الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بإخراج غير الواجب من الحكمة ما يحصل من إخراج الواجب، وههنا المقصود حاصل فوجب إجزاؤه، إذ لا فائدة في اختصاص الأجزاء بعين، مع مساواة غيرها لها في الحكمة؛ وكون ذلك أرفق: بالمعطي والآخذ، وأنفع لهما، ويندفع به الضرر عنهما؛ فإنه لو تعين إخراج زكاة الدنانير منها شق على من يملك أقل من أربعين ديناراً إخراج جزء من دينار، ويحتاج إلى التشقيص ومشاركة الفقير له في دينار من ماله، أو بيع أحدهما نصيبه، فيستضر المالك والفقير، وإذا جاز إخراج الدراهم عنها دفع إلى الفقير من الدراهم بقدر الواجب فيسهل ذلك عليه، وينتفع الفقير من غير كلفة، ولا ضرر
…
وفي جواز إخراج أحدهما عن الآخر نفع محض ودفع لهذا الضرر، وتحصيل لحكمة الزكاة على التمام والكمال، فلا حاجة، ولا وجه لمنعه .. )) (1). قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:((والصحيح أنه لا بأس أن تخرج من أحد النوعين يعني بالقيمة)) (2).
الحادي عشر: ما يباح للرجال: من الفضة والذهب:
يباح من ذلك الآتي:
1 - خاتم الفضة
؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:((كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه، وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى)). وفي لفظ: ((
…
كأني أنظر إلى وبيض خاتمه من فضةٍ، ورفع أصبعه اليسرى بالخنصر)). وفي لفظ:((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتم فضة في يمينه، فيه فصٌّ حبشيٌّ، كان يجعل فَصَّهُ مما يلي كفه)). وهذه الألفاظ الثلاثة لمسلم، أما ألفاظ البخاري لحديث
(1) المغني لابن قدامة، 4/ 218، وانظر: الكافي له، 2/ 149، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، 7/ 17، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 3/ 246، ومنار السبيل، 1/ 252.
(2)
الشرح الممتع، 6/ 110.
أنس هذا فهي: ((أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى رهطٍ أو أناسٍ من الأعاجم [وفي رواية: الروم] فقيل له: إنهم لا يقبلون [وفي رواية: لن يقرؤوا] كتاباً إلا عليه خاتم [وفي رواية: إلا أن يكون مختوماً] فاتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من فضةٍ نقشهُ: محمدٌ رسول الله [وقال: إني اتخذت خاتماً من ورقٍ، ونقشت فيه محمد رسول الله فلا ينقش أحد على نقشه] فكأني بوبيص أو بصيص الخاتم [وفي رواية: كأني أنظر إلى بياضه] في إصبع النبي صلى الله عليه وسلم، أو في كفه [وفي طريق: قال: فإني لأرى بريقه في خنصره] [قال أنس: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في يده، وفي يد أبي بكر بعده، وفي يد عمر بعد أبي بكر، فلما كان عثمان جلس على بئر أريس، فأخرج الخاتم فجعل يَعبثُ به فسقط، قال: فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان - أي في الذهاب والرجوع والنزول إلى البئر والطلوع منها - فننزح البئر فلم نجده (([وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر] (1).
وقد جاءت الأحاديث في لبس الخاتم في اليسار، وفي اليمين، قال الإمام النووي رحمه الله:((وأما الحكم في المسألة عند الفقهاء: فأجمعوا على جواز التختم في اليمين، وعلى جوازه في اليسار، ولا كراهة في واحدة منهما، واختلفوا أيتهما أفضل .. )) (2).
(1) متفق عليه: البخاري، بالأرقام الآتية: 65، 2938، 5870، 5872، 5874، 5875، 5877، 7162، ومسلم برقم 2092، وفي لفظ: ((أراد أن يكتب إلى كسرى وقيصر، والنجاشي، فقيل: إنهم لا يقبلون إلا كتاباً بخاتم
…
)). ومسلم برقم 2094، ورقم 2095، وفي هذا لفظ:((من يده اليسرى)) ورقم 640 وفيه: ((أصبعه اليسرى)) أما في يده اليمنى فبرقم 2094 وهي رواية لمسلم في غير أصل الحديث.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 14/ 317، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 10/ 327، وانظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية، 25/ 63.
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((وضع الخاتم في الخنصر هو الأفضل، سواء في اليمنى أو اليسرى، ويلبس في الخنصر والبنصر، ولا يتختم في الوسطى والسبابة)) (1).
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التختم في السبابة والوسطى؛ لحديث علي رضي الله عنه قال: ((نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتختم في أصبعي هذه، أو هذه، فأومأ إلى الوسطى والتي تليها)) (2).
ولفظ النسائي: ((
…
ونهاني أن أجعل الخاتم في هذه وهذه، وأشار: يعني بالسبابة والوسطى)) (3).
قال الإمام النووي رحمه الله: ((
…
وأجمع المسلمون على أن السنة جعل خاتم الرجل في الخنصر، وأما المرأة فإنها تتخذ خواتيم في أصابع
…
ويكره للرجل جعله في الوسطى والتي تليها؛ لهذا الحديث وهي كراهة تنزيه
…
)) (4).
وما تقدم في أحاديث إباحة خاتم الفضة للرجال، أما الذهب فيحرم على الرجال؛ لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه، وقال:((يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده)) فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله، لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم)) (5).
(1) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 5874.
(2)
مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن التختم في الوسطى والتي تليها، برقم 2078.
(3)
النسائي، كتاب الزينة، باب النهي عن الخاتم في السبابة، برقم 5225، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 3/ 387.
(4)
شرح النووي على صحيح مسلم، 14/ 317.
(5)
مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم خاتم الذهب على الرجال، ونسخ ما كان من إباحته أول الإسلام، برقم 2090.