الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقدرُونَ على الاقتحام إِلَيْهِ بِالْخَيْلِ فَرَمَوْهُ بالزنبورك حَتَّى كثرت فِيهِ الْجِرَاحَات وظنوا أَنه قد مَاتَ وَوصل الْخَبَر إِلَى الْمُسلمين فأدركوهم ووقفوا على الشُّهَدَاء وقبروهم وجاؤوا إِلَى أيبك فوجدوا فِيهِ الرّوح فنقلوه إِلَى الْخيام وهم يظنون أَنه لَا خلاص لَهُ من الْحمام وَكَانَ فِي أَجله بَاقِيَة فَمن الله عَلَيْهِ بالعافية
فصل فِي نزُول الفرنج - خذلهم الله - على عكا
قَالَ القَاضِي ابْن شَدَّاد ثمَّ بلغنَا بعد ذَلِك أَن الفرنج بصور وَمن كَانَ مَعَ الْملك قد سَارُوا نَحْو النواقير يُرِيدُونَ جِهَة عكا وَأَن بَعضهم نزل بإسكندرونه وَجرى بَينهم وَبَين رجالة الْمُسلمين مناوشة وَقتل مِنْهُم الْمُسلمُونَ نَفرا يَسِيرا وَأَقَامُوا هُنَاكَ
وَلما بلغ السُّلْطَان حركتهم إِلَى تِلْكَ الْجِهَة عظم عَلَيْهِ وَلم ير المسارعة خوفًا من أَن يكون قصدهم ترحيله عَن الشقيف لَا قصد الْمَكَان فَأَقَامَ مستكشفا للْحَال إِلَى يَوْم الْأَحَد ثَانِي عشر رَجَب فوصل قَاصد أخبر أَن الفرنج فِي بَقِيَّة ذَلِك الْيَوْم رحلوا ونزلوا عين بصة وَوصل أوائلهم إِلَى الزيب فَعظم ذَلِك عِنْده وَكتب إِلَى سَائِر أَرْبَاب الْأَطْرَاف بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِ وَتقدم إِلَى الثّقل أَن سَار بِاللَّيْلِ وَأصْبح هُوَ يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر رَجَب سائرا إِلَى عكا على
طَرِيق طبرية اذ لم يكن ثمَّ طَرِيق يسع الْعَسْكَر إِلَّا هُوَ وسير جمَاعَة على طَرِيق تبنين يستشرفون الْعَدو ويواصلون بأخباره
وسرنا حَتَّى أَتَيْنَا الحولة منتصف النَّهَار فَنزل بهَا سَاعَة ثمَّ رَحل وَسَار طول اللَّيْل حَتَّى أَتَى موضعا يُقَال لَهُ منية صَبِيحَة الثُّلَاثَاء وَفِيه بلغنَا نزُول الفرنج على عكا وسير صَاحب الشقيف إِلَى دمشق بعد الاهانة الشَّدِيدَة على سوء صَنِيعه وَاشْتَدَّ حنقه عَلَيْهِ بِسَبَب تَضْييع ثَلَاثَة أشهر عَلَيْهِ وعَلى عسكره لم يعملوا فِيهَا شَيْئا وَسَار السُّلْطَان جَرِيدَة من الْمنية حَتَّى اجْتمع بِبَقِيَّة الْعَسْكَر الَّذِي كَانَ أنفذه على طَرِيق تبنين بمرج صفورية فَإِنَّهُ كَانَ واعدهم إِلَيْهِ وَتقدم إِلَى الثّقل أَن يلْحقهُ إِلَى مرج صفورية وَلم يزل حَتَّى شَارف العدومن الخروبة وَبعث بعض الْعَسْكَر وَدخل عكا على غرَّة من الْعَدو تقويه لمن فِيهَا وَلم يزل يبْعَث إِلَيْهَا بعثا بعد بعث حَتَّى حصل فِيهَا خلق كثير
