الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الموادعة ومن يجوز أمانه
قوله: (وإن صالحهم مدة ثم رأى أن نقض الصلح أنفع نبذ إليهم وقاتلهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم "نبذ الموادعة التي كانت بينه وبين أهل مكة").
لم ينبذ رسول الله صلى الله عليه وسلم العهد الذي كان بينه وبين أهل مكة، وإنما هم غدروا/ ونكثوا، ولما سار النبي صلى الله عليه وسلم إليهم سأل الله أن يعمي على قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم، وذكر موسى بن عقبة نحو هذا، وأن أبا بكر قال: أليس بينك وبينهم مدة؟ قال: ألم يبلغك ما صنعوا ببني كعب؟ ولا يصح ما ذكر المصنف من أن النبي صلى الله عليه وسلم نبذ الموادعة التي كانت بينه وبين أهل مكة، ولو استدل بقتال النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة على المسألة التي بعد هذه -وهي ما إذا بدأ المشركون بخيانة قاتلهم ولم ينبذ إليهم -لكان استدلالًا صحيحًا، أما على النبذ فلا، وأصل الحديث "أنه كان في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية بينه وبين قريش أنه من شاء أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل، ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل، فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن ندخل في عقد محمد وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن ندخل في عقد قريش
وعهدهم فمكثوا على تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرًا، ثم إن بني بكر الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم وثبوا على خزاعة -الذين دخلوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده -ليلًا بماء يقال له الوتير قريب من مكة، فقالت قريش: ما يعلم بنا محمد، وهذا الليل، وما يرانا أحد فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح فقاتلوهم للضغن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن عمرو بن سالم ركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير حتى قدم المدينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر، وقد قال أبيات شعر، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشده إياها وهي:
يارب إني ناشد محمدًا
…
حلف أبينا وأبيه الأتلدا
قد كنتموا ولدا وكنا والدا
…
ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا
فانصر هداك الله نصرًا أبدا
…
وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا
…
أبيض مثل البدر يسموا صعدا
إن سيم خسفًا وجهه تربدا
…
في فيلق كالبحر يجري مزبدا
إن قريشًا أخلفوك الموعدا
…
ونقضوا ميثاقك المؤكدا
وجعلوا لي في كداء رصدا
…
وزعموا أن لست أدعو أحدا
وهم أذل وأقل عددا
…
هم بيتونا بالوتير هجدا
فقتلونا ركعًا وسجدا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نصرت يا عمرو بن سالم، فما برح حتى مرت غياية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاز وكتمهم مخرجه، وسأل الله أن يعمي على قريش خبره، حتى يبغتهم في بلادهم، ثم كان من أمر الفتح ما كان، وهذا مشهور في السنن والسير.
قوله: (وقد قال عليه الصلاة والسلام: "في العهود وفاء لا غدر").
هذا محفوظ من كلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه، وهو ما رواه سليمان بن عامر قال:"كان معاوية يسير بأرض الروم، وكان بينه وبينهم أمد، فأراد أن يدنو منهم فإذا انقضى الأمد غزاهم، فإذا شيخ على دابة يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غدر، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان بينه وبين قوم عهد، فلا يحلن عقدة ولا يشدنها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم عهدهم على سواء، فبلغ ذلك معاوية فرجع، وإذا الشيخ عمرو بن عبسة" أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
قوله: (لأن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع السلاح من أهل الحرب، وحمله إليهم").
عن عمران بن حصين "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السلاح في الفتنة".
قال البيهقي: رفعه وهم، والموقوف أصح.
قوله: (لمحمد رحمه الله قوله عليه الصلاة والسلام "أمان العبد أمان" رواه أبو موسى الأشعري).
لا يعرف هذا من حديث أبي موسى الأشعري ولكن يروى عن علي رضي الله عنه حديث ضعيف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس/ للعبد من الغنيمة شيء إلا خرثي المتاع، وأمانه جائز، وأمان المرأة جائز إذا أعطيت القوم الأمان" أخرجه البيهقي، ولو استدل -بعموم قوله صلى الله عليه وسلم "ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل" رواه البخاري -لكان أولى، فإن العبد
رجل من المسلمين، وقد أجاز عمر رضي الله عنه أمان عبد ولم يسأل هل كان مأذونًا له في القتال أم لا؟ فالتعليل بكونه مأذونًا له في القتال وغير مأذون، فيه نظر، فإن علم المشركين بذلك في غاية الندرة، والنص مطلق.
***