الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فِي دُخُول السُّلْطَان رحمه الله السَّاحِل الآخر وَفتح مَا يسر الله تَعَالَى من بِلَاده
قَالَ الْعِمَاد ثمَّ رَحل السُّلْطَان فسلك فِي جبل يبوس إِلَى عين الْجَرّ إِلَى الدلهمية على الْبِقَاع وأتى بعلبك وخيم بمرج عدوسة ثمَّ رَحل على سمت اللبوة ثمَّ أَتَى الزِّرَاعَة وَوصل الْخَبَر بوصول عماد الدّين صَاحب سنجار فِي جموعه وَجُنُوده ونزوله على قدس من عمل حمص على نهر العَاصِي وَلما ترَاءى موكبه لموكب السُّلْطَان تقَابل القمران ثمَّ تقارن النيرَان وَاجْتمعَ السعدان وَسعد الْجَمْعَانِ فخيم السُّلْطَان عِنْد مخيمه وَسَأَلَ أَن يزوره السُّلْطَان بموكبه فَأجَاب دَعوته ثمَّ رتب السُّلْطَان يَوْمًا لحضوره عِنْده وتهاديا وتصافيا
وَكَانَ أَيَّام المشمش وَقد وصل من دمشق فَأَفْرَح قدومه وطلعت فِي أبراج الأطباق نجومه كَأَنَّهَا كرات من التبر مصوغة أَو بالورس مصبوغة صفر كَأَنَّهَا ثَمَر الرَّايَات الناصرية حلا منْظرًا وذوقا وَلَو نظم جوهره لَكَانَ طوقا كَأَنَّمَا خرط من الصندل وخلط بالمندل وجمد من الثَّلج وَالْعَسَل
وتصاحب هُوَ وَالسُّلْطَان فِي الرّكُوب وَالْجُلُوس والتناجي بِمَا فِي النُّفُوس وتكررت الْمُشَاورَة فِي الْموضع الَّذِي يبتدأ بِقَصْدِهِ وَاتَّفَقُوا على عرقا وعقرها وَالنُّزُول بعقرها وَأَنَّهَا اذا ملكت ملكت طرابلس فأقاموا بقدس إِلَى آخر الشَّهْر حَتَّى اجْتمعت الجموع ووصلت قبائل العربان ثمَّ سَار السُّلْطَان أول ربيع الآخر وخيم بِقرب حصن الأكراد على البقيعة ثمَّ شن الاغارة على نواحي الْحصن وصافيثا والعريمة وَتلك الْحُصُون فاستخرج مَا فِيهَا من المخزون وَفتح حصن يحمور وسامه الدمور وَلم تزل الاغارات والغنائم وهم فِي تِلْكَ الْمنزلَة إِلَى آخر الشَّهْر فوصل قَاضِي جبلة مَنْصُور بن نبيل وَجَمَاعَة مَعَه فَأَشَارَ على السُّلْطَان بقصدها وتكفل بِفَتْحِهَا وَفتح اللاذقية وَتلك الْحُصُون والمعاقل الشمالية
وَكَانَت تِلْكَ الْبِلَاد قد سلمهَا إِلَيْهِ ابرنس أنطاكية وعول عَلَيْهِ فِيهَا وَقَالَ إِن الِاشْتِغَال بطرابلس مَعَ احتراسها يذهب الزَّمَان ويفوت الامكان والمسلمون بجبلة مجبولون على التَّسْلِيم مؤملون أَن يتبدل شقاؤهم مِنْك بالنعيم فأصغى السُّلْطَان إِلَى قَوْله وأصفى لَهُ ورد طوله وَكَانَ قد وصل إِلَيْهِ مقدمو جبل بهرا فوفر لَهُم رواتبهم وأجرى فندبوا إِلَى أتباعهم وَكَتَبُوا إِلَى أشياعهم