الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وللقاضي الْفَاضِل رحمه الله من كتب أخر يشْرَح لنا بعض مَا تقدم وَمَا لم نذكرهُ من السّير
مِنْهَا قَوْله كتاب بَغْدَاد كتاب بَارِد غث جامد مَا فِيهِ مَقْصُود لقاصد وَلَا صلَة لعائد وَنحن نطلب الذَّهَب الْحَار فَتضْرب فِي حَدِيد بَارِد
وَمِنْهَا فِيمَا خرب من الْبِلَاد الفرنجية المغنومة خراب الْبِلَاد فِي هَذَا الْوَقْت الضّيق لَا شُبْهَة فِي تقويته لنَفس الْعَدو وإضعافه لأنفس الْمُسلمين وكل من يسمعهُ يفجؤه من بديهة الْيَأْس مَا يقطع رَجَاءَهُ وَالْمولى يعلم أَن الْعَدو أَخذهَا من المصريين فِي تَمام سِتِّينَ سنة وحفظوها بالانحصار مرّة وبالهدنة أُخْرَى وبالقتال مَرَّات وبولاة سوء لَو كَانَ فيهم خير لما عجزوا عَنْهَا
وَنحن قد حملنَا عَن الْعَدو الْمُؤْنَة بتخريب الْبِلَاد الَّتِي كَانَ الْعَدو يُرِيد أَن يحاصرها وينازها وَينصب المنجنيق والبرج عَلَيْهَا وَيخَاف النجدة أَن تصلها وَقُوَّة الْإِسْلَام أَن تثوب إِلَيْهَا ويتوقع أَن يبدهه المصاف قبل النُّزُول عَلَيْهَا فعرفناه أَنه قادم على من لَا سلَاح لَهُ إِلَّا أَن يلقِي السِّلَاح وَلَا حفظ للبلاد إِلَّا أَن
نخربها فقد نكلنا عَن اللِّقَاء وفررنا قبل المواجهة وزدنا زِيَادَة عَجِيبَة وَهُوَ أَن المنهزم ينهزم بِالرِّجَالِ وَنحن ننهزم بالبلاد
ثمَّ قَالَ وَثُبُوت مَوْلَانَا على عكا هُوَ حراستها وحفظها وَقُوَّة نفس من بهَا وأهون الْأَعْدَاء ملك الألمان لَا يشك مَوْلَانَا أَن جمعه لَا يَفِي بِعشر قراقر من سِتِّينَ قرقورة وصلت إِلَى الفرنج نجدة من بِلَاد الْمَجُوس فِي السّنة الْمَاضِيَة وَإِنَّمَا الزَّائِد سَمعه ملك وَقد هلك وَرَأس وَقد قطع وقائد جَيش وَقد كبا الْحمار
وَمِنْهَا عِنْد وُرُود كتاب السُّلْطَان إِلَيْهِ يبشر بعافيته من مرض فِي شهر رَمَضَان أسفرت بشارته عَن أَن الْمولى أَتَاهُ الْفرج وغذاه الْفروج واستقل بِحَمْد الله وَصَحَّ وَقَالَت الْعَافِيَة للمرض تَنَح
وَكَانَ مَا فِي كِتَابيه الْأَوَّلين من تَعْرِيف النُّون من الْحَمد لله رب الْعَالمين فِيهِ أثر ضعف ينتقده صيارفة الخطوط
فَأَما هَذَا الْكتاب الْمُبَارك فقد صحت فِيهِ التعريقة وقويت الْيَد وطلعت النُّون أهم إِلَيْنَا من مطلع الْهلَال الفطري الَّذِي يُشبههُ الشُّعَرَاء بالنُّون وَمِنْهُم من قَالَ
(ولاح هِلَال مثل نون أجادها
…
بذوب النضار الْكَاتِب ابْن هِلَال)
وَهَذَا من أَنْوَاع الْفَرَاغ الَّذِي مَا أوجبه للمملوك إِلَّا مسرته بعافية الْمولى أدامها الله وأدام المسرة بهَا لَهُ وللخلق فَمَا يشبهها
