الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَن الْعَادِل أَخذ الديار المصرية دَعَا على نَفسه بِالْمَوْتِ خشيَة أَن يستدعيه وزيره صفي الدّين بن شكر إِلَيْهِ أَو يجْرِي فِي حَقه إهانة وَكَانَ بَينهمَا مقارصة فَأصْبح مَيتا وَكَانَت لَهُ مُعَاملَة حَسَنَة مَعَ الله تَعَالَى وَصَلَاة بِاللَّيْلِ كَمَا ذكرُوا عَنهُ رحمه الله
قلت وَأَخْبرنِي القَاضِي الشَّهِيد ضِيَاء الدّين ابْن أبي الْحجَّاج صَاحب ديوَان الْجَيْش رحمه الله أَن القَاضِي الْفَاضِل بعد صَلَاح الدّين لم يخْدم أحدا من أَوْلَاده وَكَانَت الدولة بأسرها تَأتي إِلَى خدمته إِلَى أَن توفّي
قَالَ وَلما قدم الْعَادِل إِلَى مصر وملكها بَات لَيْلَة ثمَّ أصبح فزار قبر الشَّافِعِي رضي الله عنه وَجَاء إِلَى قبر الْفَاضِل فزاره قَالَ ابْن أبي الْحجَّاج وَأَنا حَاضر ذَلِك
ثمَّ دخلت سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مئة
قَالَ الْعِمَاد وفيهَا توفّي الْأَمِير عز الدّين إِبْرَاهِيم بن
شمس الدّين مُحَمَّد بن الْمُقدم فِي حصن أفامية
وفيهَا أَو فِي سنة سِتّ قبلهَا توفّي السُّلْطَان خوارزم شاه بن تكش بن أيل أرسلان بن أتسز بن مُحَمَّد وَهُوَ الَّذِي زَالَت دولة السلجقية بِملكه وَاجْتمعَ لَهُ مَعَ خوارزم خُرَاسَان وَالْعراق وَلما مَاتَ قَامَ وَلَده عَلَاء الدّين مُحَمَّد مقَامه
قَالَ وفيهَا كتب السُّلْطَان الْعَادِل للأمير فَخر الدّين أياز سركس بأعمال تبنين وهونين وبانياس والحولة وَمَا يجْرِي مَعهَا وَكَانَت مَعَ الْأَمِير حسام الدّين بِشَارَة فحاصره وأنجده الْملك الْمُعظم عِيسَى ابْن السُّلْطَان من دمشق فَسلم الْبِلَاد وَخرج
قَالَ وفيهَا توفّي الْأَمِير بهاء الدّين قراقوش وَهُوَ من القدماء الكرماء وشيوخ الدولة الكبراء أَمِير الأَسدِية ومقدمها وكريمها ومكرمها وَلم أر غَيره خَصيا لم تقاومه الفحول وَلم تُؤثر فِي محَال مأثراته المحول وَله فِي الْغَزَوَات والفتوحات مَوَاقِف مَعْرُوفَة ومقامات مَوْصُوفَة وَهُوَ الَّذِي احتاط على الْقصر حِين استتبت على متوليه أَسبَاب النَّصْر وَذَلِكَ قبل موت العاضد بِمدَّة
وَلما خطب لبني الْعَبَّاس بالديار المصرية تسلم الْقصر بِمَا فِيهِ وَاسْتظْهر على أقَارِب العاضد وبنيه وَتَوَلَّى عمَارَة الأسوار المحيطة بِمصْر والقاهرة وأتى فِيهَا بالعجائب الظَّاهِرَة
وَكَانَ معَاذ الالتجاء وملاذ الإرتجاء غير أَنه نسب إِلَى اللجاج لشدَّة ثباته وفرط جموده وَلَا يكَاد يعجم لصلابة عوده وَلما توفّي تسلم السُّلْطَان دَاره بِمَا حوته من الذَّخَائِر وَصَارَت إقطاعاته للْملك الْكَامِل
قَالَ وفيهَا نقل إِلَى السُّلْطَان عَن غُلَام الْأَمِير أيبك الفطيس أَن جمَاعَة قد عزموا على الفتك بالسلطان حَال ركُوبه وَأسْندَ أصل ذَلِك إِلَى الْملكَيْنِ الْمعز إِسْحَاق والمؤيد مَسْعُود وَلَدي صَلَاح الدّين رحمه الله فأحضر الْغُلَام وعصره فَمَاتَ وَلم يقر واعتقل الْمعز والمؤيد وَنزع من اتهمه فِي ذَلِك من الْأُمَرَاء الصلاحية وَتكلم النَّاس بِأَحَادِيث فِي هَذِه الْقَضِيَّة
قَالَ وَفِي هَذِه السّنة اشْتَدَّ الغلاء وامتد الْبلَاء وتحققت المجاعة وَتَفَرَّقَتْ الْجَمَاعَة وَهلك الْقوي فَكيف الضَّعِيف ونهك السمين فَكيف العجيف وَخرج النَّاس حذر الْمَوْت من الديار وتفرق فرق بِمصْر فِي الْأَمْصَار وَرَأَيْت الأرامل على تِلْكَ الرمال وَالْجمال باركة تَحت الْأَحْمَال ومراكب الفرنج على سَاحل الْبَحْر على اللقم تسْتَرق الجياع باللقم فَقل من إِلَى الشَّام خلص إِلَّا بعد أَن قل عدد أَهله وَنقص
قلت ثمَّ زَالَت تِلْكَ الشدَّة بعد مُدَّة
وَتُوفِّي الْعِمَاد الْكَاتِب رحمه الله مُصَنف هَذِه الْكتب الْفَتْح والبرق وَهَذِه الرسائل الثَّلَاث العتبى والنحلة
والخطفة بِدِمَشْق فِي أول شهر رَمَضَان من هَذِه السّنة وَهِي سنة سبع وَتِسْعين وَخمْس مئة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة بالشرف القبلي
وَفِي هَذِه السّنة توفى الشَّيْخ أَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن الْجَوْزِيّ الْوَاعِظ رَحمَه الله تَعَالَى وَغَيره
وَتُوفِّي الْملك الْأَفْضَل بسميساط فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وست مئة وَحمل إِلَى حلب فَدفن بهَا
وَتُوفِّي الْملك الظَّاهِر بحلب فِي سنة ثَلَاث عشرَة وست مئة
وفيهَا توفّي بِدِمَشْق الشَّيْخ تَاج الدّين أَبُو الْيمن زيد بن الْحسن الْكِنْدِيّ وَغَيره وَدفن بِالْجَبَلِ
وَتُوفِّي الْملك الْعَادِل أَبُو بكر بن أَيُّوب بِدِمَشْق فِي سنة خمس عشرَة وست مئة
وَابْنه الْملك الْمُعظم فِي أَوَاخِر سنة أَربع وَعشْرين وست مئة
وابناه الْأَشْرَف والكامل فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وست مئة رَحِمهم الله تَعَالَى ووفق من بَقِي من أهل بَيتهمْ وَأصْلح ذَات بَينهم آمين
آخر الْكتاب وَالْحَمْد لله الْملك الْوَهَّاب
وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آله وَأَصْحَابه خير آل وَأَصْحَاب
وعَلى التَّابِعين لَهُم بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الْحساب وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم