الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَحَد وَهِي من الْجُمُعَة أولى الْعدَد وَبِه وبآله يعز الله أهل الْجُمُعَة ويذل أهل الْأَحَد ثمَّ ذكر بَاقِي الْكتاب
فصل فِي وُرُود خبر خُرُوج ملك الألمان
قَالَ القَاضِي ابْن شَدَّاد وَلما دخل شهر رَمَضَان من سنة خمس وَثَمَانِينَ وصل من حلب كتب من وَلَده الظَّاهِر يخبر فِيهَا أَنه قد صَحَّ أَن ملك الألمان خرج إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة فِي عدَّة عَظِيمَة - قيل مئتا ألف وَقيل مئتان وَسِتُّونَ ألفا - يُرِيد الْبِلَاد الإسلاميه فَاشْتَدَّ ذَلِك على السُّلْطَان وَعظم عَلَيْهِ وَرَأى استنفار النَّاس للْجِهَاد وإعلام خَليفَة الْوَقْت بِهَذِهِ الحادثه فاستندبني لذَلِك وَأَمرَنِي بِالْمَسِيرِ إِلَى صَاحب سنجار وَصَاحب الجزيرة وَصَاحب الْموصل وَصَاحب إربل واستدعائهم إِلَى الْجِهَاد بِأَنْفسِهِم وعساكرهم وَأَمرَنِي بِالْمَسِيرِ إِلَى بَغْدَاد فسرت حادي عشر رَمَضَان وَيسر الله تَعَالَى الْوُصُول إِلَى الْجَمَاعَة وإبلاغ الرسَالَة إِلَيْهِم فَأَجَابُوا إِلَى ذَلِك بنفوسهم وسير صَاحب الْموصل علأ الدّين ابْنه بمعظم عسكره ووعد الدِّيوَان بِكُل جميل وعدت إِلَيْهِ فِي خَامِس ربيع الأول سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وسبقت العساكر وأخبرته بإجابتهم وتأهبهم للمسير فسر بذلك
وَقَالَ الْعِمَاد فِي كتاب الْفَتْح ونمى الْخَبَر بوصول ملك الألمان إِلَى قسطنطينية فِي ثَلَاث مئة ألف مقَاتل على قصد العبور إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام وَقطع بِلَاد الرّوم والأرمن إِلَى الشَّام وَفِيهِمْ سِتُّونَ ألف فَارس مدرع وَمَعَهُمْ مُلُوك وكنود وكل شَيْطَان لرَبه كنُود
وَكتب صَاحب قلعة الرّوم مقدم الأرمن وَهُوَ فِي قلعته على الْفُرَات وَبَين أهل الذِّمَّة فِي المأمن يُبْدِي تنصحا وإشفاقا وتخوفا على الْبِلَاد واحتراقا وَيقطع أَن الواصلين فِي كَثْرَة وَأَن الناهضين إِلَى طريقهم فِي عَثْرَة وأبرق فِي كِتَابه وأرعد وأبدع فِي خطابه وَأبْعد وَلَا شكّ أَنه إِلَى جنسه النَّجس مائل وبملاءة أهل مِلَّته قَائِل
وَلما وصل هَذَا النبأ وَقيل إِنَّه عَظِيم وَورد هَذَا الْخَبَر وخيل أَنه أَلِيم كَاد النَّاس يضطربون على أَنهم يصدقون ويكذبون وَمن طرف كل حَبل من الرَّأْي يجذبون وَقُلْنَا إِن وضح هَذَا الْخطر وَصَحَّ هَذَا الْخَبَر فالمسلمون يقومُونَ لنا وَلَا يَقْعُدُونَ ويغضبون لله وَلَا يرضون أَنهم لَا يعضدون على أَن الله ناصرنا ومؤازرنا ومظاهرنا
وحققنا بِإِظْهَار الْقُوَّة لمن استوحش التأنيس وبثثنا بالارسال إِلَى بِلَاد الرّوم عيُونا وجواسيس وندبنا رسل الاستنصار وبعثنا كتب الاستنفار إِلَى جَمِيع الْأَمْصَار والأقطار وَقُلْنَا مَا هَذِه الْمرة إِلَّا
مرّة لَا يسيغها إِلَّا كل مر أبي وَمَا هَذِه الكرة مثل كل كرة وَلَا يحضرها إِلَّا كل كميش كميى