الْمَمْلُوك إِلَّا بِنور الشَّمْس الَّذِي لَهُ فِي كل مَكَان أثر وَلكُل عين بِهِ نظر فَلَا أخلى الله الدُّنْيَا من آثاره والعيون من أنواره
وَبعد عَافِيَة الْمولى قد انْتظر الْإِسْلَام عافيته بِهِ من الْمَرَض الَّذِي هُوَ الْعَدو فَيجمع الله تَعَالَى للْمولى وللخلق بَين العافيتين ويستخدم شكرهم للنعمتين فقد جلا الله سُبْحَانَهُ بِهَذَا الْمَرَض سيف الله الَّذِي هُوَ الْمولى وَمَا صقله إِلَّا لتصدأ بِهِ قُلُوب أعدائه
وَمن فَوَائِد هَذَا الْمَرَض أَن الْمولى يسْتَأْنف الْعُمر جَدِيدا والعزم حديدا وَيسْتَقْبل التَّدْبِير بنشاط قد حضر وأعضاء قد فَارقهَا مَا كَانَ سَبَب الضجر
وَمِنْهَا وَأما تبرم مَوْلَانَا بِكَثْرَة المطالبات مِنْهُ فَلَا أخلى الله مَوْلَانَا من الْقُدْرَة عَلَيْهَا وهنيئا لَهُ أَن الله سُبْحَانَهُ يُطَالِبهُ بِحِفْظ دينه وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُطَالِبهُ بِحسن الْخلَافَة فِي أمته وَالسَّلَف الصَّالح من هَذِه الْأمة يطالبونه بِمُبَاشَرَة مَا لَو حَضَرُوهُ لما زادوا على مَا يَفْعَله الْمولى وَأهل الْحَرْب يطالبونه بإزاحة علتهم من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْحَدِيد وَبَقِيَّة الْأمة تطالبه بالأمن فِي سربهم والاستثامة فِي كسبهم والخفارة فِي سبلهم وَنَفسه الْكَرِيمَة تطالبه بِالْجنَّةِ بلغه الله إِلَيْهَا وبمعالي الْأُمُور أَعَانَهُ الله عَلَيْهَا
وَإِذا عدد مَا يُرَاد مِنْهُ فَلَا بُد أَن يعدد مَا يسر عَلَيْهِ فَهَل عدم
من الله تَعَالَى قطّ نصْرَة فَهَل استمرت بِهِ قطّ عسرة فَهَل تمت لعدو قطّ عَلَيْهِ كرة هَل بَات قطّ إِلَّا راجيا هَل أصبح إِلَّا رَاضِيا
أَلا يعلم أَن الله تَعَالَى ذخر لَهُ من الصَّالِحَات مَا لم ير كفوءا لَهُ غَيره أَلا يحصي من سبقه من الْمُلُوك إِلَى الدُّنْيَا فعجزوا عَمَّا سبق إِلَيْهِ الْمولى من الْآخِرَة هَل يعرف راية يُقَاتل تحتهَا فِي سيبل الله إِلَّا رايته
هَل يعرف مَالا ينْفق فِي سَبِيل الله إِلَّا مَاله هَل يسمع فِي مَجْلِسه إِلَّا كتاب الله يُتْلَى وَسنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تقْرَأ أَو يرى بِهِ إِلَّا الْخَيل تعرض وَالسِّلَاح يقلب لَا أقداح الشاربين وَلَا أصوات المغنين وَلَا رقائع الْكَذَّابين وَلَا سعايات النمامين
وبحق إِذا خطّ مَوْلَانَا أبقاه الله على تَشْبِيه الْمَمْلُوك مجْلِس ابْن عبد الْمُؤمن بِالْمَسْجِدِ فَإِن مَجْلِسه أولى بِأَن يكون مَسْجِدا من كل مجْلِس وَلَا غرو أَن تعترف المدائح كَمَا تعترف الضوال وَأَن تتبع كَمَا تتبع الطرائد {ولينصرن الله من ينصره}