وَسَار من الخروبة إِلَى تل كيسَان فِي أَوَائِل مرج عكا فَنزل عَلَيْهِ وَأمر النَّاس أَن ينزلُوا على التعبية فَكَانَ آخر الميسرة على طرف النَّهر الحلو وَآخر الميمنة مقارب تل العياضية واحتاط الْعَسْكَر الإسلامي بالعدو وَأخذُوا عَلَيْهِم الطّرق من الجوانب وتلاحقت العساكر الإسلامية وَاجْتمعت ورتب اليزك الدَّائِم وَحصر الْعَدو فِي خيامه بِحَيْثُ لَا يخرج مِنْهَا أحد إِلَّا ويجرح أَو يقتل
وَكَانَ عَسْكَر الْعَدو على شطر من عكا وخيمة ملكهم على تل المصلبين قَرِيبا من بَاب الْبَلَد وَكَانَ عدد راكبهم ألفي فَارس وَعدد راجلهم ثَلَاثِينَ ألفا
قَالَ وَمَا رَأَيْت من نقصهم عَن ذَلِك وَرَأَيْت من حزرهم بِزِيَادَة على ذَلِك ومددهم من الْبَحْر لَا يَنْقَطِع وَجرى بَينهم وَبَين اليزك مقاتلات عَظِيمَة متواترة والمسلمون يتهافتون على قِتَالهمْ وَالسُّلْطَان يمنعهُم من ذَلِك إِلَى وقته والبعوث من عَسَاكِر الْمُسلمين تتواصل والملوك والأمراء من الأقطار تتتابع وَوصل تَقِيّ الدّين من حماة ومظفر الدّين بن زين الدّين
وَفِي أثْنَاء هَذِه الْحَال توفّي الحسام سنقر الخلاطي باسهال شَدِيد وَكَانَ شجاعا دينا فأسف الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ
وَلما استفحل أَمر الفرنج استداروا بعكا بِحَيْثُ منعُوا من الدُّخُول وَالْخُرُوج مِنْهَا وَذَلِكَ سلخ رَجَب فَعظم على السُّلْطَان وضاق صَدره وثارت همته الْعَالِيَة فِي فتح الطَّرِيق إِلَى عكا لتستمر السابلة إِلَيْهَا بالميرة والنجدة فباكرهم مستهل شعْبَان وضايقهم مضايقة شَدِيدَة فَكَانَت الحملة بعد صَلَاة الْجُمُعَة وانتشر عَسْكَر الْعَدو إِلَى أَن ملكوا التلول وَكَانَت ميسرَة عَسْكَرهمْ إِلَى النَّهر الحلو آخذة إِلَى الْبَحْر وميمنتهم قبالة القلعة الْوُسْطَى الَّتِي لعكا واتصلت الْحَرْب إِلَى أَن حَال بَين الفئتين هجوم اللَّيْل وَبَات النَّاس
على حَالهم من الْجَانِبَيْنِ شاكين فِي السِّلَاح تحرس كل طَائِفَة نَفسهَا من الْأُخْرَى
وَأَصْبحُوا ثَانِي شعْبَان يَوْم السبت على الْقِتَال وأنفذ السُّلْطَان طَائِفَة من شجعان الْمُسلمين إِلَى الْبَحْر من شمَالي عكا وَلم يكن هُنَاكَ لِلْعَدو خيم لَكِن عسكره كَانَ قد امْتَدَّ جَرِيدَة شمَالي عكا إِلَى الْبَحْر فَحمل شجعان الْمُسلمين على عَسْكَر الفرنج الْوَاقِف شمَالي عكا فانكسروا بَين أَيْديهم كسرة عَظِيمَة وَقتلُوا مِنْهُم جمعا كَبِيرا وانكف السالمون مِنْهُم إِلَى خيامهم وهجم الْمُسلمُونَ خَلفهم إِلَى أَوَائِل خيامهم ووقف اليزك الإسلامي مَانِعا من أَن يخرج من عَسْكَرهمْ خَارج أَو يدْخل إِلَيْهِ دَاخل وَانْفَتح الطَّرِيق إِلَى عكا من بَاب القلعة الْمُسَمَّاة بقلعة الْملك إِلَى بَاب قراقوش الَّذِي جدده وَصَارَ الطَّرِيق مهيعا يمر فِيهِ السوقى وَمَعَهُ الْحَوَائِج ويمر بِهِ الراجل الْوَاحِد وَالْمَرْأَة واليزك بَين الطَّرِيق وَبَين الْعَدو