قَالَ وعول السُّلْطَان على إرْسَال القَاضِي بهاء الدّين بن شَدَّاد يُوسُف بن رَافع بن تَمِيم ليَكُون كِتَابه إِلَى الدِّيوَان الْعَزِيز مَعَ رَسُول كريم وَقَالَ لَهُ مَا أحتاج أوصِي وَأَنت تستوفي القَوْل وتستقصي وَجعل لَهُ إِلَى كل طرف فِي طَرِيقه رِسَالَة وأودعه إِلَيْهِ مقَالَة
فَسَار وَوصل إِلَى حلب وَالْقَاضِي ضِيَاء الدّين بن الشهرزوري رَسُول السُّلْطَان بِبَغْدَاد قد عَاد وَذكر أَنه قد بلغ المُرَاد فَمَا هَذَا الرَّسُول الرَّائِح وَوصل وَهُوَ مغتاظ وَتغَير عَليّ وَنسب إِنْفَاذ القَاضِي بهاء الدّين إِلَيّ ثمَّ اجْتمع بالسلطان وندمه على مَا قدمه وأعلمه بِمَا عمله وَعلمه وَقَالَ لَهُ الشّغل قد فرغ وَالْقَصْد قد بلغ
وَقرر مَعَ السُّلْطَان أمرا وَعَاد على النجب إِلَى بَغْدَاد وصادف بهَا القَاضِي بهاء الدّين ابْن شَدَّاد فَلم يسفر أَمر سفارته عَن سداد وَقيل جَوَاب مَا أتيت فِيهِ مَعَ ضِيَاء الدّين نسيره ونندبه فِيمَا نتخيره
وَقَالَ فِي كتاب الْبَرْق وصل الْخَبَر بِخُرُوج ملك الألمان من بِلَاده فِي مئتي ألف دارع وَفِي راجل فِي دَبِيب رجل الدبى فِي عدد رمل اللوى فَأَقَامَ بمحشرهم الْقِيَامَة واستثارهم لثأر كنيستهم بالقدس قمامة وَسَارُوا فِي شهور حَتَّى وصلوا قسطنطينية
وَكَانَ ملك الرّوم يكْتب إِلَيْنَا بأخبارهم ونبأ خُرُوجهمْ من دِيَارهمْ وَيَقُول أَنا لَا أمكنهم من العبور فَلَمَّا جاؤوا لم يقدر على مَنعهم فصد عَنْهُم الأزواد وحرمهم الاسعاد وعبروا الخليج وَقد كثرت أمدادهم وَقلت أَزْوَادهم
وَلما وصلوا إِلَى حُدُود بِلَاد الْإِسْلَام وسلكوا فِي الأودية وَالْآجَام والوهاد والآكام تسلمهم تركمان الأوج وتراكم الثلوج وشتاء الْكلاب فِي كلب الشتَاء واحتاجوا إِلَى أكل الدَّوَابّ وإحراق عَددهمْ لاعواز الأحطاب وعدموا الْعلف وَمَا وجدوا الْخلف ومناهل الزلَال جامدة وهم بالبلاد جاهلون وَمن الْبلَاء ناهلون لَا يقطعون فِي يَوْمَيْنِ فرسخا وَقد أذهب الله عَنْهُم الْبركَة وصعب عَلَيْهِم الْحَرَكَة وَخرج الْأَمر عَن حسابهم وهم كل يَوْم فِي نقص من أنفسهم ودوابهم
وَكَانُوا يدفنون من أعلاقهم النفيسة وعددهم الْكَرِيمَة الرئيسة مَا يعجزون عَن نَقله وَلَا يخفون يثقله فاتخذوا لأسرارها من أضلاع تِلْكَ الشعاب وصدور تِلْكَ الوهاد والهضاب ضمائر لَا تبوح بهَا أبدا وَلَا تطلع على مكنونها ومدفونها أحدا
هَذَا وبحرهم عباب الموج هباب الفوج فَلَمَّا خلصوا بعد أشهر كَأَنَّهُمْ زخروا بموج سَبْعَة أبحر هَذَا وَقد نقص شطرهم وَانْقطع ظهْرهمْ لكِنهمْ عرضوا فِي سِتِّينَ ألف مدرع مدجج مقنع ذَلِك وَقد باد أَكثر راجلهم وترجل مُعظم أبطال باطلهم وَسَيَأْتِي بَاقِي أخبارهم
قلت وَمن قصيدة للحكيم أبي الْفضل الجلياني
(يَا منقذ الْقُدس من أَيدي جبابرة
…
قد أَقْسمُوا بِذِرَاع الرب تدخله)
(فأكذبوا كذبهمْ فِي وصف رَبهم
…
وَصدق الْوَعْد مَأْمُونا تحوله)
وَمِنْهَا
(أما رَأَيْت ابْن أَيُّوب اسْتَقل بِمَا
…
يعيي الزَّمَان وأهليه تحمله)
(هاج الفرنج وَقد خاروا لفتكته
…
فاستنفروا كل مرهوب تغلغله)
(لما سبى الْقُدس قَالُوا كَيفَ نتركها
…
والرب فِي حُفْرَة مِنْهَا نمثله)
(فكم مليك لَهُم شقّ الْبحار سرى
…
لينصر الْقَبْر والأقدارتخذله)