المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

رجال مُسلمُونَ ونصارى من أهل بيروت وَأَرَادُوا أَن تشتبه ببطس - الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية - جـ ٤

[أبو شامة المقدسي]

فهرس الكتاب

- ‌ثمَّ دخلت سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخمْس مئة

- ‌فصل

- ‌فصل فِي دُخُول السُّلْطَان رحمه الله السَّاحِل الآخر وَفتح مَا يسر الله تَعَالَى من بِلَاده

- ‌فصل فِي فتح أنطرطوس

- ‌فصل فِي فتح جبلة وَغَيرهَا

- ‌فصل فِي فتح اللاذقية

- ‌فصل فِي فتح صهيون وَغَيرهَا

- ‌فصل فِي فتح بكاس والشغر وسرمانية

- ‌فصل فِي فتح حصن برزيه

- ‌فصل فِي فتح حصن دربساك

- ‌فصل فِي فتح بغراس

- ‌فصل فِي عقد الْهُدْنَة مَعَ صَاحب أنطاكية وعود السُّلْطَان

- ‌فصل فِي فتح الكرك وحصونه

- ‌فصل فِي فتح صفد

- ‌فصل فِي فتح حصن كَوْكَب

- ‌فصل فِي بَاقِي حوادث هَذِه السّنة

- ‌ثمَّ دخلت سنة خمس وَثَمَانِينَ وَخمْس مئة

- ‌فصل فِي فتح شقيف أرنون

- ‌فصل

- ‌فصل فِي نزُول الفرنج - خذلهم الله - على عكا

- ‌فصل فِي المصاف الْأَعْظَم على عكا وَهِي الْوَقْعَة الْكُبْرَى الَّتِي بدأت بالسوأى وختمت بِالْحُسْنَى

- ‌فصل فِي بَاقِي حوادث هَذِه السّنة بمرج عكا وَغَيره

- ‌فصل

- ‌فصل فِي وُرُود خبر خُرُوج ملك الألمان

- ‌ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخمْس مئة

- ‌فصل فِي قدوم الْمُلُوك وحريق الأبراج

- ‌فصل فِيمَا كَانَ من أَمر ملك الألمان

- ‌فصل فِي الْوَقْعَة العادلية على عكا ظهر يَوْم الْأَرْبَعَاء الْعشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة

- ‌فصل

- ‌فصل فِي إِدْخَال البطس إِلَى عكا

- ‌فصل

- ‌فصل فِي إحراق مَا حوصر بِهِ برج الذبان وتحريق الْكَبْش

- ‌فصل فِي حوادث أخر مُتَفَرِّقَة فِي هَذِه السّنة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي نُسْخَة الْكتاب إِلَى ملك الْمغرب والهدية

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي ذكر خُرُوج الفرنج - خذلهم الله - على عزم اللِّقَاء ووصولهم إِلَى رَأس المَاء

- ‌فصل فِي وقْعَة الكمين وَغَيرهَا وَدخُول الْبَدَل إِلَى عكا

- ‌فصل فِي بَاقِي حوادث هَذِه السّنة

- ‌ثمَّ دخلت سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس مئة

- ‌فصل فِي مضايقة الْعَدو - خذله الله - لعكا - يسر الله فتحهَا - واستيلائهم عَلَيْهَا

- ‌فصل فِيمَا جرى بعد انْفِصَال أَمر عكا

- ‌فصل فِيمَا جرى بعد خراب عسقلان

- ‌فصل فِي بقايا حوادث هَذِه السّنة

- ‌ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخمْس مئة

- ‌فصل فِي عزم الفرنج على قصد الْقُدس وَسَببه

- ‌فصل فِي تردد رسل الإنكلتير فِي معنى الصُّلْح وَمَا جرى فِي أثْنَاء ذَلِك إِلَى أَن تمّ وَللَّه الْحَمد