وَدخل السُّلْطَان فِي ذَلِك الْيَوْم إِلَى عكا ورقي على السُّور وَنظر إِلَى عَسْكَر الْعَدو وتراجع النَّاس عَن الْقِتَال بعد صَلَاة الظّهْر لسقي الدَّوَابّ وَأخذ الرَّاحَة وَلم يعودوا إِلَى الْقِتَال
وَأَصْبحُوا يَوْم الْأَحَد فَرَأى بعض الْأُمَرَاء تَأْخِير الْقِتَال إِلَى أَن يدْخل الراجل كُله إِلَى عكا ويخرجوا مَعَ الْعَسْكَر الْمُقِيم بهَا من أَبْوَاب الْبَلَد على الْعَدو من وَرَائه وتركب العساكر من خَارج من
سَائِر الجوانب ويحملوا حَملَة الرجل الْوَاحِد وَالسُّلْطَان رحمه الله يعاني هَذِه الْأُمُور كلهَا بِنَفسِهِ ويصافحها بِذَاتِهِ لَا يتَخَلَّف عَن مقَام من هَذِه المقامات وَهُوَ من شدَّة حرصه ووفور همته كالوالدة الثكلى
وَلَقَد أَخْبرنِي بعض أطبائه أَنه بَقِي من يَوْم الْجُمُعَة إِلَى يَوْم الْأَحَد لم يتَنَاوَل من الْغذَاء إِلَّا شَيْئا يَسِيرا لفرط اهتمامه وفعلوا مَا كَانَ عزموا عَلَيْهِ واشتدت مَنْعَة الْعَدو وَحمى نَفسه فِي خيامه وَلم تزل سوق الْحَرْب قَائِمَة تبَاع فِيهَا النُّفُوس بالنفائس وتمطر سَمَاء حربها الرؤوس من كل رَئِيس ومترائس حَتَّى كَانَ يَوْم الْجُمُعَة ثامن شعْبَان عزم الْعَدو على الْخُرُوج بجموعهم فَخرج راجلهم وفارسهم وامتدوا على التلول وَسَارُوا الهوينا غير مفرطين فِي نُفُوسهم وَلَا خَارِجين من راجلهم والرجالة حَولهمْ كالسور الْمَبْنِيّ يَتْلُو بَعضهم بَعْضًا حَتَّى قاربوا خيام اليزك فصاح السُّلْطَان بالعساكر الإسلامية فَرَكبُوا بأجمعهم وحملوا حَملَة الرجل الْوَاحِد فَعَاد الْعَدو ناكصا على عَقِبَيْهِ وَالسيف يعْمل فيهم فالسالم مِنْهُم جريح والعاطب طريح يَشْتَدُّونَ هزيمَة يعثر جريحهم بقتيلهم وَلَا تلوي الْجَمَاعَة مِنْهُم على قبيلهم حَتَّى لحق بخيامهم من سلم مِنْهُم وانكفوا عَن الْقِتَال أَيَّامًا وَكَانَ قصاراهم أَن يحفظوا نُفُوسهم ويحرسوا رؤوسهم وَاسْتمرّ فتح طَرِيق عكا والمسلمون يَتَرَدَّدُونَ إِلَيْهَا
قَالَ وَكنت مِمَّن دخل ورقي على السُّور ودام الْقِتَال بَين الفئتين مُتَّصِلا اللَّيْل مَعَ النَّهَار حَتَّى كَانَ الْحَادِي عشر من شعْبَان وَرَأى السُّلْطَان رحمه الله توسيع الدائرة عَلَيْهِم لَعَلَّهُم يخرجُون إِلَى مصَارِعهمْ فَنقل الثّقل إِلَى تل العياضية وهوتل قبالة تل المصلبين مشرف على عكا وخيام الْعَدو وَفِي هَذِه الْمنزلَة توفّي حسام الدّين طمان وَكَانَ من شجعان الْمُسلمين وَدفن فِي سطح هَذَا التل وَصليت عَلَيْهِ مَعَ جمَاعَة من الْفُقَهَاء لَيْلَة نصف شعْبَان
