الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن باز رحمه الله يقول: ((والمقصود بالرقاب: إعتاقها بشرائها، وإعتاق المكاتب من الزكاة، وإعتاق الأسرى)) (1)(2).
المسألة الثانية: فضل إعتاق الرقاب
جاء في الكتاب والسنة، قال الإمام ابن كثير رحمه الله:((وقد ورد في ثواب الإعتاق، وفك الرقبة أحاديث كثيرة، وأن الله يعتق بكل عضوٍ عضواً من معتقها، حتى الفرج بالفرج، وما ذاك إلا؛ لأن الجزاء من جنس العمل {وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (3)(4) ومن الأدلة التي ترغب في الإعتاق وفضله ما يأتي:
1 -
قال الله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ* أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} (5) ?
{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} فهلا أنفق ماله فيما يجوز به العقبة: من فك الرقاب وإطعام السغبان، فيكون خيراً له من عداوة محمد *، هذا قول ابن زيد وجماعة، وقيل:{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} أي لم يقتحمها ولا جاوزها، والاقتحام الدخول في الأمر الشديد، وذكر العقبة هنا مثلٌ
(1) سمعته أثناء تقرير على صحيح البخاري، باب قول الله تعالى: (وفي الرقاب
…
)، قبل الحديث رقم: 1468 ..
(2)
انظر: مجموع فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 10/ 32.
(3)
سورة الصافات، الآية:39.
(4)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ص616.
(5)
سورة البلد، الآيات: 11 - 16.
ضربه الله لمجاهدة: النفس، والهوى، والشيطان في أعمال البر، فجعله كالذي يتكلف صعود العقبة، تقول: لم يحمل على نفسه المشقة، بعتق الرقبة والإطعام، وهذا معنى قول قتادة، وقيل: إنه شبَّه ثِقل الذنوب على مرتكبها بعقبة، فإذا أعتق رقبة، وأطعم كان كمن اقتحم العقبة، وجاوزها، وقيل غير ذلك (1) قال العلامة السعدي رحمه الله:{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} أي لم يقتحمها ويعبر عليها؛ لأنه متبع لشهواته، وهذه العقبة شديدة عليه، ثم فسر [هذه] العقبة بقوله:{فَكُّ رَقَبَةٍ} أي فكها من الرق بعتقها أو مساعدتها على أداء كتابتها، ومن باب أولى فكاك الأسير المسلم عند الكفار) (2) وقال قتادة: إنها عقبة شديدة فاقتحموها بطاعة الله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ} ثم أخبر تعالى عن اقتحامها، فقال:{فَكُّ رَقَبَةٍ} (3).
2 -
ولعظيم أجر عتق الرقاب جعلها الله تعالى: من كفارة القتل (4) وكفارة اليمين (5) وكفارة الظهار (6). وجعلها النبي صلى الله عليه وسلم من كفارة الوطء في نهار رمضان (7).
3 -
وجعلها الله تعالى من أعمال البر والتقوى (8).
(1) تفسير البغوي 4/ 489.
(2)
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص925.
(3)
تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ص1436.
(4)
سورة النساء، الآية:95.
(5)
سورة المائدة، الآية:89.
(6)
سورة المجادلة، الآية:3.
(7)
البخاري، كتاب كفارات الأيمان، باب من أعان المعسرفي الكفارة، برقم 6710.
(8)
سورة البقرة، الآية:177.
4 -
جاءت الأحاديث الكثيرة جدًّا في الترغيب في ذلك منها ما يأتي:
الحديث الأول: عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار، قال:((لئن أقصرت الخطبة، لقد أعرضت المسألة: أعتق النسمة، وفك الرقبة)) فقال: يا رسول الله! أو ليستا واحدة؟ فقال: ((لا، عتق النسمة أن تفرَّد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها
…
)) (1).
الحديث الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف)) (2).
الحديث الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضوٍ منه عُضْواً من النار، حتى فرجه بفرجه)). قال سعيد بن مرجانة: ((فانطلقت به إلى علي بن الحسين فعمد علي بن الحسين رضي الله عنهما إلى عبدٍ له قد أعطاه به عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار فأعتقه)) (3).
(1) أخرجه الدارقطني، واللفظ له، كتاب الزكاة، باب الحث على إخراج الصدقة، وبيان قسمتها، برقم1، وأحمد في المسند، 3/ 600، برقم 1847، وقال محققو المسند:((إسناده صحيح)).
(2)
الترمذي، كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في الجهاد، والناكح، والمكاتب وعون الله إياهم، برقم 1655، والنسائي كتاب النكاح، باب معونة الله الناكح الذي يريد العفاف، برقم 3218، وأحمد، 2/ 427، والألباني في صحيح الترمذي، 2/ 236، وقال ابن باز في حاشية على بلوغ المرام، التعليق على الحديث رقم 382:((بسند جيد أي عند النسائي)).
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب كفارات الأيمان، باب قول الله تعالى:{أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة 89] وأي الرقاب أزكى، برقم 6715، وكتاب العتق، باب في العتق وفضله، وقوله تعالى:{فَكُّ رَقَبَةٍ* أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد، 13 - 15]. برقم 2517، ومسلم، كتاب العتق، باب فضل العتق، برقم 24 1509.