- ‌فصل فِيمَا جرى بعد الْهُدْنَة

- ‌فصل فِي مسير السُّلْطَان رحمه الله من الْقُدس إِلَى دمشق

- ‌فصل فِي ذكر أُمُور جرت فِي هَذِه السّنة من وفيات وَغَيرهَا

- ‌ثمَّ دخلت سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخمْس مئة

- ‌فصل فِي مرض السُّلْطَان ووفاته أحله الله بحبوحة جناته

- ‌فصل فِي تَرِكَة السُّلْطَان وَوصف أخلاقه رحمه الله

- ‌فصل

- ‌فصل فِي انقسام ممالكه بَين أَوْلَاده وَإِخْوَته وَبَعض مَا جرى بعد وَفَاته

- ‌فصل فِي وَفَاة صَاحب الْموصل وتتمة أَخْبَار هَذِه الْفِتْنَة بِبِلَاد الشرق

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌وَدخلت سنة أَربع وَتِسْعين وَخمْس مئة

- ‌وَدخلت سنة خمس وَتِسْعين وَخمْس مئة

- ‌ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَتِسْعين وَخمْس مئة

- ‌فَصل

- ‌فصل فِي وَفَاة جمَاعَة من الْأَعْيَان فِي هَذِه السّنة أَعنِي سنة سِتّ وَتِسْعين

- ‌فصل فِي وَفَاة القَاضِي الْفَاضِل رحمه الله

- ‌ثمَّ دخلت سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مئة

الفصل: رجال مُسلمُونَ ونصارى من أهل بيروت وَأَرَادُوا أَن تشتبه ببطس

رجال مُسلمُونَ ونصارى من أهل بيروت وَأَرَادُوا أَن تشتبه ببطس الْعَدو فِي الْبَحْر وشدوا زنانير واستصحبوا خنازير وَسَارُوا بهَا فِي الْبَحْر بمراكب الفرنج مختلطين وَإِلَى محادثتهم ومجاذبتهم منبسطين وَلما حاذوا بهَا عكا صوبوا بهَا نَحْوهَا وَالرِّيح تسوقها والفرنج من مراكبها تَقول مَا هَذِه طريقها

وَهِي كالسهم النَّافِذ قد سدد فَوْقهَا فَدخلت الثغر واجتزأ الْبَلَد بهَا نصف شهر وَظَهَرت رَابِع عشر شعْبَان من ثبج الْبَحْر ثَلَاثَة مراكب كَأَنَّهَا ثَلَاث هواضب فَجَاءَت فَجْأَة أعلامها كالأعلام طائرة كالسهام وَلم تبال بمراكب الْعَدو فخرقتها وَقربت مِنْهَا سفينة فغرقتها وعبرت وَعين الْكفْر عبرى وامتلأ الثغر بهَا وأثرى

‌فصل

قَالَ الْعِمَاد وَوصل ملك الألمان ورام أَن يظْهر بمجيئه وَقعا ويبدي بِهِ نفعا فدبوا فِي راجل كَرجل الدبى وخيل أغصت الوهاد والربى وقربوا من تل العياضية وَعَلِيهِ خيم اليزكية والنوبة فِيهَا للحلقة المنصورة الناصرية والعصبة الموصلية فثارت إِلَيْهِم ودارت عَلَيْهِم وَركب السُّلْطَان وَتقدم إِلَى تل كيسَان وَلم تزل الْحَرْب إِلَى أَن جن الظلام وكف الْكفْر وَسلم

ص: 156

الْإِسْلَام وَكَانَت الدائرة على الْكَفَرَة

قَالَ القَاضِي وَقتل مِنْهُم وجرح خلق عَظِيم وَالسيف يعْمل فِي بَقِيَّتهمْ وهم هاربون حَتَّى وصل المخيم غرُوب الشَّمْس من ذَلِك الْيَوْم وَهُوَ لَا يعْتَقد سَلامَة نَفسه من شدَّة خَوفه وَقتل من الْمُسلمين فِي ذَلِك الْيَوْم اثْنَان وجرح جمَاعَة كَثِيرَة

