الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي فتح أنطاكية فَإِنَّهُ قفل مُحكم على بَابهَا وَسبب قوي من أَسبَابهَا فَفتح الرتاج ووضح الْمِنْهَاج
فصل فِي فتح بكاس والشغر وسرمانية
قَالَ القَاضِي ابْن شَدَّاد ثمَّ رَحل السُّلْطَان وسرنا حَتَّى أَتَيْنَا بكاس وَهِي قلعة حَصِينَة على جَانب العَاصِي وَلها نهر يخرج من تحتهَا وَكَانَ النُّزُول بذلك الْمنزل على شاطئ العَاصِي يَوْم الثُّلَاثَاء سادس جُمَادَى الْآخِرَه وَصعد السُّلْطَان جَرِيدَة إِلَى القلعة وَهِي على جبل مطل على العَاصِي فأحدق بهَا من كل جَانب وقاتلها قتالا شَدِيدا بالمنجنيقات والزحف المضايق إِلَى يَوْم الْجُمُعَة أَيْضا تَاسِع جُمَادَى الْآخِرَه وَيسر الله فتحهَا عنْوَة وَأسر من فِيهَا بعد قتل من قتل مِنْهُم وغنم جَمِيع مَا كَانَ فِيهَا وَكَانَ لَهَا قليعة تسمى الشغر قريبَة مِنْهَا يعبر إِلَيْهَا مِنْهَا بجسر وَهِي فِي غَايَة المنعة لَيْسَ إِلَيْهَا طَرِيق فسلطت عَلَيْهَا المنجنيقات من الجوانب وَرَأَوا أَنهم لَا نَاصِر لَهُم فطلبوا الْأمان وَذَلِكَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشره وسألوا أَن يؤخروا ثَلَاثَة أَيَّام لاستئذان من بأنطاكية يسر الله فتحهَا فَأذن فِي ذَلِك وَكَانَ تَمام فتحهَا وصعود الْعلم السلطاني على قلتهَا يَوْم الْجُمُعَة سادس عشره
ثمَّ عَاد السُّلْطَان إِلَى الثّقل وسير وَلَده الظَّاهِر إِلَى قلعة تسمى السرمانية يَوْم السبت سَابِع عشره فقاتلها قتالا شَدِيدا وضايقها مضايقة عَظِيمَة وتسلمها أَيْضا يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشري الشَّهْر الْمَذْكُور
قَالَ فاتفق فتوحات السَّاحِل من جبلة إِلَى سرمانية فِي أَيَّام الْجمع وَهِي عَلامَة قبُول دُعَاء خطباء الْمُسلمين وسعادة السُّلْطَان حَيْثُ يسر الله لَهُ الْفتُوح فِي الْيَوْم الَّذِي يُضَاعف فِيهِ ثَوَاب الْحَسَنَات
قَالَ وَهَذَا من نَوَادِر الفتوحات فِي الْجمع المتوالية لم يتَّفق مثلهَا فِي تَارِيخ
وَقَالَ الْعِمَاد سَار السُّلْطَان ثَانِي يَوْم فتح صهيون على سمت القرشيه وَنزل على العَاصِي فِي طَاعَة الله على تل كشفهان فتسلم حصن بكاس يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع الشَّهْر وحول خيمة خَفِيفَة إِلَى الْجَبَل لحصار قلعة الشغر وَهِي قلَّة شامخة من أَعلَى القلل مطلة على وَاد عميق وَكَانَ الْكفَّار قد أخلوا بكاس من الرعب واحتموا بقلعة الشغر وَهِي عالية حَصِينَة منيعة لَا تصل المجانيق إِلَيْهَا فاستصعب السُّلْطَان أَخذهَا وَخَافَ من طول أمرهَا فَبَيْنَمَا هُوَ مفكر فِي ذَلِك والفرنج قد داخلهم الرعب فأرسلوا فِي طلب الْأمان واستمهلوا ثَلَاثَة أَيَّام فَكبر الْمُسلمُونَ وفرحوا وَأَصْبحُوا يَوْم الْجُمُعَة والشغر شاغر وَالْكفْر صاغر فتسلمها الْمُسلمُونَ وتصرفوا فِيهَا وَفِيمَا تحويه من ذخائر وَعدد ودواب وأنعام وأنعم
السُّلْطَان بهَا وبقلعة بكاس وَتلك الْأَعْمَال على غرس الدّين قليج وَكَانَ هَذَا قليج قد تسلم كفردبين وَهُوَ معقل حُصَيْن يسكنهُ الأرمن فِي ذَلِك الصقع وبذل فِي استخلاصه غَايَة الوسع فولاه السُّلْطَان تِلْكَ الْحُصُون وحاط بايالته أمرهَا المصون وَعَاد إِلَى مخيمه يَوْم السبت وَهُوَ حسن السمت كريم النَّعْت
قَالَ وَكَانَ الْملك الظَّاهِر عِنْد اشتغالنا بِفَتْح قلعة الشغر قد نزل على سرمانية مضايقا لَهَا بالحصر فتسلمها يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشري الشَّهْر وَذَلِكَ بعد قطيعة قررها وَقَبضهَا وَلما أخرجهم مِنْهَا دَخلهَا فَأبْطل عمارتها وعطلها وَهدم بنيانها وهد أَرْكَانهَا وَمَا برح حَتَّى سواهَا بِالْأَرْضِ وخلط طولهَا بِالْعرضِ
قَالَ وَهَذِه سِتّ مدن وقلاع فتحت فِي سِتّ جمع تبَاع جبلة واللاذقية وصهيون وبكاس والشغر وسرمانية وَأطلق بهَا الْأَنْفس والنفائس العانية فقد كَانَ فِي هَذِه المعاقل من أُسَارَى الْمُسلمين عدَّة لَوْلَا فتحهَا لما زَالَت عَنْهُم تِلْكَ الشدَّة وَهَذَا أقليم جبلة واللاذقية هُوَ عين أنطاكية الَّتِي فقئت ونحرها الَّذِي عَنهُ حلئت وَلم يبْق لأنطاكية من الْحُصُون سوى ثَلَاثَة الْقصير وبغراس ودربساك وَقد أَصبَحت مَعْدُومَة الْأَطْرَاف قد قطعت أيديها وأرجلها من خلاف