الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روي "أنه صلى الله عليه وسلم وكل عمرو بن أمية الضمري في قبول نكاح أم حبيبة" لكان أولى وقد دل على صحة الوكالة من الكتاب العزيز قوله تعالى: {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة} الآية، وعلى مشروعيتها انعقد الإجماع.
فصل في البيع:
قوله: (والوكيل بالبيع والشراء لا يجوز أن يعقد مع أبيه وجده ومن لا تقبل شهادته له إلى آخره).
في هذا الإطلاق نظر، قال في الذخيرة: الوكيل بالعين إذا باع ممن لا تقبل شهادته له إن كان بأكثر من القيمة يجوز بلا خلاف، وإن كان من القيمة بغين فاحش لا يجوز بالإجماع، وإن كان بغبن يسير لا يجوز عند أبي حنيفة،
وعندهما يجوز، وإن كان بمثل القيمة فعن أبي حنيفة روايتان في رواية الوكالة والبيوع لا يجوز، وفي رواية المضاربة يجوز انتهى.
وقولهما: أقوى، إذ الأملاك بينهم متباينة، والمحاباة منتفية، وقد تقدم ما في منع قبول الشهادة منهم من الكلام في كتاب الشهادات.
قوله: (والوكيل بالبيع يجوز بيعه بالقليل والكثير والعرض -إلى آخره-).
قول أبي أبي يوسف ومحمد رحمهما الله أقوى فإن المعروف كالمشروط، وقد ألزما أبا حنيفة رحمه الله بما ذكره المصنف من أنه يتقيد التوكيل بشراء الفحم والجمد والأضحية بزمان الحاجة، وان البيع بغبن
فاحش من وجه، هبة من وجه وكذا المقايضة بيع من وجه، شراء من وجه، فلا يتناوله مطلق اسم البيع ولهذا لا يملكه الأب والوصي.
وأجاب عن ذلك: بأن التوكيل مطلق/ فيجري على إطلاقه في غير موضع التهمة، والبيع بالعين أو بالغبن الفاحش متعارف عند شدة الحاجة إلى الثمن، والتبرم من العين والمسائل ممنوعة على قول أبي حنيفة على ما هو المروي عنه، وأنه بيع من كل وجه حتى إن من حلف لا يبيع يحنث به غير أن الأب والوصي لا يملكانه مع أنه بيع؛ لأن ولا يتهما نظرية،
ولا نظر فيه.
والمقايضة شراء من كل وجه، وبيع من كل وجه لوجود حد واحد منهما، ويجاب عن قوله: إن التوكيل مطلق فيجري على إطلاقه بأن المعروف كالمشروط فيقيد العرف إطلاق التوكيل كما إذا شرط ذلك في العقد، فإن العرف يقيد التوكيل كما يقيد اليمين.
وأما قوله: والبيع بالعين أو الغبن الفاحش متعارف عند شدة الحاجة إلى الثمن والتبرم من العبن، فليس مقتضاه الجواز مطلقاً، وإنما مقتضاه الجواز عند شدة الحاجة إلى الثمن بالمثن، لا بالعرض الذي قد لا يحتاج إليه الموكل ولا بأقل من القيمة عند القدرة على بيعه بها.
فالدليل أخص من المدلول ففسد الاستدلال، وهذا مما يمكن الوكيل معرفته بالقرائن من حال الموكل فلا يعارض العرف العام إلا بالدليل.
وأما قوله: والمسائل ممنوعة على قول أبي حنيفة رحمه الله على ما هو المروي عنه.
فالإلزام قوي والتزامه على رواية ضعيفة، وكيف يقال بعدم تقيد شراء
الأضحية بأيام العيد ولزوم شرائها على الموكل بعد العيد أو في السنة الثانية، والعرف يأبى ذلك.
وأما قوله: إنه بيع من كل وجه -يعني البيع بالغبن الفاحش- حتى إن من حلف لا يبيع يحنث به.
فجوابه: أن العرف يفرق بين الحلف عليه والتوكل به، فإن من حلف أن لا يبيع عنده فمر اده أن لا يخرجه عن ملكه بعوض من غير تعرض لقلة العوض أو كثرته بخلاف التوكيل ببيعه فإن مراده بيعه بقيمته أو بدونها بما يتغابن في مثله لا أن يبيع ما يساوي مثلاً ألف درهم بدرهم.
وهذا استعان على ذلك بالتوكيل وإلا فالبيع بالغبن الفاحش ما يعجز أحد عنه، ولا يحتاج فيه إلى الاستعانة بوكيل ولا غيره، فنفس الوكيل بالبيع قرينة دالة على إرادة الثمن قدر القيمة أو دونها بما يعسر الاحتراز عنه، هذا مقتضى التوكيل وإن تخلف بعض أفراد صوره بأن يكون الموكل متبرماً من المبيع بحيث لو عرض عنه أدنى العوض لرضي به، ولا يتمكن هو من فعل ذلك فاستعان بمن يفعله يلتزم في هذه الصورة، ولكن إطلاق البيع له بالثمن التافه الذي لا يرتضيه عاقل فيه نظر.
وإن كان الموكل متبرماً مما وكل بيعه، كيف ولو باشر الموكل ذلك بنفيه لعد سفيهاً يجب استمرار الحجر عليه، وتجديد الحجر عليه لهذا السبب عند من يرى ذلك، وهو الصحيح لما يأتي الحجر إن شاء الله تعالى.