وَمن كتاب إِلَى بَغْدَاد قد بلي الْإِسْلَام مِنْهُم بِقوم قد استطابوا الْمَوْت واستجابوا الصَّوْت وفارقوا المحبوبين الأوطان والأوطار وهجروا المألوفين الْأَهْل والديار وركبوا اللجج ووهبوا المهج كل ذَلِك طَاعَة لقسيسهم وامتثالا لأمر مركيسهم وغيرة لمتعبدهم وحمية لمعتقدهم وتهالكا على مقبرتهم وتحرقا على قمامتهم الظبي

لَا يطْلبُونَ مَعَ شدَّة الاملاق مَالا وَلَا يَجدونَ مَعَ كَثْرَة المشاق ملالا بل يتساقطون على نيران الظبي تساقط الْفراش ويقتحمون الردى متدرعي الصَّبْر متثبتي الجاش حَتَّى خرجت النِّسَاء من بلادهن متبرزات وسرن إِلَى الشَّام فِي الْبَحْر وَالْبر متجهزات وَكَانَت مِنْهُنَّ ملكة استتبعت خمس مئة مقَاتل فَارس وراجل رامح ونابل والتزمت بمؤنتهم فصودف مركبها بِقرب الاسكندرية فَأخذت برجالها وأراح الله من شَرّ احتفالها

ص: 157

ومنهن ملكة وصلت مَعَ ملك الألمان وَذَوَات المقانع من الفرنج مقنعات دارعات يحملن إِلَى الطعان الطوارق والقنطاريات وَقد وجدت فِي الوقعات الَّتِي جرت عدَّة مِنْهُنَّ بَين الْقَتْلَى وَمَا عرفن حَتَّى سلبن

وَإِن البابا الَّذِي برومية قد حرم عَلَيْهِم مطاعمهم ومشاربهم وَقَالَ من لَا يتَوَجَّه إِلَى الْقُدس مستخلصا فَهُوَ عِنْدِي محرم لَا منكح لَهُ وَلَا مطعم فلأجل هَذَا يتهافتون على الْوُرُود ويتهالكون على يومهم الْمَوْعُود وَقَالَ لَهُم إِنِّي وَاصل فِي الرّبيع جَامع على الاستنفار شَمل الْجَمِيع وَإِذا نَهَضَ هَذَا الملعون فَلَا يقْعد عَنهُ أحد ويصل مَعَه بأَهْله وَولده كل من يَقُول لله أهل وَولد

فَهَذَا شرح هَؤُلَاءِ وتعصبهم فِي ضلالتهم ولجاجتهم فِي غوايتهم بِخِلَاف أهل الْإِسْلَام فَإِنَّهُم يتضجرون وَلَا يصبرون بل يتفللون وَلَا يَجْتَمعُونَ ويتسللون وَلَا يرجعُونَ وَإِنَّمَا يُقِيمُونَ ببذل نَفَقَة وَإِذا حَضَرُوا حَضَرُوا بقلوب غير متفقة ليعلم أَن الْإِسْلَام من عِنْد الله مَنْصُور وَأَن الْكفْر بارادة الله محسور ومدحور

قَالَ القَاضِي وَلما عرف ملك الألمان مَا جرى على أَصْحَابه من اليزك الَّذِي هُوَ من الْعَسْكَر رأى أَن يرجع إِلَى قتال الْبَلَد ويشتغل بمضايقته فَاتخذ من الْآلَات العجيبة والصنائع الغريبة مَا هال النَّاظر إِلَيْهِ وَخيف على الْبَلَد مِنْهُ فمما أحدثه آله

ص: 158

عَظِيمَة تسمى دبابة يدْخل تحتهَا من الْمُقَاتلَة خلق عَظِيم ملبسة بصفائح الْحَدِيد وَلها من تحتهَا عجل تحرّك بهَا من دَاخل وفيهَا الْمُقَاتلَة حَتَّى يَنْطَح بهَا السُّور وَلها رَأس عَظِيم بِرَقَبَة شَدِيدَة من حَدِيد وَهِي تسمى كَبْشًا يَنْطَح بهَا السُّور بِشدَّة عَظِيمَة لانه يجرها خلق عَظِيم فتهدمه بتكرار نطحها

