله الأمر في السّماء «3» ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا «4» لقوله، كأنّه «5» سلسلة على صفوان، فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربّكم؟. قالوا للّذي قال: الحقّ وهو العليّ الكبير، فيسمعها مسترق السّمع، ومسترقوا السّمع هكذا بعضه فوق بعض- ووصف سفيان (الرّاوي) بكفّه فحرّفها وبدّد بين أصابعه- فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثمّ يلقيها الآخر إلى من تحته، حتّى يلقيها على لسان السّاحر أو الكاهن، فربّما أدرك الشّهاب قبل أن يلقيها، وربّما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة، فيقال:
أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا فيصدّق بتلك الكلمة الّتي سمع من السّماء» ) * «6» .
36-
* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّها ستكون هجرة بعد هجرة ينحاز النّاس إلى مهاجر إبراهيم لا يبقى في الأرض إلّا شرار أهلها تلفظهم أرضوهم. تقذرهم نفس الله، تحشرهم النّار مع القردة والخنازير، تبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا وتأكل من تخلّف» ) * «7» .
37-
* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّي أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إنّ السّماء أطّت «8» وحقّ لها أن تئطّ، ما فيها موضع أربع أصابع إلّا وملك واضع جبهته ساجدا لله. والله لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذّذتم بالنّساء على الفرشات. ولخرجتم إلى الصّعدات تجأرون إلى الله» ، قال أبوذرّ: والله لوددت أنّي كنت شجرة تعضد) * «9» .
(1) إن شاء الله: للتبرك لا للشك.
(2)
ابن ماجة (4268) وصححه الألباني- صحيح ابن ماجة (3443) .
(3)
إذا قضى الله الأمر في السماء: أي إذا تكلم الله بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله.
(4)
خضعانا: أي خاضعين.
(5)
كأنه: أي القول المسموع- كلام الله-.
(6)
البخاري- الفتح 8 (4800) .
(7)
مسند أحمد (6871) وقال محققه: إسناده صحيح. وأبو داود رقم (3930) وقال محقق «جامع الأصول» (9/ 349) : إسناده حسن.
(8)
أطت: الأطيط صوت الأقتاب، وأطيط الإبل أصواتها وحنينها، أي إن كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطت، وهذا مثل وإيذان بكثرة الملائكة، وإن لم يكن ثم أطيط، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى.
(9)
أحمد في المسند (5/ 173)، الترمذي (2312) وقال: حديث حسن غريب. وابن ماجة (4190) واللفظ له وقال محقق جامع الأصول (4/ 13) : إسناده حسن.
38-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بادروا بالأعمال فتنا «1» كقطع اللّيل المظلم. يصبح الرّجل مؤمنا ويمسي كافرا. أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا. يبيع دينه بعرض من الدّنيا» ) * «2» .
39-
* (عن زيد بن ثابت- رضي الله عنه قال: بينما النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النّجار، على بغلة له، ونحن معه، إذ حادت به «3» فكادت تلقيه. وإذا أقبر ستّة أو خمسة أو أربعة، فقال:«من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟» . فقال رجل: أنا. قال: «فمتى مات هؤلاء؟» . قال: ماتوا في الإشراك. فقال: «إنّ هذه الأمّة تبتلى في قبورها. فلولا أن لا تدافنوا «4» لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الّذي أسمع منه» . ثمّ أقبل علينا بوجهه، فقال:«تعوّذوا بالله من عذاب النّار» . قالوا: نعوذ بالله من عذاب النّار. فقال:
«تعوّذوا بالله من عذاب القبر» . قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر. قال: «تعوّذوا بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن» . قالوا: نعوذ بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن. قال:«تعوّذوا بالله من فتنة الدّجّال» .
قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدّجّال) * «5» .
40-
* (عن المقداد بن الأسود- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تدنى الشّمس، يوم القيامة من الخلق حتّى تكون منهم كمقدار ميل» . قال: «فيكون النّاس على قدر أعمالهم في العرق. فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه. ومنهم من يكون إلى حقويه «6» .
ومنهم من يلجمه العرق إلجاما» . قال: وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه) * «7» .
41-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «الجنّة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنّار مثل ذلك» ) * «8» .
42-
* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت: خسفت «9» الشّمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي، فأطال القيام جدّا. ثمّ ركع فأطال الرّكوع. ثمّ رفع رأسه، فأطال القيام جدّا. وهو دون القيام الأوّل، ثمّ ركع، فأطال الرّكوع جدّا. وهو دون الرّكوع الأوّل. ثمّ سجد، ثمّ قام، فأطال القيام.
وهو دون القيام الأوّل. ثمّ ركع، فأطال الرّكوع، وهو
(1) بادروا بالأعمال فتنا: أي بادروا بالأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة.
(2)
مسلم (118) .
(3)
حادت به: أي مالت عن الطريق ونفرت.
(4)
فلولا أن لا تدافنوا: أصله تتدافنوا، والمعنى لولا مخافة أن لا تدافنوا.
(5)
مسلم (2867) واللفظ له، وأحمد (5/ 190) .