وَبلغ السُّلْطَان أَن جمعا من الْعَدو يخرجُون للاحتشاش من طرف النَّهر مِمَّا ينْبت عَلَيْهِ فكمن لَهُم جمَاعَة من الْعَرَب وَقصد الْعَرَب لخفتهم على خيلهم فَهَجَمُوا عَلَيْهِم وَقتلُوا مِنْهُم خلقا عَظِيما وأسروا جمَاعَة وأحضروا رؤوسا عدَّة بَين يَدَيْهِ وَذَلِكَ يَوْم السبت سادس عشر شعْبَان
وَفِي عَشِيَّة ذَلِك الْيَوْم وَقع بَين الْعَدو وَبَين أهل الْبَلَد حَرْب عَظِيمَة قتل فِيهَا جمع عَظِيم من الطَّائِفَتَيْنِ وَطَالَ الْأَمر بَين الفئتين وَمَا يَخْلُو يَوْم عَن قتل وجرح وَسبي وَنهب وَأنس الْبَعْض بِالْبَعْضِ بِحَيْثُ إِن الطَّائِفَتَيْنِ كَانَتَا تتحدثان وتتركان الْقِتَال وَرُبمَا غنى الْبَعْض ورقص الْبَعْض لطول المعاشرة ثمَّ يرجعُونَ إِلَى الْقِتَال بعد سَاعَة وسئموا يَوْمًا فَقَالُوا إِلَى كم يتقاتل الْكِبَار وَلَيْسَ للصغار
حَظّ نُرِيد أَن يصطرع صبيان صبي منا وَصبي مِنْكُم فَأخْرج صبيان من الْبَلَد إِلَى صبين من الفرنج فَوَثَبَ أحد الصَّبِيَّيْنِ الْمُسلمين على أحد الصَّبِيَّيْنِ الْكَافرين فَاحْتَضَنَهُ وَضرب بِهِ الأَرْض وَأَخذه أَسِيرًا فَاشْتَرَاهُ بعض الفرنج بدينارين وَقَالُوا هُوَ أسيرك حَقًا فَأخذ الدينارين وَأطْلقهُ
قَالَ وَوصل مركب فِيهِ خيل فهرب مِنْهَا فرس وَوَقع فِي الْبَحْر وَمَا زَالَ يسبح وهم حوله يردونه حَتَّى دخل ميناء عكا وَأَخذه الْمُسلمُونَ
قلت وَذكر الْعِمَاد كل هَذِه الوقائع والنوادر فِي كِتَابه بألفاظه المسجوعة
وَقَالَ وَكَانَ من رَأْي السُّلْطَان أَن يسايرهم فِي الطَّرِيق ويواقعهم عِنْد الْمضيق ويقطعهم عَن الْوُصُول ويدفعهم عَن النُّزُول فانهم إِذا نزلُوا صَعب نزالهم وأتعب قِتَالهمْ وَقَالُوا - يَعْنِي أمراءه - بل نمضي على أسهل الطّرق فَسَار الثّقل من اللَّيْل على طَرِيق الملاحة وسرنا على جب يُوسُف إِلَى الْمنية وَجِئْنَا عصر يَوْم الثُّلَاثَاء وَالسُّلْطَان نَازل بِأَرْض كفركنا وَنزل يَوْم الْأَرْبَعَاء على جبل الخروبة وَنزل الفرنج على عكا من الْبَحْر إِلَى الْبَحْر محيطين بهَا للحصر وَضرب الْملك الْعَتِيق خيمة على تل المصلبة وربطت مراكبهم بشاطئ الْبَحْر فَكَانَت كالآجام المؤتشبة
ثمَّ عبأ السُّلْطَان جَيْشه وَنزل بمرج عكا على تل كيسَان
