الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى الجنة؛ فإنه ليس بكافر؛ لأن الكافر لا يمكن أن يرى سبيلاً له إلى الجنة، ولكن على مانعها من الإثم العظيم ما ذكره الله تعالى
…
)) (1)(2).
13 - ولعظيم منزلة الزكاة جاءت النصوص من الكتاب والسنة في بيان عقوبة تاركها
، مما تقشعر منه الجلود المسلمة، وتدمع له العيون المؤمنة، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ* يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (3).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحت له صفائح من نار، فأُحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيُرى سبيله: إما إلى الجنة وإما إلى النار)) قيل: يا رسول الله: فالإبل؟ قال: ((ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها، ومن حقها حلبها يوم وردها، إلا إذا كان يوم القيامة بُطِحَ لها
(1) انظر: سورة آل عمران، 180، وسورة التوبة، 34، 35.
(2)
مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، 18/ 14، وانظر: الشرح الممتع له، 6/ 7 - 9.
(3)
سورة التوبة، الآيتان: 34 - 35.
(4)
سورة آل عمران، الآية:180.
بقاعٍ قرقر (1) أوفر ما كانت، لا يُفقد منها فصيلاً واحداً، تطؤه بأخفافها، وتعضُّه بأفواهها، كلما مر عليه أولاها رُدَّ عليه أخراها (2) في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضى بين العباد، فيرى سبيله: إما إلى الجنة وإما إلى النار)) قيل: يا رسول الله! فالبقر والغنم؟ قال: ((ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بُطِحَ لها بقاع قرقر، لا يفقد منها شيئاً، ليس فيها عقصاءُ (3)، ولا جلحاءُ (4) ، ولا عضباءُ (5) ، تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلما مرت عليه أولاها رُدّ عليه أخراها (6) في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضى بين العباد، فيرى سبيله: إما إلى الجنة وإما إلى النار)) (7).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه نحو حديث أبي هريرة السابق، وفيه: ((
…
ولا صاحب مال لا يؤدي زكاته إلا تحول يوم القيامة شجاعاً أقرع، يتبع صاحبه حيثما ذهب وهو يفرُّ منه، ويقال: هذا مالك الذي كنت تبخل به، فإذا رأى أنه لا بد منه أدخل يده في فيه، فجعل يقضمها كما يقضم الفحل)) (8).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من آتاه الله مالاً فلم يؤد
(1) القاع القرقر: القاع المستوي الواسع من الأرض يعلوه ماء السماء فيمسكه. شرح النووي على صحيح مسلم، 7/ 69.
(2)
وفي رواية لمسلم: ((كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها)).
(3)
العقصاء: ملتوية القرنين. شرح النووي على صحيح مسلم، 7/ 70.
(4)
الجلحاء: التي لا قرن لها. شرح النووي، 7/ 70.
(5)
العضباء: التي كسر قرنها الداخل، شرح النووي، 7/ 70.
(6)
وفي رواية لمسلم: ((كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها))، مسلم، برقم 26 – (987.
(7)
متفق عليه: البخاري مختصراً، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم 1402، ومسلم بلفظه، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم 987، ومن حديث جابر عند مسلم، برقم 988.
(8)
مسلم، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم 28 – (988.
زكاته مُثِّل له يوم القيامة شجاعاً أقرع (1)، له زبيبتان (2) يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه – يعني شدقيه – ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك)) ثم تلا هذه الآية:{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِله مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (3). وفي لفظ: ((يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعاً أقرع، يفرُّ منه صاحبه ويطلبه، ويقول: أنا كنزك، قال: والله لن يزال يطلبه حتى يبسط يده فيلقمها فاه)) (4).
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني قال:((هم الأخسرون وربِّ الكعبة)) قال: فجئت حتى جلست فلم أتقارَّ (5) أن قمت، فقلت: يا رسول الله فداك أبي وأمي من هم؟ قال: ((هم الأكثرون أموالاً، إلا من قال: هكذا، وهكذا، وهكذا – من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله – وقليل ما هم، ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى
(1) الشجاع: الحية الذكر، والأقرع: الذي انحسر الشعر عن رأسه من كثرة سمه. شرح السنة للبغوي، 5/ 479.
(2)
زبيبتان: النكتتان السوداوان فوق عينيه، وهو أوحش ما يكون من الحيات وأخبثه، ويقال: الزبيبتان: الزبعتان تكون في الشدقين إذا غضب الإنسان أو كثر كلامه. شرح السنة للبغوي، 5/ 479.
(3)
سورة آل عمران، الآية:180.
(4)
البخاري، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم 1403، وكتاب التفسير، باب {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 180] وكتاب الحيل باب في الزكاة وأن لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة، برقم 6957.
(5)
لم أتقار: أي لم يمكني القرار والثبات. شرح النووي، 7/ 77.