(6)
الحقو، والحقو- بفتح الحاء وكسرها- الكشح، وقيل معقد الإزار والجمع أحق وأحقاء.
(7)
مسلم (2864) واللفظ له، وأحمد (6/ 3) ، والترمذي (2421) .
(8)
البخاري- الفتح 11 (6488) .
(9)
خسفت الشمس: يقال كسفت الشمس والقمر، وخسفا. وذهب جمهور أهل اللغة على أن الكسوف والخسوف يكون لذهاب ضوئهما كله ويكون لذهاب بعضه.
دون الرّكوع الأوّل. ثمّ رفع رأسه فقام، فأطال القيام، وهو دون القيام الأوّل. ثمّ ركع، فأطال الرّكوع، وهو دون الرّكوع الأوّل، ثمّ سجد، ثمّ انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلّت الشّمس. فخطب النّاس فحمد الله وأثنى عليه. ثمّ قال:«إنّ الشّمس والقمر من آيات الله. وإنّهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فكبّروا. وادعوا الله وصلّوا وتصدّقوا. يا أمّة محمّد، إن من أحد أغير من الله «1» أن يزني عبده أو تزني أمته. يا أمّة محمّد، والله لو تعلمون ما أعلم «2» لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا. ألا هل بلّغت؟» ) * «3» .
43-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها «4» . قال: «أتدرون ما أخبارها؟» . قالوا:
الله ورسوله أعلم. قال: «فإنّ أخبارها أن تشهد على كلّ عبد وأمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم كذا كذا وكذا فهذه أخبارها» ) * «5» .
44-
* (عن هانئ مولى عثمان- رضي الله عنهما قال: كان عثمان بن عفّان، إذا وقف على قبر، يبكي حتّى يبلّ لحيته، فقيل له: تذكر الجنّة والنّار، ولا تبكي وتبكي من هذا؟ قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«إنّ القبر أوّل منازل الآخرة. فإن نجا منه فما بعده أيسر منه. وإن لم ينج منه، فما بعده أشدّ منه» . قال:
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت منظرا قطّ إلّا والقبر أفظع منه» ) * «6» .
45-
* (عن سمرة بن جندب- رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني ممّا يكثر أن يقول لأصحابه: «هل رأى أحد منكم من رؤيا؟» . قال:
فيقصّ عليه ما شاء الله أنّ يقصّ، وإنّه قال لنا ذات غداة:«إنّه أتاني اللّيلة آتيان وإنّهما ابتعثاني وإنّهما قالا لي: انطلق، وإنّي انطلقت معهما، وإنّا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصّخرة لرأسه فيثلغ رأسه «7» فيتدهده الحجر «8» هاهنا، فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتّى يصحّ رأسه كما كان، ثمّ يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل به المرّة الأولى» ، قال: قلت لهما: «سبحان الله، ما هذان؟» . قال: قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلّوب من حديد. وإذا هو يأتي أحد شقّى وجهه فيشرشر
(1) إن من أحد أغير من الله: إن نافية بمعنى ما. والمعنى أنه ليس أحد أغير من الله تعالى.
(2)
لو تعلمون ما أعلم: أي لو تعلمون من شدة عقاب الله تعالى وانتقامه من أهل الجرائم، وأهوال القيامة وما بعدها، كما علمت لبكيتم كثيرا ولقل ضحككم لفكركم وخوفكم مما عملتموه.
(3)
البخاري- الفتح 2 (1044) ، ومسلم (901) واللفظ له.
(4)
الزلزلة/ 4 مدنية.
(5)
الترمذي (2429) وحسنه، و (3353) ، وصححه، والحديث في المسند (2/ 374)، وقال محققه: إسناده حسن (حديث رقم 8854) ، وأخرجه الحاكم (2/ 522)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وذكره ابن كثير في تفسير سورة الزلزلة، ونقل عن الترمذي أنه حديث حسن صحيح غريب.
(6)
سنن الترمذي (2308) وقال: حسن غريب، وسنن ابن ماجة (4267) واللفظ له، والبغوي في شرح السنة (5/ 418) وقال محققه: سنده حسن.
(7)
يثلغ رأسه: أي يشدخه.
(8)
يتدهده الحجر: أي ينحط.
شدقه «1» إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه» ، قال:«ثمّ يتحوّل إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأوّل، فما يفرغ من ذلك الجانب حتّى يصحّ ذلك الجانب كما كان، ثمّ يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرّة الأولى» . قال: قلت: «سبحان الله ما هذان؟» . قال: قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على مثل التّنّور، قال: وأحسب أنّه كان يقول: «فإذا فيه لغط وأصوات. قال فاطّلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا «2» » . قال «قلت لهما:
ما هؤلاء؟» . قال: قالا لي: انطلق انطلق، قال «فانطلقنا فأتينا على نهر» حسبت أنّه كان يقول:«أحمر مثل الدّم، وإذا في النّهر رجل سابح يسبح، وإذا على شطّ النّهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السّابح يسبح ما يسبح، ثمّ يأتي ذلك الّذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه «3» فيلقمه حجرا فينطلق يسبح ثمّ يرجع إليه، كلّما رجع إليه فغر له فاه، فألقمه حجرا. قال:«قلت لهما: ما هذان؟» . قال: قالا لي:
انطلق انطلق. قال: «فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء رجلا مرآة، وإذا عنده نار يحشّها ويسعى حولها» . قال: قلت لهما: «ما هذا؟» .
