الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أرواحها وَقد بقيت غَرضا للعسكر وعرضا بِلَا جَوْهَر وشبحا بِغَيْر روح وصدرا غير مشروح وَالْكفْر مفجوع بِالنَّفسِ والبلد والأهل وَالْولد وَنحن لَا رَاحَة لنا إِلَّا فِي هَذَا التَّعَب وَلَا أرب لنا فِي غير هَذَا الأرب وَلَا اجْتِهَاد لنا إِلَّا فِي الْجِهَاد وَلَا مغزى لنا غير الْغُزَاة وَمَا نرجو من الله إِلَّا إنجاز العدات فِي جَمِيع العداة
فأصبحنا يَوْم الثُّلَاثَاء وَقد سَاءَ صباح المثلثين وَبَان صباح الْمُوَحِّدين وأبينا أمانهم إِلَّا أَن يفدوا نُفُوسهم وينزعوا من الْحَرْب لبوسهم ويخلعوا بأسهم ويلبسوا بوسهم وينجوا بِثِيَاب أبدانهم وَقد أَدّوا خَمْسَة الآف دِينَار من أثمانهم
فصل فِي فتح بغراس
قَالَ القَاضِي ابْن شَدَّاد وَهِي أَيْضا قلعة منيعة أقرب إِلَى أنطاكية من دربساك وَكَانَت كَثِيرَة الْعدة وَالرِّجَال فَنزل الْعَسْكَر فِي مرج لَهَا وأحدق الْعَسْكَر بهَا جَرِيدَة مَعَ أَنا احتجنا فِي تِلْكَ الْمنزلَة إِلَى يزك يحفظ من جَانب أنطاكية لِئَلَّا يخرج مِنْهَا من يهجم على الْعَسْكَر فَضرب يزك الْإِسْلَام على بَاب أنطاكية بِحَيْثُ لَا يشذ عَنهُ من يخرج مِنْهَا
قَالَ وَأَنا مِمَّن كَانَ فِي اليزك فِي بعض الْأَيَّام لرؤية الْبَلَد وزيارة حبيب النجار المدفون فِيهِ عليه السلام وَلم يزل
يُقَاتل بغراس مقاتلة شَدِيدَة حَتَّى طلبُوا الْأمان على اسْتِئْذَان أنطاكية ورقي الْعلم السلطاني عَلَيْهَا فِي ثَانِي شعْبَان
وَقَالَ الْعِمَاد وَلما فتحت دربساك لم يبْق لنا همه إِلَّا بغراس وَقد شَارف رَجَاء أَكثر النَّاس فِي فَتحه الْيَأْس وَهُوَ حصن حُصَيْن وَمَكَان مكين هُوَ للداوية وجار ضباعها وَغَابَ سباعها وَهُوَ بِقرب أنطاكية حصاره وحصارها سَوَاء وَمَا لداء داويته دَوَاء
فَنزل الْعَسْكَر بَين أنطاكية وَبَينه يتقاضون مِنْهُمَا للدّين دينه ويشنون الغارات ويسنون النكايات وَلَا يبرحون بِإِزَاءِ أنطاكية صفا يرْمونَ لَهَا ولأهلها فتحا وحتفا يتناوبون على سَبِيل اليزك وَيدعونَ العدى إِلَى المعترك وَلَيْسَ بَينهمَا إِلَّا النَّهر
فَصَعدَ السُّلْطَان جَرِيدَة إِلَى الْجَبَل وَأمر بِنصب المجانيق حولهَا على تِلْكَ القلل وَنقل إِلَيْهَا أحواض المَاء ورواياه وَبث فِي النواحي سراياه وَفرق على الْجَمِيع عطاياه وأقمنا عَلَيْهِ أسبوعا نجري إِلَيْهِ من كل منجنيق من فيض الْحِجَارَة ينبوعا وَنحن نفكر فِيمَا يكون وَمَتى تتمّ الْحَرَكَة وفيم السّكُون وَهَذَا بيكار يطول
وتعب لَا يَزُول إِذْ رَأينَا بَاب الْحصن وَقد فتح وَخرج من الْحصن من أَخذ الْأمان لأَهله وَسلم الْحصن بِمَا فِيهِ من الْأَمْوَال وَقدر مَا فِيهِ من الْغلَّة تخمينا بِاثْنَيْ عشر ألف غرارة وَسلمهَا السُّلْطَان مَعَ دربساك إِلَى صَاحب عزاز علم الدّين سُلَيْمَان بن جندر وكتبت عَلَيْهِ جَمِيع مَا فِي القلعتين من الْمَوْجُود من الْمكيل وَالْمَوْزُون والمعدود
وَكَانَت الْغلَّة بأنطاكية غَالِيَة السّعر فَقلت كَأَنِّي بِمن تولى القلعة وَقد بَاعَ الْغلَّة وشفى من فقره بهَا الْغلَّة ثمَّ أَشَارَ بتخريبها وهدمها وَلم يلْتَزم بحكمها وَقَالَ إبقاؤها غرر وحفظها على الْمُسلمين ضَرَر وخطر فجَاء الْأَمر على مَا حسبته بعد سِنِين وَعَاد إخلاؤها بمضرة الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهُ أظهر ذَلِك الْوَقْت أَنه أخلاها وَأَنه للتخريب خَلاهَا فجَاء إِلَيْهَا مقدم الأرمن ابْن لاون فَدَخلَهَا وَأتم غارته وكملها وَذَلِكَ فِي سنة وَسبع أَو ثَمَان وَثَمَانِينَ
وَهَذَانِ الحصنان دربساك وبغراس كَانَا لأنطاكية جناحين ولطاغية الْكفْر سلاحين فتم للسُّلْطَان فتح هَذِه الْحُصُون الْمَذْكُورَة مَعَ أبراج ومغارات وشقفان كَثِيرَة حَتَّى خلص ذَلِك الاقليم وَتمّ الْفَتْح الْعَظِيم وعادت الْكَنَائِس مَسَاجِد وَالْبيع معابد والصوامع جَوَامِع والمذابح لعبدة الصلبان مصَارِع