لَعَلَّ الْمولى عز نَصره قد نفذ إِلَى جَانب الشمَال جمَاعَة فَإِن صَاحب أنطاكية خذله الله عاث وشعث وخلا الجبان بِأَرْض فَطلب الطعْن وَحده
لَو قرن أهل عكا وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ بِمَشِيئَة الله مَا هم فِيهِ من جِهَاد بنية احتساب لما سبقهمْ إِلَى الْجنَّة سَابق وَلَا لحقهم بعدهمْ لَاحق فليهن مَوْلَانَا توفر ثَوَابه على كل حَال فَلهُ ثَوَاب نَفسه وثواب من جَاهد بِسَبَبِهِ
فَلَا أعدم الله الْخلق وَاحِدًا استقام بِهِ جَمِيعهم ومالكا قَامَ برعاياهم فَأقْعدَ مَا يروعهم وشفيقا يقيهم بِنَفسِهِ وبولده وبإخوته ويتقدم إِلَى الْأَهْوَال أَمَام مماليكه وأمرائه وَعَسْكَره وَحَمَلته كَأَنَّهُ مِنْهُم مَكَان بِسم الله من الْكتاب وَمَكَان الامام من الْمِحْرَاب وَمَكَان النواصي من وُجُوه الصواهل وَمَكَان الأسنة من وُجُوه الذوابل خير مَا كَانَ إِذا لم تظن نفس بِنَفس خيرا وأغير مَا كَانَ على محارم الله إِذا كَانَت أنفس الْمُلُوك غير غيرى
وَقد اطمأنت الْقُلُوب إِلَى أَن الله سُبْحَانَهُ قد كشف الْغُمَّة وأفرجها وأطفأ نَار الْحَرْب الَّتِي كَانَ الْعَدو أججها فَمَا يتَوَقَّع من كتب مَوْلَانَا أبقاه الله إِلَّا أَن الْإِسْلَام قد رَضِي بِمَا يسْخط الْكفْر وَلَا يسمع من قصصه الَّذِي هُوَ أحسن الْقَصَص إِلَّا أَن يَقُول مَا قَالَه سميه على نَبينَا وَعَلِيهِ السَّلَام {قضي الْأَمر}
فَأَما ملك الألمان فقد سلبه الله مَا أضيف إِلَيْهِ كَمَا كَانَ الْمَمْلُوك رأى فِي مَنَامه على كَوْكَب وَأعلم بِهِ مَوْلَانَا رِسَالَة فَقَالَ أبقاه الله قد قبلت الْبُشْرَى
وَصُورَة الرُّؤْيَا أَن رَسُولا جَاءَ من جِهَة السُّلْطَان عز نَصره إِلَى الْمَمْلُوك فَقَالَ اكْتُبْ كتابا بِبِشَارَة ملك الألمان فَقلت حَتَّى أفكر فَقَالَ الرَّسُول اكْتُبْ بِأَن الله قد سلب ملك الألمان مَا اضيف إِلَيْهِ وَالْمَشْهُور أَن ملك الألمان خرج فِي مئتي ألف وَأَنه الْآن فِي دون خَمْسَة آلَاف
وَمِنْهَا ورد كتاب من المهدية إِلَى الاسكندرية ثَانِي رَجَب بعد سِتَّة عشر يَوْمًا من المهدية وَذكر من فِيهِ اخبارا وَقد طولع بهَا وَلما تَكَرَّرت علمت صِحَّتهَا وَهُوَ أَن عَسَاكِر الغرب الإسلامية نازلة على طليطلة وَقد افتتحت عدَّة حصون كَافِرَة وَأَن يوزبا شوهد بالمهدية موثقًا بالحديد وَقد نفذه قراقوش إِلَى صَاحب تونس ليسيره إِلَى بِلَاد الأندلس مَوضِع نزُول ابْن عبد الْمُؤمن بالعساكر
وَأَن أهل صقلية من الْمُسلمين إِلَى الْآن فِي حَرْب قَائِمَة بَينهم وَبَين فرنجها ومعتصمون بالجبال فِي أَعمالهَا وَأَن عَسْكَر الفرنج قد خرج لانجاد أَصْحَابهم بصقلية والمسلمون بهَا على توقع ورقبة وحذار وخيفة نصر الله كلمة التَّوْحِيد وَأهْلك كل جَبَّار عنيد