وَآلَة أُخْرَى وَهِي قبو فِيهِ رجال تسحب ذَلِك إِلَّا أَن رَأسهَا محدد على مِثَال السِّكَّة الَّتِي يحرث بهَا وَرَأس الْكَبْش مدور هَذَا يهدم بثقله وَتلك بحدتها وثقلها وَهِي تسمى سفودا وَمن الستائر والسلالم الْكِبَار الهائلة وَأَعدُّوا فِي الْبَحْر بطسة هائلة وصنعوا فِيهَا برجا بخرطوم إِذا أَرَادوا قلبه على السُّور انْقَلب بالحركات وَيبقى طَرِيقا إِلَى الْمَكَان الَّذِي يَنْقَلِب عَلَيْهِ يمشي عَلَيْهِ الْمُقَاتلَة وعزموا على تقريبه إِلَى برج الذبان ليأخذوه بِهِ

قَالَ وَنصب الْعَدو على الْبَلَد منجنيقات هائلة حاكمة على السُّور وتواترت حجارتها حَتَّى أثرت فِيهِ أثرا بَينا وَخيف من غائلته فَأخذ سَهْمَان من سِهَام الجرخ الْعَظِيم وأحرق نصلاهما حَتَّى بقيا كالشعلة من النَّار ثمَّ رميا فِي المنجنيق الْوَاحِد فعلقا فِيهِ واجتهد الْعَدو فِي اطفاء النَّار فَلم يقدر على ذَلِك وهبت ريح شَدِيدَة فاشتعل اشتعالا عَظِيما واتصلت لهبته بِالْآخرِ فَأَحْرَقتهُ وَاشْتَدَّ ناراهما بِحَيْثُ لم يقدر أحد أَن يقرب مكانهما ليحتال فِي

ص: 159

إطفائهما وَكَانَ يَوْمًا عَظِيما اشْتَدَّ فِيهِ فَرح الْمُسلمين وغم الْكَافرين

قَالَ وَمن نَوَادِر هَذِه الْوَقْعَة ومحاسنها يَعْنِي نَوَادِر مَا جرى فِي الْقِتَال على عكا أَن عواما مُسلما كَانَ يُقَال لَهُ عِيسَى كَانَ يدْخل الْبَلَد بالكتب والنفقات على وَسطه لَيْلًا على غرَّة من الْعَدو وَكَانَ يغوص وَيخرج من الْجَانِب الآخر من مراكب الْعَدو

وَكَانَ ذَات لَيْلَة شدّ على وَسطه ثَلَاثَة أكياس فِيهَا ألف دِينَار وَكتب للعسكر وعام فِي الْبَحْر فَجرى عَلَيْهِ أَمر أهلكه وَأَبْطَأ خَبره عَنَّا وَكَانَت عَادَته إِذا دخل الْبَلَد طَار طَائِر عرفنَا بوصوله فَأَبْطَأَ الطَّائِر فاستشعر هَلَاكه فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام بَينا النَّاس على طرف الْبَحْر فِي الْبَلَد وَإِذا الْبَحْر قد قذف إِلَيْهِم مَيتا غريقا فافتقدوه فوجدوه عِيسَى الْعَوام ووجدوا على وَسطه الذَّهَب ومشمع الْكتب وَكَانَ الذَّهَب نَفَقَة الْمُجَاهدين فَمَا رئي من أدّى الْأَمَانَة فِي حَال حَيَاته وَقدر الله لَهُ أداءها بعد وَفَاته إِلَّا هَذَا الرجل وَكَانَ ذَلِك فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَجَب أَيْضا

وَقَالَ الْعِمَاد فَعدم يَعْنِي عِيسَى وَلم يسمع لَهُ خبر وَلم يظْهر لَهُ أثر فظنت بِهِ الظنون وَمَا تيقنت الْمنون وَكَانَت لَهُ لَا شكّ عِنْد الله منزلَة فَلم يرد أَن تبقى حَاله وَهِي مجملة مُحْتَملَة

ص: 160