الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَكم ترحل مِنْهُم فيلق بفلا
…
إِلَى الخوامع أَلْقَاهُ ترحله)
(استصرخوا الْأَهْل والعدوى تمزقهم
…
واستكثروا المَال والهيجا تنفله)
(هم الْفراش لهيب الْحَرْب تصرعه
…
وَكلما لج صدما جلّ مَقْتَله)
(سيف أَمَام فلسطين بَرى أمما
…
خلف الْبحار لقد أمهاه صيقله)
(كم قد أعدُّوا وَكم قد فل جمعهم
…
من غير ضرب وَلَا طعن يُزِيلهُ)
(وَإِنَّمَا اسْم صَلَاح الدّين يذكر فِي
…
جَيش الْعَدو فيسبيهم تخيله)
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخمْس مئة
قَالَ الْعِمَاد رحمه الله وَالسُّلْطَان مُقيم بعسكره بِمَنْزِلَة الخروبة فِي خيامه المضروبه على الْحَالة المحبوبة وَعِنْده الْعَادِل وَالْأَفْضَل والمظفر وعكا محصورة وانقرضت هَذِه السّنة وَهُوَ على مرابطة المحاصرين لعكا وَاتفقَ فِي اوائل هَذِه السّنة وَقبلهَا انصراف العساكر الغريبة إِلَى بلادها الْبَعِيدَة والقريبة لهجوم الشتَاء وتوالي الأنداء والأنواء وحالت الوحول عَن الرّكُوب وَالنُّزُول وَكَانَت نوب اليزك مترتبة وَالْأَحْوَال متهذبة وَرُبمَا ركب السُّلْطَان يَوْمًا للقنص بالبزاة ثمَّ يعود لانتهاز فرْصَة الْغُزَاة
ثمَّ وَقعت وقْعَة الرمل وَذَلِكَ أَنه ركب يَوْمًا فِي صفر فتصيد وطاب لَهُ قرب القنص فأبعد واليزكية على الرمل وساحل الْبَحْر فَخرج الفرنج فِي وَقت الْعَصْر فِي عدد لَا يدْخل فِي الْحصْر وتسامع أَصْحَابنَا بهم فزحفوا إِلَيْهِم وحكموا عَلَيْهِم وطردوهم إِلَى خيامهم وَأخذُوا عَلَيْهِم من خَلفهم وأمامهم وَلَهُم فِي كل دفْعَة من الْعَدو قلائع وللفرنج فِي كل كرة على الرمل مصَارِع حَتَّى فني النشاب وَبَقِي الانتشاب
وشاع نِدَاء الْأَصْحَاب باستدعاء النشاب والفرنج لَا يعجزهم إِلَّا الرماء وَلَا يهتكهم إِلَّا الاصماء فَلَمَّا أنسوا بخلو الجعاب تجاسروا على الدنو من تِلْكَ الشعاب وحملوا حَملَة وَاحِدَة ردوا بهَا أَصْحَابنَا إِلَى النَّهر وكادت تعبث بهم يَد الْقَهْر فَثَبت من العادلية فِي وُجُوه الْقَوْم صف مرصوص الْبُنيان وَاسْتشْهدَ جمَاعَة من الشجعان وَذَلِكَ أَنهم لما ردوا الفرنج قلعوا فُرْسَانًا وصرعوا أقرانا فنزلوا بعد فرسهم لسلب لبسهم فمرت بهم الحملة فِي الأوبة وأعجلتهم عَن الرّكْبَة والوثبة وأظلم اللَّيْل وافترق الْجَمْعَانِ وَكثر التأسف على من فقد وَمِنْهُم الْحَاجِب أيدغمش المجدي
قَالَ وَمن عجائب هَذِه الْوَقْعَة أَن مَمْلُوكا للسُّلْطَان يُقَال لَهُ سراسنقر عثر بِهِ جَوَاده فَقبض من أسره شعره ليجذبه وسل آخر سَيْفه ليضربه فَضرب يَد قَابض شعره فسيبه وَاشْتَدَّ سراسنقر يعدو وهم خَلفه فَلم يدركوه وَعَاد السُّلْطَان من الصَّيْد وَقد انْفَصل الْأَمر
قَالَ وَفِي يَوْم الْأَحَد خَامِس عشر ربيع الأول تسلم شقيف أرنون بالأمان وَكَانَ الْحصار قد اسْتمرّ عَلَيْهِ حَتَّى فني زَاده وَصَاحبه أرناط فِي الْأسر فسلمه بخلاصه وَصَارَ إِلَى صور
قَالَ واغتنم السُّلْطَان هيجان البحروحضور مراكب الأسطول من مصر فَمَا زَالَ يُقَوي عكا بتسيير الغلات والقوات إِلَيْهَا فِي المراكب وملأها بالذخائر والأسلحة والكماة فَلَمَّا سكن البحرعادت مراكب الفرنج إِلَى مراسيها ودبت عقاربها وأفاعيها وشدت مراكبنا فِي موانيها وَانْقطع خبر الْبَلَد وَامْتنع عَلَيْهِ دُخُول المدد فَانْتدبَ الْعَوام بالسباحة وَحَملهمْ على ذَلِك من السُّلْطَان السماحة حَتَّى صَارُوا يحملون نفقات الأجناد على أوساطهم ويخاطرون بِأَنْفسِهِم مَعَ احتياطهم ويحملون كتبا وطيورا ويعودون بكتب وطيور ونكتب ويكتبون إِلَيْهِم إِلَيْنَا على أَجْنِحَة الْحمام بالترجمة المصطلح عَلَيْهَا
وَكَانَ فِي الْعَسْكَر من اتخذ حَماما يطوف على خيمته وَينزل فِي مَنْزِلَته وَعمل لَهَا برجا من خشب وهوادي من قصب