وَأَن مراكب فِيهَا أزواد للجنويين دخلت المهدية بِأَمَان من
صَاحبهَا فباعت بهَا وتزودت مِنْهَا وَأَنَّهَا قاصدة الشَّام خيب الله قَصدهَا
وَمِنْهَا وَقد سيرالحمل الْآن من الْمجْلس العزيزي بِحُضُور فلَان وَفُلَان وَكلهمْ مُجْتَهد فِي الْخدمَة وَلما عرف الْمَمْلُوك أَنهم لَا يطرقون الْمَعْنى الَّذِي يطرقه الْمَمْلُوك من تَنْبِيه مَوْلَانَا على أَن يقتصد قي الانفاق وَيقدر الاخراج للْعلم أَن هَذَا الْحجر قد رمينَا بِعَدَمِهِ وَسمع بِخَبَر الْمولى فَانْهَزَمَ قرارا من سطوة كرمه
والبلاد لَيست الْآن كعهدها فِي انْقِطَاع أسفارها ووقوف معايشها وكساد أسواقها وانكسار تجارها وَلَو لم تكن الدَّرَاهِم سلْعَة لَا تخرج من مصر كَمَا يخرج الدِّينَار لما وجدت كَمَا لَا يُوجد الدِّينَار وَإِن تصريف الدَّرَاهِم بعد أَن تصير مستخرجا بِذَهَب شغل شاغل واستخراج ثَان غير الأول وَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح أَو أمرمن عِنْده يحدث للاسلام نصرا عَزِيزًا وللكفر خذلانا سَرِيعا وجيزا
مَوْلَانَا خلد الله ملكه من وَرَاء ضَرُورَة لَا تخفى عَن الْمَمْلُوك والمماليك من وَرَاء ضَرُورَة لَا تخفى عَن الْمولى وصدرالمولى بِحَمْد الله وَاسع وَفرج الله مِنْهُ قريب وَهَذِه الضائقة لما يُريدهُ الله تَعَالَى من حسن موقع الْفرج بعْدهَا
فقد أنْفق الْمولى مَال مصر فِي فتح الشَّام وَأنْفق مَال الشَّام فِي فتح الجزيرة وَأنْفق مَال الْجَمِيع فِي فتح السَّاحِل وَينْفق إِن شَاءَ الله تَعَالَى مَال الْقُسْطَنْطِينِيَّة فِي فتح رُومِية والملوك كلهم وكلاؤه وأمناؤه على خزائنهم إِلَى أَن يسلموها إِلَيْهِ فيشكره الله على مَا أخرجه فِي سَبِيل الله مِنْهَا ويمقتهم على مَا كنزوه من ذهبها وفضتها فَلَا يكن فِي صدر الْمولى حرج وَلَا فِي خلقه فَإِن الله سُبْحَانَهُ لَا يضيق رزقا على يَده الْكَرِيمَة لَا سِيمَا وَقد أجْرى عَلَيْهَا أرزاق خلقه
وَمِنْهَا يُنْهِي وُصُول رَسُول ملك الرّوم بِمَا فِي صحبته من هَدِيَّة وَبِمَا على لِسَانه من رِسَالَة وَبِمَا على يَده من كتاب وَحضر بَين يَدي الْملك الْعَادِل وَجرى من الْمُفَاوضَة مَا زبدته امتنان الْملك بِكَوْنِهِ لم يجب رَسُول ملك الألمان وَصَاحب صقلية وَغَيرهم من جيوش الفرنج إِلَى الْمُوَافقَة على حَرْب السُّلْطَان وَإِطْلَاق طريقهم وَامْتنع وسد الدربندات وَحفظ عَلَيْهِم الطّرق ووصى أَرْبَاب الْحُصُون بالتيقظ لَهُم وَالْمَنْع دونهم وَجعل عذره لملتمسي مُوَافَقَته أَن الْبِلَاد فِي هَذِه السّنة غَالِيَة السّعر والمصلحة تَقْتَضِي أَن لَا تكون الْحَرَكَة إِلَّا بِقُوَّة وعَلى تمكن من الْميرَة وتؤخر الْحَرَكَة إِلَى السّنة الْأُخْرَى
