الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يأخذونها من أهلها، والحفاظ: الذين يقومون على حفظها، والقاسمون لها: الذين يقسمونها في أهلها)) (1)، وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله:((يعني العاملين على الزكاة وهم: السعاة الذين يبعثهم الإمام؛ لأخذها من أربابها، وجمعها، وحفظها، ونقلها، ومن يعينهم ممن يسوقها ويرعاها، ويحملها، وكذلك الحاسب، والكاتب، والكيَّال، والوزَّان، والعدَّاد، وكل من يحتاج إليه فيها؛ فإنه يُعطى أجرته منها؛ لأن ذلك من مؤنتها)) (2).
المسألة الثانية: نصيب العاملين عليها: من الزكاة
؛ لقوله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} فقد جعل الله تعالى للعاملين عليها نصيباً منها - أي من الزكاة - فيعطى العامل على الزكاة بقدر أجرته من الزكاة، حتى لو كان غنيًّا، إلا إذا كان له مرتب من بيت مال المسلمين، فلا يُعطى من الزكاة؛ لأنه إنما أُعطي من الزكاة بقدر أجرته، وقد حصل ذلك له؛ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث على الصدقة سعاة ويعطيهم عمالتهم (3). ومن هذه الأحاديث حديث أبي حميد الساعدي في قصة استعمال النبي صلى الله عليه وسلم ابن اللّتْبيّة (4) ولا يجوز أن يكون العمال على الصدقة من أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم الذين تحرم عليهم الصدقة؛ لحديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث أنه انطلق هو والفضل بن العباس
(1) الشرح الممتع، 6/ 225.
(2)
المغني لابن قدامة، 9/ 312.
(3)
المغني لابن قدامة، 4/ 107، و9/ 312.
(4)
متفق عليه: البخاري، برقم 925، وفي كتاب الزكاة، باب قوله تعالى:{وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة 60] وكتاب الهبة، باب من لم يقبل الهدية، برقم 2597، 6636، 6979، وكتاب الأحكام، باب هدايا العمال، برقم: 7174، وباب محاسبة الإمام عماله، برقم: 7197، ومسلم، كتاب الإمارة، باب تحريم هدايا العمال، برقم:1832.
يسألان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليستعملهما على الصدقة، فقال أحدهما: يا رسول الله أنت أبر الناس وأوصل الناس، وقد بلغنا النكاح فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات، فنؤدِّي إليك كما يؤدي الناس، ونصيب كما يصيبون، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم:((إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس)) .. ثم شفع لهما في النكاح فزوجهما، وأمر بالصداق لهما من الخمس، وفي رواية:((إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) (1) والمعنى أن هذه الصدقات تطهير لأموال الناس ونفوسهم، كما قال تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} فهي كغسالة الأوساخ (2). ويجوز أن يكون عمال الصدقة من الأغنياء؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحل الصدقة لغنيٍّ إلا لخمسة: لغازٍ في سبيل الله، أو لعاملٍ عليها، أو لغارمٍ، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين، فتصدق على المسكين فأهداها المسكينُ للغني)) (3)؛ ولحديث عبد الله بن السعدي أنه قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته، فقال له عمر: ألم أحدّث أنك تلي من أعمال الناس أعمالاً، فإذا أعطيت العمالة كرهتها؟ فقلت: بلى، فقال عمر: ما تريد إلا ذلك؟ فقلت: إن لي أفراساً، وأعبداً، وأنا بخير، وأريد أن تكون عمالتي صدقةً على المسلمين، قال عمر: لا تفعل؛ فإني كنت أردتُ الذي أردتَ،
(1) مسلم، كتاب الزكاة، باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة، برقم 1072.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 7/ 179.
(3)
أبو داود، كتاب الزكاة، باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني، برقم: 1635، 1636، وابن ماجه، كتاب الزكاة، باب من تحل له الصدقة برقم 1841، وأحمد، 30/ 97، برقم 11538، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 455، وصحيح سنن ابن ماجه، 2/ 116، وإرواء الغليل، برقم 870.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء، فأقول: أعطه أفقر إليه مني، حتى أعطاني مرة مالاً، فقلت: أعطه أفقر إليه مني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((خذه فتموله وتصدق به، فما جاءك من هذا المال، وأنت غير مشرف (1) ولا سائلٍ، فخذه، وإلا فلا تتبعه نفسك)) (2).
وينبغي أن تكون أجرة العامل على الزكاة بقدر الكفاية (3)؛ لحديث المستورد بن شدّاد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادماً، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكناً)) قال أبو بكر: أُخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من اتخذ غير ذلك فهو غالٌّ أو سارقٌ)) (4)، وبوَّب ابن خزيمة رحمه الله في صحيحه (باب إذن الإمام للعامل بالتزويج، واتخاذ الخادم، والمسكن، من الصدقة)، ثم ذكر حديث المستورد بن شداد رضي الله عنه (5)، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم فضل العامل على الصدقة بالحق، فقال:((العامل على الصدقة بالحق: كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته)) (6).
وحذَّر النبي صلى الله عليه وسلم العمال من الغلول، فعن بريدة ابن الحصيب رضي الله عنه عن
(1) غير مشرف: غير متطلع إليه.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأحكام، باب رزق الحكام والعاملين عليها، برقم 7163، وبرقم: 7164، وبرقم 1473، ومسلم، كتاب الزكاة، باب جواز الأخذ بغير سؤال ولا تطلع، برقم 1045.
(3)
فقه السنة، 1/ 387.
(4)
أبو داود، كتاب الخراج، باب في أرزاق العمال، برقم 2945، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 230.
(5)
صحيح ابن خزيمة، 4/ 70.
(6)
أبو داود، كتاب الخراج، باب في السعاية على الصدقة، برقم 2936، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 228.