قال: قالا لي: انطلق انطلق. «فانطلقنا فأتينا على روضة معتمة فيها من كلّ لون الرّبيع، وإذا بين ظهري الرّوضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولا في السّماء، وإذا حول الرّجل من أكثر ولدان رأيتهم قطّ.
قال قلت لهما: «ما هذا؟ ما هؤلاء؟» . قال: قالا لي:
انطلق انطلق. «فانطلقنا فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أر روضة قطّ أعظم منها ولا أحسن. قال: قالا لي:
ارق، فارتقيت فيها. قال: فارتقينا فيها فانتهينا إلى مدينة مبنيّة بلبن ذهب ولبن فضّة، فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا، فدخلناها فتلقّانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء، وشطر كأقبح ما أنت راء، قال: قالا لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النّهر قال: وإذا نهر معترض يجري كأنّ ماءه المحض من البياض، فذهبوا فوقعوا فيه، ثمّ رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السّوء عنهم فصاروا في أحسن صورة. قال: قالا لي: هذه جنّة عدن وهذاك منزلك. قال فسما بصري صعدا. فإذا قصر مثل الرّبابة البيضاء «4» . قال: قالا لي: هذاك منزلك، قال قلت لهما: بارك الله فيكما، ذراني فأدخله، قالا: أمّا الآن فلا، وأنت داخله. قال:
قلت لهما: فإنّي قد رأيت منذ اللّيلة عجبا، فما هذا الّذي رأيت؟ قال: قالا لي: أما إنّا سنخبرك: أمّا الرّجل الأوّل الّذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنّه الرّجل يأخذ بالقرآن فيرفضه وينام عن الصّلاة المكتوبة. وأمّا الرّجل الّذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه فإنّه الرّجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق. وأمّا الرّجال والنّساء العراة الّذين في مثل بناء التّنّور فهم
(1) يشرشر شدقه: أي يقطعه شقّا، والشدق جانب الفم.
(2)
ضوضوا: أي رفعوا أصواتهم مختلطة.
(3)
يغفر فاه: أي يفتحه.
(4)
الربابة البيضاء: السحابة البيضاء.
الزّناة والزّواني. وأمّا الرّجل الّذي أتيت عليه يسبح في النّهر ويلقم الحجر فإنّه آكل الرّبا. وأمّا الرّجل الكريه المرآة الّذي عند النّار يحشّها «1» ويسعى حولها فإنّه مالك خازن جهنّم. وأمّا الرّجل الطّويل الّذي في الرّوضة فإنّه إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وأمّا الولدان الّذين حوله فكلّ مولود مات على الفطرة. قال فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأولاد المشركين. وأمّا القوم الّذين كانوا شطرا منهم حسن وشطرا قبيح فإنّهم قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيّئا تجاوز الله عنهم» ) * «2» .
46-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع وجبة «3» . قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «تدرون ما هذا؟» . قال قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: «هذا حجر رمي به في النّار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في النّار الآن، حتّى انتهى إلى قعرها» ) * «4» .
47-
* (عن عديّ بن حاتم- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد إلّا سيكلّمه ربّه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلّا ما قدّم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلّا ما قدّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلّا النّار تلقاء وجهه، فاتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة» ) * «5» .
48-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ناركم هذه، الّتي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من حرّ جهنّم» . قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله. قال: «فإنّها فضّلت عليها بتسعة وستّين جزءا كلّها مثل حرّها» ) * «6» .
49-
* (عن العرباض بن سارية- رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة، ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إنّ هذه موعظة مودّع، فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟. قال: «أوصيكم بتقوى الله، والسّمع والطّاعة وإن عبد حبشيّ؛ فإنّه من يعش منكم ير اختلافا كثيرا، وإيّاكم ومحدثات الأمور فإنّها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين، عضّوا عليها بالنّواجذ» ) * «7» .
50-
* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى وَهُمْ فِيها كالِحُونَ «8» . قال: «تشويه النّار فتقلّص شفته العالية حتّى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السّفلى حتّى تضرب سرّته» ) * «9» .
51-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يحشر النّاس على ثلاث طرائق «10» راغبين وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير، ويحشر بقيّتهم
(1) يحشها: يوقدها.
(2)
البخاري- الفتح 12 (7047) واللفظ له، ومسلم (2275)
(3)
وجبة: أي سقطة.
(4)
مسلم (2844) .
(5)
البخاري- الفتح 13 (7512) واللفظ له. ومسلم (1016) .
(6)
البخاري- الفتح 6 (3265) ، مسلم (2843) واللفظ له.
(7)
الترمذي (2676) واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح. أبو داود (4607) ، وابن ماجة في المقدمة (ص 42) .
(8)
المؤمنون/ 104 مكية.
(9)
الترمذي (3176) وقال: حديث حسن صحيح غريب.
(10)
ثلاث طرائق: أي ثلاث فرق.