الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رضي الله عنهما قال: "إذا استسلفت في شئ إلى أجل فحل الأجل، فإن أخذت ما أسلفت فيه وإلا فخذ عوضاً بأنقص منه، ولا تربح مرتين".
ذكره ابن المنذر، وهو مذهب مالك ورواية عن أحمد، قالوا: ولم يعرف لابن عباس مخالف في ذلك.
مسائل منثورة:
قوله: (ولنا أنه عليه الصلاة والسلام "نهى عن بيع الكلب إلا كلب صيد أو ماشية").
لا يعرف استثناء كلب الماشية في كتب الحديث، وأما استثناء كلب الصيد ففي حديث جابر، رواه النسائي والترمذي ولفظه:"أنه نهى عن ثمن الكلب والسنور إلا كلب الصيد"، قال الإمام أحمد: هذا من الحسن بن أبي جعفر وهو ضعيف، وقال الدارقطني: الصواب أنه موقوف على جابر، وقال الترمذي: لا يصح إسناد هذا الحديث، انتهى.
وقد روى أيضاً معناه من حديث أبي هريرة، وروى النهي عن ثمن الكلب العقور ووصفه بالعقور يدل على صحة استثناء كلب الصيد، قال
الترمذي- في حديث أبي هريرة-: هذا لا يصح، وأبو المهزوم ضعيف، يريد رواية عنه، قال البيهقي: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن ثمن الكلب جماعة منهم ابن عباس وجابر بن عبد الله وأبو هريرة/ ورافع بن خديج وأبو جحيفة، اللفظ مختلف والمعنى واحد، والحديث الذي روي في استثنائه
كلب الصيد لا يصح وكأن من رواه أراد حديث النهي عن اقتنائه فشبه عليه، والله أعلم. وكذلك بقية الأحاديث التي فيها وصف الكلب بكونه عقوراً ضعيفة لا تقوم بها حجة، ولا تقاوم ما ورد من السنة في النعي عن بيعه وتحريم ثمنه وكلها مطلقة، وحملها على الابتداء لا يقوي؛ لأنه مجرد دعوى من غير دليل، وعلى تقدير تسليم صحة أحاديث الاستثناء فذلك حجة لأبي يوسف على استثنائه، أما أن يستدل بها لجواز بيع الكلب مطلقاً فلا، بل الأحاديث حجة على من أطلق الجواز لا له، وقد أجاب السغناقي في شرحه عن هذا الاستدراك بأن مراد المصنف من إيراد الحديث إبطال مذهب الخصم، لا إثبات المدعى، وإثبات المدعى [ثابت] بحديث ذكره في
الأسرار برواية عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلب بأربعين درهماً" فذكره مطلقاً من غير تخصيص في أنواع الكلاب [بالتضمين]، وفي تضمين المتلف دليل على تقوم المتلف، أو تقول: المدعى جواز الكلب المعلم وغير المعلم سوى العقور يثبت بهذا الحديث وذلك لأن جواز بيع الكلب المعلم استفيد بقوله: "إلا كلب الصيد"، وجواز بيع الكلب غير المعلم بقوله:"أو ماشية" لأن كل كلب يصلح لحراسة الماشية إذ من عادة الكلاب نباحها عند حس الذئب أو السارق فبقي العقور تحت المستثنى منه، انتهى كلام السغناقي.
وجوابه: أن الحديث الذي ذكره صاحب الأسرار إنما هو من فعل ابن عمر غير مرفوع، ولا يصح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستدلاله بقوله:"أو ماشية" على جواز بيع ما عدا كلب الصيد من الكلاب سوى العقور استدلال فاسد لوجهين:
أحدهما: أن هذه الكلمة غير ثابتة وإنما ذكرها الأصحاب في كتب
الفقه بغير إسناد.
الثاني: أنه يبقى الحديث حجة لأبي يوسف على استثناء العقور، ويخلو -قول أبي حنيفة ومحمد بتعميم العقور وغيره بالجواز- عن الدليل، وغرضه الاستدلال للمذهب على جواز بيع الكلب مطلقاً، ولم يأت بدليل على ذلك.
قوله: (وأهل الذمة في البياعات كالمسلمين لقوله عليه الصلاة والسلام في ذلك الحديث: "فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين").
هذا الحديث منكر، وليس هذا العموم مسلماً، فكم من حكم قد خالفوا فيه المسلمين، وكأن المصنف اشتبه عليه هذا الحديث مما ذكره ابن حبان من حديث لأنس رضي الله عنه "فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله صلى الله عليه وسلم وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم واستقبلوا قبلتنا وصلوا صلاتنا، وأكلوا ذبيحتنا، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم"، والمراد من هذا الحديث أنهم إذا أسلموا دخلوا في حكم المسلمين لا كما ادعى المصنف أن أهل الذمة إذا بذلوا الجزية يكون لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم، وإنما ورد في حديث سليمان بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله
…
إلى أن قال: فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم
وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن با-صلى الله عليه وسلم-عليهم وقاتلهم
…
" الحديث، رواه أحمد ومسلم وابن ماجه والترمذي وصححه، ولم يترتب في هذا الحديث على أداء الجزية سوى القبول منهم والكف عنهم لا غير.
قوله: (دل عليه قول عمر رضي الله عنه: "ولو هم بيعها، وخذوا العشر من أثمانها").
يعني الخمور والخنازير، وهذا الأثر لا يصح عن عمر رضي الله عنه، بل قد ورد عنه خلافه كما تقدم في الباب العاشر، وإنما ورد عن عمر رضي الله عنه الأمر بذلك في الجزية، روى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"دخلت على عمر وهو يقلب يده، فقلت: مالك يا أمير المؤمنين؟ قال: عويمل لنا بالعراق خلط في فئ المسلمين أثمان الخمر والخنازير، ألم يعلم أن رسول الله قال: "لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم أن
يأكلوها فجملوها فباعوها، وأكلوا أثمانها"، قال سفيان: يقول: لا تأخذوا في جزيتهم الخمر والخنازير، ولكن خلوا بينهم وبين بيعها، فإذا باعوها فخذوا أثمانها في جزيتهم.
وكذلك نقل أبو عبيد عن عمر رضي الله عنه: أنه بلغه أن بعض عماله كانوا يأخذون -في الجزية والخراج- الخمر والخنازير ثم يبيعونها منهم فنهاهم عن /ذلك، وأمرهم أن يولوهم ببيعها ويأخذوا من أثمانها جزيتهم وخراجهم.
* * *