وصرنا محاصرين للمحاصرين قد أحطنا الْعَدو وَهُوَ بِالْبَلَدِ مُحِيط واستشطنا مِنْهُ وَهُوَ مستشيط وأحطنا بأولئك الْكَفَرَة إحاطة النَّار بِأَهْلِهَا ومنعنا الطّرق من ورائهم فِي وعرها وسهلها ورتبنا بالزيب والنواقير رجَالًا يصدونهم عَن سبلها ودمنا نصدهم ونصدمهم ويوجدهم الْبَحْر ونعدمهم واستدارت الفرنج بعكا كالدائرة بالمركز وَزَادُوا من جانبنا فِي التحرس والتحرز وَذَلِكَ فِي آخر رَجَب لانسلاخه وَالْإِسْلَام ينادينا باستصراخه
وَأصْبح السُّلْطَان يَوْم الْجُمُعَة مستهل شعْبَان واتفقت الآراء على أَن يكون اللِّقَاء وَقت الصَّلَاة عِنْد ارْتِفَاع الدَّعْوَات على المنابر الإسلامية فأحاط الْعَسْكَر الإسلامي بجوانبهم فكدر عَلَيْهِم صفو مشاربهم وفلل مضاء مضاربهم وهم فِي مواضعهم واقفون وعَلى مصَارِعهمْ عاكفون وَفِي مواطنهم ثابتون كالبنيان المرصوص مَا فِيهِ خلل وكالحلقة المفرغة مَا إِلَيْهَا مدْخل وكالسور الْمُحِيط مَا عَلَيْهِ متسلق وكالجبل الأشم مَا فِيهِ مُتَعَلق
فزحفنا إِلَيْهِم فَلم يبرجوا وقربنا مِنْهُم فَلم ينزحوا وحملنا عَلَيْهِم فَأخذُوا الضَّرْبَة وَلم يعطوها وَكلما قتل وَاحِد وقف آخر مقَامه حَتَّى دخل اللَّيْل وحجز
وحملوا من الْغَد من جَانب الْبَحْر شمَالي عكا فَانْهَزَمَ الفرنج إِلَى تل المصلبة نَحْو الْقبَّة وثبتوا عِنْد الوثبة وَانْفَتح لنا طَرِيق عكا فَدَخلَهَا الرِّجَال وحملت إِلَيْهَا الغلال والفرنج قد رهبوا
وَلَو قدرُوا لهربوا وأصحابنا رَأَوْا أَن انفتاح بَاب الْبَلَد غنيمَة فتوقفوا عَن إتْمَام الْعَزِيمَة وَلَو أَنهم استمروا لبادوا الْعَدو بِسُرْعَة فَإِن للصدمة الأولى فِي الروع روعة فَبَلع الْعَدو رِيقه وَوجد إِلَى الْجلد طَريقَة ووقفوا كالسور من وَرَاء الجنويات والتراس والقنطاريات وصوبوا الجروخ وفوقوها وجمعوا الْعدَد وعَلى الرِّجَال فرقوها وَكَانُوا فِي عدد الرمل ومدد النَّمْل وهم كل يَوْم فِي ازدياد وَالْبَحْر يمدهُمْ بالأمداد وشرعوا فِي حفر الْخَنَادِق وسد المضائق وَنصب الطوارق وَالسُّلْطَان ساهر للْمُسلمين فِي ليلهم قَائِم بأمرهم فِي نهارهم
وَمن كتاب فاضلي فِي بعض الوقعات فاستدارت بهم رجال الجاليشية تقذف شياطينهم بشهابها وتهوي إِلَى أوكار أفئدتهم طير نشابها وتجنيهم من القنا والنشاب ثَمَر الردى متشابها وَقد ارْتَفع الْإِسْلَام إِلَى دَرَجَات سَيذكرُ أمرهَا وانخفض الْكفْر إِلَى دركات سيمر ذكرهَا فالنصرخافق علمه وَكتاب الْبشَارَة قد استمد قلمه وَقد وثقنا بلطف الله تَعَالَى فِيمَا يَأْتِي فتأهبت الخواطر لمعاني المسار وأعدت أَلْفَاظ الْبُشْرَى المهداة إِلَى كَافَّة الْبشر من