الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يقطع فيه وما لا يقطع
قوله: (ولإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام"لا قطع في الطير").
لا يعرف هذا مرفوعًا، ولكن ذكره البيهقي من كلام عثمان.
قوله: (والذي يؤويه الجرين في عادتهم هو اليابس من التمر، وفيه القطع).
يشير بذلك إلى الجواب عن قول الشافعي، وهو رواية عن أبي يوسف، وقول جمهور العلماء، وفي الجواب نظر، فإن الجرين هو المكان الذي يلقى فيه الرطب ليجف، كذا في المغرب وغيره، وأصله حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم -عن الثمر المعلق فقال: من أصاب منه بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنًة فلا شيء عليه،
ومن خرج بشيء منه فعليه غرامه مثليه والعقوبة، ومن سرق منه شيئًا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع" رواه النسائي وأبو داود، وفي رواية: قال: سمعت رجلاً من مزينة يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم -عن الحريسة التي تؤخذ من مراتعها، قال: فيها ثمنها مرتين، وضرب ونكال، وما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن، قال: يا رسول الله فالثمار، وما أخذ منها في أكمامها؟ قال: من أخذ بفمه ولم يتخذ خبنة، فليس عليه شيء، ومن احتمل فعليه ثمنه مرتين وضرب ونكال، وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن" رواه أحمد والنسائي وابن ماجه معناه، وزاد النسائي في آخره "وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامه مثليه وجلدات نكال".
وعن عمرة بنت عبد الرحمن "أن سارقًا سرق أترجة/ في زمان عثمان ابن عفان فأمر بها عثمان أن تقوم فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر
درهمًا بدينار، فقطع عثمان يده" رواه مالك في الموطأ.
وهذا يدل على أن عثمان رضي الله عنه -فهم من السنة أن الثمار إذا قطعت، وأحرزت ففيها القطع، وهو ظاهر مما تقدم من الحديث، ولم يرد ما يخالف ذلك، وقوله صلى الله عليه وسلم:"لا قطع في ثمر ولا كثر" يفيده هذا التفصيل، والذي يؤويه الجرين إنما هو قبل الجفاف أما بعد الجفاف فهو في القواصر في البيوت، هذا الذي جرت به عادة أصحاب الثمر، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم -له ثلاثة أحوال:
حالة لا شيء فيها: وهو إذا أكل منه بفيه.
وحالة يغرم مثليه ويضرب من غير قطع: وهو إذا سرقه من بيدره،
سواء كان قد انتهى جفافه أو لم ينته، فجعل العبرة للمكان والحرز، لا ليبسه ورطوبته، ويدل عليه أنه صلى الله عليه وسلم -أسقط القطع عن سارق الشاة من مرعاها، وأوجبه على سارقها من عطنها فإنه حرزها، وفي الحديث المذكور دليل على مضاعفة الغرم على من سرق ما لا قطع فيه، وهو مذهب أحمد، وفيه دليل على اجتماع التعزير مع الغرم، وفي ذلك جمع بين عقوبتين مالية وبدنية، وهذا التفصيل لا يجري في الماء والكلأ والتراب فإنه وإن أحرز، فشبهة الاشتراك في الأصل باقية، فيدرأ بها الحد، أما الثمار فلم تكن في الأصل مشتركة، فلهذا فصل فيها الشارع الحكم، كما تقدم في الحديث وعلى هذا الخشب الذي يحرز فإنه بمنزلة الثمرة.
قوله: (لقوله عليه الصلاة والسلام"من نبش قطعناه").
وقوله: (ولهما قوله عليه الصلاة والسلام"لا قطع على المختفي" وهو النباش بلغة أهل المدينة).
الحديثان منكران، خرج الحديث الأول البيهقي وضعفه، قال ابن المنذر: واختلفوا في النباش يسرق الكفن، فروي عن ابن الزبير "أنه قطع نباشًا" وبه قال عمر بن عبد العزيز والحسن والشعبي وقتادة والنخعي
وحماد، وهو قول مالك والشافعي، وعبد الملك الماجشون وإسحاق وأبي ثور وأبي يوسف، وقال أحمد: هو أهل أن يقطع، وكان الثوري والنعمان ومحمد يقولون: لا قطع عليه، وليس القبر عندهم بحرز، قال أبو بكر: يقطع. انتهى.
ويشهد للقول بقطعه قول عائشة رضي الله عنها"سارق أمواتنا كسارق أحيائنا" ذكره في المغني، والكفن محرز بالقبر والميت فيه كالحافظ النائم، وانتهاك حرمته مع الواعظ الناهي بلسان حاله فوق انتهاك حرز الحي من هذا الوجه.
قوله: (ولنا أن القطع أوجب سقوط عصمة المحل على ما يعرف من بعد -إن شاء الله تعالى -).
قول أبي يوسف في هذه المسألة أقوى، وسيأتي الكلام على قوله