ثمَّ قَالَ وَهَذَا ملك الرّوم خَائِف من الفرنج على بَلَده مدافع عَن نَفسه إِن تمّ لَهُ الدّفع ادّعى أَنه بسببنا وَإِن لم يتم ادّعى أَنه غلب عَن مقْصده ومقصدنا وَقد جعل مَا أوردهُ من أَن تُقَام البطركة فِي قمامة من قبله وَأَن تنقل من ولَايَة الفرنج إِلَى أَن يوليها الطاغية من أهل عمله سَببا يبسط بِهِ عذره بِزَعْمِهِ عِنْد أهل جنسه وَيدْفَع بِهِ عَن نَفسه لَا سِيمَا مَعَ إِقَامَة الْخطْبَة الإسلامية وَنَقله الْمِنْبَر وفسحته فِي الصَّلَاة وإعزاز الْكَلِمَة الإسلامية أرْغم الله بهَا أَنفه وَعجل بسيفها حتفه ومولانا أبقاه الله يثبت فِي الْأَجْوِبَة وَلَا يُجيب إِلَى مَا على الْإِسْلَام فِيهِ غَضَاضَة وَلَا إِلَى مَا للكفر فِيهِ قُوَّة {إِن ينصركم الله فَلَا غَالب لكم}
وَمن كتاب آخر وصل إِلَى الْمَمْلُوك كتاب يذكر وُصُول رسل الْملك الْعَتِيق من قبرس إِلَيْهِ يُخبرهُ بعصيانه على ملك إنكلتير ومكاشفته بالعداوة وَالْحَرب وَأَنه قد كَاتب السُّلْطَان أعز الله نَصره يبْذل لَهُ من نَفسه الْعُبُودِيَّة وَالطَّاعَة والمظاهرة على ملك إنكلتير وَالْأَخْبَار متواترة بِأَن الْعَتِيق أحرق موانئ قبرس ووعرها وَقطع الْميرَة عَن السَّاحِل
وَلَا شُبْهَة ان مَوْلَانَا يتَقَبَّل من الْمَذْكُور وَيُقَوِّي نَفسه على هَذِه المباينة فان فِي تخاذلهم نصْرَة الْإِسْلَام وشغل بَعضهم بِبَعْض وافتراق كلمتهم المجتمعة وقطعا لِلْمِيرَةِ عَن الشَّام وَأمنا لجَانب كبيرمن جَوَانِب الْبَحْر
وهذ الْملك الْعَتِيق قد صَار لمولانا صديقا وَمَا سمي الْعَتِيق إِلَّا لِأَنَّهُ صَار لمولانا عتيقا وَلَا اعْتِبَار بحديثنا مَعَ صَاحب الْقُسْطَنْطِينِيَّة فِي أَنا ننجده على قبرس فانا إِنَّمَا وعدناه بالنجدة عَلَيْهَا لما كَانَت بيد عدونا
وَوَاللَّه مَا أَفْلح ملك الرّوم قطّ ولانفع إِن يكن صديقا وَلَا ضرّ إِن يكن عدوا وَكَذَلِكَ صَاحب الغرب {وَالله يَعْصِمك من النَّاس}
وقف الْمَمْلُوك على كتاب بَغْدَاد وَالْمَقْصُود الَّذِي ندب لأَجله الرَّسُول مَا ألم بِذكرِهِ فِي الْكتاب وَهِي المعونة على الْجِهَاد وَعرف استدعاء المساعدة على تكريت وَلَو كَانَ لنا فرَاغ لَهَا لما كَانَ النّظر الصَّحِيح يقتضيها لِأَنَّهَا مهما بقيت فِي يَد من هُوَ الْآن بهَا فَهِيَ فِي يَد الْمولى أبقاه الله تَعَالَى وَمهما خرجت عَنهُ خرجت عَنْهَا وَمَا نقُول أَنه لَيْسَ لنا تطلع إِلَى مثلهَا لَا سِيمَا وَهِي طَرِيق إِلَى غَيرهَا وَقد فتح الله للْمولى بِبِلَاد هِيَ مَعَ سعتها ضيقَة عَن زبونها